أكمل كوكب الزهرة مروره بين الشمس وكوكب الأرض، وذلك في حدث فلكي لن يتكرر قبل عام ألفين ومئة وسبعة عشر. ويساعد هذا الحدث علماء الفلك في أبحاثهم في شأن الكواكب التي تدور حول شموس أخرى في المجرة.
يحدث هذا العبور عندما يمر كوكب الزهرة مباشرة بين الأرض وقرص الشمس، وكان مرئيا للعين المجردة من كل القارات، حيث بدا كنقطة سوداء تسبح ببطء عبر الخلفية الشمسية لنحو سبع ساعات.
كما قامت مركبة كيبلر الفضائية الآلية، التي تبعد نحو 148 مليون كيلومتر في الفضاء، بتسجيل هذا العرض الفلكي، وكذلك تلسكوب هابل الفضائي التابع لوكالة ناسا الذي يحلق على ارتفاع 563 كيلومترا.
وهناك أيضا مركبة الفضاء فينوس إكسبريس التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية التي تدور حول الزهرة في رحلتها الشمسية التاريخية.
ومرور الزهرة بين الشمس والارض هو الثامن منذ اختراع التلسكوب ، وكان أيضا المرور الأول الذي يحدث في وجود مركبة فضائية على الزهرة.
قارة استراليا هي اول من حظي بمتعة مشاهدة أحد عجائب الكون الذي يزدحم بالاسرار والظواهر المذهلة.
وكانت فرصة لا تفوت لمن يعشق الاستمتاع بما تفيض به الطبيعة من جمال بشرط أن يستخدم النظارات الخاصة بذلك.
وتمكن المشاهدون في أمريكا الشمالية، ودول أمريكا الوسطى والمناطق الشمالية من أمريكا اللاتينية من رؤية الظاهرة في بدايتها قبل غروب الشمس في هذه الأماكن.
أما سكان شمال غربي أمريكا وغربي المحيط الهادئ وشرقي آسيا والقطب الشمالي فكانوا أكثر حظا وشاهدوا الظاهرة بأكملها.
وتمكن المراقبون في أوروبا والشرق الأوسط وشرقي افريقيا من رؤية نهاية هذا الحدث بعد شروق الشمس في هذه المناطق.
وأقيمت فعاليات خاصة في مراكز الرصد والجامعات الكبرى لمتابعة هذه الظاهرة بأحد اجهزة التلسكوب.
ويمر كوكب الزهرة بين الأرض والشمس أربع مرات كل 243 عاما تقريبا، وتحدث ظاهرتان يفصل بين كل منها نحو ثمان سنوات، وبعد مابين 105 سنوات 120 سنة تقع ظاهرتان أخريان.
ويقول العلماء إن السبب في هذه الفترة الطويلة هو اختلاف مدارات كوكبي الأرض والزهرة والشمس، وتحدث ظاهرة المرور عندما يتصادف وقوع الكوكبين والنجم على خط مداري واحد.
وحدثت الظاهرة سبع مرات منذ اختراع التليسكوب في أعوام ( 1631و 1639) ثم (1761 و1769) ثم ( 1874 و1882) و(2004 و 2012).
عبور الزهرة:
عبور الزهرة هي الظاهرة الفلكية التي يسببها مرور الزهرة بين الشمس والأرض، فتبدو كنقظة سوداء صغيرة عابرة قرص الشمس. يقاس هذا العبور وأمثاله عادة بالساعات. العبور الماضي الذي جرى عام 2004 م وكذلك العبور الذي جرى في 2012 م لهما من الطول نحو 6 ساعات.
يشبه العبور الكسوف الذي يسببه مرور القمر بين الأرض والشمس، ومع أن الزهرة أكبر من القمر بأربع مرات تقريباً إلا أن المسافة التي تفصلها عن الأرض تجعلها تبدو صغيرة للعيان. لقد ساهمت عمليات الرصد التي تابعت عبور الزهرة في حساب المسافة بين الشمس والأرض باستخدام قانون اختلاف المنظر. ويحدث عبور مشابه هو عبور عطارد لكنه صعب الرصد لأنّ عطارد أصغر حجماً من الزهرة وأقرب منها إلى الشمس وبالتالي أبعد عن الأرض.
يعتبر عبور الزهرة أحد أكثر الظواهر الفلكية الدورية ندرة، إذ تتكرر في دورة مدتها 243 سنة، بعبورين يفصل بينهما 8 سنوات ثم آخر بعد 121.5 سنة، يليه آخر بعد 105.5 سنة. قبل عبور عام 2004 وقع آخر عبور عام 1874 و 1882، لاحقاً للعبور القادم بعد 2012 ستعبر الزهرة عام 2117 ثم 2125. (عبوران يفصل بينهما 8 سنوات) ثم تمر 121.5 سنة ليحصل (عبور وبعد 8 سنوات يقع عبور آخر) وهكذا.
جونز كيبلر كان أول من تنبأ بحدوث العبور، وتوقع أن يكون في عام 1631 م، لكن أحداً لم يرصده، ذلك أن توقعات كيبلر لم تكن دقيقة بما يكفي، فهو لم يتمكن من أن يتوقع أن العبور لن يكون مرئياً من معظم أرجاء أوروبا.
أجري أول رصد معروف في التاريخ لعبور للزهرة قرب بريستون في إنكلترا على يد الفلكي جيرمي هوروكس من منزله هناك، في 4 ديسمبر 1639م، كما أن صديقه وليام كريباتري رصد العبور نفسه من سالفورد قرب مانشستر في الآن ذاته. وبعد أن استمر هوروكس في رصد السماء معظم النهار من دون جدوى، حالفه الحظ حين انشقعت الغيوم قليلاً وكشفت الشمس ليتمكن من رصد العبور مدة نصف ساعة إبان الغروب، ولم تنشر نتائج رصده حتى عام 1666، بعد مدة من وفاته.
في العام 1761 توقع ميخائيل لومونسوف بناءً على نتائج رصده لعبور ذلك العام، أن لكوكب الزهرة غلاف جوي. وفي ذلك الوقت تقدم العالم الفلكي إدموند هالي باقتراح فذ للاستفادة من العبور في حساب بعد الشمس عن الأرض وحجهما. وتم رصد العبور من مختلف مناطق العالم. لكن لم يكن من الممكن تحديد اللحظة التي يلامس فيها ظل الزهرة قرص الشمس أو يغادره، وذلك بسبب تأثير ظاهرة الدمعة السوداء.