arpo27

وزير النقل السابق وحديث ذو شجون عن شركة موانئ دبي وتدهور ميناء عدن

أجرت صحيفة ايلاف اليمنية بعددها الصادر بتاريخ 16أكتوبر الجاري حوارا هاما مع الأستاذ خالد ابراهيم الوزير وزير النقل السابق. تركز معظمه حول شركة موانئ دبي ودورها في تدهور ميناء عدن، والجهود التي قام بها اثناء توليه الوزارة لتلافي ذلك التدهور. "نشوان نيوز" يعيد نشر الحوار:

* مرحبا استاذ خالد في ضيافة ايلاف، ودعنا ندخل في الحوار مباشرة، ونتساءل، عندما كنت وزيرا للنقل، وتم إبرام الاتفاقية مع شركة مواني دبي، كانت الحكومة اليمنية متفائلة بشكل كبير، واكدت انت شخصيا في تصريحاتك آنذاك ان ميناء عدن سوف يستعيد مكانته ويصبح منطقة محورية لمناولة الحاويات، وتوقعتم أن تصل طاقة الميناء إلى حوالي 1.5 مليون حاوية بحلول العام 2012م، كيف استنتجتم هذه المؤشرات واعلنتموها؟

- اهلا وسهلا بكم، وشكرا على هذا السؤال المباشر، واجيب عليك بنفس طريقتك المباشرة في طرح السؤال "يضحك": نعم.. كنا في الحكومة متفائلين جدا على اعتبار ان الشركة التي تم التوقيع معها لتطوير ميناء عدن كانت في تلك الفترة تدير ٤٤ محطة، وتمتلك 13 عقد تطوير جديد في أكثر من 28 دولة وفي مختلف القارات بقدرة تشغيلية قدرها 27 مليون حاوية، اما الان فهي تدير 60 ميناء ومحطة حول العالم .

وكان معلوماً للجنة الوزارية ولي شخصيا وللمستشارين "اليمنيين والاجانب" أن موانئ دبي العالمية كمشغل ومطور موانئ حاويات عالمي تضطلع بدور فعّال فور استلامها أي مشروع جديد في انحاء العالم، وتعلم كافة الخطوط الملاحية الدولية للحاويات معايير اداء هذه الشركة التي اصبحت من كبرى الشركات العالمية في مجالها، وبالتالي تشجِّع على العمل في موانئ هذه الشركة خاصة أن سوق الحاويات مسيطر عليه عدد قليل من الشركات ودبي أحدها..

ولاننسى ان لموانئ دبي اكثر من 30 الف موظف في انحاء العالم من مهنيين وذوي خبرات عاليه.. هذا الجانب العام.

اما بشكل خاص ومحدد بالنسبة لميناء عدن وللإجابة على سؤالك حول المعطيات التي بناءً عليها تم استنتاج تلك المؤشرات التي ذكرتها في سؤالك، اود الاحاطه بأن محطة الحاويات بميناء عدن كان الحد الاقصى لاستيعابها في ذلك الوقت يصل إلى خمسمائة الف حاوية، وبالكاد يمكن اضافه خمسين الف حاوية، ويتطلب الامر لرفع الطاقة الاستيعابية للمحطة اتخاذ عدد من الاجراءات وتنفيذ مشاريع اوجزها فيما يلي:

المرحلة الاولى من التطوير، وهي مرحلة إلزامية، وتنفذ فوراً، وتنقسم إلى (أ) و(ب)، وتنفذ بشكل متزامن كالتالي:

الجزء (أ): يتمثل في صيانة المعدات الموجودة ورصف مساحة على الارض لاستيعاب الحاويات، وشراء رافعتي رصيف و6 رافعات جسرية، وهذا كان سيرفع قدرة المحطة إلى 920 الف حاوية سنوياً .

الجزء (ب): ويتمثل في بناء رصيف جديد بطول 400 متر، مع رصف مساحة جديدة من الارض، وشراء رافعات وكافه التجهيزات للرصيف الجديد وهذا كان سيرفع قدرة المحطة إلى 1.58 مليون حاوية بحلول العام الجاري 2012.

* "مقاطعا" ارجو الايجاز قدر الامكان حتى نستطيع استيفاء الموضوع؟

- .. ارجوك دعني اكمل فكرتي، سألتني سؤال كبير، ويجب ان اجيبك عليه اجابة كاملة حتى لاتُجتزأ المعلومة وتكون مثل "لاتقربوا الصلاة"..

اعود إلى مراحل الاتفاقية، وتحديدا إلى المرحلة الاولى، وهي مرحلة مُلزمه لموانئ دبي العالمية وفق الاتفاقيات المبرمه معها والضمانات المقدمة من الشركة، وبالتالي فإن تطوير ميناء عدن كان يحتاج فقط الوقت الطبيعي لتنفيذ تلك المرحلة، إلا انها للأسف لم تنفذ إلا 20 في المئة تقريباً من التزاماتها وتنصلت عن باقي التزاماتها بالمماطلة والتهرب والتلاعب، وهو امر لازلنا نستغربه من شركة عالمية بهذا المستوى، خاصة وأن الاتفاقية نصّت صراحة على ان يكون ميناء عدن ميناءٌ عالمي يهيمن على نشاط الترانزيت لمنطقه البحر الاحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، جاذبا لسفن الخطوط الملاحية الكبرى التي تعمل بنظام الأنترلاين لخدمة خط آسيا واوروبا، وكذلك القيام بتطوير عدن كميناء محوري لنشاط الترانزيت والأكثر جاذبية من الناحية الاقتصادية، ولم تلتزم شركة موانئ دبي العالمية بذلك.

الشركة المشتركة

* أين كانت الحكومة اليمنية التي تمتلك النصف في الشركة المشتركة (عدن دبي)، بينما كانت موانيء دبي تنتهك الاتفاقية وتواصل سياسة تدمير الميناء؟

- سؤال وجيه ومحل تساؤل الجميع، وسوف احاول الاجابة عليه بشكل مركز قدر الامكان حتى يستوعب الجميع ماحدث بالضبط، وذلك وفقاً لما يلي:

بدأ تنفيذ الاتفاقية فور التسليم للمحطة والذي كان بتاريخ 1 نوفمبر 2008 وحتى اكتوبر 2010 "وهو التاريخ الذي تأكد لي بما لايدع مجالا للشك أن موانئ دبي العالمية قد حاكت مؤامرة حقيقية لتدمير ميناء عدن من بين 60 ميناء تديرها حول العالم!! ولا زلت حتى الآن ابحث عن اسباب هذا العمل المسيء"، كما يجب أن يظل محل بحث الجميع..!!

23 شهراً هي الفترة منذ بدء نفاذ الاتفاقية وحتى ظهور نوايا موانئ دبي الحقيقية تجاه ميناء عدن وسوف اتحدث عنها وفقاً لما يلي:

- تم اختيار اعضاء مجلس الإدارة عن الجانب اليمني من كفاءات مهنية عالية، احدهم للعمليات وهو يمني متخصص في بريطانيا ومن ابناء ميناء عدن، والاثنين الاخرين احدهما أمريكي وله خبرة 30 عاماً في اقتصاديات الموانئ، والثاني قانوني وله خبرة 25 عاما في الجانب القانوني البحري والشركات التجارية، وذلك حتى نضمن الندية مع جانب موانئ دبي في عضوية مجلس الإدارة وتسيير الاعمال للشركة بشكل مهني بعيداً عن البيروقراطية الحكومية، وتتم الاعمال وفق ما يتم لدى الشركات التجارية الدولية.

- خلال الـ12 شهرا الاولى سارت اعمال الشركة بشكل مقبول في بعض الجوانب وغير مقبول في جوانب اخرى، فعلى سبيل المثال تم تنفيذ اعمال الرصف على البر لزيادة المساحة للحاويات مع شراء عدد من المعدات حسب مرحلة التطوير الاولى (أ)، ومع ذلك نفذ متأخرا لكن الاهم من ذلك انه تم تأخير شراء الكرينات العملاقة للارصفة "رافعتين جسريتين" بعدد 2 وذلك بدعوى عدم الحاجة حالياً بالمخالفة للاتفاقية خاصة انه ظهر عدم اهتمامهم بصيانة جدية للآليات الموجودة .

- عمل الجانب اليمني في مجلس الإدارة بجدية وبقوة من اجل إلزام جانب دبي بالاتفاقيات، وكان جانب موانئ دبي يعملون بنوع من الاحتيال والمراوغة وسوء النية فيفتعلون الاسباب والحجج للتنصل من الالتزامات أو يوافقون ويماطلون في الاجراءات وهكذا تمر الشهور.

- لذلك ومنذ الشهر الاول كنت اتابع شخصياً اعمال مجلس الادارة للتأكد من الالتزام بتنفيذ الاتفاقية، وعندما يئس الجانب اليمني من التزام موانئ دبي بشراء الكرينات وبناء الرصيف بينما نفذو خلال الشهور الاخيرة من عام 2009 بعض جوانب الاتفاقية عقدتُ اجتماع مع موانئ دبي في ديسمبر 2010 وبناءً عليه ارسلت لي موانئ دبي في حينه خطاب يتضمن تأكيدهم على تنفيذ التزاماتهم، وأذكر منها ماورد في خطابهم بتاريخ 21 ديسمبر 2010 بأنهم سوف يشترون الرافعتين الجسريتين الاولى خلال عام 2009 والثانية عام 2010"وطبعاً ليس من حقهم تأجيل شراء الرافعه الثانية لعام 2010 وإنما كان يلزم شراؤهما معاً في منتصف عام 2009 على اكثر تقدير، والواقع انها لم تصل إلا عام 2012..

ثم اكد خطابهم انه تم الانتهاء من تجهيز الرسومات والمخططات الأولية حول مشروع بناء رصيف بطول 400 متر واكدو انهم يتوقعوا البدء في تنفيذ المشروع عام 2012 والانتهاء منه اواخر عام 2013 وبالرغم من أن ماورد منهم مخالف اساساً لمواعيد التنفيذ حسب الاتفاقية ومتأخر عنها وقمنا في حينه بالاعتراض على ذلك إلا انها لم تنفذ اساساً حتى اليوم، بما يؤكد عدم وجود مصداقية لهذه الشركه، وهذه اهم البنود فعندما تقول لك شركة معتبرة وعالمية وشريكة لك انه تم الانتهاء من تجهيز الرسوم و.. و.. و..، فإنك تصدق ذلك والذي ظهر انها كانت تضيع الوقت فقط وكلما سألنا عنها قالوا هناك بعض المراجعات، إلى ان قالوا انها غير جاهزة وهكذا كانت تتم سرقه الوقت لغرض في نفس يعقوب.

* "مقاطعا" اين دوركم الحاسم كاصحاب حق اولا ثم كمشاركين؟

- لو انتظرت قليلا لعرفت دورنا.. لقد سعى اعضاء المجلس ومؤسسة موانئ خليج عدن ووزارة النقل لإحداث تغيير حقيقي في سياسة المماطلة التي كانت تتبعها الشركة في انجاز التزاماتها التعاقدية ونجحت في بعضها ولكن "سوء النية" الذي اتبعته شركة موانئ دبي العالمية معنا حال دون تنفيذ الالتزام الاكبر وهو توسيع الرصيف, وبينما نحن نصارع لكي نجعل المشروع ناجحا نفاجأ بضربة قاصمة لميناء عدن ألا وهي قرار رحيل الخط الملاحي السنغافوري (P.I.L.) الذي كان الخط الرئيسي لمناولة حاويات الترانزيت، وهذا كان خلال الفترة الزمنية يونيو- سبتمبر 2010م..

كذلك قامت اللجنة الوزارية المشكله من مجلس الوزراء آنذاك بمتابعة جادة للشركة دون اي فائدة تذكر، ثم احيل الامر بعد نوفمبر 2010 للمعالجة عبر الجانب الدبلوماسي والذي استمر حتى اغسطس 2012 حسب علمي، اي ان 21 شهراً اخرى اضاعتها موانئ دبي على ميناء عدن كان يمكن تحقيق الكثير خلالها..

من هنا أؤكد بان الجانب الحكومي لم يكن متراخيا، بل على العكس، استبق الامور في التحذير والضغط المستمر على الشريك لتنفيذ التزاماته التعاقدية منذ بداية الشراكة، وقد تأكدت الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد من هذا الجانب بالوثائق واطمأنت للدور الفاعل والجاد للجانب اليمني، كما نبهنا لمشروع موانئ دبي التخريبي وطالبنا بالغاء الاتفاقية في تقريرنا للقيادة السياسية وللحكومة آنذاك.

* تحدث الاخ وزير النقل الحالي واعد باذيب في مقابلة تلفزيونية سابقة عن بنود الاتفاقية السرية وابدى استغرابه، كما استغرب توقيعها بدون عرضها على البرلمان؟

- هناك العديد من الظروف والاسباب التي تستدعي سرية مثل هذه الاتفاقية، وجعلها سرية.. حيث اشتملت الاتفاقية كغيرها من الاتفاقيات المماثلة في العالم على بند يؤكد الحفاظ على سرية المعلومات وعدم إفشائها لأي شخص، وبند آخر ينظم أو يسمح بإفشاء نصوصها في بعض الحالات كاستثناء، وهي: متطلبات القانون اليمني، ومتطلبات القواعد الخاصة بأي بورصة، ومتطلبات أي محكمة ذات سلطة اختصاصية أو هيئة قضائية أو حكومية أو اشرافية أو تنظيمية، "وبالطبع يسري على ذلك كل محاكم ونيابات اليمن وهيئة مكافحة الفساد وجهاز الرقابة والمحاسبة والحكومة اليمنية ووزير النقل شخصيا الذي يُشرف على ميناء عدن"..

* تقول ان هذه السرية سارية على جميع الاتفاقيات المماثلة في العالم.. لماذا؟

- نعم.. اعتقد جازما بان جميع الاتفاقيات من هذا النوع والتي تنظم عملية تشغيل آلاف الموانئ حول العالم سرية، لانها اتفاقيات تغلب عليها الصفة التجارية ويبذل الطرفان فيها جهودا فنية وتفاوضية وتكاليف باهظة للمستشارين لتحقيق افضل الظروف والأوضاع التي تحقق غرضهما التجاري، وبالتالي فنتيجة هذا التفاوض التي هي بطبيعة الحال الاتفاقية النهائية التي يتم التوقيع عليها واعتمادها رسميا؛ تكون حقا مهنيا وفكريا وتجارياً للطرفين، لايجوز الإفصاح عنه للغير وإلا لقرأنا وسمعنا عن آلاف من الاتفاقيات المشابهة، فهل اطلع احد منكم على اتفاقيات من هذا النوع بالتأكيد لا.

* هل هذا يعني ان الاتفاقية إلى الان فيها بنود سرية ولم يتم الكشف عنها؟

- نعم.. انا شخصيا كطرف رئيسي من اطراف الاتفاقية وموقع عليها؛ لاأستطيع ولايحق لي إفشاء أي بند من نصوص الاتفاقية إلا البند الذي ذكرته أعلاه والمعلومات التي سمح بنشرها اعلاميا في حينه، ولا ادري ما هي الاشكالية أو محل الانتقاد الذي يوجّه لسرية هذه الاتفاقية تحديدا، بينما جميع دول العالم التي لديها عقود موانئ حاويات نجد ان كل اتفاقياتها سريه ايضاً ولم نسمع انتقاد أو استفسار أو اتهام بسبب ذلك!.

* إلى ماذا تعيد ذلك؟

- قد يعود إلى تطور وثقافة تلك الشعوب والتفاتهم للتطوير والتحديث لا للدسائس والمؤامرات والاتهامات الباطلة المغرضة.

* لكن الاعتراض ايضا على ان هذه الاتفاقية لم تعرض على البرلمان كي يقرها؟

- وماالمشكلة..!!، صحيح هي لم تعرض على البرلمان لان الدستور والقوانين النافذة لاتتطلب عرض هذا النوع من الاتفاقيات على البرلمان، ولك ان تتأكد من خلال الاطلاع على جلسة البرلمان التي استُدعيتُ فيها لتوضيح ماتم بشان الاتفاقية، وأيد اعضاء البرلمان هذه الشراكة سواء اعضاء الحزب الحاكم في ذلك الوقت أو المعارضة خاصة كتلة عدن، ثم إن اتفاقية الحل الودي التي ابرمت من قبل الحكومة الحالية مع موانئ دبي سرية ايضا!! وفي رأيي انه وضع طبيعي..

نسب الشراكة

* اريد ان أسأل عن نسبة اليمن ونسبة الشركاء، هل هذه اسرار أيضا؟

- "يضحك"، لا.. هذه ليست سرية، وللعلم أن ليس معنى السرية ان بها بنود سيئة مثلاً فهي سرية لانها نصوص تجارية معرفتها تؤثر على خطط الشركة أمام المنافسين سلباً، وأعود لذكر نسبة اليمن ممثلة في مؤسسة موانئ خليج عدن اليمنية هي 50% ونسبة الـ50% الثانية كانت لشركة موانئ دبي العالمية اليمن المحدودة، وهي تتمثل في موانئ دبي الدولية عدن ونسبتها 66.67% وشركة دار الاختراع الدولي "المملوكة لبقشان" ونسبتها 33.33%.

* كيف اليمن المحدودة، وعدن المحدودة.. هل هي شركة موانئ دبي الاماراتية ام غيرها؟

- شركة موانئ دبي العالمية (اليمن) المحدودة هي شركة تابعة لموانئ دبي العالمية، لأنها تمتلك فيها 66.67% وشركة موانئ دبي العالمية (عدن) المحدودة، منشأة في جبل علي بدبي وهي شركة مملوكة وتابعة كلياً لموانئ دبي العالمية بنسبة 100% .

ولكي تتضح الصورة اكثر فقد وقعت شركة موانئ دبي العالمية (الاماراتية) وثيقتين لمؤسسة الموانئ بعدن، تتضمن الاولى تأكيد من موانئ دبي العالمية ان شركة موانئ دبي العالمية (اليمن) المحدودة هي شركة تابعة لها، وان شركة موانئ دبي العالمية (عدن) المحدودة، هي شركة تابعة ومملوكه كلياً لموانئ دبي العالمية (الاماراتية)، اما الوثيقة الثانية فهي عبارة عن ضمان من موانئ دبي العالمية (الاماراتية) تضمن فيها التزامات شركتها في الشركة المشتركة بتنفيذ جميع التزاماتها الواردة في الاتفاقيات، وكذا الالتزام بدفع الجزء الخاص بها من رأس المال المحدد لتنفيذ المرحلة الاولى وقدره مائة مليون دولار أمريكي..

* هل كان للرئيس السابق علي عبدالله صالح دور في فرض شركة موانيء دبي، ورفض مشروع طرح الميناء للمنافسة؟

- لقد سبق وشرحتُ هذا الامر تفصيلاً في ثلاثة مقالات نشرت في صحيفتكم الغراء في مايو 2012 ويمكن الاطلاع على ذلك تفصيلاً فيها سواء في موقع الصحيفة، أو على موقعي الشخصي، أو موقع تنظيم العدالة والبناء..

* عفوا ياعزيزي.. موضوع الإحالات في الحوار الصحفي لايقنع القارئ.. ارجو توضيح الامر بإيجاز ان كانت قصته طويلة؟

- ممكن.. بالمختصر، الاخ الرئيس السابق ايد نجاحها اثناء المناقصة السابقة، ثم بعد الاشكاليات التي عرقلتها وجاءت حكومة د. علي مجور، وتعينتُ فيها وزيراً للنقل رفعتُ برأيي بان يتم إلغاء ماسبق وإنزال منافسة ومناقصة من جديد، وقد وافق الاخ رئيس الوزراء السابق "مجور" والأخ الرئيس السابق "صالح" على إلغاء مناقصة موانئ دبي، ثم استجدت امور كثيرة يطول شرحها ويمكنك ان تجد تفاصيلها في المقالات التي اشرت اليها، لكنها بالمُجمل جعلت الحكومة تقبل من جديد بعودة موانئ دبي العالمية، ولايُستبعد انها كانت بتوجيهات.

* توجيهات من من؟

- من الرئيس السابق.. ولكن كما سبق وأوضحت وبرغم انه قرار سياسي إلا ان الجانب الاقتصادي كان هو الاقوى.

إلغاء الاتفاقية؟

* من وجهة نظرك الشخصية، هل كان الخيار الأسلم لليمن في الوقت الحالي الحفاظ على علاقتها بشركة دبي العالمية مع تحسين شروط الاتفاقية مثلا، أم أن قرار الإلغاء هو الخيار الأفضل للحكومة اليمنية؟.

- يقال ان آخر العلاج الكي، لاتحتاج الاتفاقية لتحسين شروط، لأنها من وجهه نظري من افضل الاتفاقيات في هذا المجال، ولكن السبب الرئيسي أن موانئ دبي لم تنفذها اساساً ونتيجة لذلك تدهور وضع الميناء ووصل حاله إلى هذا الشكل المزري، ولقد اعُطيت الشركة الفرصة تلو الفرصة لإثبات مصداقيتها دون جدوى حتى بالتدخل السياسي والودي، ولكنها استمرت في تنفيذ مخطط تدمير ميناء عدن وهذا الامر بالتأكيد يُسئ لتاريخ هذه الشركة وعالميتها .

وأرى ان قرار الغاء الاتفاقية "وهو ما كنت قد جهزته مع المستشارين الدوليين في نهاية عام 2010 ومتوفر بشكل مكتوب لدى وزارة النقل" وفق عمل قانوني ومهني هو الحل الاسلم للتخلص من هذه الشركة، بل وإدخالها في القائمة السوداء للشركات في اليمن ومطالبتها بالتعويض عن خسائر اليمن والميناء وعماله وموظفيه، وانا كنت واثق كل الثقة من نجاح التحكيم لصالح مؤسسة موانئ خليج عدن اليمنية - إذا ما استكمل - وكان سيكون درساً قاسياً لهذه الشركة وغيرها لاستهانتها بصرح عملاق مثل ميناء عدن، ولقد كنت - كما ذكرت - طلبت الغاء الاتفاقية بشكل رسمي وخطي من كلٍ من الاخ الرئيس السابق والأخ رئيس الوزراء السابق والأخ مدير مكتب رئاسة الجمهورية السابق، وذلك بتاريخ 16 اكتوبر 2010 وستجد تفاصيل ذلك في مقالاتي السابق الإشارة إليها..

* مارأيك في الاتفاق الودي الذي تم مؤخراً؟

- ارى شخصيا أن الحل الودي هو الإجراء الامثل الذي تتجنب من خلاله الوقت الذي سيأخذه التحكيم والتكاليف للمحامين وكذا العلاقات بين البلدين التي قد تتأثر، ولكن بشرط أن يكون اتفاقا متوازنا، وقد كان هذا الخيار ايضاً جاهز ومكتوب اثناء قيادتي لوزارة النقل ولكن طال وقت الحل السياسي..

* "مقاطعا" يعني لايوجد لديك اي تحفظ على الاتفاق الودي؟

- ليست تحفظات، لكني ارى ان الحل الودي لايعني أن نتنازل عن حقوقنا، فقد عمدت موانئ دبي إلى تدمير الميناء لمدة اربع سنوات سابقة واتوقع ست سنوات قادمة سيظل الميناء متأثراً.

* اريد ايضاح اكثر؟

- الامر واضح ولايحتاج إلى توضيح، من سيدفع غرامة وتعويض التدمير الذي لحق بميناء عدن خلال الفترة الماضية، يجب ان نتذكر ان موانئ دبي لم تكتفِ بعدم تطوير الميناء فقط؛ بل اخذت الخط الملاحي الرئيسي الذي كان موجوداً لدينا منذ اكثر من عشرين عاماً، لذلك أعتقد من هذا الجانب ان الاتفاق بالحل الودي كان مجحف بحق الميناء، مع اعتقادي الجازم بسلامه نية من وقع.

* الم يكن الحل الودي افضل للميناء، لان طول فترة التقاضي والميناء بيد شركة موانئ دبي كان سيدمر الميناء لسنوات طويلة حتى انتهاء فترة التقاضي؟

- لعلّ الجميع يتذكر الاعلان الذي سبق ذلك بفترة بسيطة، والذي تضمن ان وزارة النقل الغت الاتفاقية، وقيام محامي النقل بتسليم مدير موانئ دبي بعدن طلب تسليم الميناء، وأحب أن اؤكد لك أن الاتفاقية تسمح باتخاذ هذا الاجراء، ولا يحق لموانئ دبي الامتناع عن تسليم الميناء لوزارة النقل اليمنية، وبالتالي كان يمكن استلام الميناء فوراً واستكمال إجراءات التقاضي إذا كان الحل الودي غير متوازن كما هو الآن..

وقد استغربت البيان الصحفي الذي نشر من قِبل وزارة النقل وموانئ دبي في تركيا عقب توقيع الاتفاق الذي اكد أن موانئ دبي حققت تطويرا في ميناء عدن، بل وإقرار وزارة النقل أن موانئ دبي قد استثمرت وطوّرت ميناء عدن وأن وزارة النقل ستواصل المسيرة!!، إذاً لماذا تم إلغاء الاتفاقية، ولماذا تلك الحمله الاعلامية التي شُنت على موانئ دبي للمطالبة باخراجها من ميناء عدن، ولماذا الاكاذيب التي روّجت بأن الاتفاقية فاسدة..

إن الثابت أن موانئ دبي دمرت الميناء عن عمد وماطلت واخلت بتنفيذ الاتفاقية فلماذا تُسامح دون دفع تعويض..

إعادة الخطوط المغادرة

* ذكرتم في مقال بشأن الاتفاقية، إن 98% من نشاط حركة الحاويات بميناء عدن تحولت إلى جيبوتي، برأيكم هل ستستطيع الحكومة اليمنية إقناع شركات وخطوط الملاحة العالمية المغادرة بالعودة إلى عدن؟

- لقد مارست موانئ دبي دورا سلبيا في ميناء عدن بأن اهملت صيانة المعدات ولم تشتري وتنفذ مرحلة التطوير المتفق عليها فور استلام الميناء مما ادى إلى تدهور الأداء في مناولة الحاويات فضيّقت الخناق بذلك على أهم خط ملاحي في المحطة، والذي أحس انه بدأ يفقد زبائنه وعملاءه بسبب ذلك، وفي نفس الوقت قدمت موانئ دبي في ميناء جيبوتي التابع لها، قدمت لهذا الخط الملاحي الكبير جدا حوافز لاجتذابه اليها وهذا ماتم بالفعل.. وللعلم فان هذا الخط الملاحي موجود في ميناء عدن منذ اكثر من عشرين عاماً .

وبدلاً من ان تضيف موانئ دبي لميناء عدن خطوطا ملاحية جديدة خسّرت الميناء ما لديها والذي كان يمثل حوالي 98% من حركة حاويات إعادة الشحن، وقد حاولتُ انا شخصيا في ذلك الوقت إعادة هذا الخط لكنه اعتذر..

* بعد إلغاء الاتفاقية مع دبي هل تراه سيعود؟

- في رأيي ان إقناع الخطوط الملاحية التي غادرت ميناء عدن بالعودة اليه مجددا، أو حتى دعوة أو احضار خطوط ملاحية اخرى إلى ميناء عدن، لابد ان يكون عمليا، وذلك بأن يتم تنفيذ المرحلة الاولى من التطوير، سواءً من قبل الحكومة مباشرة أو عبر الممولين أو عبر شريك جاد جديد مع فتح الباب بنسبة محددة للاكتتاب العام للمواطنين وموظفي الميناء، إضافه لتوفير مشغل عالمي جديد، مع اهمية إلغاء ومنع فكرة الإضراب في الميناء من الاساس، لأن أي خط ملاحي لن يحضر للميناء اذا علم بإمكانية حدوث ذلك، وهناك تجارب عالمية معروفة بالنسبة لمشاغبات ومطالبات عمال الموانئ، فلقد كان ميناء ليفربول ببريطانيا من اكبر الموانئ واكثرها حركة في مجال الحاويات وبسبب النقابات واضرابات العمال هربت الخطوط الملاحية إلى ميناء روتردام بهولندا والذي لم يكن به نقابات ومشاكل عمال فازدهر هذا الميناء واصبح من اكبر الموانئ العالمية حتى الان.

* من وجهة نظرك، هل شكلت هذه الاتفاقية ضربة قاصمة لميناء عدن، أم أن بالإمكان إنقاذه وتطويره؟

- الاتفاقية بحد ذاتها كانت تشكل البداية الحقيقيه لتطوير وتشغيل ميناء عدن وزيادة الحركة فيه، كما ان اختيار الشركة المشغلة والشريكة كما سبق وذكرت كان جيداً بحكم انها من اكبر الشركات في العالم، وهذا كان كفيل باستعادة ميناء عدن لدوره الريادي والهام في الملاحة البحرية..

* "مقاطعا" اذن ما المشكلة، ما الذي حصل حتى طالبنا بالغاء الاتفاقية؟

- الذي حصل أن هذه الشركة كانت تحمل أجندة خاصة في ميناء عدن وقد نفذتها بدقة واحتراف شديد، وقد نجحت في ذلك ولكن بشكل مؤقت، ومن وجهة نظري ارى انه يجب ان تنال شركة موانئ دبي جزاءها العادل، وما قامت به هذه الشركة تجاه ميناء عدن ادى لخسائر اقتصادية ومالية كبيرة للميناء ولليمن بشكل عام، وأساء لسمعته وافقده مكاسب كبيرة وغير ذلك كثير..

* هل بالامكان تلافي هذه الخسائر التي تتحدث عنها؟

- بالتأكيد بالإمكان تلافي ذلك ولكن الامر بحاجه إلى وقت طويل لإعادة الامور إلى نصابها، وفي اعتقادي لن يقل الوقت الذي نحتاجه عن عامين أو ثلاثة اذا ما بدأنا تطوير المحطة وحظيت بمشغل نزيه وكفء ويريد ان يكسب ويستفيد ويفيد اليمن، ويعيد لميناء عدن اعتباره..

* من وجهة نظركم، ما هي أفضل الآليات لتشغيل ميناء عدن، هل هي تسليمه إلى مؤسسة خليج عدن مثلا، أو إنشاء شركة وطنية على غرار شركة صافر في قطاع النفط، أو طرحه للمنافسة أمام الشركات العالمية..؟

- يجب ان يتم الابتعاد عن العاطفة في هذا الشأن لأنه جانب مهني وحساس.. عند النظر لموضوع تشغيل وإدارة محطة الحاويات بميناء عدن من المهم الاخذ في الاعتبار عدد من المسائل أهمها: من سيدفع تكلفة بناء الميناء ومنشآته ومعداته.. فإذا توفّر هذا لدى الحكومة أو الممولين فإن ذلك سيحل مشكلة اساسية، ولن يتبق إلا اختيار مشغل عالمي فقط، ويمكن تخصيص نسبة محددة للاكتتاب العام للمواطنين وعمال وموظفي الميناء.

* لماذا مشغل عالمي.. ألا يكفي ماحدث من موانئ دبي؟

- في اعتقادي ان حالة هذه الشركة لن تتكرر، كما ان وجود مشغل عالمي ضرورة لاغنى عنها لعدة أسباب، منها أن سوق الحاويات شبه محتكر من عدد من المشغلين والخطوط الملاحية العالمية والتي تملك السفن والإمكانيات، ومنها أن الحاويات المستهدفة في ميناء عدن هي حاويات الترانشمبنت (إعادة الشحن) وليست الحاويات الداخلية، وبالتالي يجب ان تمتلك الجهة التي ستقوم بتشغيل الميناء المقدرة الحقيقية من خلال علاقتها وصلاتها بالخطوط الملاحية على وضع ميناء عدن على الخريطة الملاحية كمركز رئيسي لاستقبال وإعادة شحن الحاويات .

ومن المعروف أن الموقع الجغرافي لميناء عدن هام جدا باعتباره قريب من الخط الملاحي الدولي ولكن هذا الامر لم يعد إلا عنصر اساسي من ضمن عدة عناصر رئيسيه اخرى مهمة منها تنامي صناعه واستخدام السفن العملاقة التي تستطيع ان تبحر بحمولاتها مباشرة من ميناء التصدير لموانئ الاستهلاك مباشرة دون الحاجة للتوقف في أية موانئ وسيطة، وبالتالي فوجود شركة عالمية مشغلة أو مالكة لخطوط حاويات يمثل اهمية قصوى لتجاوز جزء من تلك الإشكالية، واخيرا يجب ان نعلم ان جميع موانئ الحاويات الكبيرة في العالم لاتدار إلا من قبل مشغل عالمي متخصص ولاتدار محليا على الإطلاق، وهي موانئ في أمريكا وأوروبا ودول الخليج ودول في افريقيا.. فهل يمكن القول مثلاً أن تلك الموانئ في دول متقدمة وتملك الكادر المؤهل والأموال الكثيرة، ليس لديها أشخاص قادرين على إدارة الميناء؟

بالتأكيد لا، لكن الاساس أنها موانئ ذات طبيعة خاصة، ولاتدار إلا من قبل مشغل عالمي متخصص أو مالك لخطوط حاويات، وعليه فإن طرح الميناء للمنافسة امام مشغل عالمي هو افضل الحلول من وجه نظري، لكن من الاهمية معالجه موضوع من سيقوم ببناء الميناء وتطويره إذ يفضل فصل المشغل عن المطور، وموضوع تجربة شركة صافر في قطاع النفط يختلف تماماً، فمهمتهم تقتصر على الاستخراج وهذا يحتاج إلى امكانيات وخبرة توفرت لدى صافر، اما حاويات إعادة الشحن فتحتاج لمن يمتلك الخبرة والقدرة على جذب العملاء والزبائن ومتحكم في هذا السوق.

* في حال أُنجزت مشاريع تطوير ميناء عدن ونجحنا في استقطاب الخطوط العالمية الملاحية، كم ستبلغ الإيرادات المتوقعة؟

- استطيع ان اعيدك إلى اجواء الاتفاقية التي كانت مع موانئ دبي العالمية، وكم كانت ستبلغ إيرادات محطة ميناء عدن للحاويات إذا ما كانت الشركة الاماراتية التزمت بتنفيذها؟، والجواب واحد، وهو ان عدد الحاويات الترانشيمبنت (إعادة الشحن) كانت ستصل إلى 305 مليون حاوية نمطية في العام كحد ادني، وكانت ستصل الإيرادات لحوالي 2 مليار دولار أمريكي خلال 35 عاماً، ويُمثل ذلك الحد الأدنى فالإيرادات تزداد بازدياد الحركة..

زر الذهاب إلى الأعلى