arpo27

عبدالله الأصنج: مالم تكن هناك إرادة خليجية صلبة لن تنجح الاتفاقية اليمنية

هو بالفعل شاهد على عصر بأكمله من نافذة العامل ونقيب العمالة تارة ومن نافذة الشريك في الحكم تارة أخرى. وفي الحالتين بقي السياسي اليمني عبدالله الأصنج منافحا عن الحقيقة مهما كلفه ذلك من ثمن .. السجن بعض الاحيان والاقامة الجبرية في احيان اخرى والطرد من البلاد في معظم الأوقات. وبحكم عمله وزيرا للخارجية في أكثر من حكومة يمنية بما فيها حكومات الرئيس علي عبدالله صالح.. وبحكم اقترابه كثيرا من الرئيس كمستشار سياسي له كان لابد من الاستماع اليه بعد أن دقت ساعة العمل السياسي الشاق والجاد.

قلت للسياسي اليمني عبدالله الاصنج: ما الذي تراه في هذه اللحظة التاريخية؟
قال: اللحظات التاريخية اما ان تكون سارة، واما ان تكون مصدر فجيعة.. وانا ارى انه مهما يكن من امر ستكون المناسبة ليست سارة نتيجة للملابسات والممارسات الجارية داخل اليمن.. لازالت سياسة القمع والمصادرة وتوزيع الاتهامات مستمرة.. وهذه اجواء لا تعين من يتوق لان يهدأ اليمن ويستقر ويرسو على شاطئ الامان.
لابد من أن يتحرر الرئيس اليمني من الدائرة.. دائرة المحيطين به لأن هذه الدائرة لا ترغب في أن يتوصل اليمن بكل أطرافه إلى تسوية تهيئ له فرص الاستقرار والخروج من المأزق المخيف الذي وقع فيه.
هناك من يحيطون بصالح من الافراد الذين يتخوفون من أن أي تسوية تضمن خروجاً سليماً للرئيس والأقربين منه ستتركهم يواجهون مصيرا لاشك انه لن يكون سهلا.
قلت له: ندخل مباشرة للمبادرة أو الاتفاقية الخليجية التي سيتم التوقيع عليها خلال أيام أو ساعات؟
قال: النص الذي اعلن في البداية كان صريحا فيما يتعلق بانتهاء ولاية الرئيس بدون ارجاء وابطاء، لكن سرعان ما جرى تغيير على المشروع واصبح المشروع غير محدد من الناحية الزمنية، ومن الصعب جدا ان يراهن لمعرفتي بطباع الأخ الرئيس ان يكون هناك اتجاها للتنحي.. وما لم تكن هناك ارادة صلبة من الاخوة الخليجيين لا نكوص فيها وتدعم علنا من العالم لن يتم شيئ.. هناك امور عالقة والرهان الآن على الخروج السريع وغير المكلف.
* وماذا عن المعارضة؟
- هناك حزب رئيسي هو حزب الاصلاح وله تأثير أكبر من تأثير الأحزاب المشتركة الأخر.. وله حضور وهو الذي يقود اليوم معركة المواجهة، اما الاشتراكي والناصريون والحق فهم مجرد مكونات تندرج تحت تأثير حزب الاصلاح.. هذا الحزب الأخير هو العنصر الاساسي في صراع السلطة الجاري لكن الجميع يجرون في نفس الوقت وراء حركة الشباب.. واتمنى ان تحسم الامور.. ومايزيد الامور صعوبة وتعقيدا هو انضمام اللواء علي محسن الاحمر إلى ميدان التغيير ودخول عنصر الجيش على خط الازمة ومن ثم للتصعيد، حيث بدأ الجو المتوتر يأخذ مداه بين الرئيس وقائده العسكري وهما من نفس القبيلة.. وبالنسبة لقبيل حاشد هناك انشقاق من جانب احد ابناء مجاهد ابوشوارب والشيخ الاساسي علي جليدان وكلها مؤشرات تدعو للخوف والقلق.. وبقاء الامور بالصورة التي نراها الآن تبرر عدم الاطمئنان والخوف من ان ينفجر الوضع في اليمن على غير ما يتمنى اصحاب المشروع الخليجي وعقلاء الأمة.
* هذا عن الرئيس والمعارضة وعلي محسن فماذا عن الشارع؟
- البقاء في الشوارع امر ثابت لأن هناك اجماعاً على ان الغالبية العظمى في المحافظات الشمالية والجنوبية تطالب برحيل الرئيس.. ومن ثم لا اعتقد ان الشارع سيتراجع بسهولة، ولا اعتقد ان الرئيس سيمتنع عن المزيد من استخدام القوة.. نحن في وضع خطير وحسم هذا الوضع لصالح الاستقرار وفك الاشتباك سيعتمد على موقف خليجي جاد واكثر وضوحا والزاما للاطراف اليمنية.
* متى شعرتم ان الطريق مسدود؟
- اولا الطريق سُد من سنوات بعيدة.. الرئيس يمسك بالسلطة المطلقة لأكثر من 33 عاما وخلال هذه الفترة لم يتغير الموقف الداخلي في اليمن سواء على مستوى الاعداد في الأمن أو الانحدار في الوضع الاقتصادي. ومنذ الانتخابات الأخيرة غير النزيهة ساء الوضع.. ومشكلة الانتخابات اننا في كل مرة نبدأ مرحلة جديدة 4 سنوات 6 سنوات وتستمر اللعبة الدستورية تحت مسمى الديمقراطية حيث يعدل في الدستور ونبدأ في احصاء الفترة الرئاسية للرئاسة من السنة الجديدة أو من (اول وجديد) وليس من يوم بدأ الرئيس!.
بقاء الرئيس وحده هذه السنوات الكثيرة يحمل في طياته مدى التعديات والتجاوزات التي شهدتها هذه المرحلة من تاريخ اليمن وبالتالي فإن كلام الرئيس الآن من أنه لن يتنحى الا وفقا للدستور يجعلنا نسأله: أي دستور؟ المطلوب الآن من اخواننا في مجلس التعاون الخليجي ان يحسموا امرهم ويتخذوا قرارا معلنا وشجاعا يدور حول الزام الرئيس بالتنحي. ومتى ما تم ذلك ولتفادي اي تعقيدات تقدم الضمانات ولكن لا تقدم ضمانات الا بعد ان يكون هناك (مستمسك كاف) بأن الرئيس سيتنحى.
* وهل البديل جاهز؟
- هذا سؤال تقليدي في العالم العربي وفي اليمن ايضا فعندما اجبر الامام رحمه الله على مغادرة اليمن قيل من سيتولى بعده؟ ومضت اليمن بعده في عهد الحمدي وفي عهد الغشمي وكان السؤال نفسه يتردد.. والآن يقال نفس السؤال.. في الحالة المصرية الوضع يختلف لأنه لا يتماثل لا مع تونس ولا مع اليمن مهما حدث من تجريف للسياسيين والاقتصاديين والعلماء والمفكرين.. ومع ذلك فمن الصعب ان يكون الشعب اليمني الولاد عاجزاً عن ان يقدم بديلا لعلي عبدالله صالح أو لغيره.
* إلى أين يتجه الوضع؟
- اميل إلى التحول الهادئ الهادف واتمنى وادعو الله ان يكون التحول في اليمن بهدوء بحيث تكف السلطة عن استخدام القوة المفرطة للنيل من المعتصمين السلميين.
‏* كيف يتم ذلك؟
‏- إذا أعلن الرئيس أنه سيرحل بدون لف ودوران.. في هذه الحالة ‏سيتمكن العقلاء في اليمن من أن يحتووا الموقف ويعلنوا أنه على ‏الشباب أن يكتفوا بما حققوه من حيث نجاحهم في إسقاط النظام وأن ‏يتركوا الأمور للساسة لوضع النظام البديل.‏
عندنا مشاكل أخرى كثيرة.. عندنا حراك في الجنوب، وعندنا قضايا ‏في صعدة، وحالة سياسية في حضرموت.. وكل هذه الأمور يمكن ان ‏يحسم مصيرها في اطار نظام حكم ديموقراطي يمثل كل الاطراف.. ‏مشكلة النظام القائمة حتى اليوم انه نظام فئوي وكثير من ‏المحافظات لايمثل.‏
لقد ابعد الجانب الجنوبي واقصى وصودر حقه كشريك وهذه مشكلة ‏كبيرة.. كما يبدو اليوم في أوساط الشباب في ساحات التغيير ‏بالمحافظات الجنوبية.. ان قضية الجنوب ستكون قضية مفصلية ‏بالنسبة لمستقبل الفترة القادمة.. وكما قلت فإن هناك دعوة للانفصال ‏أو ما يسميه البعض بفك الارتباط وآخرون يطلقون دعوات لإعادة ‏صياغة الوحدة بحيث تكون فيدرالية وهذا كله لابد ان يكون موضوع ‏تفكير وحسم سريع بعد سقوط النظام.‏
قلت: اذن نحن أمام 3 سيناريوهات.. الأول ان يتنحى الرئيس والثاني ‏ان يرفض والثالث الا يسقط.. فما الوضع حال تحقق أي من ‏السيناريوهات؟
قال: السيناريو الأول سيقود البلد إلى بر الأمان وكل شيء يمكن ‏احتواؤه بالحوار الداخلي وبمساعدة الأشقاء الخليجيين المحيطين ‏باليمن والمناخ مهيأ.‏
الخوف ان يصر الرئيس صالح على البقاء ويستخدم القوة في فض ‏الاعتصامات.. وبالتالي إذا كانت الساحات مليئة بأناس غير مسلحين ‏فإن الأسلحة في البيوت.. والاحتكام للسلاح هو مبعث الخوف ‏والتحذير.. هذا ما ينبغي ان يعيه كل من يتمنى لليمن الهدوء ‏والاستقرار.‏
‏* وماذا عن المخاوف المشروعة من الانفصال؟
‏- الحديث عن ذلك كمن يضع العربة قبل الحصان.. فلنحل مشكلة ‏صراع السلطة اولاً ثم نمهد الطريق لنظام ديموقراطي عادل وسوي.. ‏فإن حدث ذلك ستحل كثير من القضايا وتزول المخاوف.. أما الحديث ‏المستمر عن الخوف على الوحدة اليمنية فيجعلنا نسأل: هل الوحدة ‏القائمة الآن وحدة سوية؟!‏
‏* وماذا عن القاعدة؟
‏- اليمن من البداية كان مركزاً لتجنيد المتطوعين ضد الوجود ‏السوفيتي في أفغانستان أي على أساس حركة جهاد.. انتهى الاحتلال ‏السوفيتي وتخلى الأمريكان عن المجاهدين وصنفوهم الآن على انهم ‏إرهابيون.. هذه واحدة والأخرى ان حركة الجهاد لابد ان تُحل.. لقد ‏ذهب شباب كثر لأفغانستان وعادوا فلم يجدوا مصدر عيش في ‏أوطانهم وكان لابد من معالجة البطالة والفراغ واستيعابهم في وقته.. ‏والآن من الواضح ان الجهات الأخرى استقطبتهم لاجندات أخرى لا ‏هي جهادية ولا تحررية.. وإنما جماعات تريد ان تنقض على السلطة ‏في بلادها.. ومع ذلك أقول ان عناصر القاعدة في اليمن قلة قليلة ولا ‏يتجاوزون المائة.. يتنقلون باستمرار في المحافظات من ابين - لود ‏‏- شبوه وعدد من زعمائهم كانوا ضيوفا تحت مسمى معتقلين في ‏ضيافة الامن الوطني اليمني في صنعاء.. بل ان خالد عبدالنبي ‏كبيرهم كان ضيفاً في الطابق العلوي في مبنى الامن الوطني هو ‏وعائلته.. يستقبل زواره وتأتيه الوجبات الثلاث من مطابخ الدولة إلى ‏مقره.. ولا ننسى كيفية هروب عدد منهم من نفق طوله 30 متراً.. ‏كلها قصص تستحق التأمل.‏
هؤلاء كلهم كانوا على علاقات بمسؤولين في السلطة ولهم مرتبات ‏ونحو ذلك.. ولكن عددهم كما قلت مبالغ فيه ولا يتجاوز المائة ‏يذهبون إلى مناطق قبائلهم ويجدون التكريم القبلي المعتاد فتحسب ‏الحكاية على ان القبائل منتمية للقاعدة وهذا غير صحيح ولابد من ‏دراسة سريعة وجادة لحل سريع.. انني لا اهون من وجود القاعدة ‏ولكني احذر من المبالغة وعجز القيادات الأمنية في إيجاد الحل ‏المناسب.. كما ادين الأسلوب الذي تتعامل به معهم السلطات الأمنية ‏اليمنية.
سألته.. ماذا عن الاقتراح الخاص بتشكيل مجلس رئاسي انتقالي في حالة تنحي الرئيس صالح؟
اجاب: نعم المفروض ان يتم ذلك لانه لابد من توافر عامل استقرار.. وبحيث يعد هذا المجلس لدستور جديد وحكومة انتقالية.. وهذا قد يستغرق عاماً واحداً.
في هذا العام يسعى المجلس لحل مشاكل الجنوب وصعدة وايجاد الارضية المناسبة للنظام الجديد من خلال دستور جديد.
وماذا عن عنصر الشباب الذي قاد أو شارك في الثورة؟
الشباب موجودون وممثلون.. موجودون في الاصلاح وفي الاشتراكي وفي الناصري كلهم موجودون وبالتالي لن يغيبوا وهكذا فان شباب الساحات كلهم يمثلون اطراف مهمة.
وماذا عن الشباب المؤيدين للرئيس صالح والذين يخرجون للساحات بالآلاف؟
هؤلاء يأتون لمهام محددة وربما منوعة لمحاولة الادعاء بان هناك طرفين! ثم يذهبون، اما شباب الساحات فموجودون طوال الوقت.
قلت: هل انت مع العفو والصفح خاصة وان الصراع في جزء منه صراع مال؟
قال: اذا كان الثمن كي يذهب النظام هو هذه التطمينات بعدم المساءلة فلا مانع.. المهم ان يخرج النظام وبعدها لا شيء دولياً يمنع من المقاضاة والمحاكمة.
وماذا عن الماركسيين القدامى؟
الماركسيون بعضهم ذهبوا لمصر ومصر بها ما يكفيها ومن ثم اشترطت القاهرة عدم اصدار بيانات ونداءات.

زر الذهاب إلى الأعلى