اعلن رئيس البرلمان السوداني الجنوبي السبت رسميا استقلال جنوب السودان، لترى بذلك النور احدث دولة في العالم اثر تقسيم اكبر بلد في افريقيا من حيث المساحة.
وقال جيمس واني ايغا "نحن ممثلي الشعب المنتخبين ديموقراطيا وبناء على ارادة شعب جنوب السودان واستنادا إلى نتيجة استفتاء تقرير المصير، نعلن جنوب السودان امة مستقلة ذات سيادة".
وقرأ اعلان الاستقلال امام العشرات من رؤساء الدول والشخصيات الدولية البارزة ووسط ابتهاج الاف الجنوبيين الذين حضروا المراسم.
ومن ثم رفع العلم الوطني لجنوب السودان وسط تصفيق حاد ودموع واناشيد.
وهتفت الحشود "لن نستسلم ابدا! ابدا!"، وسط انطلاق صفارات ودموع الكثيرين.
وقال احد الرجال وقد بدت الدموع في عينيه "انا ابكي لان هذا العلم بات بين اعلام العالم".
واضاف "لقد حرمنا من حقوقنا، واليوم لن يحدث ذلك بعد الان".
وجاء اعلان الاستقلال مؤكدا على الطبيعة الديموقراطية والتعددية العرقية والدينية للدولة الجديدة، فضلا عن التزامها بعلاقات ودية مع كافة البلدان، "بما فيها جمهورية السودان"، بحسب اعلان رئيس البرلمان.
وقال ايغا ان جنوب السودان سيسعى "كأولوية استراتيجية" للانضمام إلى الامم المتحدة، والاتحاد الافريقي، ومجموعة (ايغاد) لبلدان شرق افريقيا وغيرها من المنظمات والمحافل الدولية.
وبعد ذلك وقع الزعيم الجنوبي سالفا كير الدستور الانتقالي وادى يمين تولي الرئاسة كأول رئيس للدولة الجديدة، متعهدا ب"دعم التنمية ورفاهية شعب جنوب السودان".
وشارك عشرات القادة والمسؤولين الاجانب بينهم 30 رئيسا افريقيا والامين العام للامم المتحدة بان كي مون في احتفال اعلان الاستقلال.
واعلن الرئيس الكيني مواي كيباكي، اول المتحدثين في الحفل، اعتراف بلاده "الكامل" بجنوب السودان.
وقال كيباكي متحدثا عن (ايغاد) ان اعلان استقلال جنوب السودان " خطوة.. هامة في طريق السلام الدائم والاستقرار لكافة السودانيين".
كما اعترفت مصر ايضا رسميا بتأسيس جمهورية جنوب السودان مع توجه وزير الخارجية المصري محمد العرابي إلى جوبا لحضور مراسم الاستقلال بحسب وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية المصرية.
وفي واشنطن اعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما اعتراف الولايات المتحدة رسميا بجمهورية جنوب السودان الجديدة.
وقال الرئيس الاميركي في بيان "اعلن بفخر ان الولايات المتحدة تعترف رسميا بجمهورية جنوب السودان دولة تتمتع بالسيادة ومستقلة ابتداء من هذا اليوم، 9 تموز/يوليو 2011".
اما الخرطوم فقد اعترفت منذ الجمعة بجمهورية جنوب السودان بالرغم من بقاء بعض المسائل الاساسية التي تتطلب حلا بين الدولتين مثل وضع الولايات الحدودية المتنازع عليها.
وكان الرئيس السوداني عمر البشير الذي اصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحقه خصوصا بتهمة الابادة، اكد الخميس انه ذاهب إلى جوبا لتهنئة الجنوبيين بدولتهم وتجديد الاستعداد لمساعدتها معربا عن امله في ان يكون البلد الجديد "مستقرا وامنا". وقال مسؤولون جنوبيون انه سيحل ضيف الشرف.
وجاء في قرار الاعتراف السوداني الجمعة ان الخرطوم تعترف بجمهورية جنوب السودان "دولة ذات سيادة وفقا للحدود القائمة في الاول من كانون الثاني/يناير 1956" تاريخ الاستقلال، كما اعلنت التزامها "بتنفيذ اتفاق السلام الشامل (2005) وحل جميع القضايا العالقة مع الجنوب".
كذلك اعترف الرئيس الالماني كريستيان فولف رسميا الجمعة بجنوب السودان في رسالة إلى كير اكد فيها "ان المانيا تود الترحيب بجنوب السودان كدولة جديدة عضو في مجموعة الدول الحرة والمستقلة في العالم".
وعمت عاصمة الدولة الجديدة جوبا مظاهر الفرح والابتهاج منذ مساء الجمعة حيث سار جنود ومدنيون بينهم مجموعات من النساء في وسط المدينة تحت وهج شمس حارقة وقد ارتدى بعضهم ملابس تقليدية فيما عبر البعض الاخر عن فرحته بالرقص على وقع الطبول.
واضاءت العاب نارية سماء المكان فيما جاب السائقون شوارع جوبا رافعين اعلام جنوب السودان ومطلقين العنان لابواق سياراتهم، على ما افاد صحافي من وكالة فرانس برس.
ويأتي اعلان الاستقلال بعد اكثر من خمسين عاما من الحرب - تخللتها فترة هدوء لبضعة اعوام - بين المتمردين الجنوبيين وحكومات الخرطوم المتعاقبة والتي جعلت الجنوب في حالة دمار وقتلت وشردت الملايين وادت إلى فقدان الثقة بين الجانبين.
وقد مهد اتفاق السلام الموقع في 2005 تحت ضغط الولايات المتحدة وبريطانيا خصوصا، الطريق لاجراء الاستفتاء على استقلال جنوب السودان الذي نظم في كانون الثاني/يناير الماضي. وقد اختار 99% من الجنوبيين الانفصال عن الشمال في ذلك التصويت الذي جرى بدون تسجيل حوادث كبيرة.
وتبنى مجلس الامن الدولي الجمعة بالاجماع قرارا يقضي بارسال قوة حفظ سلام إلى جنوب السودان تضم سبعة الاف جندي و900 مدني وخبير للاسهام في اعمار البلاد وارساء الامن. وستحل القوات الجديدة مكان قوات الامم المتحدة في كامل السودان، لكن معظم هذه القوات تتواجد في الجنوب.
واعرب مجلس الامن الدولي ايضا عن "قلقه الشديد ازاء الوضع الراهن في منطقة ابيي وازاء كل اعمال العنف التي ترتكب بحق المدنيين في انتهاك للقانون الانساني الدولي والقانون المتعلق بحقوق الانسان، بما في ذلك عمليات القتل وتهجير عدد كبير من المدنيين".
ويعتبر الوضع النهائي لابيي احد المواضيع الخلافية التي تتطلب حلا بين الجانبين.