في هذا الحوار يتحدث الدكتور إسماعيل السهيلي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإيمان في اليمن والدكتور أحمد عبد الواحد الزنداني الأستاذ المساعد بقسم العلوم السياسية بجامعة صنعاء عن مفهوم الدولة المدنية وعن أسباب مخاوف البعض من الدولة الدينية وغيرها من القضايا الفكرية التي تجدونها في هذا الحوار
إلى النص:
حاورهما: محمد مصطفى العمراني
• دكتور إسماعيل بصفتك أحد الأكاديميين المتخصصين بالشؤون السياسية وأحد المتابعين لما يجري على الساحة اليمنية من ثورة شبابية سلمية هل لك من كلمة قبل الحديث عن مفهوم الدولة المدنية والدينية؟
بداية أشكر صحيفة "صوت الإيمان" على إتاحة الفرصة لنا لنوضح للناس ماذا تعني الدولة المدنية ولماذا يتخوف البعض من الدولة الدينية هذا أولاً وثانياً: هنالك أمر لابد منه وهو الإشادة بثورة الشعب السلمية وبالشباب اليمني أفضل الناس وأشرف الناس الذين خرجوا للساحات لرفع الظلم والطغيان عن هذا الشعب فنقول: أثبتوا ونحن معكم ونسأل الله أن يجزيكم خيراً عن هذا الوطن وأمتكم ودينكم وأيضاً ندعو جميع أبناء الشعب اليمني وأبناء القوات المسلحة إلى الانضمام إلى هذه الثورة لأنها ستبني اليمن الجديد يمن الإيمان والحرية والعدالة ونؤكد على ضرورة أن تسير هذه الثورة على النهج السلمي وبالنهج السلمي ستصل إلى الأهداف وأن لا يتركوا مجالاً لكل من يريد أن يحرف الثورة عن مسارها السلمي لتتحول إلى عنف وإلى غير ذلك.
• د أحمد كيف تنظر بدورك لما يجري على الساحة اليمنية؟
أثني على ما ذكره الدكتور إسماعيل وأؤكد على سعادتنا بما يقوم به الشباب اليمني ونحن نشد على أيديهم ونقول: إن الوطن أمانة في أعناقهم ونعتقد أنه لولا خروج الشباب لما نلنا أي حق أو تنازلات من السلطة التي كانت تعتقد أنها ورثت البلاد والعباد ونحن حضرنا بعض الفعاليات في المعتصمات ونشيد بمستوى الوعي الثقافي لدى الشباب ونحن مطمئنون على أن الثورة لا يمكن أن تجهض أو تنحرف عن مسارها لأننا لمسنا أن الشباب صامدون واعون وعازمون على حمايتها حتى بعد رحيل الرئيس حتى تتحقق أهدافها.
• دكتور أحمد هل يمكن أن تعطوا القارئ فكرة وافية عن مفهوم الدولة المدنية؟
حول مفهوم الدولة المدنية لابد أن نعود إلى الفترة التي استخدم فيها هذا المصطلح هو مصطلح حديث في الأدبيات السياسية فلم يكن له وجود قبل انهيار الإتحاد السوفيتي خلال الثلاثة العقود الماضية كان هناك مصطلح الدولة وهي معروفة وتتكون من أربعة أركان وهي: الإقليم والسكان والحكومة والسيادة وكان هناك أيضاً مصطلح المدنية منفصلاً وهو يعني عند البعض التمدن أو الحضارة أو ضد العسكرية أو القبلية لكن صياغة المصطلح وتركيبه بهذه الطريقة ( الدولة المدنية ) يعد مفهوماً جديداً وتبني خلال فترة انتصار الليبرالية الأمريكية على الشيوعية الروسية وتبنته النخب العلمانية وأول ما تبنته في المنطقة العربية كانت النخبة المصرية ومعظم النقاشات التي دارت تؤكد على أن الدولة المدنية هي تلك الدولة التي تتبنى الليبرالية في الحكم فهي دولة المواطنون فيها متساوون في الحقوق والحريات بغض النظر عن العقيدة والدين والجنس وبلا تمييز لأي سبب كان وتطور المفهوم على أساس إقامة انتخابات نزيهة وتساوٍ في الحقوق والحريات وأضيفت إليه الكثير من المفاهيم الإيجابية كانتخاب الشعب للحكومة وله الحق بعزلها إن اقتضى الأمر كما له حق الرقابة عليها.
• دكتور إسماعيل لماذا يتخوف البعض من وجود الدولة الدينية؟
الحقيقة أن أولئك الذين يتخوفون من مفهوم الدولة الدينية يستحضرون التجربة السياسية الأوروبية المسيحية في ما يسمى بأوروبا بعصور الظلام حيث شاعت النظرية الثيوقراطية أو النشأة المقدسة للسلطة السياسية والتي فيها يدعي الحكام بشكل مباشر أو غير مباشر أنهم يستمدون السلطة من الله سبحانه وتع إلى وأنهم تبعاً لذلك مسئولون أمامه فقط فبينه وبين ضميرهم يجري النقاش الوحيد والممكن ويتبع ذلك أن المواطنين أو الرعايا ملزمون بأن يطيعوا أولئك الحكام سواء عدلوا بتلك السياسات أو جاروا وأنه لا يمكن بأي حال أن يعترضوا على تلك السياسات أو الممارسات لأن سلطتهم ليست مستمدة من الشعب وإنما هي مستمدة من إرادة إلهية وهنا لما يعتقد الحاكم أنه يستمد سلطته من مصدر إلهي وأنه ليس هناك سلطان عليه لا في مراقبة ولا محاسبة ولا اعتراض على سياساته فإنه سيتحول إلى إله بين البشر وهذا ما حصل وأدى ذلك أيضاً إلى أن الكنيسة اتخذت مركزاً محورياً في الحياة السياسية الأوروبية في تلك العصور عصور الظلام وأدى ذلك إلى أن أصبحت أوروبا في عصور من الجهل والطغيان والاستبداد السياسي والديني استمرت عشرة قرون فعلى سبيل المثال للاستبداد الديني كانت الكنيسة المسيحية أدخلت عقيدة جديدة على المسيحية وهي عقيدة التثليث بعد أن كانت المسيحية الأولى مع السيد المسيح عليه السلام تعتقد بإلهٍ واحد ثم جاءوا بعقيدة جديدة في الشأن الاقتصادي فيما يتعلق بصكوك الغفران أن الكنيسة تغفر لمن تشاء مقابل عوائد مالية وزاد الأمر سوءاً عندما اتخذت الكنيسة موقفاً سيئاً من العلم فأحرقت العلماء وهم أحياء وكان أي مفكر أو عالم يأتي بأمور من شأنها أن تطور حياة الإنسان يتهم بالهرطقة والتجديف فأدى ذلك إلى انسداد المجال أمامهم نتيجة هذا الدين المحرف والدولة الدينية التي كرست الظلم والطغيان والاستبداد ، هنا الإشكالية الكبيرة البعض يستحضر هذه التجربة ويريد أن يسقطها على واقع الدول العربية والإسلامية بينما الواقع أن هناك خلافاً تاماً ومطلقاً ما بين مفهوم الدولة الدينية وفق التصور الذي ذكرناه سابقاً والذي حضر وفق التجربة الأوروبية في العصور الوسطى وما بين دولة الإسلام التي ينشد الإسلام إقامتها وهي دولة دستورية الحاكم فيها مجرد وكيل عن الأمة والأمة هي مصدر السلطة والحاكم فيها يخضع للرقابة والمساءلة والمحاسبة السياسية من الأمة وللأمة حق عزله ومحاسبته وتتخذ من السبل والوسائل ما يضمن هذا الشأن.
• يعني لا يوجد ثيوقراطية في الإسلامية؟
يستحيل أن توجد ثيوقراطية في الإسلام فنصوص القرآن والسنة وأقوال الفقهاء الراشدين وأئمة الفقه السياسي الإسلامي يقولون: إن هذا المفهوم هو مفهوم دخيل ولا وجود له في الفقه والممارسة السياسية الإسلامية.
دكتور أحمد برأيك لماذا يثار الجدل حول الدولة الدينية؟
يثار الجدل حول موضوع الدولة الدينية من وجهة نظري نتيجة محاولة إسقاط التجربة الأوروبية الكنسية على المجتمعات الإسلامية وهذا إسقاط تعسفي فمثلاً مصطلح رجال الدين والذين كانوا في أوروبا العصور الوسطى يعتبرون أنفسهم في مقام الآلهة فالقساوسة والرهبان كانوا يشرعون للناس وبأيديهم صكوك الغفران مصطلح " رجال الدين " تستخدمه النخب العلمانية لوصف علماء المسلمين وهذا نوع من الإسقاط التعسفي للتجربة الكنسية والدولة الثيوقراطية الأوروبية في عصور الظلام الأوروبية على وضع الدولة الإسلامية.
• ألا يمكن أن تكون هذه المخاوف ناتجة عما يصفه البعض بفشل الإسلاميين في إدارة الدولة في بعض التجارب؟
لا يمكن أن نحكم على الإسلاميين قبل الوصول للسلطة بطريقة دستورية وبموجب قوانين تنظم الحياة السياسية والإسلاميون مثل غيرهم من بقية التيارات إذا واجهت مشاكل كبيرة ولم تستطع الحكم وإدارة شئون البلاد بالطريقة المناسبة فينزلون عن طريق صناديق الاقتراع وأرى أن موضوع المخاوف من الدولة الدينية ليس سببه الإسلاميون فعندما تأتي وتحاكمني إلى تجربة تختلف تماماً عن شريعتي وعن تجربتي التاريخية وتفرض علي مصطلحات دخيلة فالحركة الليبرالية العالمية ضمن حركة العولمة تحاول فرض مصطلحات وتصورها على بقية المجتمعات ومحاولة قولبتها وفق مفاهيمها فيما يسمى بمعركة المصطلحات وهي معركة مفهومة وشهيرة فعندما أقول لك مصطلحاً معيناً أقول لك رسالة وأعطيك منظومة متكاملة من الأفكار لمجرد أن استخدام مصطلح واحد فمثلاً عندما أقول لك هذا الشخص ديموقراطي هنا أعطيك مجموعة كبيرة من التصورات والأفكار عن الشخص الديموقراطي فمعركة المصطلحات معركة مهمة ومن يفرض مصطلحاته يفرض آراءه على الواقع السياسي
• يعني نحن نحتاج في هذا المجال إلى تصحيح المفاهيم؟!
نعم نحن بحاجة كبيرة إلى تصحيح المفاهيم فبعض المصطلحات مثلاً وجدت في فترة الصراع بين الشرق والغرب فكلمة شيوعي من يقبل الآن أن يوصف بأنه شيوعي؟! على العكس مثلاً ينظر الناس لليبرالي على أنه ذلك المنفتح الحر فقضية المصطلح قضية هامة ولابد لكل أمة من استخدام مصطلحات تعبر عنها وعن مكونها الثقافي وعن دينها وعن شريعتها.
• دكتور إسماعيل هل يستلزم أن تكون الدولة المدنية غير دينية بالضرورة؟!
هذا سؤال إشكالي وسؤال كبير وفقاً للمفهوم السائد ووفقاً لما طرحه الأخ الدكتور أحمد الزنداني حول مفهوم الدولة المدنية فإنه بالضرورة أن تكون الدولة المدنية دينية لكن وفقاً للتصور السياسي الموجود في الأدبيات الليبرالية قطعاً الدولة المدنية هي دولة غير دينية لأن النصوص الدينية فيها مستبعدة لكن البعض من الكتاب المعاصرين يقول: إن الدولة المدنية هي ليست دولة تعادي الدين أو تتخذ من الدين نقيضاً ويطرح ذلك على سبيل المثال الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي يقول دولة مدنية بمرجعية إسلامية بعض الحركات الإسلامية المعاصرة تقول نحن ننشد إقامة دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية أو تحافظ على هوية الأمة الإسلامية ، الإشكال أن الخطاب الليبرالي هو الخطاب السائد والخطاب العلماني هو الخطاب السائد فالدولة المدنية هي دولة تحتكم إلى إرادة الأغلبية بمعنى أن إرادة الأغلبية التشريعية في البرلمان وتوجهات الرأي العام هي المسيطرة والمهيمنة فيه يتعلق بالأسس الدستورية التي تقوم عليها هذه الدولة المدنية فللأغلبية الحق أن تقرر ما تشاء وتجيز ما تشاء وتحرم ما تشاء وليس هنالك أي قيد يحدها في هذا الأمر وعليه فإن فض الاشتباك ما بين مفهوم الدولة الدينية والدولة المدنية وخصوصاً أن التجربة الأوروبية الكنسية في العصور الوسطى هي حاضرة يستدعى أن يقيد هذا المفهوم بتقييدات تخرجه عن أو تقيده عن الأصل الذي استخدم كنقيض للدولة الدنية كأن نقول دولة مدنية إسلامية تحكم بالشريعة.
• دكتور أحمد هل تستلزم أن تكون الدولة المدنية ديموقراطية؟
سنعود مجدداً إلى قضية المصطلحات فمفهوم الديموقراطية مختلف تماماً كمفهوم وهو من أعقد المصطلحات وقد استخدمته مختلف المجتمعات والحضارات فالشيوعيون يدعون أنهم ديموقراطيون والليبراليون يدعون أنهم ديموقراطيون والإسلاميون يدعون أنهم ديموقراطيون لكن كل يحتكم إلى مرجعيته فهل من الديموقراطية في المجتمعات الإسلامية أن لا أحتكم إلى شريعتي؟! هل هذه هي الديموقراطية؟ أنا أمام شعب مسلم فعندما أحاكم شعبي إلى غير مرجعيته أخالف أبسط مبادئ الديموقراطية وهي أن الناس يتحاكمون إلى ما يريدون هم ، فمجتمعاتنا مجتمعات مسلمة والتيارات الإسلامية لها شعبية كبيرة لأنها تنادي بتحكيم الشريعة وإلا هناك تيارات وتنظيمات أخرى ربما أكثر تنظيماً وإمكانيات وقبولاً لدى المجتمع الدولي لكن ليس لها مكانة فقضية الديموقراطية مرتبطة على أساس المفهوم على أساس أن الناس يحتكون إلى ما يريدون فالشعوب المسلمة تريد الاحتكام إلى شريعة الله.
• دكتور إسماعيل هل يمكن أن توجد دولة إسلامية تطبق الشريعة الإسلامية وتوجد فيها ديموقراطية؟
الحقيقة أن الديموقراطية في جوهرها تقوم على ركنين أساسيين ، الركن الأول: الأمة مصدر السيادة بمعنى أن الأمة وممثليها في البرلمان لهم الحق أن يسنوا من القوانين ما يشاءون دون أن يقيدهم قيد أو يحدهم حد في ذلك وهذا أدى إلى انتكاسات كبيرة في الديموقراطيات المعاصرة ودعت الكثير منهم إلى أن يسمي هذا بالاستبداد الديموقراطي ، الركن الثاني للديموقراطية وهو بسلطة الأمة بمعنى أن الأمة صاحبة الحق في أن تختار حكامها صاحبة الحق في أن تراقب وتعزل حكامها وتحاسبهم وصاحبة الحق في أن تتخذ من الوسائل ما تضمن تحقيق مصالح الأمة وأن تتخذ من الوسائل ما تجعلها صاحبة القرار من تعيين الحكام إلى عزلهم هذا الشيء موجود في الإسلام وفي الفقه السياسي الإسلامي وتفوق به الفقه السياسي الإسلامي تفوقاً كبيراً ، لنأخذ على سبيل المثال حق الأمة في أن تختار حكامها فكثير من النصوص من القرآن والسنة والممارسة التاريخية على أن الأمة هي التي تختار حكامها وعلى أن الأمة هي صاحبة الحق فالخلفاء الراشدون وفي عصرهم بلفظ الحديث كانت خلافة على منهاج النبوة كل الخلفاء الراشدين تم اختيارهم من قبل الأمة ولم يفرض أحد نفسه على الناس أو يفرضه أحد وإنما الأمة قبلتهم وبايعتهم ، نأتي بعد ذلك إلى قضية مراقبة الأمة للحاكم ومحاسبته ومساءلته فقد ظهر في النصوص على أن الأمة كانت تحاسبهم وكان الخلفاء الراشدون رضوان الله عليهم وهم أفضل الأمة يخضعون أنفسهم لرقابة الأمة ويرجعون إلى الحق متى ما تبين لهم الحق في ذلك ، أيضاً في قضية العزل سنجد كثيراً من النصوص والممارسات التاريخية أن الأمة كانت تعزل حكامها متى ما ظهر لهم ما يخالف العقد الذي أسندت إليهم السلطة بموجبه ولذلك نجد فقيهاً كبيراً مثل الإمام الجويني يقول: إنه ينحل عقد الإمامة بما يزول به مقصود الإمامة بمعنى أن السلطة السياسية القائمة متى ما أصبحت سياساتها وممارساتها تخالف الوظائف المناطة بها فإنه يجب على الأمة أن تتخذ من الوسائل ما يعزلها ، أيضاً فيما يتعلق بالحقوق والحريات فإذا ما نظرنا إلى حقوق الإنسان وحرياته الشرعية في الفقه السياسي الإسلامي سنجد أن فيه تفوقاً كبيراً وواضحاً وملحوظاً على الحقوق التي أقرتها المواثيق الدولية المعاصرة أو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لنأخذ على سبيل المثال ما هو جوهر الإنسان في الشريعة الإسلامية؟
جوهر الإنسان في الشريعة الإسلامية على أنه مخلوق إلهي خلقه الله سبحانه وتع إلى بيده تكريماً وأسجد له الملائكة المقربين وطرد إبليس اللعين من الجنة لاستنكافه عن السجود له ، وحقوق الإنسان في الإسلام البعض يرفعها إلى مرتبة الواجبات ودرجة أعلى من الحق بمعنى أن لك حق الحرية تستخدمه أو لا تستخدمه بينما الواجب لابد أن تستخدمه وإن لم تستخدمه وقعت في الإثم وتحاسب في الآخرة ودرجة أعلى من الواجب كما يرى بعض الباحثين هي منح إلهية فالذي منحها هو الله ومادام الله هو الذي منحها فلا مانع لما أعطى الله ولا معطي لما منع أيضاً يلزم من ذلك أنه لا يمكن إلغاؤها كما في الديموقراطيات المعاصرة كذلك الحقوق والحريات في الإسلام متفوقة على ما هو موجود في الديموقراطيات المعاصرة فعلى سبيل المثال أن الحقوق والحريات في الديموقراطيات تخضع لأغلبيات توجهات الرأي العام وموازين القوى في البرلمان فعلى سبيل المثال هناك مواطنون أمريكيون تنتهك حقوقهم بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وكذلك في أوروبا التي ضاقت بحجاب طفلة مسلمة أو بمئذنة بينما اتسعت ديموقراطيتها لكل شيء بينما حرمت الأكثرية الأقلية من استقلالها الأخلاقي بينما في الإسلام يستحيل ذلك لأن الحقوق جزء من الدين وإلغاء الحقوق يتطلب وحياً ، والوحي قد انقطع بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ولذا فإن حقوق الإنسان إذا ما ترك لها المجال في ظل حكم إسلامي رشيد تكون فيه الأمة مصدر السلطة وتراعي فيه هذه الحقوق فإن الإنسان سوف ينعم بحقوق كاملة من شأنها أن ترقي الجانب المادي والجانب الروحي ولا يمكن أن نرى هذا الصراع القائم كما هو في حالة الديموقراطيات المعاصرة.
• دكتور أحمد ألا ترى أن الغرب ما يزال يعاني من إشكالات كبيرة في المجال المدني وحقوق الإنسان؟
فعلاً الغرب ما يزال في مجال الديموقراطية وحقوق الإنسان يعاني من معضلة كبيرة جداً وهو ما كان يعبر عنها جان جاك روسو وهو أحد الآباء المؤسسين للديموقراطية وصاحب نظرية العقل الاجتماعي وفكرة الإرادة العامة وغيرها كان يقول: " عجباً كيف يكون الإنسان حراً وهو مقيد برأي الأغلبية " وهم يحاولون حلها والتلاعب عليها ففي بلد مثل هولندا فيما يسمى بالديموقراطية التوافقية وحكم القانون في الغرب تتلاعب به الأغلبية والحقيقة أن حكم القانون لم يوجد إلا في الإسلام لأنه قانون مثبت لأنه أمر شرعي فالأغلبية لا يمكن أن تطغى على حق الأقلية فمثلاً حق المواطنة فالمواطن المعاهد الذي يعيش داخل الدولة المسلمة لو اجتمع المسلمون كلهم بما في ذلك البرلمان لا يستطيعون أن يحرموه حقه ويخرجوه خارج البلاد طالما هو لم يخالف قوانين الدولة الإسلامية وكذلك المعاهد في الشريعة الإسلامية بمجرد أن يدفع الجزية يعطى الحماية ويعفى من المشاركة في الحروب حتى لا يقاتل أبناء جلدته وإخوانه بينما ترغم أمريكا جنودها المسلمين على القتال في العراق وأفغانستان ليقاتلوا إخوانهم.