[esi views ttl="1"]
arpo28

أسبوع دامٍ ووثائق سرية عن تورط أميركي في دعم صالح

يزداد المشهد اليمني تعقيداً مع تصاعد وتيرة الأحداث والمواجهات اليومية التي تشهدها مختلف محافظات البلاد، مخلفةً مزيداً من القتلى والجرحى اليمنيين في سياق معركة يصفها البعض ب"معركة كسر الإرادات"، خاصة مع اقتراب موعد الزحف، الذي تضاربت المعلومات بشأن موعده، بعد أن كانت "المنسقية العليا للثورة الشعبية (شباب)"، وهي إحدى مكونات الثورة الشعبية، أعلنت الثلاثاء الماضي عن مشروع برنامج التصعيد الميداني لإسقاط نظام الرئيس علي عبدالله صالح، يشير إلى أن موعده غداً الثلاثاء.

وشهد الأسبوع الماضي مواجهات دامية في العديد من المدن اليمنية، بين المحتجين المطالبين بإسقاط النظام وبين قوات الأمن والجيش ومسلحين من انصار الرئيس علي صالح، غير أن أكثر تلك المواجهات دمويةً هي التي شهدتها العاصمة صنعاء، الاربعاء الماضي (11 مايو/ أيار 2011)، عندما قمعت قوات الامن والجيش ومسلحون من انصار الرئيس صالح، مسيرة سلمية في شارع الزراعة بالقرب من مقر الإذاعة ورئاسة الوزراء، أسفرت عن سقوط 14 قتيلاً ومئات الجرحى والمصابين بطلقات نارية وأسلحة بيضاء وحجارة وغازات سامة.

وتزامنت هذه المواجهات مع أحداث دامية شهدتها في نفس اليوم محافظات عدن وتعز والحديدة وإب وغيرها، أدت إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى، بسبب الاستخدام المفرط للقوة من قبل السلطات وأنصار النظام تجاه المحتجين.

وجاءت هذه المواجهات بعد يوم من الإعلان عن برنامج تصعيدي للثورة في مختلف المحافظات اليمنية، شمل البدء بتوسيع رقعة الاعتصامات والتمدد في الساحات، حيث بدأه المعتصمون بساحة التغيير في العاصمة صنعاء بإغلاق عدد من الشوارع المحاذية لساحة الاعتصام ونصبوا خياماً جديدة في العديد من الاتجاهات، وهي الخطوة ذاتها التي شهدتها ساحات الاعتصام الأخرى في عدد من المحافظات.

وعلى مشارف العاصمة صنعاء، كانت قبائل نهم أجبرت، الثلاثاء الفائت، قوة عسكرية كبيرة تابعة للواء 101 مشاة جبلي، الذي يقوده العقيد خالد علي عبدالله صالح نجل الرئيس، على العودة أدراجها، بعد اشتباكات عنيفة بين مسلحي القبائل والقوات التي كانت في طريقها لقمع الاعتصامات السلمية في محافظة حضرموت.

وشهدت مدينتا تعز والحديدة العديد من الاشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن، منذ الاثنين الماضي (9 مايو/ أيار 2011)، أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف المعتصمين، فيما أدى استخدام السلطات الأمنية العنف في قمع المتظاهرين إلى تفاقم الأوضاع الأمنية في المدينتين، زاد من ذلك الإجراءات التعسفية تجاه المعلمين في رواتبهم خاصة في محافظة تعز، التي تشهد سقوط مزيد من القتبى والجرحى في اشتباكات شبه يومية، فيما أشارت الأنباء إلى مغادرة محافظ المحافظة حمود الصوفي البلاد إلى المملكة العربية السعودية لتلقي العلاج.

وفي مدينة إب، لم تمر "جمعة الحسم" كما اصطلح عليها الثوار اليمنيون بسلام، فقد قامت قوات من الحرس الجمهوري وقناصة بثياب مدني اعتلوا أسطح بعض المنازل، بهجوم شرس ومباغت استهدف مسيرة سلمية عقب صلاة الجمعة، ما أدى إلى مقتل أربعة محتجين على الأقل، وإصابة أكثر من 140 آخرين بجروح، وفقاً لمصادر طبية في المستشفى الميداني.

وتمكن الثوار في محافظة البيضاء من اقتحام مقر الحزب الحاكم وسط المدينة وإحراقه بعد مقتل اثنين من المحتجين وإصابة العشرات برصاص قناصة من عناصر الأمن ومسلحين بلباس مدني كانوا يتحصنون داخل المقر.

إلى ذلك، كشفت الهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات "هود"، في مؤتمر صحافي أمس الأحد (15مايو/ أيا2011) عن وثائق سرية تكشف عن وجود علاقة تعاون أمني حديثة بين الولايات المتحدة والأمن اليمني يعتقد أن لها علاقة بقمع الاحتجاجات التي تطالب برحيل الرئيس علي عبد الله صالح.

وتضمنت إحدى الوثائق التي وزعتها المنظمة في مؤتمر صحفي عقد في ساحة التغيير بصنعاء، رسالة منسوبة إلى ويليام موني (عقيد في الجيش الأمريكي، والملحق الأمريكي بالسفارة في صنعاء)، تحمل رقم 252 وتاريخ 17 يناير 2011، موجهة إلى وزير الداخلية اليمني مطهر رشاد المصري "بأن طائرة عسكرية أمريكية سوف تصل إلى اليمن حيث ستنقل هذه الطائرة معدات لقوات العمليات الخاصة اليمنية وقوات الأمن المركزي – وحدة مكافحة الإرهاب".

وتثبت وثيقة أخرى، وهي الأهم، بأن الأمريكان قاموا بإرسال ذخائر لقمع المتظاهرين إلى اليمن بالتزامن مع الإعتصامات السلمية، ما يؤكد تورط الولايات المتحدة في دعم الرئيس صالح، برغم علمها المسبق بإمكانية استخدامها في قمع المتظاهرين السلميين، وتظهر الوثيقة تأكيد وصول دفعة جديدة من الذخائر لقوات الأمن المركزي قبيل مجزرة جمعة الكرامة (18 مارس/ آذار2011) بيومين فقط!.

وتظهر وثيقة، نشرتها المنظمة، توجيهات صادرة من النيابة إلى وزير الداخلية بعدم استخدام القنابل الدخانية المنتهية الصلاحية ضد المعتصمين بناء على تقرير طبي من لجنة مكلفة بذلك، كما تظهر وثيقة أخرى توجيهاً من وزير الداخلية إلى قائد الأمن المركزي بعدم استخدام القنابل الدخانية، وهو ما يعني الإقرار باستخدامها ضد المتظاهرين.

ومن بين الوثائق التي نشرتها المنظمة، أمر إفراج عن المواطن "صالح حزام سراج"، كانت السلطات اتهمته مسبقاً باعتدائه على خطيب ميدان السبعين شرف القليصي حيث اتضح أنه لم يقم بتهديده وإنما طلب مقابلته، ومع ذلك لم تعتذر أي جهة رسمية عن الاتهامات الموجهة للمعارضة بتهديد القليصي بعد أن اتضحت لهم الصورة.

وتكشف وثيقة أخرى عن توجيهات أمنية بملاحقة سيارات إسعاف طبية يعتقد أنها تنقل جرحى المحتجين الذين يسقطون برصاص قوات الأمن وإلقاء القبض عليها. إضافة إلى سيارات خاصة يعتقد أنها لناشطين أو مؤيدين للثورة.

ومن جملة الوثائق، طلب من النيابة للطبيب الشرعي بالفحص على أشلاء جثة وجدت داخل برميل قمامة بعد حادثة اختطاف متظاهرين جرحى من جولة كنتاكي بصنعاء، وفي الوثيقة رد بأن الأشلاء تم دفنها عن طريق نيابة البحث بخلاف القانون الذي يوجب اتباع طرق معينة في حال وجود جثث أو أشلاء مجهولة الهوية وهو ما يعني اشتباه دفنها في مقابر جماعية لضحايا الاختطاف.

وتطلب وثيقة أخرى موجهة من وزارة الداخلية إلى الأجهزة الأمنية والمخابرات إلقاء القبض على أي شخص من بيت العليي الحيمة الخارجية وأي شخص من أهالي الحدب م/ بني مطر في أي مكان يتواجدون "وموافاتنا بنتائج التنفيذ لما لذلك من أهمية أمنية".

وهذا التوجيه يبدو أن له علاقة بالاشتباكات التي وقعت بين قوات الحرس الجمهوري مؤخراً وقبائل تلك المناطق، لكنه في ذات الوقت يمثل انتهاكاً صارخاً للدستور والقوانين المحلية والقوانين والأعراف والمواثيق الدولية التي لا تجيز اعتقال أي إنسان ما لم يكن متلبساً بجريمة أو ثمة قرائن تدل على ارتكابه فعلاً مجرماً، ولا يؤاخذ شخص بجريرة غيره.
وكان الناشط الحقوقي في هود المحامي عبدالرحمن برمان تحدث عن امتلاك منظمته وثائق رسمية تكشف عن جرائم ترتكب بأوامر رسمية وبتواطؤ رسمي لإخفاء جرائم أخرى ارتكبت بخلفيات سياسية.

وأكدت "هود" تلقيها معلومات وشهادات مكتوبة وموثقة حول قيام قوات الأمن المركزي ومسلحين بزي مدني بمهاجمة المعتصمين بالرصاص الحي والأسلحة البيضاء والغازات السامة مساء السبت 9/4/2011م في شارع الزبيري والدائري، ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى.

ونقلت هود عن شهود عيان قولهم بأن قرابة 20 شخصاً تم اختطافهم إلى ناقلات جند وسيارات حكومية نقلتهم إلى جهة غير معلومة وكانت إصاباتهم في الرأس والرقبة والصدر والبطن وبعضهم كان قد فارق الحياة.

وقالت المنظمة إنها تلقت شهادات تفيد بوجود مقبرة جماعية في منطقة بيت بوس بالعاصمة صنعاء، وأنه تم العثور على أشلاء بشرية في براميل القمامة في بيت بوس يعتقد أنها لشباب تم اعتقالهم أثناء مجزرة كنتاكي وقد تلقت النيابة العامة بلاغاً بذلك.

وفي المؤتمر الصحفي، الذي حضره ضحايا من المعتقلين الذين أفرج عنهم لاحقاً، أدلى عدد من هؤلاء الضحايا بشهادات عن جرائم ترتكب بحق المعتقلين في السجون المستحدثة في المدينة الرياضية والذي أخفي فيها أكثر من 23 شاباً، وفقاً للمحامي برمان.

وأظهر أحد الضحايا، يدعى نبيل علي محمد عبده، آثار حروق في مناطق متفرقة من جسده، قال إنه تعرض لها بعد اختطافه من شارع الرباط المؤدي إلى الستين من قبل أشخاص مجهولين.

وقال نبيل (28 عاماً) إنه أصيب بإغماء إثر تعرضه للغاز السام، فتقدم منه مجهولون وقاموا باقتياده إلى مكان مجهول وهو مقيد اليدين ومغطى العينين، وقاموا بتعذيبه لمدة يومين، وصادروا تلفونه و"جنبيته" ثم ألقوا به في منطقة السنينة معصوب العينين، قبل أن يجده أحد الخيرين فاقداً للوعي فقام بفك الرباط عنه ونقله إلى ساحة التغيير.

وتأتي هذه التطورات في وقت تزايدت حدة الضغوط الدولية على نظام الرئيس صالح، لجهة مطالبته الكف عن عمليات القمع والانتهاكات ضد المتظاهرين السلميين، حيث أعلنت المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، الجمعة، أنها حصلت على موافقة السلطات اليمنية لإرسال بعثة لتقويم أعمال العنف التى ارتكبت ضد المتظاهرين المعارضين للنظام في اليمن، كما أعربت نافى بيلاى، مفوضة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، عن قلقها إزاء ما قالت انه "استخدام غير متناسب للقوة" من جانب السلطات اليمنية ضد المتظاهرين السلميين.

ودعت منظمة العفو الدولية، في بيان لها الأربعاء الماضي، السلطات اليمنية لوقف استخدام القوة ضد المتظاهرين المناهضين للحكومة. كما حثت منظمة هيومان رايتس ووتش دول الخليج إلى سحب وعد الحصانة للرئيس صالح وأقاربه فورا من مبادرتها التي قدمتها لنقل السلطة في اليمن، بعد الهجمات التي وصفتها بالمميتة لقواته ضد المتظاهرين السلميين.

في غضون ذلك، نقلت صحيفة "الغد" عن مصادر متطابقة بأن النظام اليمني أرسل وفداً من محامين وناشطين حقوقيين إلى عدد من الدول الأوربية من أجل الترويج لمزاعم النظام بأن المعتصمين السلمين يرتكبون انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، وذلك في سياق المحاولات الرامية إلى تشويه سمعة الثورة السلمية أمام الخارج، وإعطاء صورة مضللة عن حقيقة الأوضاع الجارية في اليمن.

وقالت ذات المصادر إن الوفد المكون من 5 أشخاص، 3 رجال وفتاتين، تحتفظ الصحيفة بأسمائهم، يزعمون أنهم يمثلون منظمات المجتمع المدني المستقلة في اليمن، وقد قاموا بجولة في العديد من الدول الأوربية، بينها: فرنسا وسويسرا، وبلجيكا، وهولندا، والتقوا خلالها العديد من المنظمات والهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، لإقناعهم بأن التظاهرات والاعتصامات تشهد انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، كما قدموا تقارير مكتوبة وصوراً وأشرطة فيديو تؤيد مزاعمهم، مطالبين المجتمع الدولي مشاركة الحكومة اليمنية في وقف هذه الانتهاكات.

واعتبر ناشطون سياسيون وحقوقيون لجوء النظام إلى هذا الأسلوب أمراً طبيعياً، لأنه يأتي في إطار السياسات التي ينتهجها النظام على مدى سنوات حكمه في تشويه سمعة اليمنيين أمام الخارج، من خلال تصويرهم على أنهم "إرهابيون" تارةً و"قطاع طرق أو متسولون وعملاء" تارةً أخرى.

وإزاء التصعيد الثوري من جانب المحتجين اليمنيين، كثفت السلطات اليمنية انتشار قوات الأمن والجيش الموالية في عدد من المدن والمحافظات اليمنية، في خطوة اعتبرت مؤشراً على خطورة الأوضاع التي تزداد تعقيداتها في ضوء تلكؤ أطراف الأزمة عن التوقيع على مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي لنقل السلطة سلمياً، في وقت دعا مجلس النواب، السبت، ولأول مرة في تاريخه، إلى تشكيل حكومة جديدة عوضاٌ عن حكومة الدكتور علي محمد مجور المكلفة بتصريف الإعمال منذ إقالتها أواخر مارس/ آذار الماضي على خلفية تصاعد وتيرة الاحتجاجات.

وبحث البرلمان في الاجراءات الحكومية لتوفير السلع الأساسية والخدمات العامة في ضوء شحة الغاز المنزلي ومشتقات النفط في الأسواق والانقطاعات المتكررة للكهرباء.

ومن جهة ثانية، استأنف الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني، أمس الأحد، جهود الوساطة الخليجية لإنهاء الأزمة اليمنية الراهنة في جولة جديدة من المفاوضات أجراها مع طرفي الأزمة بصنعاء، لإقناع الطرفين بالتوقيع على اتفاق المبادرة الخليجية لنقل السلطة سلمياً.

زر الذهاب إلى الأعلى