بدأت صباح اليوم في مدينة نيويورك الأمريكية أعمال الاجتماع الرابع لمجموعة اصدقاء اليمن بحضور الرئيس عبدربه منصور هادي وبمشاركة 40 شخصا من الشخصيات الرفيعة التي تمثل حكومات 39 دولة شقيقة وصديقة والمنظمات العربية والإقليمية والدولية وفي مقدمتهم الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي والأمين العام لمساعد لمنظمة التعاون الإسلامي عبدالله العليم والمستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون اليمن جمال بن عمر و مفوضة التعاون الدولي والمعونة الإنسانية بالاتحاد الأوروبي كريستالينا جورجيفا.
وفي الجلسة الافتتاحية تحدث الرئيس عبدربه منصور هادي بكلمة رحب في مستهلها بالمشاركين في الاجتماع من أشقاء وأصدقاء اليمن.
وقال :" إن هذا الاجتماع يأتي مُتمماً ومكملاً لمؤتمرِ المانحين المنعقدِ في العاصمة السعوديةِ الرياض مطلع الشهر الجاري".
وأضاف :"يسرني أن أُعبر باسمِ الشعبِ اليمني عن الشكر والعرفان على ما لمسته من اهتمامٍ بالغ ودعم سخي ومستمر من الدول الشقيقة والصديقة لليمن على مختلفِ الصعد الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والسياسية والأمنية".
وأردف الرئيس قائلا:" ونخصُّ بجزيلِ الشكر خادمَ الحرمينِ الشريفين الملكِ عبد الله بن عبدالعزيز وحكومةَ وشعبَ المملكةِ العربيةِ السعودية الشقيقة على دعمِهم السخي وحرصِهِم الدائم على مساعدة بلادنا في كل المراحلِ الصعبةِ والظروف العصيبة التي تواجهها".
وتابع :"والشكر موصول لأصحابِ الجلالةِ والسمو قادةِ دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وكذلك لحكومات الدولِ الأخرى الشقيقةِ والصديقة، والصناديقِ والمنظماتِ الإقليميةِ والدولية على مساندة بلادِنا خطوةً بخطوة في هذه المرحلةِ الاستثنائيةِ لتجاوز محنتها والتأسيس لغدٍ أفضل وصولاً لتحقيقِ آمالِ وتطلعات اليمانيين في حصدِ ثمار التغيير المنشودِ التي ضحوا من أجلها وتوفير فرصِ العيشِ الكريم وتجسيد حلمهم في بناءِ اليمنِ الجديد".
واستطرد رئيس الجمهورية قائلا:" لقد مثَّل مؤتمرُ المانحين لليمن المنعقدُ في الرياض بدايةَ شهرِ سبتمبر الجاري حدثاً هاماً ودعماً قوياً لجهودِ بلادنا في طريقِ التحولِ السياسي والتقدمِ التنموي, كما فتح آفاقاً رحبةً لتعزيزِ علاقاتِ التعاون والشراكة بين بلادنِا ومجتمعِ المانحين ولما فيه تعميقُ مصالحنا المشتركة".
ومضى قائلا:" وفي الوقت الذي نثمنُ فيه تثميناً عالياً مشاركتكم الفاعلةَ في إنجاحِ أعمالِ مؤتمر المانحين فإننا نودُّ أن نؤكد على أن الاستثمارَ في أمن واستقرار اليمن هو استثمار مُجْدٍ جداً ستنعكسُ عوائدُه الإيجابيةُ ليس في تعزيز أمن واستقرار اليمنِ فحسب ولكن أيضاً في تعزيز أمن واستقرار المنطقة والعالم خاصةً وأن اليمن يتمتعُ بموقعٍ استراتيجيٍّ هام على طريق الملاحةِ الدوليةِ ويمثلُ الحزامَ الجنوبيَّ لحمايةِ دولِ مجلسِ التعاون لدول الخليج العربية كما أنه بالإضافة إلى المزايا الجغرافيةِ يمتلكُ الكثير من المقوماتِ الحضارية والقوى البشرية والمواردِ الطبيعية التي تؤهله، في حال استثمارها وإدارتها بحكمة، للإسهامِ بفعالية في الانتقال باليمن من واقع التخلفِ والحاجةِ إلى تحقيقِ التنمية والإسهام في اقتصادِ المنطقة وأمنها واستقرارها".
وقال الرئيس عبدربه منصور هادي :" لستُ بحاجةٍ اليوم لأن أُكرر على أسماعكم التحدياتِ السياسيةَ والأمنيةَ والتنموية التي تواجهُها اليمن، ولا نسبةَ الفقرِ والبطالة بين المواطنين، والمعاناة الإنسانية نتيجة انعدام الأمن الغذائي، ومشاكل النازحين نتيجة الإرهاب والقاعدة، أو الأوضاع في صعدة، إلى جانب عجزِ الموازنة الذي يحدُّ من قدرة الحكومةِ على تنفيذ برامجها الإنمائية وتوفير الخدمات الأساسيةِ للمواطنين".
وأضاف :" لذلك فإنني أطلب منكم كأصدقاءٍ ومانحين، دولاً ومنظمات، العمل مع الحكومةِ اليمنية على وضع الآلياتِ الفاعلةِ والسريعة للتنفيذ والحد من البيروقراطية والتركيز على الأولويات التي تخدمُ النمو الاقتصادي و على المشاريع الاستراتيجية التي حددتها الدراساتُ السابقة بالنقاط العشر وفي مقدمتها الكهرباء والطرقات وميناء عدن والموارد المائية والزراعية والتعليم والرعاية الصحية".
وأوضح الرئيس أن النمو الاقتصادي الحقيقي لن يتحققَ إلا من خلالِ جذبِ الاستثمارات المتعددة التي ستخلقُ فرص العمل وترفد ميزانيةَ الدولة بالموارد وتحدُّ من اعتماد اليمن على المعونات والهبات التي مهما بلغت لن تفي بالنزر اليسير من احتياجاتنا.
وقال :" ولذلك، علينا اليوم توظيفُ ما توفر من التزاماتكم في اتجاهِ البنيةِ التحتيةِ للاستثمار والتنميةِ الاقتصاديةِ الوطنية, ومن هنا نتحمل معاً مسئولية التعامل بجديةٍ وبسرعة نحو تحقيق هذا الهدف، ومن جانبنا سنقدمُ كل التسهيلات لكم ولن نقبل أي تقصير من قبلِ الحكومة في الوفاءِ بالتزاماتها".
وتابع رئيس الجمهورية قائلا:" إننا ندركُ انشغالكم بقضايا بناءِ الدولةِ اليمنية الحديثة ومؤسساتها والاستمرار في تنفيذ أجندةِ الإصلاحاتِ الوطنية التي شاركتم معنا في صياغتها وأعتُمدت خارطةً لخروج اليمن من براثنِ الفساد والفوضى الإدارية والمالية والقضائية وطريقاً نحو تحقيقِ الحكمِ الرشيد والمشاركة في الحكم وتحقيقِ الشفافيةِ والمساءلة".
وأستدرك قائلا :"لكن المؤسف أن تنفيذ تلك الأجندة سار ببطءٍ نتيجةً لتدخل أصحابِ المصالح، وبالرغم من ذلك فقد شكلنا الهيئةَ الوطنيةَ العليا لمكافحة الفساد والهيئةَ العليا للرقابةِ على المناقصات والمزايدات وانضمينا إلى اتفاقيةِ الشفافية للإنتاجِ النفطي وحققنا درجةً من الاستقلالية للمجلسِ الأعلى للقضاء، إلا أن الأزمة السياسية التي مرت بها اليمن في العام الماضي أوقفت اتخاذ العديد من الإجراءات المتبقية".
وجدد الأخ الرئيس التأكيد على التزام اليمن بأجندةِ الإصلاحات بكافة جوانبها والشراكة مع شركاء التنمية من الدول والمنظمات المانحة في تنفيذ تلك الأجندة بهدف بناء دولةِ النظامِ والقانون والعدل والحكم الرشيد.
وتطرق الرئيس إلى التطورات السياسية على الساحة اليمنية .. موضحا أنه في العام الماضي قرر الشعبُ اليمني السير نحو التغيير بشكل سلمي، مقدماً نموذجاً للعالم يحتذى به في نقل السلطةِ وفق أسسٍ ديمقراطية.
وقال :"لقد كان للمبادرة الخليجيةِ التي تقدم بها الأشقاءُ في دول مجلس التعاون الخليجي وبرعايةٍ كريمة من المملكة العربية السعودية الشقيقة ودعم الدولِ الصديقة دائمة العضوية في مجلس الأمن وبإسهام من الأمم المتحدة ممثلة بمبعوثها السيد جمال بن عمر الأثر الكبير في تجنيب اليمن مخاطر الإنزلاق إلى حرب أهلية طاحنه".
ومضى قائلا :" وقد حظيت هذه المبادرةُ وآليتُها التنفيذية بدعم إقليمي ودولي، وجاءت قراراتُ مجلس الأمن رقم 2014 و 2051 لتوفر الشرعية الدولية لها، وتضمن سيرها نحو تحقيقِ الأهداف التي جاءت فيها والمتمثلة في الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره"، مبينا أن هذه المبادة وآليتها التنفيذية المزمنة حددت الخطوات اللازمة لإخراج اليمن من أزماته المتعددة و الدعم الإقليمي والدولي اللازم لتحقيقِ ذلك.
وأكد رئيس الجمهورية أن اليمنُ قطعت شوطاً لايستهانُ به في تنفيذ المرحلةِ الأولى من المبادرة والمتمثل في تشكيل حكومةِ الوفاقِ الوطني، وتشكيل لجنةِ الشؤون الأمنية والعسكرية، وإجراء الانتخابات الرئاسية في 21 فبراير 2012 التي حظيت بمشاركةٍ شعبية منقطعةِ النظير أثبتت قدرة اليمنيين على تجاوز المحن والتمسك بالحل السلمي.
وقال :" لقد حظينا بموجب هذه الإنتخابات بشرف حملِ مسؤوليةِ وأمانة قيادة هذا الشعب العظيم خلال الفترةِ الانتقالية التي تنتهي في فبراير 2014م".
وأردف :"واليوم نوجهُ طاقاتِنا نحو التحضير لمؤتمر الحوار الوطني الذي سيضعُ على عاتقه صياغةَ منظومةِ الحكم الجديد من خلال صياغة دستور جديد، واختيار نظام الحكم، وتعديل قانون الانتخابات، والبحث عن حلول للأزمات في الجنوب وصعدة".
وأستطرد قائلا:" ولذلك قمنا بتشكيل لجنةٍ للتواصل مع الأطراف السياسية والمجتمعية لمعرفةِ مدى استعدادها للمشاركة في الحوار وإقناعها بأنه السبيلُ الوحيدُ لمعالجة كافةِ المظالم، وبعدها قمنا بتشكيل اللجنة الفنية للحوار التي ضمت ممثلين عن كافة أطياف الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية والشباب للتهيئةِ للحوار الوطني الشامل الذي لن يستثنيَ أحداً ويفتح الباب للبحث في كافة القضايا التي تهمُّ مستقبل اليمن بكل انفتاحٍ وشفافية ومن دون خطوط حمراء بما يكفل أمن واستقرار ووحدة اليمن، وصولاً نحو تحقيق كلِّ الأهدافِ الوطنية العظيمة والمتمثلة في تحقيق الأمن والاستقرار والرفاه الاجتماعي والاقتصادي، وترسيخ النظام الديمقراطي، وبناء الدولة اليمنية الحديثة".
وأشار الأخ الرئيس إلى أنه من المتوقع أن تنهيَ اللجنةُ الفنية التحضيرية عملها أواخر الشهر الحالي وعلى أن يُدعى إلى مؤتمر الحوار الوطني منتصف شهر نوفمبر القادم ولمدة 6 أشهر وعلى ضوئه سيصاغُ الدستورُ الجديد وقانونُ الانتخابات ويتم بعده التحضيرُ للاستفتاء على الدستورِ الجديد والإعدادُ للانتخابات الرئاسيةِ والنيابية بحلول شهر فبراير 2014م.
وقال :"وإيماناً منا بأن تجاوز أخطاء الماضي والتطلع إلى المستقبل لا يمكن أن يتحقق إلا عن طريقِ إحداث مصالحةٍ وطنيةٍ وعدالة انتقالية تتجاوز التعويض المادي إلى التعويض المعنوي وتشمل جبر الضرر ليس للأفراد فحسب وإنما للمجتمع كله بما في ذلك المناطق التي تضررت من المواجهات العسكرية، فإننا بصدد إصدار قانونِ المصالحةِ الوطنية والعدالة الانتقالية والبدء في تنفيذه قبل نهاية العام الحالي".
وتابع :" لقد أولينا الجانبَ الأمني جُلَّ اهتمامنا ووضعناه في مقدمة القضايا التي نواجهها، ولذا شكلنا اللجنةَ العسكريةَ والأمنية التي حققت نجاحاتٍ كبيرةً على صعيدِ فتحِ الطرق، وإزالة نقاطِ التفتيش والحواجزِ في العاصمة ومحافظة تعز وفيما بين المحافظات ومازالت اللجنةُ مستمرةً في عملها إلى حين الانتهاء من إزالة المظاهرِ المسلحةِ كافة ورفعِ التقطعاتِ وإخراج الميليشيات المسلحة من العاصمة والمدن اليمنية الأخرى".. موضحا أنه وعلى الرغم من الصعوبات والمعوقات التي واجهتها اللجنةُ من جانب عددٍ من الأطراف، إلا أنها مستمرة في المضي بخطىً حثيثة نحو تنفيذ خطتها واستكمال المهام المناطة بها بحسب ماورد في الآليةِ التنفيذيةِ المزمنة للمبادرة الخليجية.
وقال :" أما بالنسبة لعمليةِ إعادة هيكلة الجيش، فقد تم انجازُ رؤيةٍ إستراتيجيةٍ حول ذلك أعدها فريقٌ من المختصين اليمنيين مع الاستعانة بخبرات استشارية فنية من الدول الشقيقة والصديقة".
وأضاف :" ونحن نتابع خطواتِ الهيكلةِ وبنائها على أساس وطني ومهني بعيداً عن الولاءات الضيقة, إلا أن إعادة الهيكلة تتطلب دعماً من الأشقاء والأصدقاء باعتبارِ الجيشِ اليمني لا يحمي اليمن فحسب بل يمثل أيضاً قوة مهمة لأمن واستقرار المنطقة".
وأوضح الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي أن اليمنُ كانت من أوائل الدول التي تضررت من آفةِ الإرهاب التي لا دين لها ولا وطن والتي أضحت إحدى القضايا الرئيسية التي تؤرق العالم في الوقت الراهن.
وقال :"لقد تكبدت اليمنُ من جراء ذلك خسائر كبيرة في شتى المجالات لاسيما في المجالِ الاقتصادي, وبالرغم من إمكانيات اليمن المتواضعة إلا أنها استطاعت أن تحقق نجاحاتٍ ملموسة في مكافحة الإرهاب سواءً من خلال ملاحقة العناصر الإرهابية والقبض عليها، أو مواجهه الأفكار المتطرفة عبر الحوار الفكري، أو من خلال إصدار العديد من التشريعات في هذا المضمار".
وأردف قائلا :" غير أن تنظيم القاعدة وجد في الأوضاع التي شهدتها اليمن منذ مطلع العام 2011 بيئةً خصبةً لتعزيز نشاطِه وتواجدِه فيها إلى حد سيطرته على عدد من المدن في محافظتي أبين وشبوة".
وأستطرد الأخ الرئيس قائلا:" بيد أن التوقيعَ على المبادرة الخليجية وانفراجَ الأزمةِ السياسية والقرارات التي اتخذناها مع اللجنة الأمنية قد مكنت القوات المسلحة والأمن مدعومة باللجان الشعبية من تطهير محافظتي أبين وشبوة وملاحقة عناصر التنظيم في عدد من المحافظات وتوجيه ضربات موجعة لهم".
ومضى قائلا :" ومع ذلك، فما يزال التنظيمُ يمثل خطراً على اليمن من خلال القيام بالعديد من العمليات الانتحارية والتفجيرات وآخرها المحاولة الآثمة لاغتيال وزير الدفاع يوم 11 سبتمبر الجاري, ولذا، فان اليمن بحاجة إلى دعم جهودها في مكافحة الإرهاب في إطار جهدٍ وشراكة إقليمية توفر لليمن الإمكانات اللوجستية والمادية وتخفف أعباء مكافحةِ الإرهابِ التي ستتحملُها خزينةُ الدولة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة لاسيما وان خطر الإرهابِ لا يهدد أمن واستقرار اليمن فحسب بل يتعداه إلى أمن واستقرار المنطقة والعالم".. مؤكدا أنه وبدون مواجهة الإرهاب والقضاء عليه وترسيخ الأمن والاستقرار فسيكون من الصعب تمكنُ اليمنِ من الخروج من أزمتها السياسية والاقتصادية.
وجدد في ذات الوقت إلتزام اليمن وعزمها على مواصلة محاربة الإرهاب واستئصال شأفته بالتنسيق والتعاون مع المجتمع الدولي الذي ينبغي أن تتضافر جهوده بغية معالجةِ أسبابِ الإرهاب الجذرية، والمناخاتِ المشجعة له، وتجفيف مصادر دعمه وتمويله.
وخلص رئيس الجمهورية في كلمته إلى القول :"إننا ونحن نستعرضُ الأوضاع في اليمن في هذا الاجتماع الهام يجب أن نتذكر أن هناك 25 مليوناً من البشر يتطلعون إلى ما سيُسفر عنه هذا الاجتماع بعد أن طال انتظارُهم لنتائجَ ملموسةٍ على أرض الواقع تلامسُ حياتهم وتُحسن معيشتهم وتخلق فرص العمل لهم لأنهم بدأوا يفقدون الأمل في الوعود بعد أن سمعوها مراراً ولكنها لم تترجم إلى واقع يلمسونه, وأنا على ثقة في أن الأشقاء والأصدقاء لن يخيبوا أملهم هذه المرة حتى يُمكنوهم من بناءِ الدولةِ الحديثة وبمقوماتها الضرورية للنجاح".. مكررا شكره وتقديره لكل الدول والمنظمات المشاركة في الاجتماع..