وافق الرئيس علي عبدالله صالح على التخلي عن منصبه في نوفمبر 2011، و تنحى عن السلطة بشكل رسمي في فبراير 2012 ليحل مكانه نائبه سابقا، عبدربه منصور هادي الذي اصبح الان رئيسا للبلاد
لكن صالح ما زال يشكل قوة رئيسية في السياسة اليمنية، فهو رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام، و لا يزال افراد من اسرته يشغلون مناصب قيادية في الجيش و الامن. مثال على ذلك نجله احمد الذي يقود الحرس الجمهوري، و ابن شقيقه يحيى الذي يقود قوات الامن المركزي
ان جميع المؤشرات حتى الان لا توحي برغبة صالح في التخلي عن نفوذه طالما ظل منافسوه السياسيون يسعون جاهدين للهيمنة على الحكم في اليمن
احدى المجموعات المنافسة هم الاخوة الاحمر، اسرة مشايخ تنتمي لقبيلة حاشد، التي لا يحتشد افرادها خلف زعيم واحد، و هي قبيلة منقسمة على نفسها بشكل ميؤس منه
اما المنافس الاخر فهو احد اقرباء صالح و حلفاءه السابقين، اللواء علي محسن قائد الفرقة الاولى في الجيش اليمني. يعتقد كل جزء من هذا الثلاثي التنافسي انه الاجدر بحكم اليمن، و لن يتخلى اي منهم عن السعي للحكم الا اذا خرجوا جميعا من اللعبة السياسية بشكل متزامن. ان حضورهم المستمر يمثل تهديدا على الاستقرار السياسي في البلاد
هناك سؤال جوهري ينبغي على صناع القرار في منطقة الخليج و الغرب ايضا، ان يسالوا انفسهم
هل من الممكن ان يعم الاستقرار و التنمية في اليمن في ظل وجود النفوذ و الحضور الذي يتمتع به هؤلاء المتنافسين، ام ان رحيلهم اصبح ضروريا من اجل استقرار اليمن على المدى البعيد؟
في الوقت الحاضر فان اليمن اشبه ما يكون بعلبة البارود و قد تصبح بكل سهولة جحيم عنف يقود إلى حرب اهلية و يؤدي إلى انقسام البلاد. ان حكم علي عبدالله صالح الذي استمر منذ 1978، ادى بفعالية إلى تجريد البلاد من المؤسسات. لقد شخصن صالح حكم البلاد بدرجة عالية، و احتفظ بالحكومة في حالة فوضوية بشكل متعمد و ربط كل اللاعبين مباشرة بشخص الرئيس. فاصحبت المؤسسات لا تعني شئ، و ما يهم في الامر هو ان كان المرء من المقربين و المستفيدين من نظام المحسوبية الذي وضعه الرئيس
و على سبيل المثال، بعد الوحدة التي تمت في 1990، قام صالح باعادة نظام القبيلة إلى مناطق اليمن الجنوبي سابقا (جمهورية اليمن الديقمراطية الشعبية). و كان الغرض من ذلك هو تفكيك مؤسسات الدولة و خلق علاقات شخصية مع زعماء القبائل الجدد، الذين تورط بعضهم في اعمال نهب من خلال مصادرة الاراضي و الموارد الاقتصادية في الجنوب. و يعد ذلك احد الاسباب التي جعلت الكثير من الجنوبيين يشعرون بان حكم صالح مثل احتلال للجزء الخاص بهم من البلاد، و لذلك سعوا للانفصال
سيظل حلم الانفصال يراود الجنوبيين طالما بقي صالح و افراد اسرته في السلطة. ذلك الشعور الذي يعم الجنوبيين انه تم تجريدهم (من حقوقهم) و اساءة حكم صالح لهم، هو ما سمح للقاعدة و المجموعات التي على شاكلتها مثل انصار الشريعة، ان يجدوا الملاذ الامن و الدعم في تلك المناطق
ترجمة مهدي الحسني