قالت الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل عبد السلام كرمان، ان المبادرة الخليجية ليست تسوية بل عملية سياسية انتقالية جاءت نتيجة لثورة شبابية شعبية سلمية سوف تسير إلى نهايتها وستحقق غاياتها كاملة، وأن اليمن يتجه نحو المستقبل وبناء الدولة المدنية المواطنة المتساوية التي ينعم الجميع فيها بالحقوق والحريات والحياة الكريمة والشراكة الوطنية بصورة عادلة ومتساوية والتي يعيش فيها جميع أبناءها مواطنين لا رعايا، شركاء لا أتباع.
كما أكدت توكل في حوار واسع وشامل مع صحيفة 26 سبتمبر الناطقة باسم القوات المسلحة، على أنهم راضون عن أداء الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي يقود أهم مراحل التغيير العميق ويطالبونه بالمزيد، مضيفة بأن الفعل الثوري والنضال الشبابي هما من جاء بالرئيس هادي الذي تولى قيادة المرحلة الانتقالية وفقاً لإرادة ثورية اكدتها أصوات أكثر من سبعة مليون يمني.
وشددت كرمان على ضرورة انهاء انقسام الجيش والأمن وتوحيدهما بحيث تكون خاضعه للقرار السياسي في الرئاسة والحكومة. مطالبة بضرورة إعادة النظر في حكومة الوفاق وعدم قدرتها على أداء مهامها بسبب التوافق، داعية الرئيس هادي إلى ضرورة تغيير الوزراء المعطلين لأداء الحكومة أو تغيير الحكومة بالكامل بحيث تتوافق وتنسجم معه في إدارة المرحلة الانتقالية، وإلى ضرورة مواجهة التحدي الاقتصادي وضرورة الزام المانحين ورعاة المبادرة الخليجية بالوفاء بالتزاماتهم التي تعهدوا بها في النهوض الاقتصادي باليمن.
واعتبرت توكل كرمان أن الوحدة اليمنية كانت مطلباً شعبياً حلم به اليمنيون في الشمال والجنوب لكنها تحققت بطريقة عفوية ولم تقم على أسس علمية ومؤسساتية تحفظ الشراكة والحقوق لكلا الطرفين المتحدين في الدولة الجديدة.
وتابعت وفيما يخص القضية الجنوبية، موقفي المبدأي والأخلاقي الذي لا أتردد في قوله والدفاع عنه، هو أني مع ما يرتضيه إخواننا في الجنوب من حلول عادلة للقضية الجنوبية، وأياً كانت تلك الحلول أنا معها وسوف أساندها.
وأشارت إلى أنها مع الفيدرالية كفكرة وكحل ضروري وكمشروع استراتيجي لليمن، بحيث تكون الفيدرالية لكل المحافظات اليمنية، ويتم ضم المحافظات التي ترغب في أن تكون في اقليم واحد.
وفيما يخص جماعة الحوثي قالت كرمان نتعامل مع الحوثي كقوة وطنية شريكة معنا في الثورة وسنعمل معهم في شراكة وطنية لبناء اليمن، وأضافت أن هناك مشكلة مع سلاح الحوثي على خلفية حروب صعدة الست، ومؤتمر الحوار الوطني القادم سيعالج مشكلة السلاح خارج إطار الدولة ولا أعتقد ان الحوثي وغيره من الجماعات والجهات التي تحمل السلاح في اليمن سيرفضون ذلك.
وأكدت : ان في الوطن متسع للجميع.. وهناك وفرة لكل التيارات والقوى ما علمنا منها وما لم نعلم، وفي ظل القبول والتعايش والشراكة سوف نحلق بأمتنا إلى آفاق عالية هذا مصيرنا وقدرنا، التنوع والتعدد والشراكة والتعاون هي المبادئ التي ستقوم عليها معادلة شراكتنا الوطنية "
وفيما يخص الإرهاب.. اكدت توكل كرمان على أن الإرهاب نبتة طارئة لا مكان لها في اليمن، وأن الشعب اليمني في ظل ثورته الشعبية ومؤسساته الانتقالية سوف يكفل الحل الضامن والنهائي لمكافحة فاعلة للإرهاب.
وإلى نص الحوار الشامل الذي تطرق لكثير من القضايا والأوضاع في اليمن..
"توكل كرمان الناشطة السياسية والحقوقية البارزة والمناضلة الوطنية الصلبة في سبيل التغيير الذي ينشده شعبنا اليمني.. وفي سبيل إقامة الدولة المدنية الحديثة التي يسودها النظام والقانون والمواطنة المتساوية.. توكل الحائزة على جائزة «نوبل» للسلام كاستحقاق عالمي تحصل عليه أول امرأة يمنية عربية مسلمة هي من اصغر الحاصلين على هذه الجائزة العالمية سناً..أصبحت بفعل هذه المكانة الوطنية والدولية محط اعتزاز وفخر لليمن ولليمنيين، كما أنها عضوة اللجنة الأممية لرسم رؤية جديدة للتنمية العالمية.. وأخيراً عضوة اللجنة الفنية للحوار الوطني.. مهما تحدثنا عنها لن نوفيها حقها.. نترك الحديث للأخت توكل كرمان في هذا الحوار الشامل الذي خصت به «26 سبتمبر» وتناولت فيه مجمل القضايا والأوضاع في الساحة اليمنية بشجاعة وشفافية وصراحة لا تقبل التأويل أو التفسيرات الملتبسة، بل تتجلّى هنا صلابة الموقف ووضوح الرؤية تجاه قضايا حساسة ومعقدة.. فإلي نص الحوار :
> نود في البداية أن نستذكر معكم أهم محطات مشواركم النضالي والسياسي..؟
- شكرا جزيلاً أخي عبيد ومرحبا بك،المحطة الأهم هي مشاركتي في الثورة الشبابية الشعبية حين خرجت مع الشباب ندعو إلى إسقاط النظام، كان ذلك في اليوم التالي لسقوط بن علي في تونس واستمرت مسيراتنا اليومية حتى تحقق لنا ذلك.. ولاتزال مطالبنا مستمرة في إقامة دولتنا المدنية الحديثة، هذه محطة فارقة في حياتي وفي حياة شعبنا وفي تاريخه المعاصر، وقبل الثورة كانت هناك محطة أخرى فارقة وهي مشاركتي كناشطة حقوقية ورئيسة لمنظمة صحفيات بلا قيود المهتمة بالدفاع عن الحقوق والحريات ومناهضة الفساد.
* الدولة المدنية الحديثة
> كيف تقرئين ما يجري في اليمن.. هل هي تطورات ثورة أم تعقيدات أزمة..؟
- بالطبع هي ثورة عظمى أشعلها الشباب نتيجة أزمات متعددة وعميقة عانت منها اليمن في كل الجوانب والميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية وغير ذلك،وأصبحت البلاد على حافة السقوط والانهيار وكل المؤشرات تنذر بفشل الدولة والمجتمع وانهيار شامل في كل شيء إن لم تقم ثورة تنقذ البلاد وتضع اليمن على المسار الصحيح وتجعل الشعب بكل قواه الشعبية والشبابية والحزبية والاجتماعية يتحمل مسؤوليته في مواجهة الفشل وبناء دولته الوطنية الحديثة، وهذا ماحدث فجاءت الثورة الشبابية الشعبية السلمية منقذة لليمن من حالة الانهيار الذي وصلت إليه.
> لكن الثورة تغيير جذري شامل لا تخضع للتسويات أو الصفقات والمحاصصات. كما هو حاصل الآن..؟
- ماتقوله صحيح.. الثورة تغيير جذري شامل وعميق لكنه لا يحدث في يوم أو خلال اسابيع، وخاصة إن كانت الثورة سلمية، فالثورة السلميه فعل ثوري مستدام يحدث تغييراً مستمراً لا يتوقف يقيم مؤسسات الدولة الانتقالية وصولاً إلى اقامة الدولة الوطنية الحديثة، وهذا ما يحدث في اليمن، ثورتنا الشبابية الشعبية السلمية لم ولن تنتج تغييراً سطحياً أو شكلياً وكل المؤشرات تقول.. بأنها يوماً بعد يوم تحقق تغييراً عميقاً سيفضي إلى تحقيق الدولة المدنية الحديثة، دولة العدالة والحقوق والحريات والديمقراطية وسيادة القانون.
* نطالبه بالمزيد
> هل أفهم من هذا أنكم راضون عن أداء الرئيس هادي، والاستاذ باسندوة رئيس حكومة الوفاق؟
- الرئيس هادي بشخصه الاعتباري كرئيس يحظى بالتأييد الشعبي والثوري والدولي نعتبره اهم مؤسسات الثورة الانتقالية، ونحن راضون إلى درجة كبيرة عن أدائه ونطالبه بالمزيد، ونثق انه سوف يفعل وسوف يقود أهم مراحل التغيير العميق خلال المرحلة الانتقالية.
أما الاستاذ باسندوة فنحن نراه رمزاً وطنياً كبيراً وشريكاً في الثورة السلمية، لكن لدينا مآخذ وتحفظات كبيرة على أداء حكومة الوفاق، فالواضح أنها متعثرة تماما وغير قادرة على فعل شيء ربما كان ذلك بسبب التوافق الذي يعيق رئيسها وأعضاءها من مزاولة مهامهم.
> حسناً.. ماذا تودين قوله للرئيس هادي، وللأستاذ باسندوة رئيس حكومة الوفاق.؟
- أقول لهما بأنهما يقعان على رأس أهم مؤسسات الثورة الانتقالية ويحظيان بثقة الثوار.. طبعاً أنا أقول مؤسسات الثورة، لأن وجودهما على رأس الدولة ورأس الحكومة هو أحد ثمار الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي فرضت الفترة الانتقالية وأسقطت رئيس النظام السابق، وأقامت مكانهما الرئيس هادي وباسندوة وجعلت البلاد على مسار التغيير العميق والشامل.. أقول لهما كذلك بأن هناك علاقة حميمية وموضوعية وضرورية بين شباب الثورة وبينهما وعليهما مهمة وطنية كبيرة تتمثل في تحقيق أهداف الثورة السلمية باعتبارها تغييراً جذرياً شاملاً.
* تحديات
> وبرأيك.. ماهي التحديات التي ينبغي أن يضعها الرئيس هادي نصب عينيه كي يتجاوزها وهو يؤدي مهامه الوطنية..؟
- على الرئيس هادي أن يتجاوز ثلاثة تحديات كبيرة، وهي التحدي الأمني، والتحدي السياسي، والتحدي الاقتصادي.
التحدي الأمني سيتجاوزه عبر الإكمال الفوري لعملية انهاء الانقسام بين مؤسسات الجيش والأمن، وتوحيدهما بحيث تكون خاضعه للقرار السياسي في الرئاسة والحكومة، هذا أول التحديات وأهم المسؤوليات التي تقع على عاتق الرئيس هادي ويتعين عليه انجازها بسرعة، فهو مسؤول عن حفظ الأمن والاستقرار باعتباره على رأس أعلى هيئة رسمية في البلاد، ولن يستطيع أن يحفظ أمن واستقرار البلاد مع بقاء الانقسام في الجيش والأمن.
أما التحدي السياسي فسيتجاوزه عبر رعاية مؤتمر الحوار الوطني الشامل لإنجاز الحلول والمعالجات لأهم القضايا الوطنية واهمها القضية الجنوبية وانجاز الدستور الجديد وحزمة الاصلاحات الديمقراطية اللازمة لإقامة النظام الديمقراطي الرشيد والاستفتاء عليها، ثم إقامة الانتخابات المتعددة لإكمال العبور الآمن بالبلاد إلى الشرعية الدستورية.
وأخيرا التحدي الاقتصادي، وهنا مطلوب من الرئيس هادي وضع حل اقتصادي سريع يخفف الأزمات الاقتصادية ويكفل العيش الكريم للمواطنين.
> وهل تعتقدين أنه بإمكان الرئيس هادي وضع حل اقتصادي سريع خلال الفترة الانتقالية وهي فترة مساحتها الزمنية بسيطة؟
- بالطبع.. بإمكان الأخ الرئيس أن يعمل عملية نهوض اقتصادي سريع من خلال مطالبة الدول الراعية للمبادرة الخليجية أن تفي بتعهداتها والتزاماتها لليمن فيما يتعلق بالنهوض الاقتصادي في اليمن، والحقيقة أن هناك استعداداً كبيراً من قبل المجتمع الدولي لتقديم كافة سبل الدعم الاقتصادي واللوجستي للنهوض باليمن، الامر يحتاج فقط إلى قدر من الاستقرار وإرادة سياسية حكيمة من قبل الرئيس والحكومة، كما أن شعبنا يمتلك الموارد البشرية والطبيعية العظيمة والتي ان تحققت لها الادارة الرشيدة فسيكون بإمكانها تحقيق تنمية مستدامة وخلق نهضة واستقرار اقتصادي في وقت قياسي.
اخيرا اعتقد أن على الأخ الرئيس أيضاً أن يتعامل بجدية مع وضع الحكومة المعطل بسبب التوافق.. وعدم قدرتها على العمل معه كفريق واحد وتنسجم مع أدائه من أجل نجاح المرحلة الانتقالية، عليه أن يقوم بإجراء تعديل كبير على الحكومة يطال كل من يعمل على العرقلة وإعاقة جهود الحكومة، أو تغييرها بشكل كلي.
* نتفهم التدخل الخارجي
> ماهي قراءتكم لمسار ثورة التغيير الشبابية السلمية.. أين نجحت وأين أخفقت..؟
- ثورة التغيير الشبابية السلمية تمضي في مسارها الصحيح وبخطوات متسارعة وهي تنجز يوما بعد آخر تحولات وتغييرات جذرية عميقة لن تتوقف حتى نشهد الدولة المدنية الحديثة، وحتى ينعم شعبنا بالحياة الحرة والكريمة اللائقة به.
> هل تقصدين أنه لا إخفاقات في مسار الثورة؟ !!
- أنا لا أسميها إخفاقات، أنا اسميها تحديات وعقبات علينا أن نتجاوزها، وقد تجاوزنا العديد منها، ونحن قادرون على ذلك بالفعل ولن تقف أمام إرادتنا الحرة أيةً صعوبات.
> وماذا عن التدخل الخارجي.. ألم يؤثر في الثورة السلمية سلباً..؟
- التدخل الخارجي نوعان، هناك تدخل لتمويل انشطة غير ثورية لخدمة مشاريع اقليمية ضارة باليمن وهذا النوع من التدخلات الخارجية نرفضه، وشعبنا بكافة قواه سيعمل على إسقاطها باعتبارها تآمراً على استقرار البلد وأمنه وأنا متأكدة وواثقة أن الشعب اليمني سينجح في اسقاط ذلك التآمر.
أما النوع الآخر فهو رعاية المجتمع الدولي للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وهذا التدخل فعلاً شكل تحدياً وعقبة أمامنا حالت دون أن ننجز إسقاط النظام السابق بشكل كلي، وبنفس اللحظة على نفس الطريقة التونسية والمصرية، لكن لكي نكون منصفين فالمجتمع الدولي أو الكثير منهم على الأقل ومعهم المشترك وشركاؤه كانت لديهم حجة الخوف من أي تغيير مجهول في اليمن قد يؤدي إلى عدم الاستقرار الذي سوف يؤثر على الاستقرار الاقليمي والدولي بدرجة كبيرة جداً، هذا التدخل برغم ضيقنا منه إلا أننا نتفهمه، ونتعامل على أساسه مع المجتمع الدولي كشركاء اقليميين ودوليين، ونحن ننظر إلى الأمم المتحدة وأشقائنا في الخليج والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الاوروبي باعتبارهم شركاء معنا في عملية التغيير الجذري السلمي المستمر ووفق مراحل التغيير، كلهم شركاء لنا طالما وهم حريصون على استقرار وأمن اليمن.
* لا اتعامل مع المبادرة الخليجية بمعزل عن العمل الثوري
> على ذكر المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية من وجهة نظرك..ما الأهمية الوطنية لها، وما هو تأثيرها سلباً وايجاباً على الثورة السلمية؟
- أنا لا أتعامل مع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية بمعزل عن العمل الثوري، هي ليست برنامجاً انتخابياً لتداول السلطة برقابة دولية وخليجية، كما أنها لم تأت طوعاً بدون مسيرات الشباب ونضالاتهم، فالثورة الشبابية الشعبية السلمية والتضحيات الأسطورية لشبابها هما من أتيا بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية،وبالتالي فكل البنود الإيجابية التي تحملها الآلية التنفيذية هي مطالب شباب الثورة، وكل الانجازات التي تحققها المبادرة هي إنجازات الثورة الشبابية الشعبية.
> وهل تنفيذ الآلية التنفيذية للمبادرة حتى الآن مقنعاً..!؟
- لا ليس مقنعاً.. حين تقرأ نصوص الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية التي لم تطبق معظمها ستكتشف أنها في وادٍ آخر، وما نحققه من انجازات وخطوات تتم وفقاً لمسار واضح تفرضه الإرادة الثورية وليس تبعاً لمبادرة الخليج وآليتها التنفيذية، خذ مثلا.. تقول الآلية التنفيذية للمبادرة ان انهاء انقسام الجيش يتم في الاسابيع الأولى التالية للتوقيع على المبادرة الخليجية وقبل انتخاب عبدربه منصور هادي رئيساّ، حتى الآن لم يتم تنفيذ هذا البند.
ولا يزال البعض يتمنعون عن تنفيذ نصوص المبادرة وآليتها المزمنة ويتمردون ويقاومون كل محاولات وقرارات الرئيس هادي لإنهاء الانقسام وتوحيد الجيش، فكل عمليات التغيير في وحدات وألوية الجيش من الدفاع الجوي إلى الحرس الخاص واللواء الثالث.. والعديد من ألوية الحرس الجمهوري، لم تتم بناء على تنفيذ نصوص المبادرة بل تمت بتمرد داخل تلك الألوية وبفعل ثوري شبابي مساند ومتضامن معها.
> وماذا لو لم تكن المبادرة الخليجية موجودة.. هل كنا سنشهد هذه الانجازات؟
- مرة أخرى أي إنجاز تحققه المبادرة هو أنجاز تحققة الثورة، وفي الثورات السلمية عادة ما تكون الانجازات الثورية مغلفة باتفاقات ومبادرات يظهر فيها الحاكم المستبد وكأنه تنازل راضياً ومختاراً، بينما هو لم يتنازل ولم يختر، هي انجازات تم انتزاعها غصبا عنه وكرها منه، وعليه فإن الفعل الثوري السابق والمصاحب واللاحق للمبادرة الخليجية هو من يحقق المنجزات ويحدث التغيير العميق وهو من يضع اليمن على المسار الصحيح وفي المكان اللائق بها بين الأمم.
وبالمناسبة أنا هنا أريد ان أؤكد أن الفعل الثوري والنضال الشبابي هو من جاء بالرئيس عبدربه منصور هادي، والذي تولى قيادة المرحلة الانتقالية وفقاً لارادة ثورية اكدتها أصوات أكثر من سبعة مليون يمني في يوم 21فبراير كان الكثير من شباب الثورة يدعونه بأن يتسلم السلطة، وكل الدلائل والاحصاءات تقول ان هناك رضاً شبابياً واسعاً به وثقة به باعتباره احد اهم منجزاتهم الثورية. كما أن من أسقط التمرد في عدد من الالوية والقوات الجوية ومن مؤسسات الدولة هي إرادة الشباب ومؤسسة الرئاسة الانتقالية ممثلة بالرئيس هادي وأبناء القوات المسلحة الأبطال.
> هل افهم من ذلك انكم ترفضون المبادرة الخليجية؟
- فيما عدا بند الحصانة، جميع بنود الآلية التنفيذية الخليجية تصب تماماً في مطالب الثورة الشبابية الشعبية..ونطالب بتطبيق بنودها ونناضل لتنفيذها بطريقتنا.
* تجاوزنا المعضلة الاكبر
> بالنظر إلى العوائق التي تفتعلها بعض اطراف المعادلة السياسية تجاه تنفيذ المبادرة هل ستذهب هذه التسوية الي النهاية للعبور بالوطن إلى الانفراج؟.
- هي ليست تسوية.. هذه عملية سياسية انتقالية نتيجة لثورة شبابية شعبية سلمية، بإمكانك ان تسميها عملية سياسية تمت على إثر عملية تفاوض، وليست تسوية أو صفقة مع علي عبدالله صالح، ووجود المؤتمر في العملية السياسية وترحيبنا به ليس دليلاً على التسوية بقدر ما هو دليل على قبولنا بالآخر وعدم رغبتنا في الانتقام وقدرتنا على التعايش، ولأننا نعلم ان المؤتمر سيمثل اضافة رائعة ورائدة للحياة السياسية.
> حسنا.. هل العملية السياسية الانتقالية سوف تعبر بالوطن إلى ضفة الانفراج؟
- نعم.. العملية السياسية الانتقالية سوف تسير إلى نهايتها وستحقق غايتها كاملة في العبور باليمن إلى الشرعية الدستورية والحياة المدنية الحرة والكريمة.
> وهل ستكفل المبادرة إحداث التغيير المنشود الذي اندلعت الثورة من أجله، أم أنها ستكون كابحة لهذه العملية ومعطلة لطموحات شباب الثورة.؟
- الثورة السلمية هي من ستكفل ذلك ومعها الرئيس الانتقالي ورئيس الحكومة الانتقالية وليس المبادرة.
> وهل سيكون بمقدور الثورة السلمية إخراج اليمن من أسر تنازع القوى القبلية والعسكرية والدينية المهيمنة على واقع اليمن والمتحكمة بمصيره..؟ ولمن سيكون المستقبل برأيكم؟
- لقد نجحت بالفعل بتجاوز المعضلة الأهم، حين جاءت برئيس جمهورية من خارج المركز العصبوي،وهي ماضية لإقامة دولة المواطنة المتساوية التي ينعم الجميع فيها بالحقوق والحريات والحياة الكريمة والشراكة الوطنية بصورة عادلة ومتساوية.
أما عن المستقبل، فبالتأكيد سيكون للدولة المدنية الحديثة الديمقراطية دولة الحقوق والحريات دولة الشراكة والمواطنة المتساوية التي فيها متسع للجميع.. وليس فيها أي مجال للسيطرة خارج الدولة وخارج إطار القانون، سيكون المستقبل للشباب اليمني العظيم مفجر الثورة وحامل مشروعها العظيم، سيكون المستقبل لليمن السعيد التي سيعيش فيها كل أبناء وطننا الكبير مواطنين لا رعايا.. شركاء لا أتباع.
* الجيش والامن معنا
> لكن استمرار انشقاق الجيش.. ألا يهدد كل هذا الطموح، يهدد الفترة الانتقالية، و يدفع إلى احتمالات تفجر الصراع..؟
- بالطبع.. هناك خطورة كبيرة على كل شيء اذا بقى الجيش منقسما ومختطفا وموجها ضد السلطة الانتقالية، أمن واستقرار البلاد وبسط سيطرة الدولة وسيادتها امور بالغة الأهمية، ولا يمكن للقرار السياسي ان يحقق شيئاً ان كان معزولا عن القوة العامة ممثلة بالأمن والجيش فكيف ان كان محروما منها أو في مواجهتها.
وهذا مايحدث الآن، إستمرار انقسام الجيش والأمن جعل الجماعات الارهابية توسع من نشاطها وافسح المجال لعمليات التمرد لضرب الخدمات العامة وعمليات التقطع والانفلات الامني في المدن والاحياء والشوارع، لذا هناك اولوية ملحة في إنهاء انقسام الجيش والامن وهيكلته وتوحيده في قيادة موحدة تتبع القرار الرئاسي السياسي وتحمي الوطن واستقراره وسيادته لا العائلة ولا الطائفة ولا المنطقة ولا الجهة،.
> كيف هي علاقتكم بالجيش ونظرتكم له؟
- علاقتنا بالجيش حميمية، الجيش هم حماة الوطن والسيادة وليسوا ملكية خاصة لأحد ونحن من أول يوم دشنا فيه الثورة، كنا نعلم أن الجيش والأمن معنا وسيقف إلى جانبنا، وقررنا من أول يوم أن لا نصطدم معهم أو مع أي أحد، وأن نموت ونستشهد ونحن رافعين الورود في مواجهة أي عنف قد يحدث، كانت أغلب شعاراتنا موجهه لهم، ونعلم أن صوتنا يصل إليهم كنا نقول :
احنا والشرطة والجيش، نتقاسم رغيف العيش
جيشي ياجيش الأحرار.. احمي الثورة والثوار.
وأنا حقيقة مثلما أثق ان قرارات الرئيس هادي القادمة ستكون حاسمة بشأن انهاء انقسام الجيش والأمن واكمال عملية توحيده، فأنا واثقة تماماً ان افراد وضباط قواتنا المسلحة والامن سيقفون مع الارادة السياسية.
> وكيف تنظرين إلى اعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن ببعديها السياسي والفني..؟
- توحيد الجيش وهيكلته اهم متطلبات الفترة الانتقالية واهم متطلبات التنمية الاقتصادية والشرط الضروري لنجاح العملية السياسية، ولا أعتقد أن هناك تعقيدات فنية تحول دون الدمج،الأمر فقط يحتاج إلى ارادة سياسية وقرارات رئاسية تجعل من كافة الوية الحرس الجمهوري والفرقة الأولى تابعة مالياً وادارياً للمناطق العسكرية التابعة لادارة وزارة الدفاع بحيث تكون هي المسؤولة عن توزيعها واعادة انتشارها وقيادتها، هذه الخطوات بالغة الأهمية وحاسمة للشروع في عملية بناء وهيكلة الجيش وفق المعايير الحديثة واخضاع كافة الألوية لمعايير واحدة ومتكافئة في التسلح والاعداد والتموين والتأهيل، اقول لن يكون هناك استقرار ولا تنمية ولا أي شيئ دون جيش موحد يدين بالولاء للوطن لا للفرد أو الحزب.
* الحراك والثورة السلمية
> دعينا ننتقل إلى المشهد في الجنوب.. هل ترين أن هناك ترابطية جدلية بين الحراك الجنوبي السلمي والثورة السلمية اليمنية.. ما مدى تداخل وتباعد معطياتهما وأهدافهما..؟
- هناك روابط عديدة تجمع بين الحراك الجنوبي السلمي والثورة الشبابية الشعبية السلمية، وأهم ما يجمع بينهما هو الالتزام الاخلاقي الصارم لكليهما بالحالة السلمية والجرأة في الحلم والشجاعة والقدرة على التضحية في سبيله، كما أن كلا من الحراك والثورة السلمية ضاقا بدولة المحسوبيات والرشاوي والحكم الفاسد والفاشل والمستبد ومارسا نضالاً سلمياً استهدف اسقاط النظام السابق بكافة مكوناته ولم يبخلا عن تقديم التضحيات في سبيل معركة الحرية والكرامة، كلاهما يطمح ويهدف للحياة الحرة والكريمة دولة العدالة والمواطنة المتساوية والمساءلة وحكم القانون. وأستطيع أن أؤكد أن الثورة الشبابية الشعبية السلمية جاءت امتداداً وصدى وتأثراً بالحراك الجنوبي السلمي أكثر منها امتداداً وتأثراً لثورة الياسمين في تونس.
> انحزتي إلى الحراك الجنوبي منذ وقت مبكر.. ما سبب ذلك؟
- اعجبت بنضالهم وساندته وانحزت إليه منذ انطلاق الحراك الذي بدأ في جمعية المتقاعدين العسكريين والتي امتدت إلى معظم قرى ومدن الجنوب، ثم تحوله حراكا شعبياً سلمياً شاملاً، وشهدت معهم أهم محطات نضالهم السلمي الكبير، لكن كان واضحاً ان الثورة السلمية في الجنوب تحتاج إلى ثورة سلمية موازية في الشمال، كنت أشعر بالأسف أن الثورة اليمنية تطير بجناح واحد، فقد كان حال المعارضة في المحافظات الشمالية في حال جمود وأداء هش غير قادر على أن يغير شيئاً، وكنّا نعمل مع عدد من النشطاء المدنيين على إشعال الحراك الشمالي، والحمد لله ان تحقق لنا ذلك الطموح بإشعال الثورة السلمية.
> كيف تقيمين واقع الحراك الجنوبي السلمي..؟
- لايزال يعيش ذات المعضلة في الانقسام والتعدد الذي يحول دون توحده في اطار تنظيمي واحد، وهذه واحدة من الروابط المشتركة للحراك مع الثورة الشبابية،لكن الحراك الجنوبي السلمي اكبر وأعظم من قياداته.. هو حراك شعبي ممتد ومتسع يصعب احتواؤه في أي اطر لا تستجيب للشراكة الشعبية الواسعة في القرار والادارة والنضال، ومع ذلك فما اعتقده ان الحراك الجنوبي تجاوز كافة المخاطر والآثار السلبية المترتبة عن عدم التأطير في قيادة موحدة. لأنه اعتمد سياسة الادارة بالأهداف والتحرك والنضال لتحقيق الاهداف مع تعدد الوسائل والآليات والاجتهادات المفتوحة.
* مع التعدد
> هل تعتقدين أن هناك إمكانية لتوحيد مكونات الحراك الجنوبي وانسجام قياداته في الداخل والخارج..؟
- انا مع التنوع والتعدد لاسيما حين لا يكون التوحد ممكنا، واسمح لي هنا، أن أوجه رجاء أو ملاحظة للإخوة في الحراك وأن أدعو تيارات الحراك المختلفة إلى القبول بالآخر والتعاون معه بروح الشراكة والقبول بالتنوع والتعدد، قبل ان يضيعوا جهودهم في محاولة التوحيد المتعذرة والمستحيلة ان لم تسبقها القناعة التامة بالتنوع والتعدد والقبول باختلاف وجهات النظر مهما كانت.
> هل لديكم تواصل وتنسيق مع الرئيس علي ناصر والرئيس البيض حول القضايا الوطنية، وبالذات القضية الجنوبية.. وماهي أوجه الاتفاق والاختلاف فيما بينكم بهذا الشأن..؟
- تربطني بالرئيس علي ناصر علاقة جيدة وكنت على تواصل وتنسيق دائم معه من قبل الثورة الشبابية واثنائها وكان لدينا قناعة مشتركة بحل الفيدرالية لنظام الحكم في اليمن، ولا ادري عن قناعته الآن حيث لم نتواصل منذ أشهر، طبعا ليس هناك قطيعة بيننا، ولا زلت أرى فيه شخصية وطنية اعتز وافاخر بها. أما البيض فلم أتمكن سابقاً من التواصل معه.
> هل نجح الحراك الجنوبي- برأيكم- في فرض القضية الجنوبية على المستوى الوطني والاقليمي والدولي..؟
- نعم نجح على المستوى الوطني وهو المهم، لقد فرض القضية الجنوبية على جميع مكونات الحياة السياسية والاجتماعية في اليمن واعترف بها الداخل والخارج، وبفعل نضال الحراك الجنوبي ومن بعده الثورة الشبابية وصل مطلب الحل العادل والمرضي للقضية الجنوبية وبما يرضي إخواننا في الجنوب إلى مرحلة اللاعودة، كما أن الحراك السلمي نجح في رد الاعتبار للجنوب بشكل خاص ولليمن بشكل عام وامتنا ووطننا مدين لهم بالكثير، هذه الانجازات مشتركة للحراك الجنوبي ومن بعده الثورة الشبابية السلمية التي كان ملهما لها ابتداء وشريكا كبيراً فيها بعد ذلك، ونيابة عن شعبنا العظيم اقدم لهم التحية والامتنان.
> كيف هي علاقتكم بقادة الحراك الجنوبي في الداخل..، وهل تتواصلين مع باعوم والسفير قاسم عسكر ود. الخبجي وشلال والنوبة ود.المعطري والشنفرة.. وماذا تقولين لهم؟
- تربطني بأغلبهم كذلك علاقات جيدة، وجميعهم رموز وطنية عظيمة اعتز بها، جمعتني بهم الروح الثورية التواقة للحرية والكرامة، وكنت على تواصل معهم أو مع تياراتهم حتى عشية الثورة الشبابية الشعبية، واقول لهم ان الثورة ملتزمة بحل القضية الجنوبية وفق ما يرتضيه ابناء شعبنا في الجنوب من حلول عادلة ومرضية
> تقولين الحل العادل والمرضي لأبناء الجنوب.. هل لديك رؤية معينة لهذا الحل؟
- كما قلت لك وأقول دائما.. انا مع ما يرتضيه إخواننا في الجنوب من حلول عادلة للقضية الجنوبية، وأياً كانت تلك الحلول أنا معها وسوف أساندها، هذا الوعد تعهدت به في بداية ثورة الشباب وهي القناعة التي تتملكني قبل الثورة،هذا موقف مبدأي واخلاقي لا اتردد في قوله والدفاع عنه.
> ألا يوجد لديك توجه معين..؟
- حقيقة كنت أتمنى أن الوحدة اليمنية في عام 90 بنيت على اساس دولة اتحادية يشارك فيها الجنوب والشمال في ظل حكم اتحادي يحلق بهما وطننا وامتنا إلى افاق عالية.
* الفيدرالية هي الحل
> تتمنين ان الوحدة لو كانت بنيت على اساس دولة اتحادية..، ماهي نظرتكم إلى وحدة 22 مايو90م؟
- ارى ان الوحدة اليمنية كانت مطلباً شعبياً حلم به اليمنيون في الشمال والجنوب منذ زمن، لكنها تحققت بطريقة عفوية وبدون ان تقوم على أسس علمية ومؤسساتية تحفظ الشراكة والحقوق لكلا الطرفين المتحدين في الدولة الجديدة.
> طريقة عفوية..؟ كيف..؟
- الوحدة تم اتخاذ القرار بشأنها في ظرف يوم وليلة وتم تنفيذه خلال أشهر وهي طريقة لا تكفي لدمج بقالتين دون ان يبغي احد الشركاء على الآخر فكيف بدولتين.
> حسناً.. وما هو المشروع الوحدوي الذي ترينه صالحاً لليمن اليوم بدلاً عن وحدة 22مايو90م؟
- أرى أن الوحدة الفيدرالية والنظام الاتحادي القائم على المعايير المتعارف عليها في النظم الاتحادية والفيدرالية هو الحل، وسوف أساند أي حل- كما قلت- يتوافق عليه الجنوبيون أو يرتضونه.
> الأستاذ محمد سعيد عبدالله (محسن) يطرح مشروع الفيدرالية لليمن من ثلاثة أقاليم.. ما رأيكم..؟
- أنا مع الفيدرالية كفكرة وكحل ضروري وكمشروع استراتيجي لليمن، شكل الفيدرالية يحددها اليمنيون في مؤتمر الحوار القادم، لكن ما أفضله أنا شخصياً.. الفيدرالية لكل المحافظات اليمنية، ويتم ضم المحافظات التي ترغب في أن تكون في اقليم واحد،وإن لم فكل محافظة إقليم بحد ذاته، أما بالنسبة لثلاثة أقاليم فهذا مقترح ممكن يكون مناسباً، والسؤال الذي على مؤتمر الحوار ان يجيب عنه هو ماهي هذه الأقاليم؟
> أيهما –برأيكم- خيار الفيدرالية أم خيار فك الارتباط لحل القضية الجنوبية، قابل للتحقيق بالنظر إلى المعطيات والممكنات والقابليات الوطنية والاقليمية والدولية؟
- خيار فك الارتباط ليس لديه موقع في المصطلحات الحقوقية، نحن نطلق عليه حق تقرير المصير وهذا الحق كفلته مواثيق حقوق الإنسان والشرعة الدولية. أما ما هو قابل للتحقيق من الحلول للقضية الجنوبية في جانبها السياسي في ظل الممكن وحسب المعطيات الدولية والإقليمية، فهو الفيدرالية وهي السقف الأعلى والأقرب لأي حلول يمكن ان تتمخض عنها هذه المعطيات، لأن قرارات مجلس الأمن واضحة في ذلك والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية كلها نصت بوضوح على الحفاظ على وحدة اليمن واستقرارها، وأي حلول غير ذلك خلال الفترة الانتقالية على الاقل ستواجه بإرادة اممية ودولية رافضة لها حسب اعتقادي.
> مارأيك بأحزاب اللقاء المشترك ودورها في الثورة الشبابية الشعبية..؟
- اللقاء المشترك أحد أهم القوى الوطنية في الوطن، وأهم انجاز حققته المعادلة السياسية خلال الفترة الماضية، وهو شريكنا الرئيسي في الثورة وقد بذل جهوداً لا تنكر في الجانب السياسي من أجل إنجاح الثورة.
> الحوثيون وافقوا على المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني بدون شروط.. كيف تقرأين هذا التحول..؟
- الجميع وافق دون شروط والمقصود بدون شروط هو ان جميع القضايا والمواضيع قابلة للحوار والنقاش والتداول حولها في مؤتمر الحوار.
> وكيف ستتعاطون معه..؟
- نتعاطى مع الحوثي كقوة وطنية شريكة معنا في الثورة وجزء اساسي من القوى الوطنية فيه وسوف نعمل معا في شراكة وطنية لبناء بلدنا الديمقراطي الحديث، ليس لدينا مشكلة مع مطالب الحوثي السياسية ولا مع حركته، هناك مشكلة في سلاح الحوثي على خلفية حروب صعدة الست، واعتقد ان مؤتمر الحوار سوف يضع حلا لمشكلة امتلاك السلاح خارج الدولة، ولا اعتقد ان الحوثي أو غيره من الجماعات والجهات التي تمتلك سلاحا لديهم مانع من ذلك.
> بدأت مؤخراً لعبة البيضة والحجر في صراع حزب الاصلاح والحوثيين من جهة، وحزب الاصلاح والمؤتمر الشعبي العام من جهة ثانية.. كيف تفسرين طبيعة هذا الصراع وآثاره على العملية السياسية التوافقية ومخاطره على الوطن برمته..؟
- انا واثقة ومؤمنة ان الجميع سيعيشون بسلام وشراكة وقبول واعتراف بالآخر في كل ارجاء وطننا الكبير، وادعو الحوثيين والاصلاحيين وكل القوى السياسية والاجتماعية في البلاد إلى الالتزام بتعهداتهم لشباب الثورة بالحفاظ على الفعل السلمي واعتماد الحوار بدل العنف، والشراكة بدل الصراع.. كوسيلة للعلاقة الثنائية بينهما بشكل خاص وبين بقية الاطراف والفرقاء بشكل عام.
> وماذا عن الصراع بين الإصلاح والمؤتمر؟
- ليس هناك صراع ثنائي بين الاصلاح والمؤتمر خارج العلاقة مع المجلس الوطني أو اللقاء المشترك، المؤتمر الشعبي العام يعاني من صراع داخلي وفقدان للهوية وعدم استقرار يكاد يعصف بكيانه النهائي، للأسف المؤتمر الشعبي العام مختطف وقراره مغتصب إرادته معطلة، بطريقة أخرجته عن العملية السياسية، على الرغم من أنه طرف في العملية السياسية الانتقالية،، وذلك بسبب اغتصاب علي عبدالله صالح لقراره وأوهامه وأطماعه في العودة إلى السلطة عبر الاحتفاظ قسراً برئاسة المؤتمر الشعبي العام هو وادواته القديمة التي فقدت كل رضى وكل امل في أي دور سياسي مستقبلي, وحين ينتزع المؤتمر قراره ومصيره من الرئيس السابق، سوف تبدأ الخصومة والتنافس معه والتي ستكون قليله أمام الشراكة والتعاون والتحالف والتي ستكون اكثر واعظم حجما وحظا.
> اسمحي لي.. هناك صراع آخر يخوضه أيضاً حزب الاصلاح مع الحراك الجنوبي.. لماذا يذهب هذا الحزب إلى فتح جبهات مواجهة مع جميع الاطراف..؟
- المهم أن لا تكون هناك خصومة بين الإصلاح والقضية الجنوبية وان لا تكون هناك خصومة بين الإصلاح ومطالب الشعب الجنوبي العادلة، وأنا واثقة أن الإصلاح كشأن بقية القوى الوطنية سوف يقف مع مطالب الإخوة في الجنوب ويساندها.
* مكافحة الإرهاب
> تزايد نشاط القاعدة في الجنوب مع ظهور ما يسمى بأنصار الشريعة هناك.. ما الذي يجري في الجنوب، المجتمع الأكثر مدنية من غيره.. وهل الجنوب بيئة خصبة لمثل هذه الأنشطة الارهابية؟
- الإرهاب نبتة طارئة في اليمن عموماً وفي الجنوب خصوصاً، وشعبنا في ظل ثورته الشعبية ومؤسساته الانتقالية سوف يكفل الحل الضامن والنهائي لمكافحة فاعلة للإرهاب.
> هل هذه الجماعات الارهابية تشكل خطراً محدقاً بالحراك الجنوبي والقضية الجنوبية.. وهل لها مستقبل على أرض الجنوب..؟
- بالتأكيد تؤثر سلبا وخطراً كبيراً على الحراك الجنوبي وهي العدو الأول له ولقضيته المركزية، وأعود فأقول أن لا مكان للإرهاب ولا للقاعدة في اليمن عموما وفي الجنوب بشكل خاص
> وكيف تنظرين إلى الانتصارات التي حققتها القوات المسلحة واللجان الشعبية في أبين وشبوة ضد تلك الجماعات الإرهابية..؟
- أنظر إليها كدليل على كفاءة قواتنا المسلحة وقدرتها على حفظ استقرار البلاد وصون سيادته وأمنه حينما تتوفر القيادة والإرادة السياسية المساندة والمتكاملة معه، الهزيمة الكبيرة التي منيت بها القاعدة في أبين وشبوة وانتصارات الجيش هناك عززت من الثقة الدولية بجيشنا وبقدرة الرئيس عبدربه منصور هادي على مكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار، هذا دليل على أن جيشنا صمام أمان لحفظ استقرار الوطن وحفظ سيادته، كما أنها دليل على عظمة هذا الشعب الذي كان للجانه الشعبية دور حاسم في طرد القاعدة من أبين وشبوة، وكرهه لثقافة العنف والتطرف والإرهاب، هذا الشعب كان يبحث عن دولة صادقة وجادة في مكافحتها للإرهاب، وحين وجدها صدق معها، وأدى دوره كاملاً في التعاون معها وسيستمر في هذا الدور، وأنا هنا أوجه تحية كبيرة لأفراد قواتنا المسلحة، واللجان الشعبية في أبين وشبوة.
> ما هو المطلوب لاجتثاث هذه الآفة الخطيرة؟
- المطلوب مكافحة شاملة رسمية وشعبية تشترك فيها الأحزاب والقوى الشبابية ومنظمات المجتمع المدني ومنابر الثقافة والإعلام ومناهج التعليم كلها تعزز من التعايش والقبول وقيم الحب والسلام وتناهض الإرهاب وفكر الإرهاب وتستهجن العنف والتطرف.
> وكيف ترين الدعم الدولي والإقليمي لليمن في حربه على الإرهاب؟
- هذه قضية وطنية بالدرجة الأولى ونحن معنيون ببناء وطننا على أساس من القبول والسلام والتعايش ورفض الإرهاب والتطرف، هي مصلحة وطنية أكثر مما هي استجابة لإرادة ومصلحة خارجية، ومع ذلك هناك استعداد دولي واسع لمساندة اليمن ومساعدتها للتخلص من آفة الإرهاب ومخاطره.
> ما هي رؤيتك للخروج من الاشتباك الملغوم بين الأطراف السياسية والقبلية والدينية والعسكرية في صنعاء والعبور بالوطن إلى بر الأمان..؟
- الدولة الوطنية الحديثة مطلب الجميع وتمثل حاجة موضوعية و للجميع مصلحة فيها، والعملية السياسية الانتقالية الحالية كفيلة بالعبور بالوطن إلى بر الأمان، وسوف نحرص على ذلك لا انتقام ولا اقصاء ولا تتمترس وراء خلفيات وروابط مناطقية وطائفية تنال من الرابطة الوطنية الأعلى والأقوى.
> مستقبل اليمن عموماً.. كيف ترينه؟
- مزدهر جدا ونحن على موعد مع مستقبل حر وحياة كريمة ودولة للرفاه ومجتمع ديمقراطي، أكاد أرى ذلك رأي العين.
> كيف تنظرين إلى مستقبل الديمقراطية والدولة المدنية والحريات في الوطن العربي في رحاب ثورات الربيع العربي؟
- قامت ثورات الربيع العربي من اجل الكرامة والحرية، من أجل الحياة الكريمة والمواطنة المتساوية، من اجل الدولة المدنية الديمقراطية.. دولة الحقوق والحريات دولة مكافحة الفساد والمساءلة وسيادة القانون، كل هذه المبادئ ناضلت من أجلها شعوب الربيع العربي، وسوف تنالها جميعاً.. هذا قدرها وهذا مستقبلها.
* تيارات جديدة
> ثورات الربيع العربي افرزت ظهور تيارات سياسية دينية قوية.. وبالنظر للحديث عن الدولة الاسلامية.. هل نحن أمام قيام دول دينية في الوطن العربي، وفي اليمن تحديدا؟
- مفهوم الدولة الدينية مفهوم ملتبس مرتبط بسيطرة الكنيسة وهيمنة الباباوات على الحياة العامة بدعوى تنفيذ أوامر الرب، وهي مرحلة طوتها البشرية واستبدلتها بالدولة الوطنية وحرية التدين التي تكفلها الدولة المدنية وتحرسها وتحميها، وفي اعتقادي أن الدولة المدنية الحديثة بما تقوم عليه من مبادئ العدالة والإنصاف وحقوق الإنسان واحترام الحريات العامة تعد انتصاراً لمبادئ ديننا القويم وتتويجاً لدعوات الرسل وما تنزلت به الرسالات.
> وهل العقيدة تقضي بأن يكون الإسلام ديناً ودولة..؟
- كمسلمة أرى الإسلام عقيدة صحيحة نتعبد الله بها، وقيماً تحثنا على إقامة دولة العدل والقانون والمساواة، ومبادئ تدعونا وتحثنا للعمل على إقامة الدولة المدنية الحديثة والانحياز إليها والمطالبة بها.
> ما هو الدور السياسي الذي ننتظره من توكل كرمان على المستوى الوطني حاضراً ومستقبلاً؟
- انا جزء من الحركة الثورية الشبابية والسياسية والمدنية في البلاد وسوف أشارك في خدمة أهداف التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية من مواقعي تلك.
> وأخيراً ماهي رسالتكم للقوى المتصارعة؟
- في الوطن متسع للجميع.. وهناك وفرة لكل التيارات والقوى ما علمنا منها وما لم نعلم، وفي ظل القبول والتعايش والشراكة سوف نحلق بأمتنا إلى آفاق عالية هذا مصيرنا وقدرنا، التنوع والتعدد والشراكة والتعاون هي المبادئ التي ستقوم عليها معادلة شراكتنا الوطنية.
* نوبل في خدمة اليمن
> جائرة نوبل للسلام التي منُحت لكم..كيف يمكن استثمارها لخدمة المصالح العليا لليمن؟
- جائزة نوبل للسلام قدمت لليمن الكثير بعد ساعات من إعلانها، اعتقد إنها قدمت اليمن للعالم كبلد حضاري سلمي ومسالم.. على عكس ما تم ترسيخه في أذهان العالم عن اليمن كبلد مصدر للعنف والإرهاب والسلاح والثأر والاختطاف خلال ثلاثة عقود مضت، اعتقد أيضاً أن بالإمكان استثمار المكانة العالمية والصوت والقبول العالمي التي منحتني إياها الجائزة من أجل خدمة أهداف التنمية المتعددة في اليمن الاقتصادية والاجتماعية وذلك مرهون بنجاح العميلة الانتقالية ووضع اليمن على مسار الشراكة التي يتسنى للجميع معها المساهمة في التنمية وخدمة اليمن كل حسب جهده وقدرته.
> تم اختياركم عضواً ضمن لجنة أممية لرسم رؤية جديدة للتنمية العالمية..ماهو دوركم في هذه اللجنة؟
- مهمة اللجنة الأممية هو صياغة رؤية جديدة لمستقبل العالم،ووضع أهداف جديدة للألفية يتم تنفيذها بعد 2015في مجال التنمية المستدامة متعددة الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والسياسية لكافة شعوب ودول العالم، بالإضافة إلى وضع المقترحات والتوصيات بالآليات والبرامج الأممية الكفيلة بالتنفيذ الأمثل لخطط التنمية العالمية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.