بعد أن شكل ظهوره في المباراة الأولى بقوة يحسد عليها وبصورة تؤهله مباشرة للعب الأدوار النهائية للعبة التايكواندو التي انطلقت فعالياتها أمس الأربعاء لحساب دورة الألعاب الأولمبية الـ30 لندن 2012 خسر اللاعب المتألق وممثل بلادنا في الحدث الكوني الرياضي الأضخم تميم محمد القباطي فرصة اللعب في النهائيات والفوز بإحدى الميداليات الملونة التي سعى للوصول عبر أدائه الرائع في التمارين التي أظهرت حقيقة المعدن الأصيل للاعب فذ أو عبر المباريات التي خاضها ووقف الحظ معانداً له في المباراة الثانية.
ففي اللقاء الاستهلالي في الدور الربع النهائي لوزن 58 كجم ، خاض البطل اليمني مواجهة إثبات الذات أمام لاعب الدومينيك جابرييل مارسيدس رييس وقدم خلالها تميم عرضاً استثنائياً على البساط أحرج عبر دقائق المباراة خصم كان في دورة بكين 2008 بين الثلاثة المتوجين الأوائل متقلداً الفضة في ذات الوزن الحالي ، توجيهات العيثاوي أتت لتواكب التوجه الذي اتخذه القباطي نحو تحقيق الفوز وليس غيره بعد أن أجبر خصمه على تلقي خسارة لم تكن واردة في حساباته ولا في حسابات مدربه فكان السقوط مترافقاً بالألم ودموع الحسرة ماحصده رييس أمام تميم الفائز بالنقاط الإجمالية للجولات ( 8 3 ).
التأهل وإن بدا سهلاً رغم الفوارق التي كانت تصب قبل اللقاء في صالح الدومينيكي المتمرس رييس لم يزد تميم إلا إصراراً على الاستمرار بنفس النسق والعزيمة التي تسلح بها منذ قدومه لندن بهوية البطل الذي تعود على لعب الأدوار التي تنتهي دائماًَ بالتتويج.
تميم واجه في المباراة الثانية لاعب كولومبي عنيد هو أوسكار مينوز اوفييدو الذي تحالف معه الحظ متحدياً قوة القباطي ، أوسكار الذي امتاز بالفارق البدني والطول وسرعة الحركة استوعب الخسارة جيداً ودرس ما قدمه تميم في مواجهة رييس وخوفاً من السقوط الذريع في ذات الخطأ أمام اندفاع اليمني الذي حقق نتيجة ملفتة في الربع النهائي ، فخاض مباراة غير تلك التي واجه فيها الجزائري مقداد اليمني وتجاوزه بسهولة ( 8 1 ) .. تميم ورغم حالته المعنوية المرتفعة ومحاولته تعديل النتيجة أو اللحاق بالمتقدم وفي كل مرة كان الرد يأتي سريعاً بكسب مزيد النقاط لتتسع الهوة ومع مرور الوقت يزداد الضغط النفسي على لاعبنا الذي اجتهد كي يقلص الفارق إلا أن الكلمة الأخيرة كانت لأوفييدو.
تميم وقع في الفخ الكولومبي خطأ بعد أخر ليخسر المواجهة والحلم الذي كان يتمناه لبلاده ونتمناه جميعاً ،حيث بذل جهداً للحصول على التفوق ولو بميدالية برونزية.
الخسارة كانت واقعاً،حيث مع مرور الدقائق تقدم اوسكار والتراجع لم يكن وارداً من تميم الذي أبلى بلاء حسناً حتى وهو يتقهقر لتنتهي الجولات بتقدم ممثل كولومبيا ب( 14 – 2 ) ليحصل الفائز بغرابة ( 13 – 4 ) أمام ممثل اسبانيا جونزاليس بونيولا الذي صعد إلى النهائي لمواجهة الكوري الجنوبي لي دي هون الذي تخطى المصري تامر بيومي في الربع نهائي والروسي اليكسي دينيسينكو.
تميم خرج مرفوع الرأس حتى وإن لم يكن ضمن الصفوة المقلدة بالميداليات الأولمبية لكنه ترك بصمة لايمكن أن تنسى في عاصمة الضباب مؤكداً للجميع في رسالة مفادها: (كنت هناك..أنا «تميم القباطي»).
وبذلك تنتهي المشاركة اليمنية في الدورة الأولمبية بعد مشاركة إيجابية في ألعاب القوى الجودو والتايكواندو فودع منافسات الجودو من الدور الأول علي خصروف بعد خسارته المفاجئة رغم تقدمة في لقائه أمام سيكاردي من موناكو ولم تترجم مشاركة ألعاب القوى الطموح المؤمل منها فجاءت نتائج فاطمة سليمان ونبيل الجربي على غير المتوقع فلم يفلحا في كسر أرقامهما المسجلة ليكون الختام مسك بعرق وجهد لاعب التايكواندو تميم القباطي البطل الذي أثلج قلوب الجميع وأسعدها بعرضه الرائع في ميدان المنافسة وحصده الفوز الأول والوحيد للرياضة اليمنية في الأولمبياد.
ولو نظرنا للمشاركة من الجانب المشرق وليس الضيق كفرصة تقارب مع لاعبين ورياضيين من جميع الأقطار والقارات وفرصة جيدة للتعرف عن الأخطاء والاستفادة من خبرات الأخرين سنرى أننا مستفيدون تماماً.
الإرياني وتكريم تميم
وفي تصاريح مختلفة أكد الوزير معمر الإرياني في اتصال هاتفي عن سعادته بما قدمه اللاعب تميم مؤكداً أن الفوز لن يذهب أدراج الرياح وسيكون هناك تكريم للاعب حالما يعود عرفاناً باستبساله في ساحة المنافسة وأبدى ارتياحه الشديد للقوة التي ظهر بها اللاعب وأكسبته احترام الجميع فنال الإعجاب لأدائه الرجولي على البساط وفي ظل تواجد كوكبة من نجوم اللعبة في العالم وأضاف:«لا يوجد خصم سهل في مثل هذه التظاهرات الرياضية الكبيرة وكل متأهل إلى الأولمبياد هم أبطال على مستوى عالٍ يتفوقون على غيرهم بإمكاناتهم وقدراتهم التي جعلتهم في المقدمة»،وزاد بالقول: المنافسة تكون قوية ولاترحم وأن تنافسهم أمر ليس بالهين ولا بالسهل على الإطلاق.
الفوارق سبب الخسارة
من ناحيته علل الكابتن عبدالرحيم العيثاوي مدرب اللاعب تميم خسارة اللقاء الثاني إلى الفارق في الطول( 178 سم لأوسكار)( 168 سم تميم)..وهذا الأمر يؤثر كثيراً على مجريات المباراة،حيث يعرقل اللاعب الأقصر من الوصول إلى الخصم وتسجيل النقاط..واعتبر في تصريحه الخاص مشاركة تميم أكثر من ناجحة نظراً للأسماء الكبيرة المشاركة في الأولمبياد وقال الكابتن العيثاوي:(تميم لم يخشَ أحداً وقدم أداءً جيداً أثناء المباريات وطبق التوجيهات بحذافيرها)..
واستطرد: أسعدنا الفوز الأول كثيراً وجاءت عبارات التهاني من الإخو0ة وزير الشباب والرياضة وأمين عام اللجنة الأولمبية ورئيس اتحاد اللعبة مشجعة وتدل على المتابعة الحثيثة وفور انتهاءنا من المباراة كان التشجيع يصلنا من اليمن وعبر المسئولين على الرياضة وآزرونا بعد خسارة تميم..وأضاف:اللعب فوز وخسارة وكنا عند المستوى وقدمنا أداءً مشرفاً وجيداً عبر البطل تميم الذي يستحق أن يحظى باهتمام أكبر ورعاية متواصلة كي يتقدم نحو الأمام ويحرز أفضل النتائج في الاستحقاقات التي تنتظره في قادم الأيام.
وعلق عن المباراة الأولى التي فاز بها لاعب منتخبنا فقال: البارحة وخلال الراحة الإيجابية التي دخلها اللاعب استعرضنا شريط مباريات مارسيدس واستفدنا كثيراً في وضع الخطط الكفيلة بهزيمته وقد وجهته بأسلوب معين يمنع من خلاله أي تقدم للخصم الذي عرف عنه التهيئة بالقدم اليمنى لأي حركة فكان تميم على الموعد ونفذ التوجيهات وكان يفشل الهجمة حتى قبل أن تبدأ فكان التكتيك حاضراً وقوة الأداء موجودة لدى تميم فاستحق الانتصار.
تميم : أطمح للمزيد من الانتصارات
وفي ذات السياق عبر اللاعب تميم القباطي عن سعادته الغامرة فقال:«كم هي السعادة اليوم التي أشعر بها ولاأستطيع أن أصفها وكنت أطمح إلى مزيد من الانتصارات لأشرف بلادي في هذا العرس الرياضي الكبير،لكنه قدري وقد اجتهدت كي أقدم أفضل مالديّ وأتمنى أن يكون القادم أفضل بإذن الله تع إلى وسأواصل تماريني ولن أكتفي بهذا النجاح فالأماني أكبر بكثير من انتصار واحد وسأبذل كل جهدي كي أكون في جاهزية دائمة وأشكر كل من تابعني على شاشات التلفزيون أو اتصل لتهنئتي بالفوز وفي مقدمتهم وزير الشباب والرياضة معمر الإرياني.
- بعد فوز تميم القباطي مباراته الأولى لم يتوقف تليفونه الشخصي والتهاني جاءته من وزارة الشباب والرياضة عبر الوزير معمر الإرياني ومن اللجنة الأولمبية من أمينها العام محمد الأهجري ومن الوزير يحيى الشعيبي فاتصل مهنئاً من ماليزيا..وبالطبع لاننسى أسرته وأصدقائه.