كشف شهود عيان من مشايخ وبرلمانيين وشخصيات اجتماعية من محافظتي صعدة وعمران عن وجود «سجون سرية» يديرها الحوثيون يحتجزون فيها مخالفيهم في الرأي والمذهب دون أي محاكمات أو توجيه اتهام. وأفاد شهود العيان لـ«الشرق الأوسط» بأن هناك معتقلين في سجون سرية لا يعرف عن حالتهم الصحية شيء نظرا لأن هذه السجون لا يسمح لأحد بزيارتها أو الوصول إليها
وقال البرلماني اليمني الشيخ صغير بن عزيز الذي يقود حملة برلمانية وشعبية لرفع الحصار عن منطقة دماج وزيارة ما سماه السجون السرية في صعدة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «منذ ثماني سنوات والحوثي في صعدة وسفيان وبعض مديريات الجوف وحجة يعتقل الناس على الهوية المذهبية والطائفية ويمارس عمليات التطهير الجسدي لكل المخالفين له، وهناك في منطقة سفيان وحدها أكثر من 17 مخطوفا من قبل جماعة الحوثي، لا نعلم عنهم شيئا، وهم رهائن لدى الحوثيين في سجون لا يسمح لأحد بزيارتها والاطلاع على أوضاع نزلائها». وأضاف البرلماني اليمني أن «هذه السجون موجودة في مناطق نائية في الجبال وفي كهوف بعيدة عن التجمعات السكانية في سفيان وصعدة، وفيها من وسائل التعذيب ما لا يخطر على البال، وقد ذكر لنا بعض الذين تمكنوا من الإفلات من أيدي الحوثيين عن معاناة إنسانية بالغة يعيشها نزلاء هذه السجون السرية التي لا يسمح الحوثي لمنظمات حقوق الإنسان اليمنية أو الدولية بزيارتها في الوقت الذي حول الحوثي صعدة إلى سجن كبير».
وأضاف بن عزيز أنه قام بتسليم عدد من أسماء المختطفين على الهوية المذهبية إلى عدد من المنظمات الحقوقية في اليمن وإلى الأمم المتحدة لغرض وضع الجميع أمام مسؤولياتهم. وأوضح أنهم نظموا، الثلاثاء، وقفة احتجاج أمام مجلس الوزراء وشرحوا معاناة المخطوفين وأسرهم، كما تعرضوا لشرح ظروف الحصار الذي يفرضه الحوثيون على مركز أهل الحديث في دماج بمحافظة صعدة.
وأكد البرلماني بن عزيز أنهم سينظمون وقفة احتجاج أمام مكتب الأمم المتحدة في صنعاء لتصعيد القضية لدى المحافل الدولية. وأضاف بن عزيز «خرج سجناء من سجون الحوثيين عليهم آثار التعذيب الذي مروا به على أيدي هذه الجماعة الدينية المتطرفة». وتحدث لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف أحد السجناء الذي اعتقل لدى الحوثيين لمدة شهر دون أن توجه له تهمة أو يعرف أسباب اعتقاله. وقال سلطان المرهبي «مكثت في سجن الحوثي شهرا كاملا دون أن أدري ما هي تهمتي».
وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن أماكن هذه السجون التي يحتجز الحوثيون الناس فيها، قال المرهبي «لا أدري، كانوا يأخذوننا معصوبي العيون، مقيدي الأيدي، ومن يحاول أن يرفع يديه المقيدتين جهة عينيه يضعون فوهة الرشاش على رأسه ويهددونه بالقتل إن كرر المحاولة». وأضاف المرهبي «أرغموني على المبيت في البرد، وطلبوا مني الاعتراف بأنني أتعامل مع اليهود والأميركيين، وأرادوا مني الإدلاء بمعلومات عن أميركا وإسرائيل، وعندما قلت لهم إني لا أعرف أين اليهود أو الأميركيون في اليمن وجهت لي صفعات متوالية على وجهي وركلات على كل مكان في جسدي، وضربت بالسوط بشكل أفقدني الإحساس بالألم». وأكد أن الحوثيين أرغموه على المبيت في العراء، وأنه سمع منهم كل الإهانات التي لا تخطر على بال على اعتبار أنه من عملاء اليهود والأميركيين.
ونفذ المئات من المهجرين من أبناء محافظات صعدة وحجة وعمران، الثلاثاء، اعتصاما أمام مقر رئاسة الوزراء، احتجاجا على ما وصفوه بانتهاكات الحوثيين في هذه المحافظات. وطالب المعتصمون بعودة المهجرين من أبناء صعدة إلى منازلهم، وعودة النازحين، والتعايش السلمي في المحافظة، التي قالوا بأن الحوثيين هم من يحكمونها. ويعيش مئات الآلاف من أبناء محافظة صعدة، وبعض مديريات عمران في مخيمات اللاجئين في حجة، ومنع عشرات الآلاف منهم من العودة إلى منازلهم لكونهم مهجرين من قبل الحوثيين، بحجة أنهم ليسوا من أبناء المحافظة، أو لكونهم دعموا الدولة في حربها ضد الحوثيين. وتحت قبة البرلمان، طالب النائب صغير بن عزيز بتشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق، حول ما تقوم به جماعة الحوثي بمحافظة صعدة، متهما الحوثيين بممارسة أبشع أعمال الإرهاب في المحافظة، داعيا الحكومة الجديدة إلى تسيير قافلة إنسانية تحمل الغذاء والدواء لإنقاذ أبناء دماج المحاصرين وإخراج الجرحى منذ أكثر من شهرين.
وطالب بن عزيز الهيئات الإغاثية الدولية ومنظمات حقوق الإنسان الدولية بالنزول الميداني لمعاينة معاناة قرية دماج المحاصرة منذ ثلاثة أشهر وإخراج الجرحى من طلبة مركز أهل الحديث الذين لا يوجد في القرية دواء لعلاجهم منذ بدء الحصار الحوثي على أبناء المنطقة.