ألقت الأحداث في سوريا إضافة إلى تفاعلات ملف التدخلات الإيرانية في اليمن بظلالهما على حزب البعث اليمني الذي يواجه انقساماً داخل قياداته كشفتها حرب البيانات المتبادلة التي طفت إلى السطح السياسي والإعلامي بشكل لافت خلال الآونة الأخيرة.
وكان أحدث ما تناولته وسائل الإعلام اليمنية بيانا للحزب أدان فيه بشدة ما وصفه بالتدخل الإيراني السافر في شؤونه التنظيمية والسياسية ومحاولات فرض الوصاية الإيرانية وأجندتها السياسية على الحزب.
ووفقا للبيان فقد حمّل مصدر مسؤول في حزب البعث السفارة الإيرانية بصنعاء مسؤولية التدخل المباشر في شؤونه الداخلية وفي عملية إعادة الهيكلة التنظيمية وفق الأجندة والمصالح الإيرانية التي تهدف إلى تقويض السلم والسلام الاجتماعي والإضرار بعلاقات اليمن ومصالحه مع جيرانه في مجلس التعاون الخليجي.
وأكد المصدر بأن الحزب اتخذ عدداً من الإجراءات العقابية في حق ثلاثة من أعضائه القياديين نايف القانص ومحمد الزبير وأحمد حيدرة تتمثل بتجميد عضويتهم في الحزب تمهيدا لإحالة ملفاتهم للقضاء اليمني لقيامهم بالتخابر مع دولة أجنبية وسفرهم إلى إيران والتنسيق مع السلطات الإيرانية دون علم وموافقة قيادة الحزب بكامل أعضاء القيادة القطرية واللجنة المركزية.. واعتبر المصدر المسؤول سفر المذكورين إلى إيران واستلامهم أموالا من طهران للقيام بأنشطة مشبوهة تهدد الأمن القومي اليمني والسعودي والخليجي عملا عدائيا يرفضه حزب البعث ويدينه جملة وتفصيلا.
مواقف القياديين
وبموازاة ذلك صدر بيان آخر باسم الحزب منسوبا لأمينه العام الدكتور عبد الوهاب محمود الذي يتلقى العلاج في الولايات المتحدة منذ فترة طويلة نفى فيه أن يكون قد تم تجميد عضوية ثلاثة من أعضائه القياديين بتهمة التخابر مع إيران.
وعبر البيان الأخير عن أسف القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي المرتبط تنظيميا بالقيادة القومية في دمشق لما ينشر من بيانات وتصريحات وأخبار منسوبة للحزب ليس لحزب البعث صلة بها.
"العربية.نت" استطلعت مواقف قياديين من كلا الجناحين المتصارعين داخل حزب البعث العربي الاشتراكي، القطر اليمني، حيث علق عضو القيادة القطرية نائف القانص على البيان المتضمن تجميد عضويته مع اثنين آخرين بتهمة التخابر مع إيران وقال: "هذا الكلام محض افتراء ودسيسة سياسية ولا أساس له من الصحة لأن حزب البعث متماسك ومعروف خطه ونهجه ويعتبر مثل هذا الخبر المزور هو امتداد للهجمة التي يتعرض لها الحزب نتيجة ثباته على مواقفه الوطنية والقومية وعدم التفريط بهما رغم كل المغريات التي تقدم له ووقفه إلى جانب سوريا العروبة والمقاومة".
القيادة القطرية منقسمة
وفي المقابل تحدث عضو القيادة القطرية علي الأسدي قائلاً "الأمين العام للحزب الدكتور عبدالوهاب محمود مريض ويتلقى العلاج في الخارج منذ نحو عامين, وهو كان قبل سفره قد خول اللجنة المركزية لإدارة شؤون الحزب كون القيادة القطرية بحكم القانون انتهت شرعيتها في 2008 وكان يفترض انتخاب قيادة جديدة في المؤتمر العام الخامس الذي تأخر عقده منذ ذلك الحين وحتى الآن".
وأضاف الأسدي "الحقيقة أن القيادة القطرية منقسمة على نفسها, هناك القياديون الثلاثة الذين سافروا إلى إيران وجمدنا عضويتهم بتهمة التخابر مع دولة أجنبية, وفي مقابلهم هناك ثمانية من أعضاء القيادة القطرية إضافة إلى 34 يمثلون قوام اللجنة المركزية التي أشغل أنا أمينا عاما مساعدا لها بقرار من الأمين العام الدكتور عبد الوهاب محمود, واللجنة المركزية حاليا هي المخولة تنظيميا لإدارة شؤون الحزب".
وكان قد سبق ذلك انقساما بين الطرفين بشأن الموقف من الأحداث في سوريا حيث إن الجناح المتهمة بعض قياداته بالتخابر مع إيران يدافع عن نظام بشار الأسد, في حين أن الجناح الآخر يدعو الأسد إلى التنحي ويؤكد أن استمرار النظام السوري في قمع شعبه وتحديه لإرادة التغيير يعني انتحارا لحزب البعث وإساءة لتاريخه العريق.
يشار إلى أن حزب البعث العربي الاشتراكي في اليمن كان قد شهد قبل أكثر من عشر سنوات حالة تشطير قسمته إلى حزبين أحدهما يرتبط بالقيادة القومية في بغداد وهو حاليا ضمن الأحزاب الحليفة لحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.
في حين يشكل الآخر امتدادا لحزب البعث السوري, وهو على المستوى الداخلي ضمن تكتل أحزاب اللقاء المشترك "المعارضة السابقة" والتي باتت شريكة في حكومة الوفاق الوطني بناء على معطيات المبادرة الخليجية للتسوية السياسية للأزمة اليمنية.