قال الرئيس عبدربه منصور هادي إن الاختلال الأمني وضعف أداء السلطة القضائية من أهم أسباب وصول رياح التغيير إلى اليمن ، حيث أفضى إلى تنامي مفهوم حتمية التغيير في الوعي المجتمعي..
جاء د/لك أثناء حضوره الندوة العلمية الأولى من أجل إعادة تنظيم وهيكلة جهاز الشرطة والتي افتتحت صباح اليوم بحضور عدد من الوزراء ورؤساء الدوائر وكبار ضباط القوات المسلحة والأمن وعدد من رؤساء البعثات الدبلوماسية العربية والدولية.
وكان في استقبال رئيس الجمهورية في الأكاديمية العسكرية العليا وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر احمد ووزير الداخلية اللواء الدكتور محمد قحطان ومدير مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة العميد الركن احمد العقيلي ومدير الاكاديمية العسكرية العليا اللواء عبدربه القشيبي.
وفور وصول الأخ الرئيس إلى قاعة الاحتفال عزفت الموسيقى السلام الوطني ثم بدأت فقرات الحفل بالقران الكريم. وبهذه المناسبة ألقى الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي كلمة جاء فيها:
يسعدني أن ألتقي بكم في هذه الندوة الهامة التي تنعقد تحت شعار" من أجل إعادة البناء المؤسسي لجهاز الشرطة في ظل سيادة القانون" وهذه الندوة العلمية تعتبر خطوة هامة في طريق إعادة هيكلة جهاز الشرطة على أسس علمية بعيداً عن الارتجالية وضعف التنظيم الذي كان أحد أسباب الاختلالات الأمنية في فترات سابقة.
وقال الاخ الرئيس عبد ربه منصور هادي "لاشك أننا بحاجة إلى التفكير العلمي المنهجي كعنوان لعهد التغيير، حيث أن الأمم الحية لم تصل إلى الدرجة العالية من الاستقرار الأمني إلا باتباع الأساليب العلمية في العمل الأمني الذي يحمي المجتمع ويخدمه، خاصة ونحن على أعتاب مرحلة جديدة نعمل فيها على رسم معالم اليمن الجديد، إذ لا يمكن لنا أن نؤسس للدولة المدنية الحديثة دولة النظام والقانون في غياب عامل الاستقرار الأمني.
وأضاف "من المعلوم أنه ليس هناك تنمية أو استثمارات داخلية أو خارجية في ظل غياب الأمن الذي يعتبر من ركائز البنية التحتية للاقتصاد الوطني، بل إنه لا يمكن التقدم في مجال التسوية السياسية الممثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية في ظل غياب الأمن".
واستطرد رئيس الجمهورية "لذلك فإن هذه الندوة على درجة عالية من الأهمية لأنها تمثل إحدى الخطوات الهامة في اتجاه بناء دولة النظام والقانون التي لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال عاملين رئيسيين هما إصلاح المنظومة الأمنية وكذلك إصلاح المنظومة القضائية حيث يعتبر هذان العاملان الركيزتين الأساسيتين للدولة المدنية الحديثة، دولة النظام والقانون وها نحن على أبواب إعادة تنظيم وهيكلة جهاز الشرطة بعد أن قطعنا شوطاً متقدما في عملية إنها انقسام الجيش والأمن".
وتابع قائلاً "إن وزارة الداخلية هي من أكثر الوزارات التصاقاً بالمواطن وحياته اليومية، ويجب أن تحظى بكل الاهتمام والتطوير وأن يتم رفدها بأحدث الوسائل العلمية التي تسهل لها أداء مهامها الكبير والواسعة، فوزارة الداخلية إذا تم إعادة هيكلتها وتنظيم أجهزتها الأمنية على أسس وطنية وعلمية فإننا بذلك نكون قد قطعنا أكثر من نصف الطريق لتحقيق دولة العدالة والمساواة وسيادة النظام القانون".
وأردف "لا بد أن نحرص على أن تؤدي هذه العملية إلى تصحيح أوضاع وزارة الداخلية وأجهزتها، بما يعمق من صلتها الايجابية بالمواطن لما من شأنه تعزيز البعد المدني لوزارة الداخلية في الفترة القادمة ويمكنها من القيام بواجباتها على أكمل وجه في حماية سيادة القانون والقضاء على الاختلالات الأمنية وتجفيف منابعها التي لا شك أن المواطن يعاني منها كثيراً لارتباطها بالخدمات الأساسية خاصة بعد وصول الأعمال التخريبية لخطوط نقل الطاقة الكهربائية وإلى أنابيب النفط والغاز واضمحلال الوعي الأمني عند بعض الشرائح الاجتماعية التي لا تدرك أنها بهذه الأعمال التخريبية إنما تبدد ثروتها الوطنية وتزيد الوضع الاقتصادي سوءاً بما يعمل على زيادة البطالة وهروب الاستثمارات الداخلية والخارجية وبالتالي زيادة المعاناة المعيشية للمواطن، لذلك فإن الاهتمام بوزارة الداخلية وإعادة تنظيمها يجب أن يحظى بالأولوية في سلم أولوياتنا الوطنية".
وأكد الأخ الرئيس قائلاً "لقد كان عاملا الاختلال الأمني وضعف أداء السلطة القضائية من أهم أسباب وصول رياح التغيير إلى اليمن ، مما أفضى إلى تنامي مفهوم حتمية التغيير في الوعي المجتمعي، وإذا لم نعالج هذه الإشكاليات بأسلوب علمي يتواءم وتطلعات المجتمع في التغيير والإصلاح فإننا سنظل أسيري الماضي غير قادرين على إحراز التقدم صوب صياغة مستقبل اليمن الجديد وغير قادرين أيضاً على استكمال بنود التسوية السياسية التي مثلت المخرج الوحيد والمشرف لجميع الأطراف وجنبت اليمن السقوط في مهاوي الحرب الأهلية الطاحنة التي كانت ستؤدي حتماً إلى التشظي والتشرذم والضياع".
وقال الأخ رئيس الجمهورية "على جميع القوى السياسية أن تدرك أن العودة إلى الوراء غير ممكنة، وأن عجلة التغيير قد دارت وأنه لا بديل عن السير في اتجاه استكمال بنود هذه التسوية، ولذلك فإن على جميع هذه الأطراف أن تستشعر حساسية الظرف الحالي حيث ما يزال الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي يعاني من الضعف وما يزال الوطن بحاجة إلى جهود الجميع لتنفيذ استحقاقات المرحلة المتمثلة في إنجاح مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يعول عليه لصياغة مفهوم جديد وعصري للنظام السياسي للدولة بحيث تحقق تطلعات الشعب في بناء دولة النظام والقانون التي تكفل المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية والحكم الرشيد.
واختتم الأخ الرئيس كلمته قائلاً "نسأل الله أن يمنحنا نور البصيرة ونفاذها وأن يسدد على طريق الخير والرشد خطانا وأن يعيننا على إخراج الوطن إلى بر الأمان".
وفي الندوة أشار وزير الداخلية اللواء الدكتور عبدالقادر قحطان في كلمته إلى أن انعقاد الندوة يأتي واليمن يعيش مطلع العام الثاني من المرحلة الانتقالية التي ارتكزت على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي كان من أهم ثمارها الانتقال السلمي للسلطة والانتخابات الرئاسية المبكرة التي اجمع عليها الشعب بكل أطيافه السياسية والاجتماعية على انتخاب الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية.. وقال :" لقد شاء الله أن يختاركم يا فخامة الرئيس لقيادة اليمن في هذه الفترة الصعبة وجعلكم منجاة لليمن من الدخول في حرب مدمرة، وها أنتم تقودون المسيرة بحكمة واقتدار نحو مستقبل آمن ومزدهر لأبناء اليمن وغير خاف على احد ما تبذلونه من جهود ومعكم المجتمع الدولي لترسيخ دعائم الاستقرار على المستوى الوطني والإقليمي والدولي".
وأضاف " لقد كان من ايجابيات المبادرة الخليجية وجهودكم يا فخامة الأخ الرئيس بالتعاون مع الأشقاء والأصدقاء، تكوين اللجنة العسكرية لتحقيق الأمن والاستقرار التي عملت برئاستكم على تجفيف منابع التوتر الذي ساد اليمن عام 2011 م، وتم من خلالها تعزيز الأمن والاستقرار وإنهاء الانقسام العسكري والأمني ودحر الفلول الإرهابية وتصفيتها من مدن عدة سيطرت عليها بقوة السلاح العام الماضي ".
وتابع :" ها نحن اليوم في مرحلة التكوين والإعداد الحقيقي للحوار الوطني نحو بناء الدولة المدنية الحديثة ".. مبينا أن لجنة الشؤون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار تشكلت لتقوم بدورها الكبير في انجاز مهامها لنزع فتيل التوتر والاحتراب الداخلي، وبدأ الدور الأساسي في ظاهره وجوهره "عسكريا" وبخاصة مع أحداث أبين وشبوه ولحج وعدن حين تمكنت القاعدة من احتلال بعض المدن وفرض أفكارها بالقوة.
ولفت وزير الداخلية إلى دور أبطال القوات المسلحة في معالجة الكثير من المشكلات التي زعزعت الأمن في اليمن، وإلى جانبها الشرطة والأمن واللجان الشعبية التي واجهت قوى الإرهاب بتحد وصمود وقدمت التضحيات لدحر الإرهاب ونقلت الوطن إلى بر الأمن.. وقال :" نحن مدعوون للنظر في الوضع الراهن بشكل أكثر عمقا للوقوف أمام الإشكالية الأساس التي هي "المشكلة الأمنية " والتي ينبغي أن تسخر لها كل الجهود الداخلية والإقليمية والدولية ، وان جهاز الشرطة والأمن بحاجة إلى دعم كبير مادي ومعنوي من السلطة والحكومة والمانحين والراعين للمبادرة وهو موضوع يتلازم تماما مع ضرورة توحيد القوات المسلحة وتوحيد الأجهزة الأمنية والنأي بها عن الانقسام والتشتت ".
وأضاف :" ونحن نعيش مرحلة الحوار الوطني والتأسيس للدولة المدنية الحديثة فإننا نؤكد لأبناء الوطن استمرار اللجنة العسكرية في جهودها لتنفيذ المهام الموكلة إليها في تحقيق الأمن والاستقرار وتوفير المناخ الملائم لكافة القوى السياسة والاجتماعية لإنجاح الحوار ".
واعتبر اللواء قحطان انعقاد الندوة الأولى لإعادة تنظيم وهيكلة وزارة الداخلية خطوة هامة بعد الخطوة الأولى لندوة هيكلة القوات المسلحة .. مبينا أن الإعداد في هذا الجانب جاء بتشكيل فريق لإعادة بناء وتنظيم وهيكلة وزارة الداخلية وأجهزتها المختلفة .
وأوضح انه تم توجيه الفريق إلى إتباع المنهج العلمي في الهيكلة والابتعاد عن المركزية ومنح الصلاحيات ووضوح المهام والاختصاصات والوصول إلى هذه الأهداف من خلال إعداد أوراق العمل والدراسات الأكاديمية والتقييم العملي لهيكلة وزارة الداخلية الحالي والخروج برؤية وآلية لهيكل جديد يلبي التطورات والتغييرات في المجتمع ويحافظ على حقوق رجال الأمن وينمي قدراتهم في خدمة أبناء الوطن.
وأشار إلى إشادة خبراء الاتحاد الأوربي بفريق هيكلة وزارة الداخلية، وان الفريق قد وضع خطوات هامة على طريق إعادة الهيكلة من خلال رصد الإمكانات المادية للوزارة وتصنيف القوة الحالية وفرزها .. مبينا أن إعادة بناء وهيكلة وزارة الداخلية يستدعي إعادة تأهيل القيادات العاملة وتكوين قيادات احتياطية في كل المجالات الأمنية ، ذات كفاءة وقدرة وبشروط مهنية وطنية .
وأوضح أن فريق إعادة الهيكلة مع الخبراء قد وقف أمام ما ترتكبه الجماعات الإرهابية من أفعال إجرامية وتوصلوا إلى رؤية موحدة توجب توحيد أجهزة الأمن تحت قيادة واحدة ، وان الحدود اليمن البرية والبحرية تتطلب وجود وانتشار رجال الأمن فيها لمواجهة جرائم التهريب والتسلل ومكافحة المخدرات وتهريب الأسلحة ومنع الهجرة غير المشروعة والتي تستدعي إعادة النظر في مهام خفر السواحل وحرس الحدود.
ودعا وزير الداخلية إلى أهمية الخروج من خلال الدراسات ومخرجات الندوة إلى رؤية مناسبة في إعادة الهيكلة وبما يتلاءم مع الإمكانات المتاحة لدى كل من وزارتي الدفاع والداخلية على المستوى البحري والبري.
إلى ذلك القى عضو اللجنة العسكرية رئيس فريق الهيكلة اللواء الدكتور رياض عبد الحبيب القرشي كلمة اكد فيها اهمية الندوة التي تأتي وصفا جليا لعملية التغيير إلى الافضل التي تسير عليها اليمن منذ توقيع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ، والتي تتجه نحو وضع أسس متينة لبناء جهاز امني وشرطي قوي وفاعل .
وقال القرشي " رغم كل الصعوبات والتحديات فأننا نمتلك فرص عظيمة نستطيع من خلالها أن نتجاوز هذه الصعوبات ، وان نتقدم إلى الأمام " .
واشار إلى ان أسس ومبادئ اعادة الهيكلة ترتكز على عدة اتجاهات اهمها كيفية تغيير نظرة المواطن نحو الشرطة ، ودراسة واقع عمل الشرطة بدءاً من الهيكل التنظيمي ولوائحه وقوانينه وانعكاس ذلك على أداء الشرطة وسلوكها في تنفيذها لمهامها .
ولفت إلى أن اهداف وزارة الداخلية من الهيكلة هو بناء جهاز شرطة مهني وطني محايد يخضع للقانون ولا شئ غير القانون ويحترم حقوق الانسان وحرياته وخصوصياته وكرامته ويعمل بكل شفافية وإخلاص لخدمة المواطنين وكسب ثقتهم.
وأكد أن اجهزة الشرطة يجب ان لا تنطوي تحت مسئولية حزبية أو قبلية أو مناطقية أو اسرية ، بل يحكم كل حركاتها (نصوص القانون) .
ولفت إلى أن فريق الهيكلة في وزارة الداخلية ومن خلال اللجنة العسكرية الذي لم يتعرض لأي من اشكال التدخلات في انجاز مهامه جعله ينطلق بقوة وثقة في اعتماد المنهج العلمي والبعد الوطني في انجاز المهام الموكلة اليه من اجل بناء اليمن الجديد. مشيرا إلى ان العمل بدأ بوضع خطة زمنية ومن ثم وصف الحالة الواقعية في جهاز الشرطة ودراستها وتحليلها من مختلف الجوانب وذلك من اجل بناء جهاز أمني قوي ومهني ووطني.
وأوضح ان الابحاث والأوراق المقدمة في الندوة ستعتبر مشاريع تتحول بالنقاش إلى مرجعيات عمل لما سيأتي .. مشيراً إلى دور الاتحاد الاوروبي الداعم بالخبرة العلمية والأدارية ومنهجية التحليل ساعد كثيرا في التعامل مع البيانات والاحصاءات والمعلومات الأمنية بالإضافة إلى المقترحات عن المستقبل من خلال عرض تجارب الأمن في دول العالم ، والحصول من خلالهم على وثائق عن إصدارات عن الأجهزة الأمنية وطرق تجارب إصلاح الأمن ، بالإضافة إلى وثائق عن الأمم المتحدة .
وأضاف " إن الخبرات الدولية ساعدت وزارة الداخلية في بناء اسس مدونة سلوك لرجال الشرطة ، وبناء أسس استراتيجية للمستقبل مع ربطها بمبدأ المراجعة والتطوير والتقييم كل ثلاث إلى خمس سنوات وانجاز مشروع الربط الشبكي وتنفيذه في عام 2013م " .
وأعرب عن أمله في مساعدة الدول الراعية للمبادرة الخليجية على بناء الدولة اليمنية الجديدة على اسس قانونية وموضوعية تمكن اليمنيين من تجاوز كل السلبيات السابقة .
وشدد على سيادة القانون فوق الجميع واستقلال القضاء والنيابة ونزاهته وعمله من اجل تحقيق العدل بين الناس .. داعيا إلى أن تترسخ وتتسع دائرة الرقابة من قبل المنظمات المجتمعية على سلوك وأداء رجال الشرطة وكل من يتعامل مع حقوق المواطنين وحرياتهم وخصوصياتهم ، وأن تترسخ كذلك قيم حقوق الإنسان وحرياته والحفاظ على كرامته من ان تمس من أي شخص كان.
وأكد على بناء جهاز شرطي قوي ونزيه وإيجاد تشريعات تحمي رجال ونساء الشرطة اثناء أداءهم لواجباتهم ، وتحسين مستوى معيشتهم .
هذا وقد بدأت جلسة العمل الأولى برئاسة وزير الداخلية عضو اللجنة العسكرية اللواء عبدالقادر قحطان، تم خلالها استعراض ومناقشة الأبعاد الوطنية والسياسية لإصلاح الأجهزة الأمنية من خلال ورقتي عمل تطرقت الورقة الأولى إلى الأبعاد السياسية الداخلية قدمها وزير الاتصالات وتقنية المعلومات الدكتور احمد عبيد بن دغر، وتناولت الورقة الثانية الأبعاد القانونية وعلاقتها بإصلاح وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية قدمها وزير الشؤون القانونية الدكتور محمد المخلافي.
فيما تناولت جلسة العمل الثانية التي عقدت برئاسة رئيس أكاديمية الشرطة – مدير كلية الدراسات العليا اللواء الدكتور على حسن الشرفي تم خلال استعراض مظاهر القصور والخلل في الجوانب التنظيمية والوظيفية في جهاز الشرطة، وقدمت فيها ثلاثة أوراق عمل تطرقت الأولى إلى أوجه القصور في البنية القانونية والتنظيمية والهيكلية لجهاز الشرطة قدمها نائب مدير مركز البحوث عضو لجنة الهيكلة العقيد الدكتور عبدالمنعم سالم الشيباني، والتي أوصى فيها بضرورة التخفيف من الأعباء الضخمة والكبيرة والمتشعبة التي تقوم بها وزارة الداخلية وتحويل بعض مهامها إلى وزارة العدل كما هو الحال في السجون والسجل المدني.
وحث الشيباني على أهمية إصلاح القوانين التي تحكم نشاط الداخلية وجمعها في تشريع واحد يسهل الرجوع إليها مع الفصل بين القواعد التي تنظم مهام واختصاصات وصلاحيات الشرطة باعتبارها جهة معينه بتحقيق الأمن وبين مهامها الخدمية المقدمة للجمهور وبين القواعد التي تنظم شئون منتسبيها.
ودعا الشيباني إلى سرعة إعادة البناء التنظيمي والهيكلي لوزارة الداخلية بشكل كامل وبموضوعية وتجرد وعن دراسة متعمقة يراعى فيه تحقيق أهداف كل وحدة إدارية في هذا البناء التنظيمي بشكل واضح وبما يمنع التداخل في الأهداف أو الاختصاصات.
فيما قدم ورقة العمل الثانية نائب مدير عام الشرطة السياحية عضو لجنة الهيكلة العقيد الدكتور مسعد ضيف الله الظاهري، وتناول فيها مظاهر الخلل في الأداء الوظيفي في جهاز الشرطة، والتي من أبرزها الخلل الوظيفي على مستوى القيادة العليا لوزارة الداخلية والمركزية الشديدة وعدم التفويض بالصلاحيات، والخلط بين مهام المنصب السياسي والقيادة الأمنية، والدور المحدود لنائب وزير الداخلية والمجلس الأعلى للشرطة، والتأثير الحزبي والقبلي على قيادة الوزارة، والخلل الوظيفي على مستوى القطاعات، بالإضافة إلى مظاهر عامة مشتركة للخلل الوظيفي في جهاز الشرطة.
وخلص الظاهري إلى عدد من التوصيات دعت إلى الحد من المركزية الشديدة وتفعيل مبدأ التفويض لتخفيف العبء على الرجل الأول والحد من البيروقراطية وزيادة كفاءة الأداء، والفصل وظيفيا بين منصب وزير الداخلية كمنصب سياسي، وبين منصب المسؤول عن قيادة الشرطة – كقائد أمني محترف ينتمي إلى هيئة الشرطة لضمان حيادية الشرطة، وتحديد صلاحيات نائب وزير الداخلية بما يجعله شريكا فاعلا في قيادة الوزارة, وتفعيل دور المجلس الأعلى للشرطة وتوسيع صلاحياته كعقل جماعي للحد من التأثيرات الحزبية أو المناطقية أو القبلية على الوزير في بعض القضايا، وإعادة النظر في وجود بعض القطاعات دون مهام تستدعى بقاءها، وفصل الموارد البشرية عن الموارد المادية، وإعادة النظر في التوزيع في الموارد المادية والبشرية وفقا للتوصيف الوظيفي والاهتمام بالتدريب والتأهيل أثناء الخدمة، وتفعيل مبدأ التدوير الوظيفي والرقابة والمحاسبة وزيادة رواتب منتسبي الشرطة للحد من الفساد.
فيما تمحورت ورقة العمل الثالثة حول نماذج من جهود الخبراء في دعم عملية إعادة التنظيم والهيكلة قدمها الخبير البريطاني في الاتحاد الأوربي جون ثان توتمان.
وقد أثريت جلسات العمل بمداخلات ونقاشات مستفيضة ركزت حول الاختلالات الحاصلة في بنية جهاز الشرطة وضرورة ودواعي إعادة الهيكلة وفق أسس علمية وطنية حديثة من خلال رؤية استراتيجية أمنية تحفظ للفرد والمجتمع أمنه واستقراره.