أكد مسؤولون ومحللون اقتصاديون أن اليمن يتكبد خسائر كبيرة جراء تفجير أنابيب النفط والغاز في البلاد. وتلقي السلطات اليمنية بالمسؤولية عن هذه التفجيرات على تنظيم القاعدة الذي يخوض حربا مفتوحة مع صنعاء وحليفتها واشنطن، بينما يعتقد كثيرون بأن المخربين هم من الموالين للرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي أطاحت به الثورة الشعبية عام 2011.
وكان الأنبوب الرئيسي الذي ينقل إمدادات الغاز الطبيعي من منطقة صافر بمحافظة مأرب، إلى محطة التصدير في ميناء بلحاف بمحافظة شبوة والواقع على بحر العرب، قد تعرض للتفجير الأسبوع الماضي من قبل مسلحين مجهولين، حسب ما أفادت به المصادر الأمنية.
ويعتقد خبراء بأن تفجير الأنبوب الرئيسي لمشروع الغاز الطبيعي المسال يعتبر ضربة قوية للاقتصاد اليمني، لكونه يعد أضخم مشروع اقتصادي في البلاد وتقدر كلفته بـ4.5 مليارات دولار. وتملك شركة توتال الفرنسية وثلاث شركات آسيوية أسهما فيه، ويتوقع أن يدر أرباحا لليمن تصل إلى 30 مليار دولار على مدى 25 عاما.
ويأتي هذا التفجير بعدما وافقت شركة توتال الفرنسية على رفع أسعار الغاز اليمني المصدر إلى الخارج، في سابقة تمثل تغيّرا في بنود العقد الذي وقعته حكومة الرئيس السابق صالح بأسعار متدنية جدا أثارت استياء كبيرا في البرلمان والشارع اليمنيين.
إحجام المستثمرين
واعتبر وكيل وزارة النفط والمعادن المهندس عبد الملك علامة في حديث للجزيرة نت أن أكبر ضرر أصاب الاقتصاد اليمني جراء تفجير أنابيب النفط والغاز، هو إحجام المستثمرين الأجانب عن القدوم إلى اليمن للاستثمار في هذين القطاعين.
وأضاف أن هذا التفجير يؤدي إلى انخفاض دخل الخزينة العامة للدولة نتيجة توقف الإنتاج، إضافة إلى التكاليف المالية التي تتكبدها الوزارة جراء أعمال الإصلاح وما يتبعها من التزامات تجاه الشركات الأجنبية العاملة، هذا إلى جانب ارتفاع التأمين على منشآت النفط والغاز.
كما أشار المسؤول اليمني إلى أن بلاده خسرت أكثر من مليار دولار خلال عامي 2010 و2011 جراء الأعمال التخريبية وتفجير أنابيب النفط والغاز وتوقف الإنتاج.
من جانبه أكد الباحث والأستاذ الجامعي سعيد عبد المؤمن في حديث للجزيرة نت أن أعمال التفجير تؤدي إلى تضرر صادرات النفط والغاز المتواضعة التي تعد مصدرا مهما للعملة الصعبة للحكومة اليمنية، حيث تمثل موارد النفط والغاز ما بين 60 و70% من دخل اليمن. وأشار إلى أن صنعاء تخسر 15 مليون دولار يوميا نتيجة للهجمات.
واعتبر أن المشكلة تكمن في أن أنبوب الغاز الذي استهدفه التفجير يمتد على مسافة طويلة تصل لأكثر من 295 كلم حتى يصل إلى محطة التصدير على البحر، ولذلك فإن حمايته تحتاج إلى إمكانيات كبيرة ومراقبة دائمة وأجهزة حديثة وقدرات استخباراتية تمكن قوات الجيش والأمن من التصدي للمخربين قبل تنفيذ هجماتهم.
ورأى أن المتضرر الأكبر هو المواطن والاقتصاد اليمني الذي لا يزال يعاني من فساد نظام حكم الرئيس السابق والإدارة غير الرشيدة للحكومات السابقة، إضافة إلى الفترة الطويلة للثورة اليمنية وأعمال الثورة المضادة التي عطلت الحركة الاقتصادية في البلد.
مسؤولية القاعدة
ويرى عبد المؤمن أنه رغم توجيه الاتهامات إلى تنظيم القاعدة بالمسؤولية عن أعمال التفجير، فإن جهات أخرى من أعوان النظام السابق تعد مستفيدة -إن لم تكن مشاركة- من عمليات التخريب، لأن ذلك يمكنها من القول إن حكومة الثورة عاجزة عن القيام بمهامها، وربما يعطيها المبرر للقول بأحقيتها في العودة إلى الحكم أو تنصيب أشخاص موالين لها.
إلى ذلك أشار مدير مركز اليمن للإعلام الاقتصادي عبد الحميد المساجدي، إلى أن تفجيرات أنابيب النفط والغاز زادت بشكل كبير جدا في العام الجاري مقارنة بالأعوام السابقة، حيث وصلت إلى أكثر من 24 عملية تفجير.
وقال المساجدي في حديث للجزيرة نت إن دوافع التفجيرات التي تستهدف إمدادات النفط والغاز تأتي على خلفيات تتعلق بالصراع السياسي في اليمن.
وعندما ينظر إلى شعور طرف ما أنه خسر الحكم في البلاد، فإنه وأعوانه لهم مصلحة في القيام بأي أعمال من أجل عرقلة جهود التنمية وإيقاف عجلة التغيير في البلاد.
ولفت إلى أن عمليات التفجير تترك أضرارا مباشرة على الاقتصاد الوطني وتكبده خسائر مباشرة قد تصل إلى ثلاثة مليارات دولار.
كما تؤدي تلك العمليات إلى عجز في إمدادات النفط والغاز للسوق المحلية، مما يعني حدوث أزمة محلية تؤدي إلى اضطرابات اقتصادية واجتماعية وسياسية، ربما من أجل اختلاق مشاكل جديدة للرئيس عبد ربه منصور هادي ولحكومة الوفاق بهدف عرقلة السير في تنفيذ المبادرة الخليجية التي يشعر البعض أنها تقصيهم.