arpo27

السلفيون في اليمن وموقفهم من الثورة في حوار مع الشيخ محمد المهدي

بعد تجاذب بين أطيافه يحاول التيار السلفي في اليمن أن يظهر بثياب جديدة يعكس إيجابا يتناغم مع التحولات الجديدة التي طرأت على الساحة العربية بما فيها اليمن، فلم يعد القارب القديم الذي أبحروا به كفيلا بمواجهة موجات التغيير الإصلاحية لمسار الأنظمة القائمة حتى ظهر في بواكير الثورة اليمنية بعض الخطاب التجديدي من بعض رموز التيار السلفي كمراجعة لبعض المواقف التي كانت قد اُُتخذت إزاء قضية الصراع مع الحاكم الظالم..

فبدأ بعضهم بالظهور على منابر ساحات التغيير كمؤيدين سواء باسم هيئة علماء اليمن، أو نزول البعض ميدانياَ للدخول في خط الثورة حتى انتهوا بإنشاء كيان سلفي يجمع شتات أعضائه في اليمن أسوة بإشهار الكيان السلفي في مصر... فمن أين جاءت هذه الفكرة؟ وهل تأثر السلفيون بالثورة حتى أنشئوا هذا الكيان؟ وما هو العمل المحوري القائم عليه؟ هل سيكون دعوياَ أم سياسياَ؟ وما الذي يخفيه البعض من جدلية الحركة الحزبية في العمل السياسي كمرحلة ينتهي إليها التيار السلفي في اليمن... ، كل هذه الأسئلة يجيب عليها الشيخ الدكتور/ محمد المهدي رئيس جمعية الحكمة اليمانية الخيرية في إب.. شاكراً له الاستجابة رغم وضعه الصحي بعد عملية جراحية نسأل الله له الشفاء..

فإلى الحوار.
*تم إشهار تكتل يجمع أطياف التيار السلفي في يوم الخميس الماضي في تعز ما الذي اجتمعتم علية ؟

- الأمر كما قرأت في أهداف الائتلاف الذي يجمع أكثر من 80 مؤسسة وجمعية سلفية من أرجاء اليمن، ومن حيث الجملة التوجه السلفي في العالم الإسلامي كلهم متفقون على العقيدة تلقائياً كما سار عليه أهل السنة والجماعة في باب التوحيد والقدر والرؤية... وغيرها فتجد أهل السنة بين طرفي نقيض في كل مسألة. والغرض من هذه الكيان التعاون أكثر في عرض هذا المنهج بشموليته من خلال هذا الكيان المتكامل لغرض تعبيد الناس لله لقوله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)، والسلفيون يمتازون بنشر العلم والتوحيد والعناية بالتربية الإسلامية، وإنما ينقصهم شيء واحد وهو عدم الترابط والتنسيق، فجاء هذا اللقاء مكملاًَ للدعوة وان لم يجمع السلفيين كلهم لكن جمع قطاعاً كبيرا منهم، والآخرون سيلحقون إذا ما رأوا ثمرات هذا اللقاء، عموما هناك أهداف يسعى الائتلاف إلى تحقيقها وهي المدونة في المطوية التي وزعت على الحاضرين.

*في هذه اللحظة هل جاء التكتل متأثرا بالتحولات السياسية في اليمن التي تشهد ظهور كيانات جديدة ؟
- لا.. نختلف عن هذه الكيانات الجديدة الناشئة الآن التي انتزعت من حزب من الأحزاب أو كانوا مهمشين لا دور لهم فاستغلوا هذه الأحداث للظهور أو استعادة قوتهم، أما السلفيون فهم موجودون بمؤسسات متفرقة منذ سنين مثل: جمعية الحكمة وجمعية القرآن ومؤسسة الإمام الشوكاني في إب. ومثل: دار الحديث في مأرب المشهور وغيرها من المؤسسات النسوية مثل مؤسسة سبأ في مدينة إب... لكن الذي يميزها عن الكيانات الجديدة أنها ائتلفت واجتمعت وبدأت تفكر في التعاون فيما بينها من خلال كيان واحد.. أعتقد إن كان يجوز التأثر بالتحولات والتغييرات التي تحصل في اليمن أو في غير اليمن أنه لا حرج في ذلك لأن هذا من الفقه وتقدير المصالح.. وسيبقى لكل مؤسسة حق الجهد الذاتي والعمل الذاتي ولكن هذا اللقاء يجعلها في المواقف العامة تتبنى موقفاً واحداً فصار الائتلاف له رئيس يديره، وله متكلم ناطق رسمي، وهو الشيخ المحدث أبو الحسن المأربي. فلا بأس بالتأثر والاستفادة من كل جديد طالما انه لم يخرج عن مقاصد الإسلام وآدابه، ويقدم خدمة ومصلحة لبلاد المسلمين.. وليس غيرنا أولى منا بهذا.

*هذا التكتل هل سينخرط في السياسية كأي كيان سياسي أم انه قام على قاعدة دعوية الغرض منه لملمه أطياف السلفيين في اليمن ؟

الشيخ المهدي: لا شك أن هنا ك فرقاً بين الائتلاف السلفي وبين تشكيل حزب سياسي فهذا الائتلاف عبارة عن تمثيل موحّد وشامل لمؤسسات دعوية كانت تؤدي دورها على انفراد.. ولا يأخذ صورة الحزب السياسي لأن هذا الائتلاف علمي ودعوي أصالة لكن هذا لا يمنع أن يقدم رأيه وموقفه في أي عمل سياسي وليس بالضروري أن يكون من خلال حزب لأنه أصبح من حق السلفيين أن ينصروا أي تيار يجدونه اقرب إلى الصواب، ومن حقهم أن يعينوا أفرادا مستقلين أو تابعين لمنظمات اشتهروا بالأمانة والأهلية.. فلا تناقض بالنسبة للعمل السياسي الذي يوافق الشريعة ويطابقها مع العمل الدعوي. ونحن نرى أن العمل السياسي لا يشترط فيه تأسيس حزب، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمشاركة في نصرة المظلوم ونصح الحاكم.. كلها أعمال سياسية.. والاعتراض على ظلم الحاكم أو نقد الأحزاب كل هذا من العمل السياسي حسب العرف، وهذا مقدور عليه بدون حزب.

*تكلم الشيخ حسن المعلم في معرض كلامه انه لامانع أن يدخل الشاب السلفيين في المشاركة السياسية هل قصد الدخول في انتخابات؟ أم الإشارة إلى من يسعي لتشكيل حزب سياسي سلفي؟
الشيخ المهدي:- الائتلاف مدروس منذ فترة ولم نعلن عنه إلا بعد لقاءات ودراسات وقد أرجأناه عدة مرات لأسباب كثيرة.. لكن ما يتعلق بالحزب الذي أعلن عنه بعض الأخوة لم أكن مطلعا عليه وكثير من المشايخ أجابوا نفس الاجابه، والائتلاف لا دخل له في الحزب السياسي وأما كلمة الشيخ المعلم والتي أشرت إليها لا مانع أن يمارس الشباب السياسة الشرعية بالطرق الجائزة.. ولك أن تسأل الشيخ المعلم.
*لكن الحزب كما ذكر احد رموز السلفية لو كان لكم حزب لحصلتم على مكاسب كثيرة من خلاله في التعامل مع الحكومة القادمة ؟
الشيخ المهدي: صحيح.. هناك مكاسب... وأيضا هناك مفاسد. وهناك بعض الناس ليس متحزبا ولا يرأس حزباً فيكون له القبول بدون هذا كله، والأحزاب الصغيرة التي لا وزن لها والتي وجودها وعدمها سواء لا تحصل على مكاسب... فنحن في زمن لا يحترم فيه إلا القوي، والقوي هذا قد يكون في حزب أو في غير حزب.. وباختصار أقول: لو كان هناك حزب سياسي يحقق المصالح للبلد فهذا وارد ولا ننكره لكن يرى المانعون أن المفاسد أكثر من المصالح.

* لماذا غابت عن اللقاء جمعية الإحسان ؟

- أولا في الملتقى السلفي الأول حضرة بعض الإخوة في جمعية الإحسان ولم تحضره الجمعية وبعض المؤسسات التابعة لجمعية الإحسان، وهذا اللقاء حضرت المؤسسات أكثر من اللقاء الأول بكثير، والإخوة الذين انضموا إلى هذا اللقاء لم يقولوا أن اللقاء جمع السلفيين كلهم وإنما أشاروا أن الذين اجتمعوا هم جمعية الحكمة، ودار الحديث في مأرب والسلفيين الذين أتوا من جهات أخرى، والإخوة في الإحسان ومركز دماج لم يحضروا.. ، ومع ذالك كما قرأنا اليوم في أدبيات اللقاء أن المجال مفتوح للجميع للانضمام، وحسب علمي كان هناك لجان مشتركة من جمعية الحكمة والإحسان ودار الحديث وكان الوقت قد حدد قبل هذه المدة بنصف شهر ثم قال الإخوة في الإحسان أن هذا الوقت غير مناسب وسيأتي الوقت المناسب إن شاء الله.

*ذكر ت بالمداخلة في الملتقى حول التغيير( الأسوأ والسيئ ) كيف يمكن توصيفها على المشهد اليمني ؟
الشيخ المهدي: تكلمت عن التغيير من حيث أشكاله بانه قد يكون من السيئ إلى الأسوأ، أو من الحسن إلى الأسوأ، أو من السيئ إلى الحسن، وقلت أن التغيير في فطر الناس من العبادة إلى الشرك هذا من أعظم التغيير إلى الفساد (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها) وقد ذكر بعض المفسرين أن هذه الآية عامة سواء في الشرك بالله أو قتل النفس المحرمة.. وليس الفساد منحصراً في الحاكم أو أحزاب المعارضة، أنا تكلمت على نوع التغيير.
حقيقة أن الفساد عند الحاكم وعند المحكوم.. فأنا تكلمت على نوع التغيير فيجب أن ننطلق من القواعد الشرعية في التغيير، إننا لا نغير المنكر بمنكر أكبر منه.. ، ولم أضرب أمثله في الكلمة على الواقع اليمني ولكن فيها رسالة من حيث الجملة أن يكون لدينا مشروع صحيح ناجح.. والتغيير هو سنة من سنن لله فهو ماض لكن نحن المسلمين لابد أن يكون التغيير إلى الأفضل والأحسن. كمنهج الأنبياء والرسل في التغيير لمظاهر الشرك إلى صفاء التوحيد، وإقامة القسط وإزالة الظلم والجور قال تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون).

*طيب إ ذا ما تعرضنا حول نظام الحكم الذي سيأتي عبر الدولة المدنية والحديثة والمعروف أن هناك بعض المآخذ الذي يضعها بعضهم حول الدولة المدنية هل لديك قول في هذا ؟

الشيخ المهدي:- في الدستور اليمني تحقق ما لم يتحقق في دساتير العالم العربي والإسلامي لأنه كان منصوصاَ في المادة الثانية الشريعة مصدر جميع التشريعات، وإذا كان من أهداف الشباب وثورتهم أن تعدل هذه المادة فهذا غلط كبير. والسؤل يوجه للإخوان في الإصلاح لأنهم أول من يخسروا هذه الانجازات التي حققوها هم، وأول من قد يشاركون في هدمها، وليس من تحالف معهم في بقية الأحزاب اليمنية والتوجهات المتعددة، وبالنسبة لمفهوم الدولة المدنية إذا كان يقصد بها فصل الشريعة عن التشريعات السياسية لتكون السيادة للشعب أو البرلمان.. لا يجوز إقراره. لكن يوجه السؤال إلى من يقولون بهذه النظرية.. حتى نعرف ماذا يريدون؟ وأي مواد دستورية يعدلون؟ ثم نبني حكمنا على الجواب. أما نحن فنعتقد أن تغيير شرع الله واستبداله بالآراء البشرية هو من الفساد في الأرض لقوله تعالى: (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون). وإذا كان التبديل سيكون فقد غيروا منكراً بمنكر أكبر منه ولم يطبقوا القواعد الشرعية والمصالح المرسلة.

*في الأخير ما لذي تريد أن تقوله للجميع بشكل مختصر ؟
- أن الحوار مشروع والصلح خير، حتى الطرف المنتصر لو قبل بالمصالحة حفاظاَ على الدماء والأعراض وإزالة الأحقاد لكان خيرا له وأقرب وتثبيتاً لحكمه، وعلى الجميع أن يتقوا الله وان يحكموا شرعه وان يتعاونوا على البر والتقوى ولا يتعانوا على الإثم والعدوان ولا يستعينوا بأعداء الإسلام لأن الله قال : (إنما المؤمنون أخوة)
ثانياَ: أحذرهم من الإثارة والتغرير بالناس واستخدام العنف سواء من المتظاهرين أو من الجنود أو من الأحزاب. فأي وسيلة للإثارة تؤدي إلى سفك الدماء فالمسئول عنها من يثير ذلك أو من يستخدم القوة في غير ما ضرورة... ،وأوصي عامة الناس أن يتقوا الله وأن يحافظوا على فرائضه وأن لا يكونوا أتباعاً لكل ناعق. وأن يقودهم أي طرف لغرضه دون أن يدركوا مصلحة راجحة أو أن يدرؤوا مفسدة كبرى، وأوصي الأحزاب التي اجتمعت اليوم على العداء للرئيس فقط أن لا تبالغ وأن تجعل مصلحة الشعب فوق مصلحتها، وإلا فكما انها اجتمعت اليوم ضد الرئيس وكانت مفترقة فستفترق عليه، فمن كان يظن أن الإصلاح يتحالف مع الاشتراكي وبقية الأحزاب ومن كان يظن أن المؤتمر يختلف مع الإصلاح وقد كانوا متحالفين. فلا تأمن هذه الأحزاب أن يأتي يوم يحارب بعضها بعضا إن لم تتق الله تع إلى في مواقفها ودينها ومصالح المجتمع.

زر الذهاب إلى الأعلى