اعترف البرلماني اليمني الشيخ محمد عبد اللاه القاضي بأن هناك أطرافاً خارجية تلعب بخيوط الأزمة السياسية في بلاده، مؤكداً بأن جهات استخباراتية وعقائدية خارجية حولت اليمن إلى مزرعة خصبة لتنفيذ مخططاتها وأدت إلى توسيع نقطة الخلافات وإطالة أمد الأزمة.
وتوقع "القاضي" ظهور عناصر مسلحة تفرض نفسها تأثراً بجماعات الحوثي التي استغلت الأحداث وأخطاء النظام السابق، موضحاً بأن المخرج للأزمة هو تحديد هدف رئيسي ورسم شكل ومضمون الدولة التي يريدها اليمنيون لنظام الحكم بأسرع وقت، مبيناً بأن الثورة لم تحقق التغيير المنشود وما تم بين قيادات سياسية كان من أجل مصالح شخصية.
واشار إلى أنه غير راضٍ عن التمثيل في اللجنة التحضيرية للحوار الوطني بقدر إصراره على ضرورة جلوس جميع الأطراف اليمنية لمناقشة قضاياهم تحت بند سيادة الدولة الكاملة والمطلقة، مرجعاً تخليه عن مسؤولياته ومركزه القيادي في (الشعبي العام ) الذي يقوده الرئيس السابق علي عبدالله صالح إلى شعوره بالمسؤولية تجاه الشعب اليمني وضرورة إحداث إصلاحات سياسية وإدارية بما يتواكب مع متغيرات العصر .. فإلى الحوار ..
* كيف تنظرون إلى نتائج الثورة اليمنية التي كنتم من أول المؤيدين لها مع أنكم من أقارب الرئيس السابق علي عبدالله صالح وما حققته من تغيير سياسي على الواقع؟
** حقيقة الثورة كانت في بدايتها ثورة مبادئ وقيم وأخلاق وتسعى إلى التغيير للأفضل وتحقيق مطالب الأمن والاستقرار والعدالة والتنمية والمساواة.. ولكن للأسف انحرفت عن مسارها، ولا يمكن أن نطلق عليها بالوقت الراهن بالثورة في ظل الانحرافات الكبيرة والتحولات التي مارسها عدد كبير ممن التحقوا بالثورة، وحول البعض منهم أهداف الثورة إلى وسيلة كسب ومصالح شخصية غير مشروعة لا تخدم الوطن ولا المواطن، باستثناء شباب الثورة القابعين في الساحات حتى اللحظة ومن يمكن أن نقول إنهم ما يزالون متمسكين بثورة لم تحقق تطلعاتهم.
* تقصد الشباب المستقلين أم من تطلقون عليهم شباب الأحزاب؟
** لا نخصص بل نقول من بقي في الساحات من الشباب وينادون بالثورة، أما من كان لهم دور في تقاسم كعكة الوفاق فقد أجهضوا الثورة وأخرجوها عن مسارها، وهدفهم منذ السابق التقاسم والوصول إلى السلطة وإلى الآن كما يقال في المثل اليمني ( قلعنا البصل وغرسنا الثوم) ولم يحدث شيء.
* لكن هناك من يرى أن تدخلات الحوثيين وأطراف أخرى وراء فشل الثورة في تحقيق التطلعات الشعبية؟
** لا نرمي السبب على جهة واحدة، ولكن هناك بعض المحسوبين على الثورة كانت لهم مآرب أخرى ولم يلتحقوا بالثورة لهدف أخلاقي ومبادئ ثورة.
* ألا ترى أن الثورة حققت نجاحات وكان أحد ثمارها التغيير السلمي؟
** الثورة لم تحقق التغيير المنشود، وما تم بين قيادات سياسية كان من أجل مصالح شخصية، في السابق كان علي عبدالله صالح يعين حكومة بقراره لوحده، وهو ما جعلنا نخرج عليه، ولكن اليوم هناك شريكان في العملية السياسية هما المشترك وعلي عبدالله صالح كل يضع عناصره لتقاسم الكعكة.
* إذاً ما هو المخرج من هذه الأزمة التي تعصف بالبلاد في ظل التداخلات السياسية؟
** حقيقة المخرج واضح وهو تحديد هدف رئيسي، ورسم شكل ومضمون الدولة التي نريدها ونظام الحكم فيها، وأن يتم إبعاد الوجوه القديمة المستهلكة، وإسناد المهمة لدماء جديدة شابة من ذوي الكفاءة والقدرة على تحقيق التطلعات النبيلة بعيداً عن تلك الشكليات التي تعودنا عليها منذ طفولتنا.
ولهذا أدعو جميع الأطراف أن يستشعروا مسؤولياتهم تجاه الوطن ويتفهموا خطورة المرحلة ويسارعوا في وضع أسس صحيحة بديلة لمبدأ تقاسم الكعكة والمناصفة السائدة بين الأطراف السياسية .
* إذا ما هو تقييمكم للفترة الرئاسية التي يقودها عبد ربه منصور هادي وإمكانية نجاحكم في حلحلة الاوضاع بشكل جذري؟
** ما كان قبل أيام الأحداث هو كائن اليوم ، لم يتغير شيء في ظل المبادرة الخليجية التي تعاملت مع ثورة اليمن كأزمة سياسية تحل بحوار سياسي ومقاسمة، بعد المساعي التي بذلت لإجهاض الثورة، ولم يتحقق شيء غير هدنة لم تمثل مخرجاً نهائياً وحلاً جذرياً للمشكلة. كل شيء على ما كان عليه، بل إلى أسوأ من ذلك.. الحالة الأمنية في أردأ مستوياتها، الجانب الاقتصادي في تهالك مستمر، الانقسامات والتشظي في أعلى مستوياته، وغير ذلك الكثير والكثير مما قامت لأجله الثورة، ولا أدل على ذلك من بقاء الساحات بحشود المعتصمين واستمرارية المطالبة بالتغيير وبتحقيق أهداف الثورة .
* كيف تقيمون دور الاشقاء عموماً والشقيقة الكبرى على وجه الخصوص للتخلص من كل المعوقات التي تواجه اليمن في عملية التغيير؟
** لا ننكر ما للاشقاء و للمملكة على وجه الخصوص من إسهام ودور فاعل في ذلك بموجب الجوار ووشائج الدين والإخاء، ولن نكون أقل منهم لو كان الوضع بعكسه ونحن نشكر المملكة وقيادتها وشعبها على كل ما يقدمونه لليمن .
* لكن البعض يربط ما يدور في اليمن بأنه يعود إلى التدخلات الخارجية في الشئون اليمنية وخاصة الدور الإيراني.. ما تعليقكم؟
** كثير من القوى تتلقى توجيهات ودعماً من جهات خارجية والارتهان للخارج قائم وهذا ما وسع فجوة الخلاف وحال دون إنهاء المشكلة.
* إذاً ما موقفكم من القرارات الأخيرة بالتحضير للحوار الوطني؟
** لسنا راضين عنها ولا عن بعض الشخصيات المدمجة في اللجنة التحضيرية للحوار وقد شعرنا بخيبة أمل حيال ذلك لكنا لن نستبق النتائج وإن كان التوقع بعكس ما نأمله .
* إذا ما هي رؤيتكم للحوار الوطني؟
** في ظل نجاحه نأمل أن يعمل على إنهاء التشظي والانقسامات ودعوات الانفصال والعنصرية والمناطقية وأن يبث روح المحبة والإخاء والوطنية بين أبناء الشعب كله ليسود التسامح وصفاء القلوب بين الجميع. وأن ينتج عن الحوار تحسن الوضع الاقتصادي والحد النهائي من البطالة وأن يسرع في عملية اطلاق معتلقي الثورة من الشباب القابعين في السجون وتعويض الشهداء والجرحى. وأن يمهد لمرحلة جديدة تلتزم فيها كل الأطراف بأسس ومبادئ الدولة الجمهورية ومفهوم المواطنة المتساوية والعدالة والسيادة المطلقة والعمل الجاد على إنهاء كل مظاهر التمرد والاختلالات الأمنية والعمل على بناء جيش مؤسسي قوي يتكفل بحماية البلد بعيداً عن تدخله في أي صراع سياسي أو تبعيته لغير مؤسسة الوطن العسكرية.
* لكن الرئيس بدأ بعملية الهيكلة العسكرية وقام بإقالة عدد القيادات العسكرية؟
** لا يجب أن نخلط بين الهيكلة العسكرية وبين تغيير القيادات.. الهيكلة تخلص إلى رفع مستوى الجانب العسكري في الأداء والتنظيم والتسلح وفق معايير ومنهجية عسكرية تضمن سيادة و حماية الدولة، وهذا هو الكيان الأقوى لأي دولة ، ولن يتحقق ذلك في اليمن في ظل بقاء القيادات العسكرية السابقة في مناصبها وإحكام قبضتها على السلطة ووقوفها في وجه عوامل التغيير . والواقع خير شاهد فتلك القيادات تمثل اليوم حجر عثرة أمام أي تغيير فعلي وأمام أي قرار من شأنه خدمة المصلحة العامة للوطن والمواطن، كما لا يجب أن نربط بين الهيكلة العسكرية بالمفهوم السابق وبين الإصلاحات الأخرى، الهيكلة ستأخذ زمنها ربما عامين أو أكثر، وقرارات الرئيس ما هي إلا بوابة الدخول إلى التنفيذ الفعلي لكل ما تشمله القرارات ويتطلب سرعة المعالجة، ونحن أمام تراكمات وأزمات متصاعدة أمنية واقتصادية وسياسية وغيرها تحتاج إلى خطوات جادة وقرارات فاعلة وعدم ربط هذا بذاك.
* برأيك ما هي الأسباب الرئيسية لتسمية ممثلي الحوثي للتحضير للحوار الوطني مع أنه لا يزال يسطر على مدن يمنية مثلهم مثل القاعدة؟
** لا ننكر أن الحوثي طرف سياسي، ساعده على البروز أكثر استغلاله للأحداث الماضية وأخطاء ما قبلها ففرض نفسه بقوة، وقد نتفاجأ ولو بعد سنوات بظهور أطراف وجماعات مسلحة أخرى تفرض نفسها إذا ما استمر مشهد الأخطاء والتغافل عن مسببات ذلك، فنحن لا نعارض مشاركة أي طرف في الحوار الوطني تحت بند سيادة الدولة الكاملة والمطلقة وعدم التمثيل الجهوي والمناطقي من أي طرف.
* برأيك ما حجم التدخلات الإيرانية بعد إعلان السلطات اليمنية ضبط عملات أجنبية إيرانية لدى اطراف من الحراك الجنوبي؟
** الواضح أن اليمن مقسم إلى عدد من الجهات وكل جهة عقائدية تفرض نفسها وترى أن اليمن مزرعة خصبة لتنفيذ مخططاتها سواء استخباراتية أو غيرها.
* ما هي طبيعة علاقتكم بالمؤتمر وهل لديكم توجه للعودة إليه؟
** عودة علاقتنا بالمؤتمر مرتبطة بعملية تصفيته من العناصر الفاسدة والتخريبية، ورسم خطة وبرنامج سياسي يليق بحزب المؤتمر.
* ما هي الأسباب الرئيسية وراء استقالتكم وتخليكم عن صالح الذي يعد أحد أقاربكم؟
** هو تدهور اليمن والنظام السابق والوصول إلى ما وصلنا إليه، وتخلينا عنه حينما شعرنا أن اليمن بحاجة إلى إصلاحات على كافة الجوانب سياسية وتنموية ولن يتم ذلك إلا بما قمنا به، ولقد كانت معارضتنا من داخل النظام للسياسات الخاطئة من زمن .
* هل تفكر بخوض المنافسة الرئاسية؟
** من حقي أن أخوض المنافسة الرئاسية كأي مواطن يمني كفل له الدستور هذا الحق.
* أخيراً .. كيف تنظرون إلى مستقبل اليمن؟
** مستقبل اليمن بحاجة إلى أن يقف الجميع وقفة رجل واحد من أجل تحقيق هدف منشود وهو بناء اليمن الجديد بعيداً عن النزاعات والمصالح المادية والتقاسم، بدون ذلك لن نستطيع عمل شيء لليمن وسنصل إلى أسوأ مما نحن فيه الآن.