استشهد قبل يومين الصحفي السوري والناشط السلمي، محمد قريطم، في مدينة داريا بريف دمشق تحت القصف من قبل طائرات نظام الأسد.
وإن كان قريطم معروفاً منذ بداية الثورة، نظراً لاعتقاله أكثر من مرة، فإنه لم يخرج من سوريا وإنما عمل على تنظيم الحراك السلمي في مدينته داريا، التي تعرضت لأعنف قصف في ريف دمشق، وبات الدمار عنوان المدينة بدلاً من الحياة.
وتبدو أفكار الحراك السلمي في داريا مبتكرة وغريبة، وقريطم واحد من رواد هذا الحراك، إذ إنه واحد من مؤسسي مجلة "عنب بلدي" السورية، كما أنه كان من أبرز مبتكري المظاهرة الأغرب "مظاهرة الفزاعات" التي أرعبت رجال الأمن السوري في شهر يوليو/تموز الماضي.
حيث قام شباب داريا حينها بتحضير عدد من الفزاعات على شكل جسم الإنسان وألبسوها ثياباً متنوعة ظهرت بها الفزاعات كأشخاصٍ في أعمار مختلفة، وتم لصق شعارات متعددة على هذه الفزاعات، فبدتْ كلُ فزاعةٍ كمتظاهرٍ في قلب المظاهرة.
ووضعت الفزاعات وسط المدينة في ساحة تربة المدينة، وفي صباح اليوم التالي دخل موكب الأمن مدينة داريا، ووصل إلى ساحة التربة ليفاجأ بوجود الفزاعات هناك، فما كان منه إلا أن بدأ بإطلاق النار الكثيف عليها لتخريبها وتكسيرها، ليقوم الشباب بعد ذلك من جديد بإعادة ما تبقى «حيّاً» من الفزاعات إلى مكانها لتتابع ما سماه قريطم حينها "نشاطها الثوري".
ودع أمه برسالة
أرسل محمد قريطم، الأب لطفلين، رسالة لأمه ودعها فيها، وطلب رضاها، ولكنه ودعها لشعوره بأنه سيعتقل، ولكنه لم يدر أنه سيقتل وسيغيب إلى الأبد: "أنا على قناعة تامة بأنني سأسجن الآن، وسأحرم من حرارة الشمس ووضوح النهار وضوء القمر، قد أذل اليوم من أجل ألا يذل أحد أبداً، سأقف خلف القضبان فلا يقف أحد خلفها، سأخاطر بحريتي فلا يسجن أحد بعد اليوم.. أعينيني أمي بدعائك، فقد اخترت حريتي وحريتكم".