أدان المجلس الوطني السوري اعتبار الولايات المتحدة أنه لم يعد الممثل الواضح للمعارضة السورية، وقال إن الحكومة الأميركية تريد بقاء بعض عناصر حزب البعث في السلطة بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد، في وقت رفضت فيه روسيا المساعي الأميركية لفرض مرشحين لشغل مناصب قيادية في سوريا.
ونقلت صحيفة "حريت" التركية عن ممثل المجلس الوطني في تركيا خالد خوجة قوله إن إدارة الرئيس باراك أوباما نأت بنفسها عن المجلس منذ بدء تشكيله رغم القرارات التي اتخذت في اجتماعات أصدقاء سوريا.
وأضاف أن واشنطن تريد أن يكون حزب الاتحاد الديمقراطي الذي تربطه علاقات بحزب العمال الكردستاني (بي كيه كيه) "المحظور" والمعارضة الكردية أحد الأعمدة الرئيسية في المعارضة السورية.
وقال خوجة إن حزب الاتحاد الديمقراطي لم يوقع على الاتفاق الوطني وخريطة الطريق التي جرى التوافق عليها في اجتماع سابق بالقاهرة، ويريد أن تكون له كلمة مستقلة الأمر الذي لا يقبله المجلس الوطني السوري.
وقبل ذلك عبر عدد من شخصيات المعارضة السورية عن انزعاجهم من التصريحات الأميركية، واعتبروا أن ما سموه الوصاية المباشرة والإملاءات لم تعد مقبولة للشعب السوري. وقال عضو المجلس الوطني السوري محيي الدين اللاذقاني المقيم في لندن إنه لا يحق لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون انتقاد المجلس في وقت لم تحدد فيه إدارة الرئيس باراك أوباما أي مسار لسوريا، مشددا على أن كل ما تحاول أميركا أن تفعله هو إلقاء اللوم على المجلس.
من جهته قال المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين زهير سالم إن تصريحات كلينتون تظهر أن الولايات المتحدة تريد أن تفصل المعارضة السورية على مقاسات محددة.
وتدفع واشنطن من أجل دور أكبر للجيش السوري الحر من بين جماعات أخرى في المعارضة السورية، لكن هيئة التنسيق الوطنية -وهي أبرز الهيئات المعارضة في داخل سوريا- تشكك في إمكانية توحد جماعات المعارضة تحت مظلة واحدة.
وقال فايز عمرو -وهو جنرال انشق عن الجيش النظامي في وقت سابق من هذا العام- إن أي حكومة أو هيئة انتقالية لا يمكن أن تكون ممثلا للذين يضحون بأرواحهم في سوريا.
معارضة موحدة
وكانت وسائل الإعلام قد ذكرت في وقت سابق أن الولايات المتحدة قد طرحت فكرة تشكيل تنظيم معارضة موحدة تحل بدلا من المجلس الوطني السوري الذي تعتبره واشنطن تنظيما غير فعال بسبب عدم نجاحه في توسيع قيادته.
وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إن واشنطن قد أعدت مرشحين سوريين للانضمام إلى أي قيادة جديدة للمعارضة يمكن أن تنبثق من مؤتمر مجموعة أصدقاء سوريا المقرر انعقاده بعد غد الأحد في الدوحة.
من جهته قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية باتريك فنتريل -في مؤتمر صحفي في واشنطن- إن الولايات المتحدة لا تعارض أي دور للمجلس الوطني السوري أو أي دور يحدد له في الدوحة، مشددا على أن هذا المؤتمر يشكل فرصة للمجلس للانضمام إلى تركيبة سياسية لديها مصداقية أوسع داخل سوريا، لكنه أكد أهمية أن يدرك المجلس أن الشعب السوري هو من يختار تركيبة قيادته وممثليه.
وشدد فنتريل على أنه يجب على المعارضة أن تكون أكثر تنظيما والتزاما بإستراتيجية، مشيرا إلى أن واشنطن لم تر ذلك في المجلس الوطني السوري ولذلك تساعد في تحديد بعض الأشخاص.
ورفض فنتريل ذكر أسماء الشخصيات الجديدة، لكنه قال إن المطلوب هو قيادة سياسية أولية تضم أشخاصا لا يقتصر تركيزهم على التنظيم بل يشمل تقديم خدمات لأن المطلوب بعد سقوط الرئيس الأسد هو أن توجد هيئات يمكن أن تقدم الحكم وتوفر الخدمات للناس.
وسئل عن توقعاته بشأن مؤتمر مجموعة أصدقاء سوريا في الدوحة، فقال إن ثمة حاجة ماسة لتشكيل تركيبة تمثل قيادة المعارضة، مشيرا إلى أن أمامها عملا سياسيا وإداريا للتواصل مع المجتمع الدولي والمساعدة في تنسيق التواصل والمساعدة.
ولفت إلى أن السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد سيترأس وفد الولايات المتحدة إلى الدوحة.
الموقف الروسي
وفي موسكو أعلنت روسيا اليوم أنها تعارض محاولات رعاة المعارضة السورية فرض مرشحين من الخارج ليشغلوا مناصب قيادية في سوريا باعتبار ذلك يتعارض مع اتفاقات جنيف.
وأفادت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء أن غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسية كتب في مدونته على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" قائلا إن بيان جنيف يقضي بأن تتشكل هيئة سلطة انتقالية بناء على الوفاق المتبادل بين الحكومة السورية والمعارضة.
مقترح صيني
يأتي هذا الجدل بشأن حجم تمثيل المعارضة السورية في وقت قدمت فيه الصين مبادرة جديدة لحل الأزمة السورية تتضمن وقفا لإطلاق النار في منطقة تلو الأخرى وعلى مراحل مع تشكيل حكومة انتقالية.
وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية هونغ لي -في تصريحات صحفية في بكين- أمس الخميس إن مقترحات بلاده تستند إلى خطة المبعوث السابق كوفي أنانالمؤلفة من ست نقاط والقرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن، وبيان جنيف لوزراء خارجية مجموعة العمل بشأن سوريا.
ويتضمن المقترح الصيني أربع نقاط، تدعو النقطة الأولى الأطراف المعنية في سوريا إلى بذل كل جهد لوقف القتال وأعمال العنف والتعاون بنشاط مع جهود الوساطة التي يقوم بها المبعوث العربي والأممي الأخضر الإبراهيمي.
وتقتضي الثانية تعيين محاورين مفوضين في أسرع وقت للتعاون مع الإبراهيمى والمجتمع الدولي على وضع خريطة طريق للانتقال السياسي وإقامة جهاز حكم انتقالي بقاعدة عريضة، مع ضمان انتقال آمن ومستقر وهادئ والمحافظة على استمرارية وفعالية مؤسسات الحكومة.
وتدعو الصين في النقطة الثالثة المجتمع الدولي إلى التعاون الكامل مع الإبراهيمى لتحقيق تقدم حقيقي في تنفيذ بيان اجتماع وزراء خارجية جنيف لمجموعة العمل الخاصة بسوريا وخطة أنان وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، مع تقدير جهود الجامعة العربية ودول المنطقة.
ويأتي في النقطة الرابعة الأخيرة اقتراح بضرورة اتخاذ الأطراف المعنية خطوات ملموسة لتخفيف الأزمة الإنسانية وزيادة المساعدات الإنسانية للشعب السوري وضمان إعادة توطين ملائم للاجئين.