جدد قادة الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي تأييدهم لمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الداعية إلى الانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد. لكنهم قرروا، في قمتهم التشاورية التي استضافتها الرياض أمس وترأسها خادم الحرمين الشريفين في قصر الدرعية، الاستجابة لاقتراح تقدم به الملك عبدالله بأن يستكمل المجلس الوزاري الخليجي (وزراء الخارجية) درس تقرير الهيئة المختصة التي أوكل إليها البحث في المبادرة، على ان يرفع المجلس توصياته إلى قمة خليجية تعقد في الرياض. وكانت إيران وسورية في صدارة ما بحثته القمة التشاورية. وجدد وزير خارجية السعودية الأمير سعود الفيصل رفضه التدخل الإيراني في الأوضاع الداخلية لدول الخليج. وأكد التقارب بين السعودية والبحرين في شأن الاتحاد الخليجي، محذراً إيران بأنه ليس لها "لا من قريب ولا بعيد أي دخل في ما يدور من إجراءات بين البحرين والسعودية، حتى لو وصلت إلى الوحدة".
وأشار الأمير سعود الفيصل، في بيان في مستهل مؤتمر صحافي عقده مع الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبداللطيف الزياني، إلى ترحيب ومباركة قادة دول المجلس الاقتراح المقدم من خادم الحرمين الشريفين رئيس الدورة الحالية للمجلس الأعلى، بشأن الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وإيمانهم بأهمية هذا المقترح وأثره الايجابي في شعوب المنطقة وقال: "بناء على قرار المجلس بتشكيل هيئة متخصصة يوكل إليها درس المقترحات المعنية في شأن الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، واطلع قادة دول المجلس على تقرير الهيئة المتخصصة، وانطلاقاً من الأهمية الكبيرة لهذا الموضوع، والحرص على استكمال جوانبه كافة وبشكل متأن يخدم الأهداف المأمولة، وافق قادة دول المجلس على اقتراح خادم الحرمين الشريفين بأن يستكمل المجلس الوزاري درس ما ورد في تقرير الهيئة المتخصصة وفقاً لذلك، وبمشاركة رئيس الهيئة، والرفع بما يتم التوصل إليه من توصيات إلى قمة للمجلس الأعلى تعقد في الرياض".
وأوضح سعود الفيصل أن القادة بحثوا أمس في تطورات الأوضاع السياسية في المنطقة، بما في ذلك الاستفزازات الإيرانية الأخيرة في الجزر الإماراتية المحتلة، وتطورات الأزمة في سورية في ظل تصاعد وتيرة القتل، والجهود القائمة للمبعوث المشترك للجامعة العربية والأمم المتحدة، علاوة على عدد من المواضيع المتعلقة بمسيرة العمل الخليجي المشترك ومتابعة تنفيذ القرارات ذات الصلة.
وناقشت القمة ملفات صعبة أبرزها فكرة إقامة اتحاد بين عدد من دول المجلس، خصوصاً السعودية والبحرين، في ظل التهديدات التي تواجهها المنطقة. وكان وزراء خارجية الدول الست بحثوا خلال اجتماع تحضيري في العاصمة السعودية مساء الأحد تقريراً يتضمن الصيغ المحتملة لتحقيق انتقال مجلس التعاون الخليجي إلى مرحلة الاتحاد بناء على مبادرة الملك عبدالله.
وقال ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة قبل القمة أمس إن قيام الاتحاد الخليجي يمثل "مشاركة في الركب الحضاري العالمي واستجابة للمتغيرات والتحديات التي نمر بها، فالحدود السياسية بين دولنا معابر للانجاز نحو مزيد من التعاون المشترك". وأكد أن "مواقف دول مجلس التعاون تجاه البحرين ومساندتهم لنا نابعة من مشاعر مشتركة وآمال وطموحات متشابهة (...) حرصاً على العمل الخليجي المشترك ودفعه قدماً إلى الأمام".
وأكد الأمير سعود الفيصل أن "الهدف من تأجيل إعلان الاتحاد بين الدول الست ان ينضم جميع الأعضاء إليه، وليس بين دولتين فقط"، في إشارة إلى الإعلان عن الاتحاد بين السعودية والبحرين. ورداً على سؤال حول المناقشات بين السعودية والبحرين لإعلان الاتحاد، قال الأمير سعود الفيصل: "لم تكن هناك خطوة. كلتا الدولتين ترحب بأكبر تقارب، وبالتعاون الكامل مع كل الدول في الخليج العربي". وأكد انه "ليست هناك أي مشكلة بين السعودية والبحرين تمنع التكامل. آمل أن تنضم الدول الست وتتحد في الاجتماع المقبل".
ورفض وزير خارجية السعودية تدخل إيران في الأوضاع الداخلية لدول مجلس التعاون وقال: "التهديد الإيراني غير مقبول. ليس لإيران من قريب أو من بعيد أي دخل بما يقوم بين البلدين (السعودية والبحرين) من إجراءات حتى لو وصلت إلى الوحدة، هذا لا يخص إيران، نأمل ان تبادلنا إيران حسن الجوار مع دول المجلس".
وزاد: "إذا كانت إيران تتطلع إلى علاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي لا يمكن أن تحل إلا إذا ما تم حل مشكلة الجزر الإماراتية (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، مؤكداً أن "كل دول المجلس تدعم حل المشكلة الإماراتية سلمياً".
ورداً على سؤال حول اتهام الإعلام السوري بدعم دول الخليج "الإرهابيين"، نفى الأمير سعود الفيصل أن تكون أي دولة خليجية تدعم الإرهاب في سورية. وقال: "لا أعتقد أن الإعلام السوري يقول الحقيقة، لا ريب أنه يتهم دولاً أخرى بأنها تتدخل في سورية"، إن هذا اتهام باطل، يريد أن ينسى به تدخلات سورية في دول أخرى مثل لبنان". وشدد على "أن موقف السعودية في مكافحة الإرهاب واضحٌ". قائلاً: "لا أحد يستطيع أن يعلق الآمال على الإعلام السوري".
وتساءل: "ما مبرر التدخل السوري في لبنان؟ ما هو المبرر أن يستخدم بلد لأداء مهام هو لا يريد أن يقوم بها؟ ما بالك بإدارة تقوم بعمل عندما تتهم دولاً أخرى والتدخل فيها"؟ وقال إن الإرهاب موجود في كل مكان، مؤكداً أننا "نتعاون في مواجهة الإرهاب". وأضاف: "نأمل أن تسلم أراضي اليمن من هذا الوباء". وزاد: "الثقة في جهد المبعوث الأممي لسورية كوفي أنان بدأت تتناقص بشكل كبير". وقال: "القتال لا يزال مستمراً، والعنف مستمر، ونزف الدم مستمر، ولم ينجز شيء إلا إنه قيل إن العنف هبط".
وتساءل وزير الخارجية السعودي: "هل لو قتل 60 شخصاً بدلاً من 80 شخصاً هذا تقدم"؟ وقال: "نزف الدم مستمر، وهذا لا يرضي أحداً، ونأمل أن تكون هناك دفعة قوية جديدة لهذا المجهود تؤدي إلى نتائج أكثر ايجابية مما وصلت له اللجنة الأممية".
وكشف الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الزياني في المؤتمر الصحافي أن قادة دول المجلس وافقوا على الاتفاق الأمني، وفوضوا وزراء الداخلية في دولهم بالتوقيع عليها، كما وافقوا على دعم مشاريع في المغرب والأردن لمدة خمس سنوات.