كشف مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، جمال بن عمر، عن اتفاق الأطراف اليمنية المتصارعة على “تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة بمرشح توافقي”، بعد أن يقوم الرئيس علي عبدالله صالح بتفويض نائبه الفريق عبدربه منصور هادي بإدارة المرحلة الانتقالية الأولى،
التي تتضمن تشكيل حكومة “إجماع وطني” وانتخابات مبكرة، في سبيل إنهاء الأزمة المتفاقمة في هذا البلد على خلفية الاحتجاجات الشعبية المطالبة منذ يناير بإسقاط النظام الحاكم منذ العام 1978. وفيما دعت الرئاسة اليمنية، المجتمع الدولي، خصوصا دول الاتحاد الأوروبي، إلى “النظر بحيادية مطلقة” تجاه أعمال العنف التي ترافق الاحتجاجات الشعبية، أكدت الخارجية اليمنية أهمية دور مجلس التعاون الخليجي، في التوصل لحل سياسي، لإنهاء الأزمة التي تكاد تعصف باليمن، وتحوله إلى “صومال أخرى”، حسب تحذيرات أطلقتها مسؤولة حقوقية أممية.
وقال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى اليمن، في حديث لإذاعة الأمم المتحدة، إن “هناك أفكارا كثيرة متفقا عليها، وقواسم مشتركة يمكن أن تكون أساسا للحل”، مضيفا: “على القادة السياسيين أن يتحملوا المسؤولية بشجاعة للدخول في المرحلة الانتقالية”. وقال ابن عمر في حديثه الإذاعي: “لا يجوز القول إن العملية السياسية في اليمن في مأزق تام، وأنه ليس هناك أي أمل.. بالعكس هناك اتصالات تدور بين جهات وأطراف سياسية” لإنهاء الأزمة اليمنية. وأضاف: “تم الاتفاق على أن العملية الانتقالية لن تكون إلا في إطار تفويض السلطة للنائب، وتنظيم إجراء انتخابات رئاسية مبكرة بمرشح توافقي”، مشيرا إلى أن هناك “إجماعا” يمنيا “على ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية والدخول في مرحلة انتقالية لمدة عامين يتم خلالها مراجعة الدستور اليمني”.
ولفت ابن عمر إلى أن المرحلة الانتقالية ستتضمن “حوارا سياسيا واسعا بين مختلف القوى اليمنية”، من بينها قوى “الحراك الجنوبي” الانفصالية في الجنوب، وجماعة الحوثي المتمردة في الشمال، وحركة الشباب الاحتجاجية، موضحا أن هذا الحوار سيبحث القضية الجنوبية والنظام السياسي للدولة وقضايا أخرى.
وفيما يتعلق بالعقبات التي حالت دون التوصل لاتفاق نهائي بين الأطراف اليمنية المتصارعة، قال مستشار الأمين العام للأمم المتحدة، إن هناك “عقبات كثيرة تحول دون التوصل للاتفاق”، منها “صلاحيات الرئيس (صالح) والنائب (هادي) خلال المرحلة الانتقالية الأولى، التي تسبق تشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة”.وأشار إلى أن “عدم جلوس” الأطراف اليمنية المعنية في الأزمة الراهنة على طاولة الحوار، حال أيضا دون التوصل للاتفاق، إضافة إلى “تفاقم أعمال العنف وسقوط ضحايا بعشرات القتلى ومئات الجرحى” خلال زيارته الأخيرة لليمن، والذي قال إن ذلك تسبب “بعرقلة المفاوضات” بين الأطراف اليمنية، التي “كانت تتجه نحو الاتفاق النهائي”. وأكد أن الأمم المتحدة ستواصل جهودها مع دول مجلس التعاون الخليجي، “وجهات أخرى” من أجل إنجاح العملية السياسية في اليمن، لكنه شدد على أن إنهاء الأزمة اليمنية “هو قرار اليمنيين” بنهاية المطاف. وحذر جمال بن عمر، من “خطورة ظاهرة انهيار الدولة والعنف والإرهاب في إطار الجمود السياسي في اليمن، معتبرا أن استمرار هذا الوضع “بات خطيرا”.
وقال: “آن الوقت لليمنيين ليتفقوا على خارطة طريق للدخول في مرحلة انتقالية”، محذرا من أن تداعيات الأزمة اليمنية ستكون إنسانية واقتصادية في ظل استمرار “الاضطرابات وأعمال العنف”. وأضاف: “الشعب اليمني هو الذي يدفع الثمن ويقاسي ويعاني معاناة حقيقية، والحل لن يأتي من الخارج، بل سيأتي من خلال عملية سياسية يشارك فيها جميع اليمنيين”، محذرا من أن انفجار الوضع عسكريا في اليمن سيهدد الأمن والسلم إقليميا ودوليا.
من جهة أخرى ، حذرت السكرتير العام بالإنابة لشؤون حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فاليري اموس، من تحول اليمن إلى “صومال أخرى” جراء الاضطرابات وأعمال العنف المتصاعدة في هذا البلد. وقالت اموس في بيان، الثلاثاء، إن “المجتمع الدولي فشل إلى الآن من إعطاء الاهتمام المطلوب للازمة الإنسانية في اليمن التي تعد من أفقر دول الإقليم”، محذرة من أن استمرار الوضع على ما هو عليه سيتحول إلى كارثة.وأضافت، عقب الاطلاع على تقرير مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر،: “لقد رأينا نتائج عدم الاكتراث للتحذيرات وقلة الجهود المبذولة للتغلب على الأزمة في الصومال ولا نريد أن نكرر الخطأ نفسه مع اليمن”، موضحة أن ثلث الشعب اليمني “يعاني من مجاعة”، وأن “هناك طفلا واحدا من بين ثلاثة أطفال يعانون من سوء التغذية”، إلى جانب أن عشرات الآلاف من الأطفال توقفوا عن تحصيلهم العلمي جراء إغلاق المدارس. وأكدت أن انعدام الأمن في البلاد اجبر وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى على تقليص موظفيها أو مغادرة البلاد، الأمر الذي يزيد الوضع سوءا، مشيرة إلى أن الحصول على معلومات دقيقة حول ما يحدث أصبح صعبا للغاية.
وفي سياق الجهود الإقليمية لإنهاء الأزمة اليمنية، بحث وزير الخارجية اليمني، أبوبكر القربي، أمس الأربعاء، مع سفراء دول مجلس التعاون الخليجي لدى صنعاء “آخر مستجدات الأوضاع الراهنة”.
وأكد القربي أمام السفراء الخليجيين “تمسك الحكومة اليمنية بالمبادرة الخليجية”، و”الاستعداد” للتوقيع عليها وفقا التفويض الذي منحه الرئيس صالح إلى نائبه هادي. وأكد وزير الخارجية اليمني “أهمية الدور الخليجي للوصول إلى حل سياسي للأزمة وفقا لبنود المبادرة الخليجية وبناءً على الاتفاق الذي توصلت إليه الأطراف اليمنية”، حسب وكالة الأنباء اليمنية.