اعتبر محللون سياسيون أن غياب الرئيس اليمني عبد ربه هادي عن المشاركة في قمة دول عدم الانحياز التي تستضيفها العاصمة الإيرانية طهران، واقتصار تمثيل اليمن بأدنى من وزير الخارجية رسالة احتجاجية على تدخل إيران في الشأن اليمني.
ورغم إرسال الرئيس الإيراني لمبعوث خاص إلى صنعاء سابقا يحمل دعوة رسمية لحضور القمة، فإن الرئيس اليمني رفض استقباله، وذلك في أعقاب كشف السلطات اليمنية عن القبض على خلية تجسس إيرانية يقودها قائد سابق بالحرس الثوري الإيراني.
وتتهم صنعاء طهران بدعم جهات تناهض المبادرة الخليجية في اليمن وتعمل على تقويض التسوية السياسية فيه، كجماعة الحوثيين في صعدة وفصائل انفصالية بالحراك الجنوبي، وهو ما دفع بالرئيس اليمني للخروج عن صمته المعهود عنه، وحذر من تدخل إيران في بلاده.
وقال رئيس مركز أبعاد للدراسات والأبحاث عبد السلام محمد إن العلاقات اليمنية الإيرانية شابها الجمود منذ توقيع المبادرة الخليجية التي رأت طهران فيها أنها تقاسم مصالح بين السعودية والولايات المتحدة.
وأضاف عبد السلام في حديث للجزيرة نت أن طهران شرعت في اتخاذ خطوات "لا تأخذ في الاعتبار السيادة اليمنية والقانون الدولي" ترى أنها تساعد على إضعاف النفوذ السعودي والأميركي باليمن.
تعويض الأسد
وأشار إلى أن إيران ضاعفت من توجهها لتعزيز نفوذها في اليمن في ظل التوقع بانهيار نظام بشار الأسد بسوريا، حليفها الإستراتيجي في المنطقة، وأن النفوذ الإيراني تمثل في زيادة الدعم اللوجستي والمباشر للمتمردين الحوثيين في صعدة، و"تقديم دعم لجماعات العنف المسلحة والمناطقية الانفصالية وتلك المرتبطة بالنظام السابق بهدف عرقلة المبادرة الخليجية".
وعن الأسباب التي دعت اليمن لتخفيض مستوى التمثيل بقمة عدم الانحياز وغياب الرئيس هادي عن قبول دعوة طهران له، قال إن ثمة رسائل أرادت صنعاء إيصالها، وهي التعبير عن رفض الدور الإيراني باليمن، وأيضا إرسال رسالة طمأنة لدول الخليج وعلى رأسها السعودية حول "مدى التزم اليمن بالأمن الإقليمي".
وفي غضون ذلك نفى السفير الإيراني بصنعاء محمود حسن علي زاده التدخل في الشأن اليمني، وأكد أن إيران تدعم الوحدة اليمنية منذ العام 1990، وقال "ليس لدينا أي نوايا لتجزئة أو تفكيك اليمن"، كما شدد على أن إيران ليس لها أي نية لإشعال حرب طائفية باليمن.
واتهم السفير الإيراني في مقابلة نشرتها صحيفة محسوبة على جماعة الحوثي، الأربعاء، الولايات المتحدة بالتدخل السافر باليمن وقتل اليمنيين بالطائرات بدون طيار، وتساءل عن مهمة السفير الأميركي بصنعاء وهل بات متحدثا باسم الحكومة اليمنية، وذلك ردا على تصريح للسفير الأميركي اتهم فيه إيران بدعم الحوثيين.
كما نفى سفير إيران الاتهامات الموجهة لبلاده بأنها تدعم الحوثيين بصعدة وانفصاليي الجنوب بالسلاح، وقال إن باليمن "سلاحا كثيرا"، واعتبر أن الحديث بأن إيران تدعم الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض باتجاه الانفصال "حديث كاذب".
نشر التشيع
ورأى رئيس مركز دراسات المستقبل فارس السقاف في حديث للجزيرة نت أن التدخل الإيراني باليمن لا يمكن إنكاره، كما أن قضية خلايا التجسس الإيرانية "لا تحتاج إلى كبير عناء للتأكد من حقيقتها"، في إشارة لاتهامات الرئيس هادي لإيران.
وأشار السقاف إلى أن "الواقع" يفصح عن حجم التمويل الإيراني لنشاط الجماعات المناوئة للمبادرة الخليجية، في صعدة وصنعاء وحتى محافظات تعز وعدن وأبين، وباتت تلك الجماعات تمتلك قنوات فضائية وصحفا يومية وأسبوعية وبدأت تنشر التشيّع بالمناطق السنية.
ولفت إلى تصريح لعلي سالم البيض الذي يقود قوى الحراك الانفصالية قال فيه إنه سيتلقى الدعم "حتى ولو من الشيطان"، وذلك عندما سئل عن دعم إيران له.
ورأى السقاف أن إيران تعد اليمن ورقة قد تعوضها جزئيا خسارتها سوريا الأسد بعد سقوطه، كما أن نفوذها القوي في اليمن يعد شوكة في خاصرة دول الخليج خاصة السعودية.