لقي مشروع القرار عن الأزمة في سوريا الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقت متأخر من ليل الخميس/الجمعة، ترحيباً غربياً، بعدما صوتت 137 دولة لمصلحة المشروع الذي طالب “الحكومة السورية بوقف الهجمات على السكان المدنيين”، وأعلن دعم جهود جامعة الدول العربية في تحقيق انتقال ديمقراطي سلمي، وأوصى بتعيين موفد أممي خاص إلى سوريا .
واعتبرت بريطانيا أن تبني القرار “رسالة واضحة” . وقال وزير الخارجية وليام هيغ في بيان إن القرار “بعث برسالة واضحة عن إدانة المجتمع الدولي للأفعال التي يقوم بها النظام السوري، وعزمه على محاسبة المسؤولين عن الفظائع” . وأضاف أن “الرسالة لا لبس فيها . يجب أن يتوقف العنف فوراً” . وتابع، إنه سيسعى إلى إيجاد سبل لدعم الجامعة العربية في اجتماع مجموعة “أصدقاء سوريا” الذي سيعقد الأسبوع المقبل، داعياً الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى تعيين ممثل خاص للعمل مع المجموعة . وأكد أن “الرئيس الأسد والنظام السوري يجب أن يستجيبا لدعوة المجتمع الدولي ويسمحا بالانتقال السياسي السلمي لحل الأزمة” . وقال إنهما “يجب ألا يكون لديهما شك في أننا سنواصل دعم الشعب السوري في تطلعاته للانتقال السياسي السلمي” .
وأشاد وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه بتبني القرار، معتبراً أنه يشكل “دعماً كبيراً وواضحاً للشعب السوري” . وأمل في بيان أن يتم بذل كل المساعي الممكنة “لتطبيق القرار في شكل كامل” . وقال “إنها مرحلة جديدة لوقف قتل الشعب السوري” .
من جهتها، رحبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بقرار الجمعية العامة . وناشدت روسيا والصين اللتين صوتتا ضد القرار، إعادة التفكير في موقفهما . وأعلن المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت استعداد بلاده لتصعيد الضغط على دمشق بفرض مزيد من العقوبات .
واعتبر وزير الخارجية الإيطالي جوليو تيرسي تبني الأمم المتحدة القرار بأنه إشارة سياسية قوية إلى الدور الذي يمكن لهذه المنظمة وجامعة الدول العربية الاضطلاع به . وقال في بيان إن “هذه الإشارة السياسية القوية من أعلى هيئة متعددة الأطراف، ينبغي أن تتبعها تطورات ملموسة”، مؤكداً أن بلاده “تعمل على تكثيف الدعم لمساعي الجامعة وجهود توحيد المعارضة السورية” .
واعتبرت منظمة العفو الدولية أن القرار يوجه “رسالة واضحة لا لبس فيها” للنظام السوري . وأعلن خوسيه لويس دياث ممثل المنظمة لدى الأمم المتحدة أن “جرائم ضد الإنسانية ترتكب في سوريا . وبينما مازالت روسيا وبعض الدول تواصل حماية سوريا، تدل نتيجة التصويت على العزلة المتزايدة لتلك الدول” .
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة تبنت بأغلبية كبيرة، القرار، ومن أصل 193 دولة عضواً في الجمعية، صوت 137 مع القرار مقابل اعتراض 12 بينها روسيا والصين وكوبا وإيران وكوريا الشمالية وفنزويلا، وامتناع 17 دولة عن التصويت . وطالب القرار الحكومة السورية بوضع حد لهجماتها على السكان المدنيين، ودعم جهود الجامعة العربية لضمان انتقال ديمقراطي في سوريا، وأوصى بتعيين موفد خاص للأمم المتحدة إلى سوريا .
وإثر صدور القرار، دعا الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون “السلطات السورية للإصغاء إلى نداء المجتمع الدولي و إلى صوت الشعب السوري” . ونقل المتحدث باسمه عنه قوله “من الضروري أن يتحدث العالم بصوت واحد لإنهاء إهراق الدماء ولمضاعفة الجهود لمعالجة هذه الأزمة سلمياً، هذا ما قامت به الجمعية العامة” . وأبدى “استعداده لتحمل مسؤولياته، الأمر الذي يطلبه القرار”، مؤكداً أنه “سيعمل في شكل وثيق مع الجامعة العربية” في محاولة حل الأزمة .
وتضمن النص الذي تم التصويت عليه، عناصر ذات طابع سياسي، بينها إشارات إلى خطة الجامعة العربية لحل الأزمة السورية التي صدرت في 22 كانون الثاني/يناير . ولدى تقديمه مشروع القرار باسم المجموعة العربية، طلب ممثل مصر أسامة عبد الخالق “من الدول الأعضاء توجيه رسالة واضحة إلى الشعب السوري” .
في المقابل، ندد السفير السوري بشار الجعفري بقرار عدّه “غير متوازن”، مشدداً على أهمية قيام “حوار وطني” ترفضه المعارضة السورية . وقال إن “مشروع القرار متحيز بامتياز ولا يمت بصلة إلى ما يجري على الأرض وتعمد إغفال الإصلاحات”، وأضاف أن مشروع القرار تبنى قرارات تؤدي إلى تأزيم الوضع . وناشد الدول كافة عدم تأزيم الوضع، وأعرب عن أمله أن تساعد الأمم المتحدة سوريا في مواجهة التطرف والإرهاب، محذراً من أن أي قرار متحيز وغير موضوعي سيوجه رسالة تشجيع للإرهابيين . وأشار إلى أن “الجامعة العربية تنافس أعداء العرب التاريخيين في الإساءة إلى سوريا، تخيلوا أنها دعت إلى إرسال قوات حفظ سلام، وهذه الدعوة اصطدمت بتحفظ دول غربية” .
ورأى السفير الروسي لدى المنظمة الدولية فيتالي تشوركين أن “لا خيار آخر أمام موسكو سوى التصويت ضد” القرار، في ضوء رفض التعديلات التي اقترحتها . ورغبت روسيا خصوصاً في أن يحمل النص أيضاً المعارضة مسؤولية أعمال العنف .
وانتقد سفير إيران لدى الأمم المتحدة محمد خزاعي القرار، وقال إنه لن يسهم في استعادة السلام والأمن . وأضاف أنه في حالة سوريا، أية محاولة للتدخل في شؤونها الداخلية، لن تؤدي إلا إلى تعميق الأزمة السياسية والاجتماعية . وتابع إن استمرار الفوضى من شأنه أن يؤدي إلى عدم الاستقرار في الشرق الأوسط . وأكد أن العنف المتنامي في المنطقة يصب في مصلحة “إسرائيل” .
ويدين القرار “بشدة استمرار الانتهاكات العامة والمنهجية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية من جانب السلطات السورية، على غرار استخدام القوة ضد المدنيين” . ويحض “الحكومة السورية على أن تضع حداً فورياً” لهذه الانتهاكات، ويؤكد وجوب “محاسبة” المسؤولين عن جرائم مفترضة ضد الإنسانية “على أفعالهم” . ويدين “كل أعمال العنف مهما كان مصدرها”، و”يطلب من كل الأطراف بمن فيهم المجموعات المسلحة، أن يضعوا حداً فورياً لكل أعمال العنف أو الانتقام” .