كشفت مصادر قبلية بارزة في محافظة الجوف بشرق اليمن لـ«الشرق الأوسط» عن وجود مواجهات عنيفة تدور بين عناصر مسلحة تابعة لأحزاب المعارضة من جهة، والمسلحين الحوثيين من جهة،
وأن عشرات القتلى والجرحى سقطوا في هذه «الحرب»، في وقت جدد المتظاهرون والثوار في اليمن، أمس، مطالبهم بإسقاط نظام الرئيس علي عبد الله صالح كاملا، في حين سقط قتلى وجرحى في تجدد المواجهات بين القوات الأمنية والمتظاهرين وفي حوادث أمنية متفرقة في البلاد.
وتتواصل المواجهات المسلحة في محافظة الجوف بين مسلحين قبليين يعتقد أنهم قريبون من أحد أحزاب المعارضة الرئيسية في البلاد من جهة، والمسلحين الحوثيين من جهة أخرى، وقالت مصادر محلية في الجوف لـ«الشرق الأوسط» إن عددا من الأشخاص سقطوا قتلى في المواجهات المسلحة المتقطعة التي تدور، في ظل وقوع المحافظة خارج سيطرة الحكومة المركزية في صنعاء منذ بضعة أشهر.
وكشف الشيخ الحسن أبكر، أحد الوجاهات القبلية المعارضة والبارزة في الجوف لـ«الشرق الأوسط» أن المواجهات التي تدور حاليا، هي بين المسلحين التابعين لأحزاب «اللقاء المشترك» المعارضة وجماعة الحوثي، وقال إن الثوار في الجوف تمكنوا من الاستيلاء على المحافظة والمؤسسات العسكرية والمدنية، إلا أن الحوثيين يحاولون الاستيلاء عليها، وأشار في تصريحاته الخاصة إلى أن نظام الحكم، وتحديدا جهاز الأمن القومي (المخابرات)، هو من يشجع الحوثيين على خوض المواجهات المسلحة ضد عناصر المعارضة وأنه أوحى للحوثيين بالاستيلاء على الجوف «من اجل إظهار أن الثوار يتقاتلون في ما بينهم».
وقال أبكر لـ«الشرق الأوسط» إن حصيلة المواجهات التي دارت، أمس، من جانب الثوار بلغت 8 قتلى وعددا من الجرحى وإن 75 مسلحا معارضا من الثوار و«المشترك»، قتلوا في المواجهات خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وذكر أن هناك عددا غير قليل من القتلى في صفوف الحوثيين «لكنهم يخفون عدد قتلاهم».
وأشار المصدر القبلي البارز إلى أن قيادة الثورة وأحزاب المعارضة في صنعاء، تواصل محاولة عدم إظهار حقيقة ما يجري في الجوف من اقتتال بين الثوار، لكنه أكد أن الوقت حان ليعرف العالم ما يجري في هذه المحافظة، وأضاف: «لقد أجبرونا على الحرب»، وقال إن الحرب تجري بمختلف أنواع الأسلحة وأن هناك عددا كبيرا من القتلى وأن هناك منازل كثيرة دمرت خلال المواجهات. وذكر الشيخ الحسن أبكر، وهو قيادي في مؤتمر قبائل بكيل اليمنية، أن الحرب الدائرة بين القبائل الموالية لـ«المشترك» والحوثيين هي سجال «لكننا والحمد لله نصدهم ونردعهم»، كما كشف أن وساطة قادتها بعض القيادات في أحزاب اللقاء المشترك بين الطرفين وفي مقدمتها الشيخ يحيى منصور أبو إصبع، الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني المعارض، فشلت في وقت المواجهات المسلحة.
على صعيد آخر، خرج عشرات الآلاف من اليمنيين في مظاهرات في مدينة تعز، تطالب برحيل أسرة الرئيس علي عبد الله صالح عن الحكم وكذا بقية أركان الحكم، وتطالب، أيضا، بتشكيل مجلس انتقالي، كما خرجت مسيرات ومظاهرات مماثلة في العديد من المحافظات اليمنية.
وندد المتظاهرون بالقصف العشوائي الذي تعرضت له مدينة تعز اليومين الماضيين، وأعلنوا، مجددا، رفض ما يوصف بالتدخل الخارجي في الشؤون اليمنية وفي شؤون الثورة اليمنية، وقد سقط عدد من الجرحى في إطلاق النار الذي استهدف المتظاهرين الذين عبروا، أيضا، عن احتجاجهم لمقتل متظاهرين اثنين في قصف المدينة.
كما خرجت في العاصمة صنعاء مظاهرة حاشدة في شارع الستين، حيث يتجمع، كل أسبوع، مئات الآلاف منذ اندلاع الاحتجاجات، وشهدت مدينة الحديدة بغرب البلاد، مظاهرات مماثلة لعشرات الآلاف من المحتجين المطالبين بحسم ثوري وبذات المطالب التي ترفع في معظم المحافظات اليمنية وضمنها «رفض الوصاية» على الثورة.
وقد أدانت أحزاب «اللقاء المشترك» المعارضة القصف الذي تعرضت له تعز. وقالت في بيان لها، إن «ما تقوم به هذه القوات التابعة لبقايا النظام العائلي، هو محاولة يائسة لترويع وإرهاب أبناء تعز الذين كانوا سباقين في الثورة الشعبية السلمية، وفشلت كل محاولات النظام السابقة، وآخرها إحراق ساحة الحرية بتعز، عن إثناء أبناء هذه المحافظة الصامدة والثائرة عن مواصلة نضالهم السلمي حتى تحقيق إرادتهم وإرادة كل أبناء الشعب اليمني بإسقاط هذا النظام الاستبدادي والفاسد».
ورأت المعارضة اليمنية أن «تصعيد القصف العشوائي منذ مساء الاثنين الماضي، بصورة جنونية والإصرار على إفشال كل جهود التهدئة في تعز التي بذلتها بعض الشخصيات ورجال الأعمال في المحافظة، تكشف بوضوح طبيعة العقلية الإجرامية والانتقامية التي تدير قوات الحرس الجمهوري وتستخدمها لمصالحها الأسرية ولترويع الآمنين من السكان غير ما تخلفه من قتل وتدمير للمنازل والممتلكات العامة والخاصة»، حسب تعبيرها.
وطالبت أحزاب «المشترك» ب«وقف أعمال القصف الإجرامية التي تعيشها مساءات مدينة تعز منذ قرابة الشهر وخلفت عشرات القتلى والجرحى ودمرت المنازل والفنادق والمساجد»، وأكدت أن «تلك الجرائم المرتكبة من قبل بقايا النظام العائلي لن توقف كرة الثورة التي تدحرجت في اليمن كلها، لكنها ستعجل بلحظة السقوط المدوي وستضع من يقفون وراءها ومنفذيها عرضة للملاحقة القانونية محليا ودوليا».
في موضوع آخر، تواصل قبائل محافظة أبين الجنوبية تصديها للعناصر المسلحة التي يعتقد انتمائها لتنظيم القاعدة، وقالت مصادر محلية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن المسلحين القبليين شكلوا طوقا مشتركا مع قوات اللواء العسكري «25 ميكا» الذي يخوض المواجهات المسلحة في أبين ضد العناصر المسلحة. وقالت المصادر إن لواء الجيش الذي يعاني حصارا من قبل المسلحين من قرابة الشهرين، يستعد لاقتحام مدينة زنجبار، عاصمة المحافظة والانتشار فيها بعد مساندة رجال القبائل، حيث يسيطر المسلحون من أكثر من شهرين على المدينة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية والمدنية، وقد تحدثت مصادر محلية عن تمكن بعض المسلحين القبليين من استعادة السيطرة على بعض مدن المحافظة، في الوقت الذي يتواصل القصف الجوي على معاقل المسلحين، في ظل أنباء عن سقوط عدد منهم قتلى وجرحى.