كما جرت العادة، استغل الإرهابي الدولي ايليتش راميريز سانشيز الملقب ب «كارلوس» وجوده خارج زنزانته، ومثوله أمام محكمة الجنايات الخاصة في باريس أمس بتهمة التورط بتفجيرات نفِذت قبل 30 عاما في فرنسا،
وأسفرت عن سقوط 11 قتيلاً ونحو 150 جريحاً، لاستفزاز هيئة المحكمة والإمعان في التعامل العبثي معها. ورد على السؤال التقليدي عن كنيته ووضعه الشخصي بالقول: «اسمي ايليتش مثل الرجل الذي نفذ الثورة الروسية»، مضيفاً: «أنا ثوري محترف ومواطن شرف فلسطيني، حصلت على جنسيتي من الرئيس الراحل ياسر عرفات شخصياً».
تزامن ذلك مع تبني «الإرهابي» الفنزويلي الأصل، للمرة الأولى، في لقاء مع صحيفة «ايل ناثيونال» الفنزويلية، اكثر من مئة هجوم مسلح نفذت بطريقة «جيدة جداً»، موضحاً أنها أسفرت عن سقوط عدد يتراوح بين 1500 والفي قتيل. وكان اعترف سابقاً بضلوعه بعملية احتجاز 70 شخصاً في مقر منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في فيينا خلال كانون الأول (ديسمبر) 1975، والتي قتل فيها ثلاثة أشخاص.
وبدا كارلوس (62 عاما) المسجون في فرنسا منذ اعتقاله في الخرطوم العام 1994، مرتاحاً إلى وجوده داخل قاعة المحكمة، حيث وزع الابتسامات على بعض معارفه داخل القاعة، رافعاً قبضته إلى الأعلى كتحية ثورية. وأثار حديثه عن «الدولة العنصرية» إسرائيل و»الصهاينة المستغلين» تصفيقاَ حاداً داخل القاعة.
ويعرف كارلوس الفنزويلي الأصل انه لن يخسر شيئاً من المحاكمة التي تستمر حتى 16 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، باعتباره ينفذ أصلاً عقوبة السجن المؤبد لإدانته بقتل شرطيين فرنسيين ومخبرهما اللبناني العام 1975. لذا سيستخدم ظهوره العلني النادر للحديث عن أفكاره ومواقفه السياسية، بصرف النظر عن جدية التهم الموجهة اليه بتنفيذ أربعة اعتداءات في باريس ومرسيليا عامي 1982 و1983 لإطلاق رفيقته ماغدالينا كوب وعضو مجموعته برونو بريغيه، بعد توقيفهما في فرنسا لحيازتهما أسلحة ومتفجرات.
وحاول محامو كارلوس، وبينهم الفرنسية ايزابيل كوتان بير التي تزوجت منه خلال وجوده في السجن، عرقلة سير المحاكمة بذريعة أنها سياسية و»غير عادلة» ومحاولتهم الانسحاب من الجلسة، لكن رئيس المحكمة القاضي اوليفييه لوران أعاد تكليفهم الدفاع عن كارلوس. اما محامي الادعاء بول البير ايوينز فدان الخطب الثورية «القديمة» لكارلوس، قائلاً: «عاد إلى التجمعات المعادية للإمبريالية في السبعينات، فيما يجب ان يدرك انه هنا ليحاكم وليس لصنع ثورة».
وامتلأت مقاعد الجمهور بالصحافيين الفرنسيين والأجانب، وشخصيات عامة بينها الممثل الكوميدي مبلا مبلا ديودونيه الذي يرأس «لجنة دعم القائد كارلوس» والذي اعلن أنه يدعم الثورة التي يرمز اليها كارلوس، على رغم تنديده بدوره في «أعمال العنف»، علماً انه واجه سابقاً متاعب قضائية بسبب مواقفه المعادية للسامية.
وفي حديث إلى صحيفة «ايل ناثيونال» الفنزويلية، أعلن كارلوس انه «نسق اكثر من مئة هجوم نفذت في شكل جيد جداً»، خلال عشر سنين بين نهاية 1973 ومطلع 1984. وأضاف: «من اصل 1500 أو ألفي قتيل، لم يسقط اكثر من مئتي مدني، وهو عدد قليل جداً مرده نجاح حساباتنا لتجنب بلوغ نسبة الضحايا عشرة في المئة».
واعتبر ان «أخطاء صغيرة ارتكبت في هذه الهجمات»، مشبّهاً نفسه بالزعيم الكوبي فيدل كاسترو الذي قال انه «قتل اكثر من هذا العدد من الناس».
واعتبر كارلوس ان «الإرهاب سيستمر طالما يهيمن الإمبرياليون على العالم. وأنا عدو الإرهابيين الممثلين بالولايات المتحدة وإسرائيل».