استجابة لدعوات ونداءات الاستغاثة الموجهة من قبل أبناء مديرية العدين محافظة إب سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو المكالمات الهاتفية، توجه يوم الأربعاء 21/3/2012م فريق إعلامي وحقوقي يمثل عدة قنوات فضائية وصحف ومنظمات إلى منطقة العدين حيث مثلت جريمة مقتل المواطن الجعوش ونجله الأكبر الشرارة الأولى لاندلاع ثورة شعبية ضد ما يسمونه ظلم المشيخ الذي توارثه الناس هناك جيلا عن جيل كما يقول البعض.
ومن هذا المنطلق أخذ أعضاء الفريق على عاتقهم مسؤولية تقصي الحقائق حول ما يحدث من انتهاكات وأعمال قتل ارتفعت وتيرتها خلال الآونة الأخيرة، فذهب ضحيتها 8 قتلى بينهم طفلة لا يتجاوز عمرها (4 سنوات)، وعشرات الجرحى أحدهم امرأة لا تزال ترقد في مستشفى النور بمدينة إب، فضلاً عن المهجرين قسراً والمختطفين في سجون خاصة –حسب البلاغات التي تلقاها الفريق.
وقد أمضى أعضاء الفريق هناك أربعة أيام متتالية تجشموا خلالها الصعاب وواجهوا الكثير من العراقيل وواصلوا الليل بالنهار في سبيل البحث عن الحقيقة والتوصل إلى تفسيرات منطقية ومعقولة لما يجري على أرض الواقع من اقتتال بين الأخوة وأبناء العمومة في عدة جبهات يعتبرها البعض محاولة بائسة لإشغال أبناء العدين عن مطالبهم المشروعة المتمثلة في رفع الظلم وإنهاء ما يسمونها دولة المشيخ. وحرصاً من الفريق على التزام الحيادية ونقل وجهات النظر بكل أمانة ومسؤولية، تم الالتقاء بجميع الأطراف المعنية عدا الجهات الرسمية ممثلة في إدارة السلطة المحلية بمديرية العدين وكذلك إدارة الأمن، حيث أجرى أعضاء الفريق عدة اتصالات هاتفية مع كلٍ من رئيس المجلس المحلي العقيد عبدالله بن علي البخيتي، وكذلك نائب مدير الأمن جميل غالب الجبرتي، لكنهما ظلا يتهربان تحت ذرائع مختلفة. ولم يكتف أعضاء الفريق بالاتصالات الهاتفية مع المسؤولين في تلك الدوائر الحكومية وإنما قاموا بزيارتها أكثر من مرة ليجدوها مع كل زيارة إما مغلقة في وقت الدوام الرسمي كما هو الحال بالنسبة للمجمع الحكومي الذي بدا خالياً إلا من مجموعة مسلحين مدنيين، أو منزوعة الصلاحيات كما هو شأن إدارة الأمن التي أفادنا بعض ضباطها بأنهم غير مخولين بالإدلاء بأي تصريحات أو تقديم أي معلومات وبيانات دون موافقة مدير أمن المحافظة بناء على تعميم وزير الداخلية السابق.
على الصعيد الآخر استكمل الفريق كافة المهام وفق جدول زمني محدد وبرنامج عمل تضمن رصد الجرائم والانتهاكات التي يتعرض لها المواطنون وكذلك حجم الأضرار والخسائر التي لحقتهم جراء المواجهات المسلحة والالتقاء بأطراف النزاع وأسر الضحايا من قتلى وجرحى ومختطفين ومهجرين قسرا.
الاستنتاجات:
- الكل مجمع على أن الدولة غائبة في العدين وأن غيابها قد أفسح المجال أمام الفوضى والغوغائية كي تحل محل النظام والقانون.
- تبين للفريق من خلال بعض الممارسات الموثقة أن المشيخ هو الحاكم الفعلي في العدين ويملك من الإمكانات وتحديدا العسكرية ما يفوق إمكانات الدولة وأجهزتها التنفيذية.
- توصل الفريق إلى أن ثمة مخزون تراكمي من الشعور بالظلم لدى المواطنين انفجر أخيراً مع جريمة مقتل الجعوش ونجله مطلع يناير 2012م فانبثق عنه ما تسمى بثورة نصرة المظلوم التي صار لها ساحة وجمهور وفعاليات ومطالب لا ينبغي تجاهلها في أي حال من الأحوال.
- انعدام الثقة لدى المواطنين بالدولة وأجهزتها التنفيذية دفع بهم إلى الارتماء في أحضان المشيخ كالمستجير من الرمضاء بالنار.
- هناك من يسعى جاهداً إلى تسييس ما يحدث في العدين من حراك حقوقي سلمي وقضايا جنائية بحته وذلك في محاولة للتمييع وخلط الأوراق والتنصل عن المسؤولية الدستورية والقانونية.
- وقف الفريق على انتهاكات وجرائم جسيمة بحق مواطنين تنوعت بين اختطاف وإخفاء قسري وتهجير، تشار أصابع الاتهام فيها إلى الشيخ صادق بن علي الباشا الذي أعترف بالبعض ولكن تحت مسميات أخرى مختلفة كالتأديب وغيرها مما يدخل ضمن مهام الدولة.
- عثر الفريق على وثائق وقرائن كثيرة تشير إلى تدخل ممثل المديرية لدى السلطة المحلية بالمحافظة جبران صادق الباشا في كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالعدين بما في ذلك التأثير على مسار الأجهزة الأمنية والقضائية التي لا تدخل ضمن اختصاصه.
- تأكد للفريق أن معظم المشاكل وأعمال القتل والمواجهات المسلحة التي شهدتها المنطقة خلال الخمسة الأشهر الماضية هي نتاج سياسات طالما اتبعها النظام السابق في فرض النفوذ وتصفية الحسابات عن طريق زرع الفرقة والخصومات بين المؤيدين والمعارضين له.
- وجد الفريق أن كل الأطراف المتنازعة داخل منطقة العدين هم ضحايا طرف ثالث يهيمن على الدولة والقبيلة ويمثل الخصم والحكم في كثير من تلك النزاعات، بينما اقتصرت مهمة القضاء والأمن على التوثيق إن طلب منها ذلك.
- من خلال حديث علي الجمالي المتهم بقتل الجعوش ونجله عن مصير أولاده الجناة وكذلك رواية صادق الباشا ونجله جبران المتعهد بتسليمهما للقضاء لاحظ الفريق أن ثمة حلقة مفقودة بين تسلم الأخير الجناة واختفاءهم ويظهر ذلك جلياً في تناقض الروايات الثلاث للحظة الهروب.
- ظهر للفريق خلال لقائه ببعض الأطراف المتنازعة أن المماطلة في حل القضايا غالباً ما يؤدي إلى تفاقمها لتصل حد الاقتتال كما حدث مع قضية الأبعون وبيت الجماعي، وما سيحدث مع قضية الجعوش إن تكرر السيناريو نفسه.
- اعتبر الفريق تهرب الشيخ الباشا من الإجابة على سؤاله المتعلق بالسجون الخاصة وعدم السماح للأعضاء بزيارة الأماكن التي يشتبه باستخدامها لذات الغرض إلا بأوامر من النيابة -كحق يراد به باطل- اعتراف ضمني بامتلاكه سجون خاصة، سيما وأن الرجل صاحب سوابق في هذا المجال.
التوصيات:
- يوصي الفريق رئيس الجمهورية هادي وحكومة الوفاق الوطني بسرعة بسط نفوذ الدولة في منطقة العدين وإلزام كل الأطراف برفع المظاهر المسلحة ووضع حد لنفوذ المشيخ في المنطقة.
- يدعو الفريق النائب العام لتشكيل لجنة خاصة بالتحقيق في الانتهاكات وأعمال القتل التي ارتكبت مؤخراً في منطقة العدين وإحالة المتورطين فيها إلى العدالة .
- يوصي الفريق النائب العام بتشكيل لجنة خاصة للنزول إلى عزلة قصع حليان حيث مقر سكن الشيخ صادق الباشا وذلك للتحقيق في بلاغات تلقاها الفريق عن وجود سجون خاصة لدى الشيخ.
- يوصي الفريق جبران باشا بسرعة تسليم المتهمين بقتل الجعوش إلى الجهات المعنية كونه من تسلمهم والتزم لأولياء الدم بتقديمهم للعدالة.
- يدعو الفريق وزير الداخلية ووزير الإدارة المحلية بإقالة مدير الناحية ومدير إدارة أمن العدين وأمين عام السلطة المحلية بسبب تواطؤهم في كل الأحداث الجارية.
* أعضاء الفريق:
علي العوارضي – حمير المقبلي – فاطمة الأغبري – أحمد الرحابي -فؤاد المسلمي – صلاح المغلس – فائد دحان – حمود سعيد