من غير الواضح إن كانت الطائرات من دون طيار الأمريكية تحقق النتائج المرجوة.. "الناس يخشون من الذهاب إلى الأعراس، لأنه في حالة تجمع أعداد كبيرة من الرجال، يخشون أن تضربهم طائرة من دون طيار ".. كما يقول أحد شيوخ منطقة بيحان في شبوة، و هي ملاذ آمن للقاعدة إلى الجنوب الشرقي من العاصمة صنعاء. يقول إنه يرى أو يسمع ما يعادل طائرة إسبوعياً تحلق فوق منزله.
بعد أن فرغ من وجبة غداء دسمة و هو متكئ على وسائد و يمضغ القات المحبوب لدى اليمنيين مع أصدقائه، تلك النبتة المنشطة، تحدث الجميع بتذمر عن الطائرات من دون طيار. إذا أخذنا ما قاله رجال القبائل هؤلاء على محمل الجد، فإن الإستخدام الأمريكي النشط و المتزايد للطائرات من دون طيار في معركتها مع الجهاد، أمراً بعيداً كل البعد عن كسب قلوب و عقول اليمنيين.
يقول أحد أصدقاء الشيخ و هو مهرب "مواطنونا يتساءلون كيف و من يعطى طائرات أجنبية الحق أن تأتي إلى هنا و تقتلهم، حتى و إن كان بعض الناس الذي يتم قتلهم ينتمون إلى القاعدة. و يضيف الأمر الآخر أنهم يعتقدون أن الطائرات تقوم بإلتقاط صورهم و تتجسس عليهم. و لهذا السبب فإنه لم يعد هناك ما يربط مواطنونا بأمريكا. هكذا ينظرون إلى أمريكا" مشيراً بأصابعه بحرف الإكس (شطبوا على أمريكا). كل الرجال المتكئون على الوسائد على قناعة بأن الطائرات من دون طيار تقوم بإلتقاط صور لزوجاتهم، الأمر الذي يعتبره شعب اليمن المحافظ عملاً خسيساً.
خلال العام المنصرم زاد الأمريكان من معدل هجماتهم بطائرات من دون طيار على الأشخاص المشتبهين بإنتمائهم إلى القاعدة. رئيس البلاد، عبدربه منصور هادي، الذي تولى الرئاسة رسمياً في فبراير خلفاً لعلي عبدالله صالح الذي ظل في الحكم 33 عاماً، أقر بدوره هذه السياسة. لا أحد يمتلك أرقام رسمية، لكن مصادر غير رسمية تقول أن ما لا يقل عن 28 غارة جوية نفذت منذ مطلع هذا العام على أهداف يعتقد إرتباطهم للقاعدة (تلك الأرقام قد تشمل صواريخ كروز تطلق من سفن حربية أمريكية). بعض تلك الطائرات من دون طيار تنطلق من جيبوتي التي تقع على الجانب الآخر من البحر الأحمر، حيث لدى الأمريكيون قاعدة عسكرية.
على الرغم من مقتل عدد من قادة القاعدة بطائرات من دون طيار، إلا أن الهجمات الجهادية في إزدياد. و قام إنتحاري الشهر الماضي بقتل ما لا يقل عن 40 شخص في عزاء في جعار، و هي مدينة تقع في محافظة أبين الجنوبية تم السيطرة عليها من قبل القاعدة لعدة أشهر حتى مطلع الصيف، قبل أن تقوم القوات الحكومية في يونيو بإستعادة السيطرة عليها. و بالرغم أن العزاء حضره زعيم قبلي معارض للقاعدة، إلا أن الهجوم يعد الأول من نوعه الذي يستهدف مدنيين، عوضاً عن أفراداً في القوات المسلحة اليمنية.
على أية حال، فإن اليمنيين في صنعاء و المدن الكبيرة في غرب اليمن لديهم وجهة نظر متذبذبة تجاه الطائرات من دون طيار. لكن حيث كان قادة المعارضة ينتقدون صالح على سماحه للأمريكان بإنتهاك السيادة الوطنية، فإنهم الآن يلتزمون الصمت. و لأنهم جزء من حكومة هادي الوطنية الجديدة، فهم يشعرون بحاجة إلى الدعم الأمريكي له و لإصلاحاته.