أعلنت صباح الأحد النتائج الرسمية للانتخابات النيابية والبرلمانية في البحرين. التي أسفرت عن مفاجآت كبيرة، أبرزها عدم تمكّن قائمة جمعية المنبر الإسلامي الممثلة لتيار الإخوان المسلمين من الفوز بأي مقعد، وسيضطر سبعة مترشحين من أصل ثمانية لخوض جولة الإعادة يوم السبت المقبل.
ومنذ بدء الإعلان عن نتائج الانتخابات ظهرت آثار المنافسة بين كتلتي المنبر وجمعية الأصالة السلفية اللذين كانا قد تمكّنا من حسم عدد من الدوائر في الانتخابات الماضية بفضل تحالفهما.
ولم يكن حظ الأصالة التي حصدت مقعدين فقط أفضل من منافستها، وستنتظر نتائج الجولة الثانية لمعرفة إمكانية فوزها بثلاثة مقاعد أخرى لحسم 6 دوائر على الأقل يبدو الصراع فيها واضحاً بين الجمعيتين الإسلاميتين.
فوز جميع مرشحي "الوفاق"
وفازت جمعية الوفاق الإسلامية الممثل الرئيس للتيار الشيعي في البحرين بـ18 مقعداً من أصل 40 بزيادة مقعد واحد على الانتخابات الماضية وبذلك يكون قد فاز جميع مرشحيها الذين تقدمت بهم لهذه الانتخابات، فيما ستحاول حليفتها في المعارضة جمعية العمل الوطني الديمقراطي الحصول على مقعد واحد على الأقل بعد تمكن أمينها العام إبراهيم شريف والدكتورة منيرة فخرو من الوصول لجولة الإعادة.
وفي حال حصول المعارضة على 20 مقعداً، فإن هذا قد يفتح الباب لمنافستها على كرسي رئاسة المجلس مع النائب الفائز خليفة الظهراني الذي شغله في الدورتين الماضيتين.
وتمكّن 10 مستقلين من الوصول إلى المجلس النيابي وهو عدد كبير يخلق كتلة معتبرة لهم سيكون لها دورها الكبير في التوازنات داخل المجلس، لكن من الواضح أن أغلب هؤلاء المستقلين كانوا مدعومين من جمعيتي الأصالة والمنبر.
وتأجل حسم عدد من الدوائر إلى جولة إعادة ستجري يوم السبت القادم، وضمت مرشحين كباراً يلقبون بالصقور ما شكل إحدى المفاجآت القوية الأخرى.
ناخبون يحملون جنسية السعودية والبحرين
كان وزير العدل والشؤون الإسلامية رئيس اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات الشيخ خالد بن علي آل خليفة أعلن في مؤتمر صحافي أن نسبة مشاركة الناخبين وصلت إلى 67%، نافياً اتهامات تناقلتها أوساط المعارضة أمس السبت عن حدوث تغيير في سير الانتخابات في دوائر معينة لصالح مرشحين بعينهم، مؤكداً حيادية العملية الانتخابية برمتها.
ونفى وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وجود من يتحدث في الانتخابات على أساس مذهبي (سني أو شيعي)، قائلاً إنه لا يوجد مرشح أو جمعية أو قائمة وضعت على ملصقاتها أو إعلاناتها شيئاً طائفياً أو تحدثت بلسان سني أو شيعي.
من جهته تحدّث النائب الشيخ عادل المعاودة أحد الفائزين الخمسة بالتزكية في مؤتمر صحافي جمعهم ليلة السبت عقب انتهاء التصويت على مقاعد المجلسين النيابي والبلدي، نافياً اتهامات أحد أعضاء جمعية الوفاق عن إسقاط أسماء ناخبين من جداول المراكز الانتخابية.
وقال إن سببين وراء ذلك هو عدم تأكد بعض الناخبين من بياناتهم عند إعلان الكشوفات وتعديل الأخطاء فيها، والثاني تغيير عناوين السكن للشخص بشكل تلقائي عند انتقاله إلى مسكن جديد دون العودة إليه.
ورداً على اتهام آخر من "الوفاق" بوجود أعداد تأتي من السعودية للتصويت قال المعاودة إن هناك عدداً كبيراً من عائلة الدواسر يجمعون بين الجنسيتين البحرينية والسعودية وأقرب نقطة لهم هو الجسر الذي يربط البلدين، حيث تم التصويت في مركز عام زارته "العربية.نت" ظهر أمس السبت ولم تلحظ مظاهر غير عادية، حيث تواجد مراقبون من الجمعيات الحقوقية والقضاة، ولم تختلف إجراءات التصويت عنها في باقي المراكز والدوائر داخل البحرين.
نكسة الصقور وصعود المستقلين
وكانت النتائج الأولية غير الرسمية قد أظهرت في وقت سابق فوز عدد من المستقلين في مواجهة مرشحين أقوياء يوصفون بصقور جمعيات سياسية قوية تمثل التيار الديني كالوفاق والأصالة والمنبر الإسلامي.
وتأكد وصول اثنين من رجال الأعمال إلى البرلمان، فيما يقترب رجل أعمال ثالث من حسم مقعده كمؤشر على قدوم كتلة اقتصادية مؤثرة.
وجاءت النتائج الأولية التي لم تعلن رسمياً مخالفة لكل التوقعات، فرغم عدم خسارة من يوصفون بصقور الجمعيات السياسية إلا أن انتقالهم إلى جولة ثانية من الانتخابات تعقد يوم السبت المقبل هو مفاجأة مدوية.
وحسمت جمعية الوفاق الإسلامية، التي تمثل التيار الشيعي، معظم دوائر المحافظة الشمالية، فيما خسرت جمعية الأصالة السلفية ثلاثة مقاعد، الأمر الذي يعتبر خسارة قاسية لها، وخسر المنبر الإسلامي (تيار الإخوان المسلمين) مقعدين وبقية مرشحيه سيذهبون إلى جولة ثانية.
وجاءت نتائج المرشحات صادمة، إذ لم تظهر النتائج حتى الآن فوز أي منهن، إلا أن إحداهن قد تنتقل إلى جولة ثانية وهو لم يتأكد حتى فجر الأحد.
"الإنترنت" رقيب أول
وكان الفرز قد بدأ في جميع الدوائر الفرعية والمراكز العامة عقب انتهاء التصويت في الثامنة من مساء أمس السبت في نهاية يوم انتخابي طويل أشرف عليه مراقبون في 40 دائرة و10 مراكز اقتراع، من دون تسجيل أي حوادث أمنية طيلة ساعات الاقتراع، التي استمرت منذ الثامنة صباحاً. وكانت صناديق الاقتراع للانتخابات البلدية أغلقت عند الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي.
وقد ساهمت التقنيات الحديثة وأولها الإنترنت في إضفاء السلاسة والتنظيم والسرعة على ثالث انتخابات تشريعية وبلدية في مملكة البحرين منذ عام 2002. وسيكون لها دورها أيضاً في عملية الفرز وإعلان النتائج.
وفي إطار ذلك، سجل الإنترنت حضوره كرقيب أول في رصد أي مخالفات وضمان شفافية التصويت ونزاهته. إلا أن ناخبين في بعض الدوائر اشتكوا من "حزمه الزائد على الحد"، ما أدى إلى عدم تمكينهم من التصويت.
وداخل مراكز التصويت، وأثناء عملية الاقتراع، تم الاعتماد على أجهزة كمبيوتر محمول مرتبطة بأجهزة خاصة لفحص البطاقة الانتخابية الممغنطة للناخب وإعطاء نتائج فورية عما إذا كان قد سبق وأدلى بصوته في مكان آخر، وهذا منع بصورة تقنية تكرار التصويت ويضع نهاية للحبر السري الذي تتبعه دول العالم الثالث، وعجز في انتخابات أفغانستان الأخيرة عن منع تكرار التصويت الذي يعتبر أبرز أدوات التزوير.
وضمت مراكز الاقتراع العامة صناديق لجميع المحافظات، أخضر خاص بالانتخابات البلدية وأحمر خاص بالتشريعية.
نساء أكثر في إدارة الصناديق
الوجود النسائي كان الأكثر عدداً من الذكور في إدارة صناديق الانتخابات، حيث قمن بعملية فحص البطاقة الانتخابية، وتسجيل عملية الإدلاء بالتصويت. وخصصت اللجان الإشرافية سيدات لفحص وجوه المنتقبات ومطابقتها مع هوياتهن.
وفي لجنة الرفاعة التي أدلى فيها الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس الوزراء، بصوته بعد نحو ساعتين من فتح باب التصويت، كانت الأمور تجري بهذه السلاسة، وقد شوهد في هذه اللجنة أعداد كبيرة من الصحافة ووسائل الإعلام الأجنبية، خصوصاً محطات التلفزة الفضائية التي مكنتها التقنيات المتوافرة في جميع المراكز الانتخابية الأربعين من البث المباشر.
وقال الأمير خليفة في تصريحاته للصحافيين إن اللجنة العليا للانتخابات اتخذت كل الإجراءات التي تضفي طابع السلاسة والشفافية على الانتخابات والشفافية.
وقال الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، وزير الخارجية، إن المشاركة بكثافة في الانتخابات يمثل علامة كبيرة على شفافية الانتخابات وإيمان الناخب بقوة صوته ووصوله إلى المرشح الذي يريده، مشيراً إلى المشاركة النسائية الملحوظة.
ويبلغ عدد الناخبين المسجلين 318668 مرشحاً موزعين على 40 دائرة لاختيار 35 ناخباً للمجلس النيابي يتنافس عليها 139 مرشحاً بينهم 8 نساء، حيث حسمت 5 مقاعد بالتزكية. ويتقدم للانتخابات البلدية 137 مرشحاً على 39 مقعداً وحسم واحد فقط بالتزكية.
ومن أهم الملاحظات ابتعاد الحضور الأمني عن الناخبين والمرشحين ووكلائهم واقتصار دوره على تأمين اللجان من الخارج.
وفي لجنة العاصمة التي يتنافس فيها مرشح مستقل ضد مرشح من جمعية المنبر الإسلامي المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، لم يختلف الأمر عن غيرها من اللجان الأخرى، فيما قال رئيس اللجنة لـ"العربية.نت" إنه لم تلحظ مخالفات أو تجاوزات فيما عدا مخالفة لطيفة، وهي اكتشاف الكمبيوتر أن بطاقة أحد الناخبين تخص زوجته، وبرر ذلك بالاستعجال الذي جعله يأخذها بدلاً من البطافة الانتخابية الخاصة به. ويتم في العادة تحرير محضر فوري للمخالفات.
شكاوى انتخابية
وفي بعض الدوائر السكنية اشتكى عدد من الناخبين من أن الكمبيوتر رفض قبول بطاقاتهم لعدم ملاءمتها لدائرة سكنهم، وقالوا إنهم يسكنون بالفعل فيها، وكانوا قد صوتوا فيها في الانتخابات الماضية عام 2006.
واعتبر بعضهم وينتمون إلى الشيعة الذين تمثلهم جمعية الوفاق الإسلامية أن ذلك مقصود، فيما يرد المسؤولون في تلك اللجان أن أي بيانات خاطئة يرفضها الكمبيوتر وأنهم وجهوهم إلى اللجنة العامة للانتخابات لتعديل تلك البيانات، والأمر لا يستغرق وقتاً.
لكن بعض كبار السن والمسنين يقولون إنهم لا يستطيعون القيام بمشوار آخر في نفس اليوم ويفضلون العودة إلى بيوتهم دون تصويت.
وكان هناك زحام ملحوظ قرب عدد من مراكز الاقتراع في المنطقة الرابعة في مدينة عيسى، وامتد الزحام إلى مناطق تبعد نحو كيلومترين. وخف الزحام قليلاً وقت الظهيرة لأن أغلب الناخبين يفضلون الإدلاء بأصواتهم صباحاً.
وقالت امرأة خمسينية لـ"العربية.نت" إنها ستذهب للتصويت برفقة جارتها، وبدا أنها قد حسمت خيارها.
ملاحظة أخرى وهي الوجود البارز للمرشحين المستقلين ومن بينهم من كان محسوباً على تيارات دينية كالسلفية والإخوان المسلمين والشيعة، وقد دخلوا في منافسة ضد مرشحين من تلك التيارات، ففي أحد الدوائر ينافس مرشح شيعي إمامي مرشحاً شيعياً إمامياً من جمعية الوفاق.
وتنص شروط الانتخاب ألا يقل عمر من يدلي بصوته عن 20 عاماً، وأن يكون مسجلاً في القوائم الانتخابية. ويجوز لمن يملكون عقارات وأراضي من الخليجيين والأجانب المشاركة بالتصويت فقط دون الترشح في المجالس البلدية، ويبلغ عدد المسجلين منهم 8150 ناخباً.
وتعتبر الدائرة الأولى من المحافظة الشمالية القريبة من المعارضة الأكثر كثافة في عدد الناخبين ويبلغ عددهم 16216، فيما الأقل كثافة الدائرة السادسة في المحافظة الجنوبية وعددها 768 ناخباً.