تحوّل "الوعيد" الاحتجاجي الذي أطلقه الحراك الجنوبي في اليمن، بشأن بطولة خليجي 20، إلى "ترحيب"، وهو ما اعتبره البعض "مفاجئا" بعد تغريده بعيدا عن جماهيره العاشقة للرياضة والتي كان يراهن عليها في تنفيذ الفعاليات "المناهضة" للبطولة التي تجرى في عدن وأبين.
وكان الحراك الجنوبي قد توعد قبيل انطلاق خليجي 20 بتنفيذ برنامج "احتجاجي 20" لمدة ثلاثة أسابيع "يقضي بقطع الطرق المؤدية إلى المدن الجنوبية، إضافة إلى الخروج بمسيرات في مناطق مختلفة، إحداها "مسيرة المليون" التي تنطلق إلى مدينة عدن يوم انطلاق البطولة وتنفيذ إضراب شامل".
لكن هذا البرنامج لم ينفذ على أرض الواقع، واحتشدت الجماهير اليمنية بعشرات الآلاف في مدرجات ملعبي 22 مايو في عدن، والوحدة في أبين، لمتابعة مباريات المنتخبات المشاركة، وهو ما عكس حالة الأمن واستقرار الأوضاع، ولم يحدث ما يشوش على البطولة.
وعزا البعض حالة الاستقرار إلى الانتشار الأمني الكثيف، حيث نشرت السلطات اليمنية ثلاثين ألف جندي، وعشرة آلاف عنصر استخباري في عدن وأبين لتأمين وحماية فعاليات دورة خليجي 20.
وجاء التحوّل في موقف الحراك على لسان القيادي ناصر الخبجي من لحج، الذي قال في تصريح صحفي إن "أبناء المحافظات الجنوبية لا يعارضون إقامة خليجي 20، وإن الفعاليات الاحتجاجية السلمية التي ينفذها الحراك لم تكن موجهة للبطولة أو داعية لرفضها أو إفشالها".
تعارض وتصعيد
من جهته قال القيادي في الحراك الجنوبي شلال شائع، في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت من الضالع، "نحن رحبنا بالأشقاء الخليجيين، وأن يقيموا دورة خليجي 20 على أرض الجنوب المستقلة". وهو ما يتعارض مع موقفه السابق الداعي لمناهضة إقامة البطولة وإفشالها.
وأكد شائع على أن الحراك الجنوبي مستمر في تصعيد "النضال السلمي سواء أثناء خليجي 20 أو بعدها، وسيظل التصعيد مستمرا حتى تحقيق الهدف".
وقال "لا أحد يتمنى الشر أو حدوث شيء في فعالية خليجي 20، وإنما ندعو باستمرار إلى تفهم أشقائنا في دول الخليج لمطالبنا، ومساعدتنا لاستعادة دولتنا، وستكون أرض الجنوب آمنة لأن تقام مثل هذه البطولات الرياضية".
واعتبر شائع أن "السلطة تريد من المشاريع التي أقامتها لفعالية خليجي 20، إطالة أمد بقائها وشرعنة وجودها بالجنوب، واستخدامها لتمرير الانتخابات النيابية القادمة" التي يرفضها الحراك.
وقال إن "فعالياتنا الاحتجاجية هي لكشف الانتهاكات والاعتقالات والقتل التي تقوم بها السلطة ضد عناصر الحراك، واستخدام أرض الجنوب للثارات القبلية والسياسية، وساحة للإرهاب، وذلك لتمرير الموقف على دول الجوار ومنظماته السياسية، من أجل التستر على كل ما يجري بحق شعب الجنوب منذ حرب صيف عام 1994".
غضب الجمهور
من جانبه قال رئيس تحرير صحيفة "الوطني" المتوقفة عن الصدور عبد الرقيب الهدياني، إن تراجع الحراك عن موقفه الرافض لخليجي 20، جاء تفاديا لغضب جمهوره بالمحافظات الجنوبية، خاصة بعد الزخم الجماهيري الذي حضر افتتاح البطولة في عدن.
وأضاف الهدياني في حديث للجزيرة نت، إن "الجمهور في الضالع وعدن وأبين ولحج بطبيعته يحب الرياضة، ولما خرج الجمهور عن سيطرة الحراك، وحضر مباريات البطولة، واحتشد أمام شاشات التلفاز للمتابعة، أرادوا حفظ ماء الوجه، فتراجعوا عن موقفهم".
ورأى أن قرار مناهضة خليجي 20 لم يكن موفقا، وكان نتيجة التصارع بين مكونات الحراك وقياداته، وأشار إلى أن "قوى الحراك مفككة، وما يوجد في الضالع غير الذي في أبين ولحج، هم عبارة عن أرخبيل جزر، لكل قيادة محافظتها وهي الإطار الذي تعمل فيه".
وبشأن تصريحات الحراك عن تسيير مظاهرات مليونية في عدن، قال الهدياني إن "الحراك مغيّب في عدن، فلا يوجد له عناصر أو جمهور، كما أن الانتشار الأمني منع من الإتيان بجماهير الحراك إلى عدن، حيث كان الحراك يقوم بتجميع عناصره ومؤيديه في الضالع وردفان وأبين، وإيصالهم للمشاركة في فعالياته بها".
كما لفت إلى أن الحراك لم يستطع طوال العامين الماضي والحالي تنفيذ فعالية احتجاجية جماهيرية واحدة، عكس عامي 2007 و2008.