في ظروف استثنائية،وفي ظل تغيرات كبرى شهدتها وتشهدها الساحة الوطنية، في هذه المرحلة المفصلية من تاريخنا الوطني الكفاحي المجيد، تستقبل جماهير شعبنا اليمني العظيم العيد الخمسين لثورة الـ26 من سبتمبر الخالدة.
وكون هذا العيد الوطني هو اليوبيل الذهبي للثورة, تختتم فيه ثورتنا السبتمبرية الظافرة خمسة عقود من عمرها الثوري المديد, الحافل بالانتصارات والإنجازات, المتلاحقة في مختلف الميادين التنموية, على الرغم مما رافقها من إخفاقات وتعثرات, فإن على فعالياتنا الاحتفالية الفرائحية لهذا العام ألاّ تتخذ من الماضي - قريبه وبعيده - مادة للتغنّي بانتصاراته وإنجازاته أو موضوعاً للتباكي على إخفاقاته وتعثراته ومنغصاته، وإنما عليها أن تتخذ من المستقبل قبلة تيمّم وجهها شطره، وتبعث في نفوس الجماهير المتحفزة أشواق وآمال التطلعات المتفائلة نحوه, ولكن دون مبالغات غير واقعية أو شعارات غير منطقية, يصبح استعصاؤها على التحقق عامل إحباط في نفوس جماهيرها, يتحول بمرور الوقت إلى نقمة عليها يستغلها أعداؤها المتربصون بها لإثارة اليأس منها وتأجيج الأحقاد ضدها والنكوص عن مبادئها وأهدافها السامية.
إن في منجزاتنا الثورية الكبيرة ما يشهد بعظمة الثورة السبتمبرية ونبل مقاصدها، وما يحث جماهير الشعب على التمسك بها والثبات على مبادئها، ومقاومة الدعوات الرجعية المعادية لها, وإن في روحها الثورية الحماسية المتأججة في مشاعر جماهير الشعب ما يمكن تحفيزه للانطلاق الوثاب صوب اليمن الجديد الذي ننشده.. اليمن الذي يسعد على ترابه الطاهر كل أبنائه المخلصين، ولكن في ظل نظام سياسي وطني ثوري عادل, تتحقق في كنفه معاني المساواة الكاملة, دون تمييز عنصري أو مذهبي أو مناطقي أو جنسي, وتتحقق في جنباته سيادة القانون واحترام النظام العام, ويكون فيه الولاء المطلق لليمن, دون غيره وذلك ما ننشده في الجهود المبذولة لإقامة الدولة اليمنية المدنية الحديثة, المبنية على أسس وقيم ومُثل الحكم الرشيد.
واليمن الجديد - الذي على الفعاليات الاحتفالية الوطنية في العيد الخمسين لثورة سبتمبر العظيمة التبشير به، وحث الجهود المخلصة لإقامته - هو الذي يتأسس على مداميك الوحدة الوطنية الوثيقة الصلبة والراسخة, في مناخات الحرية والديمقراطية والمحبة والتسامح والإخاء والتعاون.
فلتكن هذه المعاني السامية والغايات الجليلة جميعها مادة لموضوعات وأفكار كل الأعمال والمظاهر الاحتفالية بعيد يوبيلنا الذهبي الكريم وليكن سبيلنا في مناسبة وطنية عظيمة كهذه التأسيس لثقافة شبابية ووطنية جديدة, تقتلع الثقافة القديمة المشوّهة من جذورها وتحل مكانها ولتلتقِ كل القوى الوطنية الحية عند هذه المشتركات الجامعة، فتواصل السير على هذا السبيل.
لننطلق سوياً صوب آفاق رحبة من العمل الهادف البنّاء, الذي يبلّغنا غاياتنا الوطنية المأمولة في إحداث تحوّل حضاري جديد وشامل في كافة المجالات, وبالذات في المجال الاقتصادي الذي يعد عصب الحياة وأساس كل تطوير وتحديث وتغيير.
هذا التحوّل يجب أن تكون فيه الحرية حجر الزاوية، ويكون فيه الإنسان الغاية والوسيلة حقيقة لا شعاراً فضفاضاً, ويكون فيه الوطن صدرنا الرحب الذي يتسع للجميع.
وإن على الفعاليات العيدية في هذه المناسبة إعطاء الأولوية للقضايا الوطنية المهمة والملحة التي على الجميع - قيادة وشعباً - العمل الجاد والمخلص لإنجازها خلال الفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية.
وإن أولى الأولويات في الوقت الراهن, هو العمل الجاد لاستكمال بنود المبادرة الخليجية وفق آليتها التنفيذية, وفي مقدمة هذه القضايا العمل على إنجاح مؤتمر الحوار الوطني، وإعادة هيكلة مؤسستي الدفاع والأمن على أسس وطنية حديثة, بحيث تتجلّى في صفوف منتسبيها الأبطال الوحدة الوطنية في أوضح صورها ففي وحدة صفها القتالي عامل قوتها وسبب قدرتها على حفظ الأمن والاستقرار وفرض هيبة الدولة وبسط سيادتها, وإن فيه ما يثبّت ويرسّخ ولاءها الوطني وينقّيه من شوائب الولاءات الشخصية والحزبية والمناطقية والقبلية وغيرها.
من توجيهات رئيس الجمهورية الخاصة بالإعداد للاحتفاء بالعيد الـ50 للثورة اليمنية