رحب حزب الحرية والعدالة في مصر بالاتفاق الذي توصل إليه مرشح الرئاسة المصرية الدكتور محمد مرسي مع عدد من الاحزاب والقوي السياسية والشخصيات، وهو الاتفاق الذي يضمن الاصطفاف الوطني حول مشروع وطني جامع يدعم خيار الثورة ويستكمل مسيرتها ويرفض أي التفاف علي الارادة الشعبية.
ودعا حزب الحرية والعدالة "كل شركاء الوطن من مختلف التوجهات إلي المشاركة في هذا الاصطفاف الوطني لضمان إنجاح ما تم التوصل إليه والمشاركة الفاعلة في إعادة بناء الوطن بالشكل الذي يستحقه".
وأشار المكتب التنفيذي في بيان حصل "نشوان نيوز" على نسخة منه إلى أن حزب الحرية والعدالة مستمر في موقفه الرافض للقرار التنفيذي بحل البرلمان وإصدار إعلان دستوري مكمل ومنح حق الضبطية القضائية للشرطة العسكرية والمخابرات الحربية وأنه متواصل مع كل القوي السياسية والثورية في ميدان التحرير وكل المحافظات لمواجهة هذا الانقلاب علي خارطة التحول الديمقراطي.
وأوضح الحزب أنه يرفض بشكل قاطع أي تدخل في شئون مصر الداخلية من اي جهة أيا كانت، ويؤكد أن ما تشهده مصر من سجال سياسي هو أمر يخص المصريين دون غيرهم.
وكان مرسي قد اتفق مع قوى سياسية على تشكيل "جبهة وطنية " لضمان تسليم السلطة.. حيث أعلن أمس عن تشكيل جبهة وطنية موحدة تمثل إطاراً عاماً لاصطفاف مختلف القوى الوطنية، وتستهدف تحقيق أهداف الثورة في بناء دولة مدنية ديمقراطية دستورية حديثة، تقوم على العدالة الاجتماعية وحماية الحقوق والحريات وتصون المواطنة الكاملة، بما يتفق ووثيقة الأزهر الشريف .
وأعلن عن تشكيل الجبهة في القاهرة، أمس، بعد ساعات من بيان للمجلس الأعلى للقوات المسلحة لم يخل من تلويح بالقوة، بحضور مرسي وعدد كبير من رموز الحركة السياسية والوطنية، جدد خلاله الأخير تعهداته بالعمل على تحقيق الاستقرار والأمن والديمقراطية والحرية وتحقيق أهداف الثورة، قبل أن يعلن عن تفاصيل اتفاق جرى بينه وبين مختلف القوى السياسية على مدار ثلاثة اجتماعات بدأت منذ ليلة أمس الأول وانتهت فجر أمس، تتحول بمقتضاه مؤسسة الرئاسة إلى شراكة حقيقية بين مختلف قوى الثورة، تضم نواباً من خارج حزب "الحرية والعدالة"، الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، "يمكن أن يكون من بينهم امرأة وقبطي أو مرشحون سابقون في السباق الرئاسي"، إلى جانب مساعدين من شباب الثورة ومستشارين يمثلون مختلف ألوان الطيف السياسي في البلاد . وتعهد مرسي أمس بتشكيل حكومة ائتلاف وطني موسعة "لن تكون الأغلبية فيها لحزب الحرية والعدالة"، مشيراً إلى أنه أجرى مشاورات على مدار الأيام الماضية لاختيار رئيس للحكومة "سوف يكون شخصية وطنية مستقلة" .
ودعا مرسي اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات الرئاسية إلى "إعلان نتيجة الانتخابات في أسرع وقت دون تأخير أو إبطاء"، مشيراً إلى أن ما سبق وأعلنته حملته عن فوزه بالسباق الرئاسي كان يستند إلى "محاضر موقعة من القضاة المشرفين على عمليات الاقتراع"، مؤكداً أن "النتيجة المتوقعة معروفة للجميع"، ومحذراً من العبث بها "حتى تكون معبرة بحق عن الإرادة الشعبية" .
وأعلن مرسي والقوى الوطنية التي شاركت في مؤتمر الأمس رفضهم لسلسلة الإجراءات التي اتخذها المجلس العسكري على مدار الأسبوعين الماضيين، بدءاً من منح وزارة العدل الضبطية القضائية لرجال الشرطة العسكرية، وقرار العسكري حل البرلمان عقب صدور حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان نصوص في قانون الانتخابات، وما استتبع ذلك من صدور إعلان دستوري مكمل "لم يستفت عليه الشعب، ويقرأ فيه بوضوح محاولات تقييد الرئيس القادم"، داعياً إلى استمرار جميع الفعاليات السلمية لإسقاط كافة هذه القرارات .
وقال مرسي فيما بدا وكأنه رسائل طمأنة جديدة لجميع الأطراف: "ليس بيننا وبين القوات المسلحة أي خلاف أو مشكلة، فهم أبناء الشعب، وحريصون على الوطن وحمايته من أي عدو، ويقومون على ذلك خير قيام، وإنما خلافنا مع المجلس العسكري، وهو يصيب ويخطئ، وقد أخطأ في القرارات الأخيرة التي نرفضها . وأضاف: "ليس بيننا وبين القضاة أي مشكلة، قد يكون هناك خلاف في تفسير بعض الأحكام، لكننا نحترم القضاء الذي سيظل سلطة مستقلة، وقد قلنا ومازلنا نؤكد أننا نقبل بحكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان بعض قوانين الانتخابات البرلمانية، لكننا نرفض حل البرلمان" .
وحذر من "شائعات تستهدف إشعال فتنة في البلاد، لن تخدم سوى أعداء الوطن في الخارج، أو العمل لمصلحة عودة النظام السابق"، مشيراً إلى أن الحفاظ على الوطن وأرواح أبنائه سوف يظل هو الهدف الأسمى، وأن الجميع يعمل من أجل المصلحة العليا لمصر، ومن أجل "بناء وطن ديمقراطي حر" .
وتلى الإعلامي حمدي قنديل بيان جبهة القوى الوطنية، لافتاً إلى أن المشاورات التي جمعت بين جميع الأطياف على مدار الأيام الماضية، انطلقت من رفض الجميع "للهيمنة باسم الدين والاستبداد باسم العسكر"، مشيراً إلى أن الجميع تحمل مسؤوليته الوطنية بعد استشعار أن البلاد صارت على شفا هاوية، بعد الاستقطاب الحاد عقب الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، وما تبعه من محاولات المجلس العسكري الإفلات من تسليم السلطة في نهاية يونيو/ حزيران . وقال قنديل: "لقد حرصنا على أن نسمو فوق الشكوك، وأن نتسامح في ما مضى من أخطاء، ونمد أيدينا إلى الرئيس المنتخب لعلنا ننجح في أن نحقق للشعب آماله التي علقها على الثورة" .
وأكد قنديل رفض جبهة القوى الوطنية أي محاولات لتزوير إرادة الشعب في اختيار رئيسه، سواء عبر ممارسات المجلس العسكري، وتضليل الرأي العام عبر وسائل الإعلام المختلفة، مؤكداً أن القوى الموقعة على هذا البيان اتفقت على مجموعة من النقاط كمنهاج عمل للفترة المقبلة، أهمها التأكيد على الشراكة الوطنية والمشروع الوطني الجامع الذي يعبر عن كافة أطياف المجتمع المصري، بما فيه المرأة والأقباط والشباب، وأن يضم "الفريق الرئاسي" وحكومة الإنقاذ الوطني كافة التيارات السياسية، وأن يكون رئيس الحكومة الجديد شخصية وطنية مستقلة، وتشكيل فريق إدارة أزمة يشمل رموزاً وطنية للتعامل مع الوضع الحالي، وضمان استكمال تسليم السلطة للرئيس المنتخب وفريقه الرئاسي وحكومته . وأعلن قنديل رفض الجبهة الوطنية القاطع للإعلان الدستوري المكمل الذي يؤسس لدولة عسكرية ويستحوذ على السلطة التشريعية، مؤكداً على رفض قرار حل البرلمان واستباق المجلس العسكري تسمية الرئيس الجديد بتشكيل مجلس الدفاع الوطني . وشدد البيان على ضرورة السعي نحو تحقيق التوازن في تشكيل الجمعية التأسيسية بما يضمن دستوراً لكل المصريين، والتأكيد على الشفافية والوضوح مع الشعب في كل ما يستجد من متغيرات تشهدها الساحة السياسية، مشدداً على استمرار الضغط الشعبي السلمي في جميع ميادين مصر حتى تحقيق مطالب الثورة .
وكان عدد من ممثلي الحركات والائتلافات الشبابية قد شاركوا في مؤتمر الأمس، من بينهم الناشط السياسي وائل غنيم الذي أكد في كلمة قصيرة رفض المصريين القاطع القبول بتكرار أزمة عام ،1954 حينما وافق البعض على أن تقتل الديمقراطية على أساس أنها ستأتي بمن لا نرغب فيهم بالحكم، مضيفاً: "هذه الوقفة ليست وقفة مع جماعة الإخوان، وإنما مع الشرعية والديمقراطية"، مؤكداً أنه لا سبيل أمام مختلف القوى السياسية في مصر الآن سوى نسيان خلافاتهم، والنظر إلى تحقيق آمال المصريين الذين لن يقبلوا بأن تتم مساوامتهم بين الأمن والديمقراطية، أو الأمن والحرية .