تنشغل هذه الأيام وسائل الإعلام العالمية والأمريكية على وجه التحديد بالبحث عن خليفة بن لادن المنتظر كما ظلت تبحث عنه أكثر من عشر سنوات في جبال تور بورا وأفغانستان حتى جاءت الأخبار بمقتله في باكستان ودفنه بمكان ما شمال بحر العرب ، وقدر الله ان يعيش هذا الإنسان في مكان ويموت بمكان ويصلى عليه صلاة الميت ليس في مسجد وإنما من على حاملة الطائرات «يو أس أس. كارل فينسن» .
وبعد رحيل بن لادن بدأت تلك الأبواق تردد على مسامعنا وكما كانت تردد وسائل إعلامهم خلال العامين المنصرمين، من إن تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية الذي ينشط انطلاقاً من اليمن، لا يهدد اليمن فقط بل كل العالم، وهو خطر يفوق الخطر القادم من التنظيم الرئيسي المتمركز في المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان.
المسؤولون الأمريكيون والخبراء العسكريون والسياسيون كانوا أكثر وضوحاً في الأيام الماضية حيث أثارت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بعض الشكوك حول احتمال أن يرث أيمن الظواهري بصورة آلية موقع زعيم القاعدة خلفا لأسامة بن لادن، الذي قتل في باكستان الأحد الماضي. وقالت الوزيرة في لقاء مع رؤساء تحرير الصحف الأميركية عقد في مقر وزارة الخارجية أول من أمس "هناك كثيرون ممن يتحدثون عن أن أيمن الظواهري سيحتل الموقع الذي كان يشغله بن لادن، إلا أن هذا ليس واضحا بعد. إنه لا يحمل تراث بن لادن ولا يتمتع بنفس الولاء من الأعضاء وليس له نفس السجل الذي حمله بن لادن. أعني أن بن لادن كان يعد من المقاتلين. لقد حارب في أفغانستان. إنه لم يكن من طائفة المثقفين، أي لم يكن من طائفة المتحدثين. لقد كان مقاتلا، ولذا فقد كان يحمل معه هالة شخصية".
وجاءت تصريحات كلينتون عقب انتشار التوقعات بين المحللين والصحفيين عن الشخص الذي ستختاره القاعدة ليخلف بن لادن. وفيما قال البعض إنه سيكون أيمن الظواهري فإن آخرين ذهبوا إلى القول بأن الأرجح هو اختيار أنور العولقي الذي يعد القائد الفعلي لمنظمة القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وفسر ترجيح اختيار العولقي بأنه يعتمد على افتراض أن مركز ثقل القاعدة سينتقل من أفغانستان – باكستان إلى اليمن في المرحلة المقبلة، أي في مرحلة ما بعد بن لادن، فضلا عن ذلك فإن اختيار العولقي يتسق مع الجيل الجديد من أعضاء القاعدة الذي يعتمد الأساليب التقليدية للمنظمة بالإضافة إلى استخدام الكمبيوتر في نشر أهدافها وفي حث الأتباع والمؤيدين على المشاركة في عملياتها.
فيما ذكر مساعد الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، لشؤون الأمن الداخلي "بأن خلايا القاعدة في الجزيرة العربية هي الأنشط على مستوى العالم" وأضاف: "لقد تلقت قيادة هذا التنظيم الكثير من الدعم من قبل شخصيات موجودة في الغرب أو تحمل جنسية أمريكية، مثل رجل الدين أنور العولقي، وهي لا تسعى لجذب غربيين متواجدين خارج دولهم، بل في داخلها".
إلى ذلك يؤكد المحللون بان فرع تنظيم القاعدة في اليمن تحول إلى قيادة مركزية صلبة، وبات يستمد أهميته ليس من عملياته المستمرة ضد القوات المسلحة في جنوب اليمن فقط، وإنما من قربه من صناعة النفط وخطوط تصديره في شبه الجزيرة العربية والخليج، والتحكم ببحر العرب، ومدخل البحر الأحمر حيث ابرز طرق الملاحة الدولية.
واليوم وبعد ان اخفق صاروخ أطلقته طائرة أمريكية دون طيار في اليمن في قتل العولقي المطلوب الثالث أميركيا وهو مواطن أمريكي، كان رسالة و هي واضحة وتحمل الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام خصوصا بعد أيام من مقتل زعيم التنظيم، هناك صراع ومؤامرة على اليمن ودول الجوار وبالأخص المملكة العربية السعودية وعلى القادة السياسيين في المنطقة ان يفهموا النوايا الأمريكية ومخططهم الجديد بعد رحيل الأب الروحي لتنظيم القاعدة.
لكنني أتساءل عن حقيقة ما نشرته صحيفة سعودية بان الرجل الثاني في القاعدة ايمن الظواهري ارشد القوات الأميركية لمخبأ زعيمه بغية تصفيته والسيطرة على التنظيم ، هل هذا الخبر ياتى في إطار تمصير تنظيم القاعدة؟ أم ان هناك مخطط ورأي أخر في استمرارية بان يكون خليفة بن لادن يمنيا كما كان زعيم التنظيم من اصل يمني؟!