يرى مراقبون أن حزب المؤتمر الشعبي العام عقب رحيل الرئيس علي عبد الله صالح عن السلطة ومغادرته إلى الولايات المتحدة لتلقي العلاج سيكون مصيره التلاشي، في حين يرى مسؤولون في المؤتمر أن صمود الحزب –الذي يترأسه صالح- أمام الاحتجاجات الشعبية الممتدة منذ عام يثبت أنه متجذر على المستوى الشعبي.
وكان حزب المؤتمر الشعبي تأسس كحزب سلطة في 24 أغسطس/آب من عام 1982 بقيادة الرئيس صالح، وضم كل ألوان الطيف السياسي في اليمن الشمالي، من إخوان مسلمين وناصريين وبعثيين واشتراكيين، إلى جانب الوجهاء القبليين والقيادات العسكرية.
وشهد حزب المؤتمر أكبر انشقاق العام الماضي بإعلان وزراء ونواب برلمان ودبلوماسيين وقيادات قبلية وعسكرية الانسحاب من الحزب والخروج على الرئيس صالح، والانضمام إلى الثورة الشعبية المطالبة بإسقاط نظامه، واتجه كثير منهم إلى تشكيل كيان سياسي مستقل.
ويؤكد الخبراء أن مصير الحزب لن يختلف عن مصير أبناء الرئيس صالح وأقاربه ومعاونيه، حيث تعيش مؤسسات الدولة حاليا احتجاجات واسعة تطالب بإقالة رموز حكم صالح وقادة حزبه.
تفكك وزوال
ويرى الأستاذ الجامعي والباحث السياسي سعيد عبد المؤمن أن حزب المؤتمر وأمثاله من الأحزاب الحاكمة تذهب مع الحاكم حينما يرحل عن الحكم، "وشواهد الحزب الوطني في مصر تدل على ذلك وأيضا اللجان الثورية في ليبيا، وإن كان البعض من داخل المؤتمر وخارجه يحاول ويتمني ألا ينتهي".
وقال في حديث للجزيرة نت إن القيادات المسيطرة على المؤتمر والتي عاشت في ظل هيمنة الرئيس لا تستطيع الخروج من هذه الهيمنة، بل هي لم تتمكن حتى الآن من الإفاقة من صدمة الثورة الشعبية التي مهدت الطريق لخروجهم من السلطة بعد أن كانوا قد وثقوا من أنهم أخرجوا كل القوى السياسية في اليمن ليس من السلطة بل ومن دائرة التأثير السياسي، حسب تعبيره.
وتوقع عبد المؤمن أن يتفرق الكثير من أنصار المؤتمر من حوله إما شعورا بالمسؤولية الوطنية وبحجم الكارثة التي قاد إليها اليمن، وإما بحثا عن تنظيمات جديدة تمكنهم من الاستمرار في العمل السياسي.
من جهته أكد رئيس منتدى التنمية السياسية بصنعاء علي سيف حسن أن حزب المؤتمر الشعبي سيستمر بالساحة اليمنية، ليس بقدراته الذاتية ولكن لحاجة المنظومة السياسية باليمن ممثلة بأحزاب اللقاء المشترك إليه، إلى جانب حاجة الأطراف الدولية والإقليمية لبقائه من أجل التوازن السياسي في البلاد.
وقال في حديث للجزيرة نت إن "غياب حزب المؤتمر سيؤدي إلى خروج أعضائه وأنصاره باتجاه جماعة الحوثي المتمردة شمالا، وقوى الحراك الجنوبي الانفصالية جنوبا، وهذا الأمر سيؤدي إلى حالة استقطاب سياسي حاد مما سيهدد الاستقرار في اليمن". مشيرا إلى أن أهمية الحفاظ على بقاء حزب المؤتمر تنبع من كونه يضم مجموعة من الشخصيات ذات القدرات والكفاءات في الدولة.
لا قلق
في المقابل قال عبده الجندي، الناطق باسم حزب المؤتمر إنه لا توجد مؤشرات تبعث على القلق بشأن مستقبل الحزب بعد رحيل الرئيس صالح عن السلطة، وأشار إلى أن الجميع كانوا يعتقدون أن المؤتمر لن يصمد خلال الأزمة التي عصفت باليمن العام الماضي، ولكن الأحداث أثبتت أنه متجذر على المستوى الشعبي.
وأضاف الجندي في حديث للجزيرة نت أنه "برغم بقاء المؤتمر طويلا في السلطة إلا أنه بدأ يكيّف نفسه لأبعد الاحتمالات وهو الخروج إلى المعارضة بعد الانتخابات القادمة، وكل الشواهد تقول إنه سيستمر طويلا".
وتابع قائلا إن "المؤتمر هو الحزب الليبرالي الوحيد الذي استقطب الجميع بداخله، وكل الأحزاب اليمنية ولدت في أحضان المؤتمر، وبعد ذلك خرجت إلى الشارع بأسمائها الحقيقية، وخلال الأزمة الأخيرة خرج الكثير من القيادات بعد أن ظهرت المعارضة بشكل قوي".
واعتبر أن "أكبر خطأ ارتكبه حزب المؤتمر الشعبي كان انفراده بالحكم، وهو ما أدى إلى تجمّد الحياة السياسية في البلاد، وبالتالي أدى ذلك إلى هذه الانفجارات الشعبية التي بدأت العام الماضي".
وبشأن الخشية من إجراءات سياسية قد تطال حزب المؤتمر مستقبلا، على غرار ما حدث في تونس ومصر من إلغائهما، قال الجندي "إن عملية الإقصاء والإلغاء ستؤدي إلى مصادمات وصراعات، ولذلك فإن العودة إلى الشمولية غير وارد في اليمن، والمبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن الدولي، دعت للشراكة الوطنية، والانتقال إلى الديمقراطية".