قال الشيخ فيصل مناع أحد كبار مشائخ صعدة إن النظام السابق في اليمن دخل في لعبة مع الحوثيين من خلال الحروب السابقة بين الطرفين سلمهم الكثير من الأسلحة والعتاد وكذا سلمهم محافظة صعدة بكاملها..
وأكد مناع في حوار مع صحيفة "الناس" الأسبوعية إلى إن الحوثيين لا يمثلون أبناء صعدة "وما هم إلا مكون عسكري واحد، يمثلون أنفسهم فقط"، مشيرا إلى أهمية الحوار في الخروج من الأزمة ومتذمرا من اللجنة التحضيرية للحوار الوطني التي لم تمثل شرائح المجتمع اليمني بكل فئاته وفيما يلي نص الحوار..
صحيفة الناس: حاوره: ثابت الأحمدي
* قراءتكم لآخر مستجدات الوضع على الساحة؟
- الحقيقة إن الوضع ضبابي ويكاد لا يكون التعبير كافيا عن سرد ما في النفس، نحن استبشرنا خيرا بثورة الشعب الشبابية السلمية التي كان لنا شرف تلبية ندائها من أول يوم لها وتفاءلنا كثيرا من أجل خروج اليمن من هذه الحالة المزرية والسيئة والتصرفات الخاطئة والحروب التي طبعت المشهد بسبب أخطاء النظام السابق، نجحت الثورة في البداية وحققت خطوات مشجعة وجيدة إلا أنه في الآونة الأخيرة حصل تراجع ملحوظ خاصة مع تزايد نشاط بقايا النظام السابق ميدانيا، وعمله على استعادة أعوانه وأتباعه والأعمال المضادة للثورة، هذا شيء مقلق لنا، وكما يبدو فإن الأحزاب السياسية والجهات الفاعلة في صف الثورة قد ركنوا كثيرا إلى المبادرة الخليجية التي لها جانب إيجابي واحد هو الحيلولة بين أن ينتقل اليمن إلى حرب أهلية قد لا تكون عواقبه حميدة، لكنها للأسف لم تعمل على إنجاح أهداف الثورة المرسومة بالصورة التي كنا نريدها ويريدها الجميع خاصة من الشباب، النظام السابق دمر البلاد واستعان بشلة خبيثة وغير مأمونة على ثروات البلاد ومقدراتها وخلق الكثير من المشكلات والقلاقل من أجل تثبيت أركان التوريث، وهو يرى في الفتن والقلاقل والمشكلات خير وسيلة لتمرير مخططاته وأهدافه الخبيثة.
* طيب.. الوضع الآن غير مطمئن كما ذكرت، والمبادرة الخليجية لم تلب مطالب الشعب.. ما الحل؟
- على الدول الراعية للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية أن تتنبه لهذه المسألة وتدرك أنها بهذه المبادرة لم تلب مطالب الشعب اليمني بل وأخطأت في حقه.. المبادرة الخليجية لم تؤت ثمارها ولم تنجح بالمعنى الصحيح، وقد تعثرت في الآونة الأخيرة. وعلى الشعب اليمني بكل فئاته ومكوناته السياسية والثقافية والاجتماعية أن يقرروا ما هو المخرج اليوم من هذا الوضع.
* هناك اليوم اللجنة التحضيرية للحوار الوطني التي تهيئ الوضع لهذا الحوار؟
- الأمل كان كبيرا في الحوار الوطني ولا يزال، وهو الأساس في كل شيء ولن ينصف المظلومين إلا الحوار الوطني الشامل والجاد، إنما أصحاب المشاريع الصغيرة والنوايا السيئة يعملون على عرقلة هذه الخطوة، ومع الأسف فالقرار الرئاسي الخاص باللجنة الفنية للحوار الوطني الذي صدر مؤخراً كان غير مشجع، وخابت آمال كل فئات وشرائح اليمنيين بمن فيهم شباب الساحات والميادين وجميع مؤسسات المجتمع المدني ومشايخ القبائل والعلماء، كل الناس تذمروا من هذا القرار الذي لم يكن موفقا..
* ما وجه الخلل فيه؟
- خمسة وعشرون شخصا لا يمثلون الشعب اليمني كاملا بكل فئاته، هناك تجاوز للبعض، كثير من شخصياتها لا تمثل الثورة الشعبية الشبابية السلمية، كل الناس غاضبون عليها.
* قيادة الأحزاب السياسية الثورية كلها موجودة في اللجنة؟
- هذه الأحزاب تشكو الإهمال والتهميش أكثر من غيرها. وفي الواقع تشكيل اللجنة بهذه الصورة مؤشر أولي وحقيقي على عدم نجاح الحوار.
* كونكم من أبناء محافظة صعدة نريد أن نعرف ما هي قضية صعدة تحديدا؟
- أولا نقول قضية محافظة صعدة وليس صعدة المدينة فقط، وأخبارها كثيرة، الحوثي في البداية كان مدرسا لأربعة أو خمسة طلاب في ضحيان أو في آل الصيفي، وبعدها كبر قليلا وانتقل إلى مران، وبعدها تطوروا وأسسوا الشباب المؤمن على أساس أنهم خارجون عن حزب الحق وسينضمون إلى المؤتمر كما قالوا للرئيس السابق، ودعمهم ماليا، استوعبهم وأعطاهم أربعمائة ألف ريال شهريا، في الانتخابات الأولى رشحوا المؤتمر وفي الثانية رشحوا حسين بدر الدين الحوثي وجدبان، وبعدها كبروا حتى استعصوا عليه، ثم دخلوا حربا هي في الواقع حرب تكتيكية ومشبوهة كما يعرف الكثير، أمدهم بالسلاح كثيرا حتى كبروا من أجل أن يعارضوا المعارضين، من الحرب الثالثة وما بعدها أخذت نمطا آخر بين الطرفين كان يخرج الحوثي منها منتصرا أكثر، وكانت بين الطرفين تفاهمات خفية، أمدهم بالأسلحة والذخيرة سرا حتى وصلوا إلى الوضع الذي هم عليه. والكثير يعرف أنه كلما حاول الجيش أن يصل إلى منطقة "نقعة" وكذا إلى "مطرة" يتم ضربهم من الخلف.
* من يضربهم؟
- نيران صديقة!! دائما كلما شارف الجيش على الانتصار والدخول إلى هاتين المنطقتين سرعان ما تأتيه التوجيهات بالتراجع.. وهذا معروف للجميع، الرئيس السابق يريد بهذا التكتيك شغل الناس وإدخال البلاد في مشاكل لا حدود لها، يريد أن يخلق خلافات طائفية بين السنة والشيعة في منطقة حساسة أيضا جغرافيا، على الرغم من التعايش الإيجابي الطويل بين السنة وبين الزيدية لقرون من الزمن مضت.
* ألم تكن الحرب السادسة جادة إلى حد كبير بين الطرفين؟
- لا جادة ولا شيء، كله لعبة من الحرب الثالثة إلى السادسة كلها لعبة. سحبوا القوات العسكرية من كل المواقع في محافظة صعدة إلى المدينة ودخل الحوثيون معها لتأمينها حتى وصلوا معهم إلى المدينة بتوجيهات عليا، دخلت كل أنواع الأسلحة من الدبابة إلى المدفع إلى المدرعة إلى أصغر قطعة سلاح، وصلوا إلى صعدة ووجهت القوات المسلحة وإدارة الأمن أن يتعايشوا مع الحوثيين كالإخوة وأن يتفاهموا معهم، وانتخبوا لهم محافظا جديدا ومشت الأمور. وتم دعم المحافظ الجديد الذي عين باتفاق بين الحوثيين وبين النظام السابق.
* هل هناك أسلحة للدولة اليوم في قبضة الحوثيين داخل صعدة؟
- نعم.. أسلحة بكل أنواعها الخفيفة والمتوسطة والثقيلة.
* لماذا لم يعين الحوثيون شخصية منهم وتوافقوا على الشيخ فارس مناع مع الدولة؟
- هم اتفقوا على تنسيق بينهم وقالوا هكذا يكون أفضل، من أجل تجاوز أي حرج أمام الآخرين فيما لو تم تعيين شخصية حوثية منهم وتكون الدولة هي داعمة له. بقيت ميزانية المحافظة المالية على ما هي عليه وكذا ميزانية كل المشاريع وإلى الآن.
* الحوثيون انضموا للثورة وشاركوا الثوار في الساحات والميادين ولهم ائتلافات معروفة في ساحة صنعاء؟
- هذا يخدم الحوثيين، انضموا إلى الثورة واستطاعوا أن ينتشروا في كل الساحات والميادين حتى وصلوا إلى تعز وعدن، وتفاهموا حتى مع الانفصاليين والحراكيين. الثورة كانت لهم فرصة أن يمتدوا إلى كل اليمن بدل أن كانوا في صعدة.
* يعني أنهم بقوا على علاقة طيبة مع النظام السابق وأيضا مع قيادة المشترك؟
- نعم هذا حاصل، وهناك غباء عند البعض، اللقاء المشترك يقولون نتفاهم مع الحوثيين بدلا من أن يتفاهم معهم علي عبدالله صالح..
* الحوثيون اليوم ينادون بقضية صعدة.. هل هم يمثلونكم في صعدة؟
- الحوثيون تنظيم عسكري يحمل مشروعا كل الناس يعرفونه، وقد تفاهمنا مع لجنة التواصل وقلنا لهم الحوثيون جزء من صعدة وإن كانوا قد بدوا غريبين بمذهبهم الجديد الذي لم يعرف لا عن آبائهم ولا أجدادهم من قبل ولا صلة له بالزيدية..
* هل يمثلونكم؟
- هم يمثلون ما نسبته 10% من أبناء محافظة صعدة، لا غير. والبقية هم من 80 إلى 90%.
* لكن كيف يكون 10% مسيطرين على 80%؟
- كما قلت لك سابقا بقوة السلاح وبالإرهاب الذي يمارسونه على البعض. الرئيس السابق مكنهم من القوة التي منحتهم هذا التمثيل غير الشرعي، واليوم هناك أكثر من ستة مكونات فرضت نفسها على الساحة في صعدة وقد تواصلنا مع لجنة التواصل ومع رئيس الجمهورية الذي أحالنا عليها، وتوصلنا إلى نقطة التقاء أن الحوثي كيان سياسي واحد ولا يمثل محافظة صعدة.
* تلاحظون أنتم علاقتهم بأطراف إقليمية وخارجية؟
- أظن أن الأمور قد تكشفت بصورة أكثر في الآونة الأخيرة ولم تعد خافية على أحد.
* يشكو البعض من أبناء صعدة اعتداء الحوثي وجماعته على المواطنين وتدمير منازلهم وإكراههم على اعتناق فكرتهم.. هل هذا صحيح؟
- نعم.. اليوم هم يعتدون على كل من يصلي التراويح في رمضان، ويعتدون على بعض الشخصيات، وهذا العمل ليس بغريب عنهم. هناك أسر مهجرة من أيام الحرب إلى اليوم في صنعاء ولم تستطع العودة إلى منازلها في صعدة، نزحوا أثناء الحروب، الدولة لم توفر لهؤلاء الحماية بعد أن سحبت قواتها من المناطق المختلفة إلى المدينة وقالت لقيادة الجيش والأمن هناك تفاهموا مع الحوثيين، الحوثيون من جهتهم استغلوا غياب الدولة وثأروا من خصومهم الذين ناوءوهم سابقا. هذا ما حصل. النظام السابق سلمهم مستودعات عديدة من مخازن الأسلحة.
* برأيك ما هو الحل لقضية صعدة؟
- الحل هو الحوار الوطني أولا وثانيا وثالثا وأخيرا، الحوار الوطني هو الذي يمكن أن يخرج صعدة وغير صعدة من كل الأزمات التي تعيشها البلاد. ونحن مستعدون أن نلتقي مع الحوثيين ونتفاهم معهم لنصل إلى التآخي، ونبقى مواطنين تابعين للدولة نحتكم للدستور والقانون جميعا، لأن الدولة هي من تحمي وتحرس كرامة المواطن وشرفه وكل ممتلكاته، نحتكم إلى مديري عموم المديريات المعينين من الدولة ويعيش الجميع بسلام فيما بينهم. على الجميع أن يلقي السلاح جانبا ونحتكم إلى لغة الحوار والمدنية والإخاء، كإخوة ومواطنين متساوين.