تجرى الانتخابات الرئاسية الأميركية السابعة والخمسون يوم 6 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل بين مرشح الحزب الديمقراطي باراك أوباما ومرشح الحزب الجمهوري ميت رومني..
ويعتبر المحللون السياسيون أن شهر أكتوبر الذي يسبق انتخابات البيت الأبيض هو "شهر أميركي بامتياز"، حيث تتطلع أنظار العالم إلى واشنطن سعياً لمعرفة من سيكون الجالس على المكتب البيضاوي لأربع سنوات..
وفي سياق حرص "معهد العربية للدراسات" في توفير قاعدة معلوماتية للباحثين والمهتمين بالانتخابات الأميركية يقدم هذه الدرسة التي أعدها الباحث أكرم ألفي وتحاول إلى توفير كافة المعلومات بشأن انتخابات البيت الأبيض عبر خمسة محاور رئيسية:
1- المجمع الانتخابي
2- السلوك التصويتي للولايات (1992- 2008)
3- فرص الرئيس في الولاية الثانية تاريخياً
4 - المجموعات التصويتية الرئيسية وتوجهاتها
5- القضايا الرئيسية في الانتخابات
أولاً: المجمع الانتخابي
يقوم نظام الانتخابات الرئاسية الأميركية على المجمع الانتخابي وهو مجموع عدد أعضاء مجلسي النواب والشيوخ (435 + 100) بالإضافة إلى ثلاثة ممثلين للعاصمة واشنطن، ليصبح المجموع 538 عضواً وهم المسؤولون عن انتخاب الرئيس الأميركي بحيث يصبح الفائز من يستطيع الحصول على 270 صوتاً أو أكثر من المجمع الانتخابي. وبحسب النظام الأميركي فإن من يفوز بأغلب الأصوات الشعبية في الولاية يكسب جميع أصواتها في المجمع الانتخابي باستثناء ولايتي نبراسكا وماين اللتين تقسم فيها الأصوات بحسب نسب التصويت الشعبي. وعلى سبيل المثال، فإن ولاية كاليفورنيا لها 55 ممثلاً في المجمع الانتخابي، وفي حال حصول أي مرشح على الأغلبية البسيطة من أصوات الولاية يحصل مباشرة على أصوات الولاية الـ55 كاملة.
وجاء تبني هذا النظام التصويتي قبيل أول انتخابات رئاسية عام 1789، حيث سعى "الأباء المؤسسون" للولايات المتحدة إلى تجاوز معضلة اتساع رقعة الولايات وصعوبة تعرف الناخب على المرشح بشكل مباشر، فجعلوا الناخب في كل ولاية يختار ممثلين له يقومون بدورهم باختيار رئيس الولايات المتحدة في "تصويت غير مباشر". ودفع اتساع رقعة الولايات إلى جعل الانتخابات تجرى في الثلاثاء التالي للأحد الأول من نوفمبر، بحيث يجتمع ممثلي "المجمع الانتخابي" في واشنطن خلال الأسبوع الثالث من ديسمبر لانتخاب الرئيس لإتاحة الوقت لممثلي الولايات وخاصة في الغرب والجنوب في الوصول إلى العاصمة. وشارك في أول انتخابات رئاسية أميركية (1789) 10 ولايات فقط، وقرر خلالها ممثلي نيويورك عدم التصويت لمرشح محدد وفاز بها جورج واشنطن بنحو 69 صوتاً مقابل 35 صوتاً لسكاترينج و 34 لجون ادامز.
ورغم أن النظام الانتخابي الأميركي مر عليه أكثر من 220 عاماً، إلا أن المؤيدين له يعتبرون أنه مازال صالحاً ويعكس بشكل أوضح تفضيلات الناخب الأميركي في ظل الاتحاد الفيدرالي بين الولايات الخمسين. فيما يرى المؤيدون لتغيير النظام الانتخابي أن وسائل الاتصالات الحديثة والثورة التكنولوجية جعلت الناخب في الولايات البعيدة يستطيع التعرف بوضوح علي مرشحه للبيت الأبيض، بالإضافة إلى أن نظام "المجمع الانتخابي" قد يقود إلى انتخاب رئيس أميركي لا يحظى بأغلبية الأصوات الشعبية كما حدث في انتخابات عام 2000، حيث فاز جورج بوش (الابن) بالانتخابات رغم حصوله منافسه "الديمقراطي" آل جور علي أغلبية الأصوات الشعبية.. ففي هذه الانتخابات حصل آل جور على 50,999 مليون صوت مقابل 50,456 مليون صوت لبوش، فيما فاز بوش بنحو 271 صوتاً بالمجمع الانتخابي بفضل أصوات ولاية فلوريدا (19 صوتاً بالمجمع الانتخابي في ذلك الوقت).
وشهدت عملية انتخاب الرئيس في "المجمع الانتخابي" عدة تطورات من أبرزها إقرار انتخاب نائب الرئيس بورقة منفصلة عن الرئيس في عام 1804، كما بدأ حساب الأصوات الشعبية في إجمالي الولايات المتحدة عام 1872. وتبرز عدة أحداث تاريخية لفهم النظام الانتخابي الأميركي المعقد منها حصول كل من توماس جيفرسون وآهارون بور على 73 صوتاً في انتخابات 1800 مما جعل مجلس النواب يقوم باختيار الرئيس من بينهما وجاء التصويت لصالح جيفرسون بنحو 10 أصوات مقابل 4 أصوات لصالح بور. وهو الأمر الذي تكرر عام 1824، حيث لم ينجح أي من أي من المرشحين في الحصول على الأغلبية المطلقة في "المجمع الانتخابي" ليختار مجلس النواب الرئيس جون ادامز بأغلبية 13 صوتاً مقابل 7 أصوات لاندرو جاكسون. وفي انتخابات 1872، توفي المرشح هوراسي جريلي قبل انعقاد "المجمع الانتخابي" لتوزع أصوات الـ66 بين المرشحين الآخرين. وخلال انتخابات 1876، لم ينجح أي من المرشحين في الحصول على الأغلبية، مما دفع إلى تشكيل لجنة خاصة لاختيار الرئيس بين المرشحين الأكثر من عدد الأصوات. وفي عام 2000، قام أحد "المجمع الانتخابي" من مقاطعة كولومبيا بترك ورقة التصويت فارغة احتجاجاً على ضعف تمثيل المقاطعة في الكونجرس ممل قلص عدد أصوات آل جور من 267 إلى 266 صوتاً.
ودشنت خلافة النائب للرئيس واستكمال ولايته في الولايات المتحدة، عام 1841 عقب وفاة الرئيس هاريسون ليخلفه نائبه تايلر وهو ما تكرر بعد ذلك ثمان مرات ، ففي 185 خلف فيلمور الرئيس تايلور بعد وفاته، وخلافة جونسون لابراهام لينكولن بعد وفاته عام 1865. وخلف ارثر الرئيس جارفيلد بعد وفاته عام 1881. وتوي ماكينيلي الرئاسة عقب وفاة الرئيس روزفلت عام 1901، وخلف كوليدج الرئيس هاردينج عام 1923، وتكرر الأمر عام 1945 بخلافة ترومان لروزفلت بعد وفاته. وتولى جونسون رئاسة أميركا بعد اغتيال جون كينيدي عام 1963. فيما تولى النائب جيرالد فورد الرئاسة بعد استقالة نيكسون في 1974 عقب فضيحة "ووتر جيت".
و"المجمع الانتخابي" الأميركي ليس ثابتاً، حيث يتم تعديل عدد الأصوات الممنوحة لكل ولاية بحسب أخر إحصاء سكاني للولايات المتحدة قبل الانتخابات، مع ثبات عدد أعضاء المجمع الانتخابي (583). حيث يتم خصم الأصوات المضافة للولايات التي ارتفع عدد سكانها من الولايات التي يتراجع فيها معدل النمو السكاني.
وتحول 12 صوتاً من عشر ولايات إلى ثمان ولايات ارتفع فيها نسبتها من إجمالي السكان الأميركيين مقارنة بانتخابات 2000. حيث ارتفع عدد الأصوات الممنوحة لولايات أريزونا وجورجيا وفلوريدا بصوتين وكل من كاليفورنيا وكلورداو ونيفادا ونورث كاورلينا بصوت واحد. في المقابل خسرت ولايتي نيويورك وبنسلفانيا صوتين في المجمع الانتخابي وفقدت كل من كونيكتكت وإيلينوي وإنديانا وميتشجين ومسيسيبي وأوهايو وأوكلاهوما وويسكنسون صوتاً بالمجمع الانتخابي.
ثانيا: السلوك التصويتي للولايات (1992 -2008)
تنقسم الولايات الأميركية تقليديا إلى ولايات (حمراء وزرقاء) نسبة للحزبين الكبيرين (الجمهوري والديمقراطي)، حيث يشر للولايات الحمراء بتلك التي يحصل فيها الجمهوريون على الأغلبية (في انتخابات مجلسي النواب والشيوخ والانتخابات الرئاسية) والزرقاء إلى الولايات يحصل فيها الديمقراطيون على أغلبية الأصوات. وفي هذا السياق تتنوع تعريف الولايت الأنتخابية إلى ولايات أمنة (Safe) (أي مضمونة التصويت لصالح الجمهوريين أو الديمقراطيين) وهي الولايات التي يكون الفارق بين الحزبين عادة أكثر من 10%. وولايات تميل لأحد الحزبين (Leaning) والتي يتأرجح فيها الفارق بين5% و10%، وأخيراً الولايات ذات الحظ المتساو (Tossup) وهي تلك التي لا يتجاوز فيها الفارق 5%.. وفي هذا السياق، اعتاد المراقبون على إطلاق اسم "الولات المتأرجحة" على 4 ولايات وهي فلوريدا وأوهايو ونورث كارولينا وفيرجينيا، حيث تمثل هذه الولايات بأصواتها التي تبلغ 75 صوتاً بالمجمع الانتخابي عامل الحسم الرئيسي للانتخابات. فعلى سبيل المثال يصعب جداً على رئيس أميركي الفوز بالانتخابات دون الحصول على أصوات ولاية فلوريدا.
ولفهم السلوك التصويتي للولايات تتطلب قراءة متأنية لتصويت الولايات الخمسين (بالإضافة للعاصمة واشنطن) خلال الانتخابات من 1992 إلى 2008
إن الولايات التي تنحاز للديمقراطيين خلال العقدين الماضيين يتركزان على ساحلي الولايات المتحدة شرقاً وغرباً، حيث وهي ولايات تحمل تراثاً لبيرالياً وتتسم بوجود عدد كبير من الملونين (الهسبانيين) والسود واليهود، إلى جانب أنها ولايات تتمتع بنسبة "حضرية" عالية حيث ينخفض فيها معدلات السكان في الريف. ويعتمد الديمقراطيون دائماً على الفوز السهل بأصوات الولايات الأربع الكبار وهي ولايات كاليفورنيا وبنسلفانيا وإيلينوي ونيويورك..
في المقابل، نجد أن الجمهوريين يحصلون على أغلب أصواتهم المضمونة من ولايات الجبل الغربي والجنوب الأميركي وهي الولايات التي يقطنها أغلبية من العمال البيض والانجليين والمحافظين وترتفع فيها نسبة قاطني المناطق الريفية. وتعد ولاية تكساس هي الولاية الأشهر والأكبر التي تميل للجمهوريين، حيث تمنح هذه الولاية أصواتها للمرشح الجمهوري منذ عام 1980.
وربما قراءة الجدولين السابقين تعطي للقارئ رسالة بشأن إمكانية الفوز السهل للديمقراطيين، حيث أن مجموع أصوات الولايات التي صوتت بشكل غير منقطع للمرشح الديمقراطي خلال 20 عاما يصل إلى 242 صوتاً مقابل 108 أصوات فقط للمرشح الجمهوري. أي أن المرشح الديمقراطي عليه فقط الحصول على 28 صوتاً للفوز بالانتخابات بينما يسعى المرشح الجمهوري لجمع 162 صوتاً.
ولكن في المقابل، نجد أن قدرة المرشح الديمقراطي في جمع أصوات من الولايات الأخرى تكون عادة أقل من المرشح الجمهوري، حيث يعتمد ذلك بشكل أساسي على قوة المرشح وكاريزميته والظروف الاقتصادية والاجتماعية إلي جانب معامل المرشح الرئيس، حيث تتجه ولايات متأرجحة إلي منح أصواتها للمرشح الذي يكون بالفعل في الرئاسة مثل فلوريدا وأريزونا، بينما تظل هناك معضلة أوهايو ونورث كارولينا وفيرجينيا، حيث يتوقع عدد كبير من المحللين الأميركيين ان يفقد أوباما خلال الانتخابات المقبلة أصوات هذه الولايات لصالح منافسه ميت رومني وهو الأمر الذي لو حدث، فإنه سيحتم على المرشح الديمقراطي الفوز بولاية فلوريدا وإلا خسر معركة الرئاسة الأميركية.
ومع فهم السلوك التصويتي لولاية فلوريدا التي تمنح (كما ذكرنا) صوتها تقليديا للرئيس، فإن أوباما يتجه لفوز مريح وهو ما تشير إليه استطلاعات الرأي حيث يتقدم على منافسه الجمهوري بنحو 5 نقاط حتى الأسبوع الأول من أكتوبر، ولكن المؤيدون للمرشح الجمهوري يشيرون إلي أن هناك مفاجأت ستحدث في هذه الولاية "المتأرجحة" تاريخياً، خاصة مع استمرار الأزمة الاقتصادية ومعاناة الولاية الساحلية أكثر من غيرها من الأزمة المالية العالمية. وهنا يجب أن نلتفت إلى أن الصوت اليهودي في فلوريدا سيلعب الدور الحاسم في ترجيح كفة أي من المرشحين، وهو ما يبرر التودد الزائد من قبل ميت رومني لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو وتبنيه مواقف "غير معتادة" للمرشح الجمهوري تجاه الصراع العربي الإسرائيلي، خاصة أن أوباما حصل على أصوات نحو 80% من يهود فلوريدا خلال انتخابات 2008 وهي الأصوات التي منحته الفوز في هذه الولاية الصعبة.
ثالثا: فرص الرئيس الأميركي في الولاية الثانية
يقوم الأميركيون عادة بالتصويت لصالح الرئيس المنتهي ولايته الأولي خلال الانتخابات الثانية، ولم يحدث منذ منتصف القرن العشرين أن أخرج الأميركيون رئيسا من البيت الأبيض في انتخابات الولاية الثانية (خرج نيكسون من البيت الأبيض في فضيحة ووتر جيت خلال ولايته الثانية بعد التجديد له فعليا في الانتخابات) إلا مرتين الأولى مع جيمي كارتر في انتخاباته أمام رونالد ريجان عام 1980 في عقاب واضح على فشله في قضية السفارة الأميركية في طهران والثانية عام 1992 عندما ابعد الناخبون جورج بوش الأب عن البيت الأبيض مع اشتداد حدة الأزمة الاقتصادية ورفع المرشح الديمقراطي بيل كلينتون شعار "الاقتصاد أولاً".
إن هذه القاعدة الانتخابية تظل صالحة ولها عدة أسباب، منها "الاعتياد"، فالأميركيون يكونوا قد اعتادوا طوال أربع سنوات على رئيس ودخلوا معه في جدالات طويلة وربما يفضل هنا الناخبون أن يكمل الرئيس ولايته الثانية لاستكمال برنامجه. بالتوازي يكون الرئيس قد اعتاد على المناظرات التي تمثل عاملاً جوهرياً في توجيه أصوات المترددين من الناخبين في مواجهة المرشح الجديد الذي لا يكون قد اعتاد علي هذه المناظرات. وثالثاَ: هو قدرة الرئيس على الاستفادة من عدم خوضه انتخابات تمهيدية في حزبه مما يجعل حملته العامة والتي يتوجه فيها للناخبين خارج حزبه وفي الولايات المتأرجحة أطول بكثير من منافسه الذي يكون قد خرج لتوه من معركة صعبة داخل حزبه للحصول على الترشيح للرئاسة.
ويرى المحللون أن الانتخابات الصعبة هي الانتخابات التي تجيء بعد انتهاء الولاية الثانية للرئيس، حيث يجد الناخبون الأميركيون انفسهم أمام منافسين جدد وكلا منهما فرصه شبه متساوية، وهي الوضعية التي ساهمت في صعود أسهم أوباما خلال انتخابات 2008، حيث اعتبر المحللون أنه في حال خوض أوباما الانتخابات أمام رئيس جمهوري في ولاية ثانية كان يهزم وتنتهي معه تجربة طرح مرشح أسود للوصول للبيت الأبيض، وأنه استفاد من خوض تجربة انتخابية أمام منافس وليس رئيساً. وبالتوازي فإن أوباما يستفيد من ميزة أنه رئيس يخوض الانتخابات لولاية ثانية مما يرجح أسهمه الانتخابية خاصة في ولايتي فلوريدا وأوهايو اللتان يفضلان تقليدياً التصويت لصالح الرئيس.
ولكن في المقابل، في حال فشل الرئيس في المناظرات فإنه يخسر الانتخابات كما حدث مع كارتر وبوش الأب في عامي 1980 و1992.. وهو ما جعل الجمهوريون يتفاءلون بشأن الانتخابات المقبلة بعد تقدم رومني على أوباما في المناظرة الأولى التي أجريت مساء 3 أكتوبر (بتوقيت واشنطن). وأظهر استطلاع أجري عقب الانتخابات تقدم المرشح الرئاسي الجمهوري في أوساط الناخبين المحتمل أن يصوتوا له في ثلاث ولايات رئيسية. وكشفت نتائج الاستطلاع، الذي أجرته مؤسسة "راسموسن ريبورتس" (يوم 5 أكتوبر) عن تقدم رومني على أوباما في فلوريدا في أوساط الناخبين المحتمل أن يدلوا بأصواتهم لصالح رومني بنسبة 49% مقابل 47% لصالح اوباما. وفي ولاية فرجينيا، بلغت نسبة الناخبين المحتمل أدلائهم بأصواتهم لرومني 49% مقابل 48% لأوباما مع وجود نسبة 3% لم تحسم أراءها.وفي ولاية أوهايو، أشارت نتائج الاستطلاع إلى تقدم أوباما بنسبة 50% مقابل 49% لصالح رومني بالنسبة للناخبين المحتملين لكليهما، ونسبة 1% لم تحسم قرارها بعد.
رابعاً: المجموعات التصويتية الرئيسية وتوجهاتها
يرى الديمقراطيون أن الخريطة السكانية الجديدة للولايات المتحدة تميل لصالح الحزب الديمقراطي مع زيادة الوزن النسبي للأقليات من الملونين (الهسبانيين المهاجرين من أميركا اللاتينية) والسود إلى جانب اليهود وارتفاع نسبة الطلاب الحاصلين على شهادة جامعية والنساء غير المتزوجات في سن العمل في مقابل تراجع نسبة البيض والعمال البيض (الذين لم يحصلوا علي شهادة جامعية) والإنجيليين (البروتستانت المتشددين) وقاطني المناطق الريفية، وهي المجموعات التي تصوت تقليديا لصالح الجمهوريين.
ويعتمد الديمقراطيين في الانتخابات على أصوات الأقليات والمرأة والمتعلمين وهي مجموعات تصويتية كبيرة ولكنها تتركز في ولايات دون غيرها مما يضعف تأثيرها في المجمع الانتخابي، بينما يعتمد الجمهوريون على البيض والعمال والمحافظين وهي مجموعات تصويتية تتركز في الغرب والوسط إلى جانب الجنوب الأميركي.
-الأقليات:
يحصل الحزب الديمقراطي على أغلب أصوات الأقليات في الولايات المتحدة، حيث يجمع نحو 90% من أصوات السود، وهي النسبة التي ارتفعت إلي 95% مع خوض أوباما الانتخابات خلال 2008، ونحو 75%من أصوات الملونين (الهسبانيين) و75% من أصوات اليهود.
وبحسب الدراسات الديموجرافية الأميركية فإن نسبة الأقليات من إجمالي الناخبين في الولايات المتحدة ارتفعت من 15% إلى 26% في الفترة من 1988 إلى 2008. وهي المجموعات التي تصوت بتوسط 70%للديمقراطيين وهي النسبة التي ارتفعت خلال انتخابات 2008 إلى 80%. مما يشير إلي أن التحولات الديموجرافية في أميركا تجعل الكفة تميل سياسياً لصالح الديمقراطيين. وعلى سبيل المثال، فإن نسبة "الهسبانيين" من السكان يتوقع أن تصل إلى 30% بحلول عام 2050 مقابل 16%حالياً في المقابل، تنخفض نسبة البيض خلال نفس الفترة من 65% إلى 46%.
- المرأة:
يحصل الحزب الديمقراطي على أغلب أصوات السيدات في الانتخابات الرئاسية منذ 1992، بفارق. وذلك في سياق دفاع الحزب عن حق الإجهاض وتوفير الخدمات للمرأة العاملة. وخلال انتخابات 2008، حصل أوبانا على 56% من أصوات السيدات مقابل 43% لمنافسة جون ماكين. وهي نفس النسبة التي يتوقع أن يحصل عليها أوباما خلال الانتخابات المقبلة، مع إشارة البعض إلي أنها قد تتراجع بنحو نقطتين مع معاناة السيدات أكثر من الرجال من ارتفاع نسب البطالة خلال السنوات الأربع الأخيرة. ونجد هنا أن السيدات غير المتزوجات يكون تصويتهم أكثر جماعية لصالح الديمقراطيين، حيث حصل أوباما على 70% من أصوات النساء غير المتزوجات خلال انتخابات 2008 مقابل 29% لماكين.
- جيل الألفية:
وهم الشباب الذي يتراوح عمرهم ما بين 18 إلي 29 عاماً، ويطلق عليهم في الولايات المتحدة "جيل الألفية" ويبلغ عددهم نحو 51 مليون نسمة بنحو 16% من السكان. وهي مجموعة يصوت ما بين 55% إلى 60% لصالح الديمقراطيين في الانتخابات الأخيرة. ويراهن الديمقراطيون على هذه المجموعة في حسم الانتخابات في ولايات فلوريدا وأوهايو وفيرجينيا بشكل خاص.وأغلب هذا الجيل من الحاصلين على شهادة جامعية والذين يصوتون تقليديا لصالح الحزب الديمقراطي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
- الطبقة العاملة البيضاء:
يصوت أكثر من 60٪ من الطبقة العاملة البيضاء لصالح الجمهوريين تقليدياً وهم يمثلون أكثر من 20٪ من الناخبين الأميركيين وهي المجموعات التي تمثل القاعدة الانتخابية الأبرز للجمهوريين، حيث أنها تتبني المفاهيم المحافظة والتقليدية إلي جانب تبنيها خطاباً معادي للملونين والأجانب. ويرى الديمقراطيون أن هذه المجموعة تتراجع نسبتها من السكان خلال السنوات المقبلة مع تراجع الصناعات التقليدية.
- الانجليين:
يمثل الإنجيليون نحو 26٪ من سكان الولايات المتحدة وهم يمثلون القاعدة الانتخابية الأبرز لميت رومني في الانتخابات المقبلة، حيث يتبني المرشح الجمهوري، القادم من صفوف طائفة المورمون المتشددة دينياً، خطابا هو الأكثر تعبيراً عن مواقف هذه المجموعات دينيا من رفض الإجهاض ومعارضة تنظيم الأسرة ورفض العلاقات غير الشرعية وتأييد القيم الخاصة بالأسرة والزواج في سن صغير (ما بين 22 إلى 25 عاماً). ويتوقع أن يصوت نحو 74% من الإنجيليين لصالح رومني في الانتخابات المقبلة، فيما سيحصل على 50٪ من أصوات البروتستانت البيض، بينما يفضل الكاثوليك المرشح الديمقراطي بنحو 55٪ مقابل 45٪ للمرشح الجمهوري.
خامسا: القضايا الرئيسية
تهيمن القضايا الاقتصادية على الانتخابات الرئاسية لعام 2012، فيما يعتبره البعض تكراراً لمشهد انتخابات 1992 التي فاز فيها بيل كلينتون على الرئيس جورج بوش الأب. فقد حول الاقتصاد الضعيف والبطالة المستمرة انتباه الناخبين إلى محافظ
نقودهم.
وأظهرت معظم استطلاعات الرأي أن الاقتصاد هو الهاجس الرئيسي في الانتخابات، حيث احتل نسبة 40% من اهتمامات الناخبين مقابل نحو 1%ة للإرهاب.وتتركز القضايا الاقتصادية في ملفات البطالة التي وصلت لنحو 8% (قبل ان تنخفض إلى 7,8% خلال سبتمبر الماضي) طوال فترة الرئيس أوباما الأولى وملف الضرائب والذي يمثل أحد محاور الجدل الرئيسية بين المرشحين والرعاية الصحية بينما تأتي خلف هذه الملفات ملف السياسة الخارجية بشأن مكافحة الإرهاب والعلاقة مع إيران والحرب في أفغانستان وأخيراً هناك ملفي الهجرة غير الشرعية والإجهاض
-قضية الضرائب
يدافع باراك أوباما عن خفض الضرائب لأغلب الأميركيين وعمل خلال ولايته الأولى على إلغاء قانون بوش البن الخاص بخفض معدلات الضرائب على الأسر الغنية، وتقدم بقانون "بوفيت" الذي يهدف لزيادة الضرائب على أصحاب الملايين . في المقابل يدافع رومني عن قوانين خفض الضرائب على الأغنياء ويعتبرها عامل رئيسي لزيادة الاستثمارات وتوفير الوظائف في الولايات المتحدة. كما يدعو رومني إلى إلغاء الضريبة العقارية وتخفيض معدل الضرائب على دخل الشركات.
-السياسة الخارجية
يخوض أوباما الانتخابات على قاعدة انتصاره في الحرب على الإرهاب ومقتل زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن إلى جانب قيامه بسحب القوات الأميركية من العرق وتخفيض نحو نصف مليار دولار من المصروفات العسكرية خلال 10 سنوات مقبلة. بالإضافة إلى استمرار العقوبات والضغط على إيران لمنع استكمال برنامجها النووي المثير للجدل إلا أنه يعارض ف يالوقت نفسه مقترحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو الخاصة بوضع "خطوط حمراء" لطهران كحد يتم بعده شن عملية عسكرية ضد إيران، حيث يميل الرئيس الديمقراطي للعقوبات الاقتصادية. بالتوازي يدافع عن خفض القوات في أفغانستان أملاً في نهاية مهامها العسكرية هناك بحلول 2014. وعربياً، يدافع أوباما عن الاتصال والعلاقات الإيجابية مع التيار الإسلامي المعتدل الذي يسيطر على أغلب دول الربيع العربي ويعتبر أن هذا التيار قادر على توفير الاستقرار في المنطقة.
في المقابل، يرى رومني أن سياسة أوباما السلبية تجاه دول "الربيع" والذي عكسها رد فعله على الهجمات على السفارات الأميركية في بنغازي والقاهرة خلال الاحتجاجات على الفيلم المسيء للإسلام أدت إلى "الفوضى". بالتوازي يتبني المرشح الجمهوري موقفاً أكثر حدة تجاه إيران ويعتبر أن "الخيار العسكري" مازال مطروحاً للتعامل مع الملف الإيراني ويرى أنه يجب إعادة النظر في إنهاء مهام القوات الأميركية بأفغانستان بحلول 2014 إذا دعت الأوضاع الأمنية وتقديرات العسكريين الأميركيين إلى ذلك.
- قضية الرعايا الصحية
ينتقد ميت رومني بشدة قانون الرئيس باراك أوباما لإصلاح الرعاية الصحية باعتبار أن ذلك يؤدي إلى خسارة وظائف. ويقول رومني : "لقد استنفد (أوباما) وقته وطاقته في الكفاح من أجل أوباماكير (في إشارة إلى قانون الرعاية الصحية) بدلًا من الكفاح من أجل توفير الوظائف. إن ذلك أضر بالوظائف". واتهم رومني أوباما أيضاً بدفع الخطة بسرعة بالغة عبر الكونجرس في 2010 دون إتاحة الوقت للتوصل إلى اتفاق مع المعارضة الجمهورية. ويهدف قانون الرعاية الصحية لعام 2010 إلى تغطية اكبر لنظام التأمين الصحي من خلال الطلب من الأفراد ممن لا تشملهم الأنظمة الأخرى ليقوموا بشراء التأمين. ويتيح القانون دفع أموال للولايات حتي يشمل برنامج التأمين العام مساعدة صحة لاعداد أكبر من الفقراء. ومن الغريب أن هذا النظام تم تصميه بناء على نظام تبانه رومني في ماسشستوس.
- قضية الإجهاض
يتبني رومني موقفاً متشدداً ضد الإجهاض، حيث أنه ينتمي لطائفة "المورمون" الانجيلية المتشددة التي تعارض بشكل صريح إجهاض السيدات لأنفسهم بل تتبني خطاباً يدعو لزيادة عدد المواليد وهو ما يتمثل في حياة رومني الشخصية، حيث لديه 5 أولاد وهو عدد كبير مقارنه برؤساء الولايات المتحدة خلال الثلاثين عاماً الأخيرة. ويدعو رومني أيضاً إلى سحب التمويل الفيدرالي من العيادات الصحية النسائية التي تعمل في مجال تنظيم الأسرة. في المقابل، يؤيد أوبما حق الإجهاض للسيدات بشكل كامل.
- قضية الهجرة غير الشرعية
يميل أوباما للجناح اليساري داخل الحزب الديمقراطي بشأن التعامل مع قضية المهاجرين غير الشرعيين، وقد تجاوز خلال العام الحالي مجلسي النواب والشيوخ الذي يهيمن عليهما الجمهوريون وأصدر مرسوماً بإعفاء ما يتراوح بين 800 ألف ومليون مهاجر غير شرعي من عواقب قانون الهجرة الفيدرالي. وينطبق ذلك العفو الشامل ظاهرياً على أولئك الذين وصلوا قبل سن 16 عاماً وتقل أعمارهم عن 30 عاماً؛ وأولئك الذين يدرسون في المدرسة الثانوية أو تخرجوا منها أو خدموا في الجيش؛ وأولئك الذين لم يدانوا بارتكاب جناية أو جنح متعددة. وفي حين أن معظم الأميركيين يتعاطفون مع مساعدة أولئك الذين تم إحضارهم إلى الولايات المتحدة وهم لايزالون أطفالا، وتمت تنشئتهم كأميركيين فعليين، والتزموا بالقوانين، فإن سياسة إعفاء مئات الألوف منهم بشكل جماعي يمكن أن تشكل على المدى الطويل سببا للمشكلات أكثر من كونها حلًا لها، بحسب عدد من المؤيدين لأوباما داخل الحزب الديمقراطي نفسه. في المقابل يرفض رومني هذا الإجراء ويرى أن الولايات المتحدة عليها أن تدفع المهاجرين لأن يرحلوا بأنفسهم إذا ما اض؛روا لمواجهة ظروف معيشية صعبة.
- الطاقة والنفط
يتبنى رومني خطاب الحزب الجمهوري التقليدي (بحكم قربه من شركات النفط الكبرى) الخاص بتشجيع عمليات الحفر للتنقيب عن النفط في المحيطين الأطلنطي والهادئ إلى جانب العمل على تسهيل بناء خط كيستون النفطي.في المقابل يدافع أوباما عن دعم الاستثمارات في الطاقة النظيفة والعمل على الحد من تأثيرات وقود السيارات ومستويات الانبعاثات الحرارية (بحكم قرب الديمقراطيين من جماعات البيئة) في الوقت الذي يعمل فيه على إيقاف تطوير خط كيستون النفطي.