رحّب نشطاء مصريون بفوز الناشطة اليمنية توكل كرمان بجائزة نوبل للسلام، وقالوا إنها جائزة للعرب أجمعين، لاسيما دول الربيع العربي، متوقعين أن تمثل الجائزة دفعة قوية للثورة اليمنية، وأن تعجّل بسقوط نظام الرئيس علي عبدالله صالح، الذي بات يمارس القمع والقتل بكافة صوره ضد المحتجين السلميين، ويسعى إلى تفجير حرب أهلية في أنحاء اليمن.
رغم أن مسؤولين في الجائزة أعلنوا أن الناشطين المصريين وائل غنيم وإسراء عبد الفتاح وحركة 6 أبريل مرشحون بقوة للجائزة، إلا أنها ذهبت في النهاية إلى توكل كرمان، تتويجاً لنضالها الذي بدأ قبل المصريين الذين كانوا ضمن المرشحين للجائزة من أجل الدفاع عن حقوق المرأة، ومناهضة الإستبداد والقمع، والإنتصار لحرية الصحافة والتعبير عن الرأي.
فقد بدأت كرمان نضالها في اليمن في العام 2006، في حين أن إسراء عبد الفتاح وحركة 6 أبريل، بدأتا نشاطهما على الفايسبوك مع نهاية النصف الأول من العام 2008، بالتزامن مع الدعوة إلى إضراب 6 أبريل الذي شارك فيه عمال مدينة المحلة الكبرى في دلتا مصر، بينما بدأ وائل غنيم نشاطه قبل عام واحد، في النصف الثاني من العام 2010، في أعقاب مقتل الشاب خالد سعيد على أيدي الشرطة المصرية، بعد تعرضه للتعذيب. وظل غنيم شخصية مجهولة، ولم يكن يقيم في مصر، بل في دبي في الإمارات العربية المتحدة، وعاد إلى القاهرة بعد اندلاع ثورة 25 يناير، ليشارك فيها ثم جرى اعتقاله. وبعدها تم الكشف عن أنه مؤسس صفحة "كلنا خالد سعيد" التي انطلقت منها الدعوة للثورة.
وسارع وائل غنيم بتقديم التهنئة لكرمان على الجائزة، حيث كتب على صفحته على تويتر، "مبروك لتوكل كرمان فوزها المستحق بنوبل، وأنا كعربي فخور بفوزها"، معرباً عن تمنياته بأن تتحول الدول العربية إلى الديمقراطية. وأضاف ":"جائزتنا الكبرى جميعا أن تكون دولنا أكثر ديمقراطية واحتراما لحقوق الإنسان". واتخدت إسراء عبد الفتاح الخطوة نفسها، وقالت عبر صفحتها على تويتر أيضاً: "مبروك لتوكل والمرأة العربية فوزها بنوبل للسلام"، وتابعت قائلة: "اشعر بكل الفخر لفوز الشباب العربي، والمصري لمجرد ترشحهم وربنا يقدرنا لنحقق لمصر ما هو أكثر من أي جائزة".
فيما اكتفت حركة 6 أبريل بنشر خبر فوز توكل كرمان عبر صفحتها على الفايسبوك، وورد فيه "في إطار انبهار الغرب بربيع الثورات العربية فازت الناشطة اليمنية توكل كرمان بجائزة نوبل للسلام تقديرا لجهودها لنصرة المرأة والحرية والسلام"، لكن الناشطة إنجي حمدي عضو المكتب السياسي للحركة، اعتبرت أن الجائزة ذهبت للشباب العرب جميعاً، ولكل المناضلين من أجل الحرية في مصر وتونس واليمن وسوريا وليبيا.
وقالت إنها تكريم للمرأة العربية والثورات العربية أيضاً وللجميع أن يفخر بذلك، مشيرة إلى أنه لو فاز بالجائزة مصري، لكان العرب فرحين بذلك، ولفتت إلى أن الجائزة تمثل تتويجاً لنضال الشباب العربي ضد الإستبداد، وتمثل في الوقت ذاته دفعة قوية لهم لاستمرار النضال حتى تصبح بلادنا واحة للديمقراطية، ويحصل الجميع فيها على حقوقه وحرياته.
ناشطة أخرى من مصر ترى أن الجائزة للعرب كلهم، وقالت الناشطة بيسان جهاد عضو ائتلاف ثورة اللوتس : "مبروك لتوكل كرمان"، وأضافت "أنا أعرفها شخصياً، إنها ناشطة منذ نحو عشرة أعوام في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، ليس في اليمن فحسب، بل في العالم العربي كله، إن لها باعا طويلا في النضال السلمي من أجل الحرية، وتستحق الجائزة عن جدارة".
ولفتت جهاد إلى أن توكل كرمان بدأت نشاطها في الدفاع عن حقوق الإنسان مبكراً مقارنة بوائل غنيم أو إسراء عبد الفتاح أو حركة 6 أبريل، وأنها تعمل على الدفاع عن حقوق المرأة ومكافحة التعذيب وحرية الصحافة منذ ما يزيد على العشر سنوات، ونشرت وأعدت الكثير من التقارير الحقوقية، مؤكدة أن اختيار لجنة جائزة نوبل لتوكل إختيار موفق، ولفتت جهاد إلى أن منح الجائزة لتوكل سوف يزيد من حماس الشباب اليمني من أجل مواصلة النضال السلمي حتى تنتصر ثورتهم، ويتم إسقاط نظام حكم الرئيس صالح.
ووفقاً للناشط بلال دياب عضو ائتلاف التغيير السلمي فإن منح جائزة السلام لتوكل كرمان جاء في محله، لاسيما أن الثورة اليمنية ما زالت مشتعلة، وسوف يكون لها أثر إيجابي على الثوار هناك. وقال إن الجائزة سوف تحمل المجتمع الدولي على التدخل بقوة وممارسة ضغوطه على النظام الحاكم هناك، من أجل تسليم السلطة من دون إراقة المزيد من الدماء، مشيراً إلى أنه اطلع على السيرة الذاتية لكرمان ووجدها ثرية بالنشاطات في مجال السياسة والحقوق والحريات منذ سنوات، وليس مع اندلاع الثورة في اليمن منذ تسعة أشهر فقط. ويرى دياب أن الجائزة لم تذهب بعيداً عن العرب وهذا هو الأهم، مؤكداً أن الجائزة ليست يمنية، بل عربية ثورية، إنها جائزة لكل الثائرين في سوريا واليمن والبحرين ولبيبا ومصر، بل جائزة للثائرين في كل أنحاء العالم.
ووفقاً للدكتور مصطفى اللباد رئيس مركز الشرق للدراسات الإقليمية والسياسية فإنه لا فرق بين أن يحصل على الجائزة مصري أو يمني أو تونسي، فقد ذهبت للعرب، مشيراً إلى أن العرب يستحقونها عن جدارة الآن، فقد قاموا بعمل تاريخي، لم يسبق له مثيل، وقدموا نموذجاً رئعاً في الثورات. وأعرب اللباد عن أمله في أن يواصل اليمنيون نضالهم من أجل أن تحقق الثورة أهدافها كاملة.
وأعرب المصريون من غير الناشطين السياسيين عن سعادتهم بفوز توكل كرمان بجائزة نوبل للسلام، وقال أحدهم على الفايسبوك " مبروك لكل نساء اليمن الصامدات من أجل حرية الرجال والأطفال والنساء، في شخص توكل كرمان هناك تكريم لهن ولثورة اليمن الطاهرة". في حين سخر آخر من نظرة العرب للمرأة على أنها خلقت من أجل الإنجاب فقط، وقال " فوز ثلاث نساء بجائزة نوبل هذا العام يرجح أن المرأة قد تكون إنسانا مثل الرجل وليست وعاء لإنضاج الجنين كما هو شائع". وكتب شخص ثالث يدعى محمد سلام "مبروك لكل النساء العربيات، النصر جاء إليهن من نوبل"، وكتب أسعد هنداوي "وما توكل كرمان إلا نموذج، في مصر وتونس وليبيا وسوريا والسعودية واليمن والمغرب ملايين توكل يستحققن نوبل للسلام".
من جانبها، ردت كرمان الإحسان بإحسان، وقالت إنها تهدي الجائزة لإسراء عبد الفتاح ووائل غنيم وميدان التحرير، وأضافت في حديث لها على قناة 25 يناير المصرية أمس، إنها تتمنى "تقبيل تراب مصر، وتقبيل ميدان التحرير والمرور عليه"، وأضافت " أحرار مصر يستحقون الجائزة، لقد استمدينا منهم كل أنواع النضال فيجب أن تكون التحية للشعبين المصري والتونسي والتحية لليبيا وسوريا". معتبرة أن الجائزة "تكريم للشعب اليمني والعربي والشعوب المسلمة".