* كنا نتوقع العدوان الصهيوني في كل لحظة، وكنا مستعدين للحرب ولم نتفاجأ بها
* على الدول العربية أن تدعمنا بالسلاح قبل أن تلومنا على علاقتنا بإيران ودعمها لنا بالسلاح
* اتخذنا موقف الحياد في دول الربيع العربي، إلا أن ولوغ النظام السوري بالدم بشكل لايمكن تقبُله اضطرنا إلى اتخاذ موقفنا المعلن ورفضنا لقتل الشعب السوري
* للأسف كثير من الدول العربية ليس لديها إلا السب والشتم دون أن يكون لها أي رؤية أو مشروع ليفرض نفسه على ارض الواقع.
* أُعلنت الحرب السابقة على غزة من القاهرة واليوم يُعلن بيان النصر من القاهرة
* سكان المخيمات الفلسطينية في سوريا ضيوف على الدولة والشعب السوري ويجب تحييدهم من قبل كافة الأطراف
قال مستوطن صهيوني في بئر السبع لوسائل الإعلام "قُمنا بحرب على غزة لوقف الصواريخ على "سديروت" فوصلت الصواريخ إلى تل أبيب والقدس". وهي جملة مفادها لقد انتصرت غزة "الضعيفة" على إسرائيل "القوية ".. وهكذا كانت المعادلة.
في هذا الحوار يتحدث الدكتور عبدالمعطي زقوت ممثل حركة المقاومة الإسلامية الفسطينية "حماس" في اليمن عن الهجوم الأخير الذي قامت به إسرائيل ضد قطاع غزة وما آلت إليه الحرب من اتفاق تهدئة اعتبرته حماس وكل القوى الإسلامية والعربية نصرا كبيرا للمقاومة ولقطاع غزة، خصوصا بعد فتح المعابر وإيقاف النار والاغتيالات لقيادة الحركة.
ويتطرق هذا الحوار إلى دور مصر ودول الربيع العربي تجاه قطاع غزة، بالإضافة إلى توضيح الجدل الذي يدور حول حقيقة العلاقة بين حركة حماس وإيران، وسبب خروج حماس من سوريا، وموقفها في بعض القضايا المحلية والإقليمية..
إلى تفاصيل الحوار..
* بداية نرحب بك دكتور عبدالمعطي ضيفا عزيزا ، ونبدأ معك من الزيارة الأخيرة للقيادي مشير المصري الناطق الرسمي باسم حركة حماس إلى اليمن، هل لك أن تحدثنا عن طبيعة هذه الزيارة؟
- بسم الله الرحمن الرحيم، بدورنا نرحب بكم في مكتب حركة المقاومة الإسلامية حماس، فأهلا وسهلا ومرحبا، ونتمنى لصحيفتكم الغراء "إيلاف" كل التقدم والانتشار..
زيارة الأستاذ مشير المصري وهو أحد قيادات حركة حماس في الداخل، تأتي في إطار التواصل الدائم بين الحركة وبين المسؤولين في اليمن الشقيق، وبين الشعب اليمني أيضا في هذا البلد العزيز، وفي هذه الزيارة تم بحمد الله لقاء عدد من المسؤولين وكذلك تم المشاركة في عدد من الفعاليات الشعبية والجماهيرية الداعمة للقضية الفلسطينية.
* هل كانت طبيعة الزيارة رسمية للحكومة اليمنية، أم أنها كانت لزيارة مكتب حماس باليمن والاحتفال بذكرى حماس (ذكرى الانطلاقة)؟
- الزيارة تمت باستضافة كريمة من مجلس النواب اليمني، باعتبار أن الأستاذ مشير هو عضو المجلس التشريعي الفلسطيني، وبالتالي الزيارة لم تكن على مكتب الحركة أو خاصة بمكتب الحركة، ولكن كانت زيارة رسمية.
* كانت نتيجة دعوة من مجلس النواب اليمني؟
- جاءت نتيجة تنسيق مع مجلس النواب، حيث هم الذين وجهوا له دعوة رسمية لزيارة اليمن.
* ماذا كانت نتائج هذه الزيارة؟
- الزيارة كما ذكرت هي لإطلاع الاخوة في مجلس النواب والمسؤولين على آخر التطورات والأوضاع في فلسطين عامة وقطاع غزة خاصة، بعد العدوان الصهيوني البشع على قطاع غزة، الأخ مشير يريد أن يطلع هؤلاء الأخوة المسؤولين على حجم المعاناة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني في غزة بعد هذه الحرب، ويضع الجميع أمام مسؤولياتهم الإنسانية تجاه المساهمة في رفع الظلم والمعاناة عن شعبنا الفلسطيني، وكذلك أراد أن يُطلع الإخوة على آخر مستجدات المصالحة الفلسطينية وأين وصل هذا الملف باعتبار أننا في حركة حماس جادون نحو إنهاء هذا الانقسام.
* سنصل إلى موضوع الانقسام.. كيف أصبحت غزة اليوم بعد اتفاق التهدئة وبعد الحرب الأخيرة، هل لك أن تصف لنا الوضع؟
- هنالك جوانب متعددة للحياة في غزة بعد الحرب، هنالك جانب الشعور بالعزة والكرامة والنصر بعد هذا العدوان الذي باشرت به ماتُسمى بإسرائيل، هي التي بدأت هذه الحرب وألقت بكل مالديها من قوة من أجل إخضاع قطاع غزة، ومن أجل توجيه ضربات قاصمة للمقاومة ومع ذلك بحمد الله المقاومة صمدت وأجبرت الكيان الصهيوني على الخضوع لشروط المقاومة في التهدئة.
هذه صورة من الصور المشرقة، هنالك صور أخرى، صور المعاناة والدماء ومئات المنازل المدمرة نتيجة هذا القصف في غزة، هنالك ايضا صورة التلاحم الفلسطيني الداخلي وهذه صورة مشرقة من صور هذه الحرب، هنالك صورة الدعم والمساندة من قبل دول "الربيع العربي" لغزة، الصور متعددة والمشاهد متعددة ومتداخلة في لوحة فنية رائعة تشكلت بعد حرب غزة.
* حماس هل كانت متوقعه لمثل هذه الحرب أو كانت مستعدة لها؟
- نحن نتوقع العدوان في كل لحظة، وكنا مستعدين لمثل هذه الحرب ولذلك لم نتفاجأ بما حصل من عدوان، كنا على جاهزية تامة وهذا ظهر من خلال ردنا الذي لم يتأخر بعد جريمة اغتيال الشهيد الجعبري حيث كان الرد مزلزلا وقويا وصادما للكيان الصهيوني عندما ضُربت عاصمته تل أبيب.
* ماهي الرسائل التي كان يريد الكيان الصهيوني توجيهها لكم عندما فاجأكم بهذه الضربة المباغتة؟
- الكيان الصهيوني أراد من هذه الضربة المفاجئة أن يُكرس معادلة مفادها (العدوان مقابل التهدئة)، القبول بالعدوان مقابل التهدئة، أي أن نضرب في غزة متى شاء الكيان وكيف شاء، دون أن نرد على هذا الكيان بل ليس أمامنا إلى أن نستجدي مصر وغيرها من الدول من أجل وقف العدوان، هذا ما أراده الكيان الصهيوني ولذلك نحن بحمد الله كرّسنا معادلة أخرى أن (التهدئة مقابل التهدئة).
* حماس هل كانت تؤذي إسرائيل بتوجيه ضربات هنا أو هناك قبل ضربات إسرائيل الأخيرة على غزة؟، أقصد هل كانت حماس ملتزمة بالتهدئة؟
- نعم كنا ملتزمون بالتهدئة بشكل كامل، نحن في حركة حماس حركة مسؤولة وكنا معنيون بالتهدئة وملتزمون بهذه التهدئة.
* داخل غزة هناك فصائل أخرى ليست تابعة لحماس، لربما ساهمت هي في خرق التهدئة، وتوجيه ضربات ضد إسرائيل؟
- هذه فصائل صغيرة، حتى لو قام فصيل من هذه الفصائل بعمل ما، فهذا لم يكن حقيقة مؤثرا على الكيان الصهيوني ولكن الصهاينة يتخذونه ذريعة للقيام بأعمال عدوانية ضد قطاع غزة بكامله عامة، وضد حماس بشكل خاص.
* من خلال الملاحظة، كانت الضربات الأخيرة واضحة أنها تستهدف القوة الصاروخية لحركة حماس، هل تأثرت القوة الصاروخية لحماس من هذه الضربات؟
- الكيان الصهيوني يدعي أنه قد دمر أكثر من 80% من القوة الصاروخية والبنية التحتية والعسكرية لحركة حماس، وهذا الإدعاء كذبه الواقع على الأرض عندما ظلت المقاومة تُمطر الكيان الصهيوني بصواريخها يوميا وعلى مدار الساعة حتى آخر ساعة قبيل التهدئة.. بالتالي..
* "مقاطعا" كم نسبة ماخسرته غزة من قوتها الصاروخية نتيجة الضربات الأخيرة؟
- لايوجد، نحن أعلنّا أننا أطلقنا عدد من الصواريخ، الكيان الصهيوني اعترف ب(1500) صاروخ، والرقم الذي أعلناه أكبر من هذا الرقم، لا أذكره الآن ربما يقترب من (3000) صاروخ وقذيفة صاروخية.
* هل وصلت تلك الصواريخ إلى إسرائيل واخترقت القبة الحديدية؟
- الكيان الصهيوني حسب ادعاءاته قال انه تلقى (1500) قذيفة، وتم اعتراض (400) منها، ونحن تعوّدنا على الإعلام الصهيوني أنه إعلام كاذب، ونتوقع أن نسبة ماتم إطلاقه من صورايخ من خلال القبة الحديدية هي نسبة ضئيلة جدا.
* ما نسبة الخسارة البشرية في قوات حماس في الضربات الأخيرة؟
- الخسائر البشرية، نحن فقدنا ما يقرب من 182 شهيد.
* من قوات الحركة المقاتلين أم من المواطنين؟
- من المواطنين بشكل عام، كل الشهداء عددهم قرابة 182 شهيدا، العسكريين منهم قلة قليلة.
* أفهم أن الضربات كانت إلى المناطق المدنية الآهلة بالسكان؟
- طبعا.. تخيل يقصفون بيت لآل الدلو ويُستشهد فيه 11 شخصا من عائلة واحدة، ويدمر البيت كله فوق رؤوس ساكنيه، عندما يقصفون البنك الوطني الإسلامي بادعاء أن له علاقة بحركة حماس، ويقتلون الساكنين حول هذا البنك.
* ضربوا على البنك مباشرة؟
- نعم، مباشرة، على العمارة كلها وقُتل وأصيب عدد من الناس القاطنين فيها..
* البنك هل له علاقة بحماس أم لا؟
- هو ليس لحماس، ولا يتبعها.. بنك تجاري عادي جدا، لكن يبدو أن بنك الأهداف الصهيوني أفلس في هذه المعركة ولذلك راح الصهاينة يضربون بشكل عشوائي شمالا وجنوبا يسرة ويمنة، بدون مراعاة لوجود مدنيين في هذه الأهداف.
* القوة البشرية لحماس، هل تستطيع أن تُقدر لنا عدد محدد أو قريب للجيش الذي تمتلكه حماس؟
- هذه من أسرار كتائب عز الدين القسام.
* لا تستطيعون أن تبوحون بها؟
- هي اسرار، لكن هنالك الآلاف من المجاهدين ومن خلفهم مليون و300 ألف فلسطيني كلهم قساميون إن شاء الله، وكلهم من فصائل المقاومة.
* سمعتُ أن الذين خاضوا الحرب الأخيرة، كانوا فقط 200 شخص، هل هذا صحيح؟
- لا أستطيع أن أحدد لك رقم معين، ولكن بطبيعة الحال القسام ليس مجرد مجموعات عسكرية تهجم كلها معا وتدافع معا، هو جيش مقسم إلى ألوية وكتائب وتخصصات، والحرب الأخيرة كما تعرف كانت حرب صاروخية، بالتالي الذي شارك في هذه الحرب هم رجال القوة الصاروخية، والأذرع الأخرى في كتائب القسام لم تشارك في الحرب، مثل المشاة أو القوات البرية أو البحرية، فقط الذين شاركوا في الحرب هم رجال القوات الصاروخية وبالتالي يمكن ان يكون عدد المشاركين قليل.
* مصر مابعد الثورة
* بعض المراقبين للمشهد يرون أن الحرب الأخيرة على غزة كانت بمثابة اختبار لمصر مابعد الربيع العربي، ولم يكن هدفها هو تدمير القوة العسكرية لحماس، أو القيام باغتيالات؟
- الأهداف كثيرة، احد هذه الأهداف تحدي واختبار دول الربيع العربي وعلى رأسها مصر، والحمدلله نستطيع أن نقول أن هذه الدول "الربيع العربي" استطاعت أن تنجح في الاختبار ولو بدرجة مقبول.
* يعني لم تصل دول الربيع العربي حتى إلى درجة جيد؟
- على أمل أن ترتفع هذه الدرجة إن شاء الله بعد أن يعم الأمن والاستقرار في هذه الدول، لتصل هذه النسبة إن وقع عدوان آخر إلى درجة ممتاز في رد فعلها على هذا العدوان.
* مصر أداءها كان قويا في هذه التهدئة مقارنة بالنظام السابق، وأنت تعرف ماذا قال عمر سليمان عندما التقيتم به في مصر في التهدئة الأولى أيام نظام حسني مبارك؟
- أنا أتكلم عن مجمل دول الربيع العربي، وليس عن مصر تحديدا.
* عفوا انا أحدثك عن مصر تحديدا؟
- مصر كانت متقدمة عن دول الربيع العربي بدرجة كبيرة لا شك في ذلك...
* "مقاطعا ".. هل دعمتكم مصر في جوانب لوجستيه معينة خاصة...؟
- "مقاطعا ".. أبدا، هذا لم يحدث نحن مصر لا تدعمنا إلا من خلال الإغاثة الإنسانية أو ماشابه ذلك. وهذا بشكل معلن وواضح من خلال معبر رفح الذي ندعو إلى أن يُفتح بشكل كامل.
* وماذا عن الأنفاق؟
- الأنفاق موجودة من أيام حسني مبارك وكانت تعمل ومازالت تعمل بشكل طبيعي في إدخال المواد الإنسانية والإغاثية لشعبنا الفلسطيني في قطاع غزة بعد أن أُغلقت في وجهه الأبواب نتيجة الحصار، مصر دورها كبير نحن نشكرها عليه، لاشك أن لموقفها المتقدم في هذه الحرب من خلال مواقف السيد الرئيس محمد مرسي حفظه الله الذي سحب سفيره من تل أبيب، وطرد السفير الإسرائيلي من القاهرة وأرسل رئيس وزراء مصر مع وفد كبير من الوزراء إلى قطاع غزة تحت القصف للإطلاع على هذا العدوان ولإرسال رسالة واضحة للكيان الصهيوني أن مصر الثورة لم تقبل استمرار العدوان، هذه الرسائل كان لها دور في لجم الكيان الصهيوني ووقف هذا العدوان.
* هل أنتم راضون عن الدور التي تقوم به مصر ما بعد الثورة على أرض الواقع؟
- نعم.. نحن راضون كل الرضى عن الدور المصري الذي نشكرهم عليه، ولكن دائما نحن نطمع بالمزيد ونتمنى أن تستقر الأوضاع في مصر، لقناعتنا بأن هذا الاستقرار الداخلي المصري سيعطي القيادة المصرية قدرة أكبر على التعاطي مع قضايا الأمة وعلى رأسها القضية المركزية للأمة، القضية الفلسطينية.
* دكتور زقوت، الشارع العربي بحكم دور مصر التاريخي، لطالما انتظر دور مصر الذي يكون دائما رياديا خاصة لصالح القضية الفلسطينية، الشارع العربي كان يظن من خلال فوز حركة الإخوان المسلمين أن الفرصة كانت مواتية لعمل كبير في سبيل تحرير الأقصى، إلا أن هذا لم يحدث؟
- تحرير الأقصى لايتم بين عشية وضحاها، مصر الآن ما زالت في حالة ثورة.
* "مقاطعا "، مصر اليوم قامت بهدم أنفاق غزة، وهذه مفارقة عجيبة؟
- الثورة في مصر لم تستقر بعد، هنالك مؤامرات كثيرة على هذه الثورة، الكيان الصهيوني يقف على رأس المتآمرين على هذه الثورة، والذي يطالع الصحافة العبرية يعرف مدى الزلزال الذي أصاب الكيان الصهيوني نتيجة كل مجريات الثورة عامة، ونتيجة الموافقة المصرية الشعبية على الاستفتاء على الدستور، "بنيامين بن إليعازر" وزير الحرب الأسبق يقول إن نتيجة هذا الاستفتاء كارثية على الكيان الصهيوني، رئيس جهاز الامن القومي الصهيوني يوجه بعد هذا الاستفتاء نداء إلى الرئيس أوباما من أجل مواجهة الرئيس مرسي والتضييق عليه وإسقاطه.
* ماذا يعني؟
- يعني اننا يجب أن نكون واقعيين الآن، نحن نتفهم ما تمر به مصر من ظروف، ومصر القوية هي مصر المستقرة.
* أنت تعلم أن مايهم إسرائيل هو مايجري على الواقع، ومايهمها في فوز حركة الإخوان هو طريقة التعاطي والتعامل معها ليس أكثر؟
- الكيان الصهيوني يقرأ التحولات قراءة جيدة، ولايهتم كثيرا بالأشياء المرحلية البسيطة.. مايهمه التحولات الإستراتجية والكيان الصهيوني من خلال باحثيه ومراكز دراساته ينظر إلى أن التحول في مصر ودول الربيع العربي، تحولات إستراتيجية كبيرة وخطيرة على مستقبل الكيان الصهيوني قد لاتظهر نتائجها الآن خلال هذه الشهور أو السنوات القليلة القادمة ولكن سيكون لها نتائج على الأمد البعيد.
* بعد الاتفاق الأخير، هل تشعر أن هنالك نية لتطبيق هذا التهدئة بعد أن خرقها الإسرائيليون في كل المرات السابقة؟
- في خلال هذه الحرب، كما ذكرت لكم كُرست معادلة جديدة، هي معادلة الرعب والردع، محتواها هو محتوى الرعب والردع (التهدئة مقابل التهدئة) إذا حصل أي عدوان سيكون الرد قاسي، هذا الواقع وهذه المعادلة الجدية هي التي يمكن من خلالها ان نضمن التزام الكيان الصهيوني بهذه التهدئة، لأنه عوّدنا سابقا أنه لايلتزم بأي تعهدات أو ضمانات إلا من خلال معرفته أن هناك قوة يمكن أن تؤلمه ويمكن أن تجعل خمسة ملايين صهيوني يلجأون للملاجئ تحت الأرض.
* ووجود مصر والدور الذي قامت به، وماستقوم به هل هو ضامن للتهدئة؟
- مصر الثورة بحجمها وقوتها وقيادتها الثورية الحالية برئاسة السيد الدكتور محمد مرسي، لاشك انها أحد الضمانات القوية لاستمرار هذه التهدئة والتزام الكيان الصهيوني بها.
* هناك من يقول إن غزة ستظل حقل تجارب لمراحل معينة من القرارات المصرية، واختبار لمصر في المراحل القادمة المستقبلية، لقراءة ما الذي ستقوم به أو ردة الفعل؟
- عبر التاريخ لايمكن أن نفصل بين فلسطين ومصر، أمن مصر هو أمن فلسطين والعكس، وأي اختراق للأمن الفلسطيني يعني اختراق للأمن المصري، وبذلك طبيعي جدا أن تضع القيادة المصرية الحالية ما يجري في غزة خاصة وفلسطين عامة ضمن أولوياتها أو على رأس أولوياتها، بل وأن تضع ذلك في قلب نظرية الأمن القومي المصري.
علاقة حماس بإيران
* ننتقل إلى ملف آخر، وهو ملف علاقة حركة حماس بالجمهورية الاسلامية في إيران وأنت كنت مُمثل لحماس في إيران لسنوات، هناك جدل يدور في الشارع بتلقي حماس لدعم إيراني كبير، سواء كان الدعم عسكري أو مالي، هل لك أن توضح لنا الالتباسات والجدل في هذه القضية؟
- علاقتنا مع إيران واضحة مثل وضوح الشمس.
* كيف؟
- حركة حماس اليوم ليست مجرد حزب سياسي داخل فلسطين، ولكنها حركة كبيرة ممتدة ومنتشرة لها مشروع مقاومة ضد الكيان الصهيوني، هذا المشروع يحتاج إلى دعم كل الأمة ونعتبر أن الأمة كلها مسؤولة عن دعم القضية الفلسطينية ودعم المقاومة، لذلك سياستنا أن تمتد علاقاتنا إلى كل الدول العربية والإسلامية بل وإلى غير الإسلامية، نحن نسعى لإقامة مثل هذه العلاقات مع الجميع دون أن ندخل في محاور، دون أن نكون في جيب هذه الدولة أو تلك، دون أن تكون علاقتنا مع هذه الدولة على حساب دولة أخرى، هذه هي الضوابط التي نتمسك بها في إقامة علاقاتنا الخارجية إضافة إلى عدم تدخلنا في الشأن الداخلي لأي دولة من الدول.
* ما هو حجم الدعم الذي تتلقونه من إيران؟
- إيران في لحظة من الفترات السابقة لاشك أنها كانت داعمة لشعبنا معنويا وسياسيا وماديا.
* وعسكريا؟
- عسكريا، حركة حماس اعترفت بذلك ولم تنكر مثل هذا الدعم وأعلن الأستاذ خالد مشعل والأستاذ إسماعيل هنيه أن هنالك دعم عسكري كان يصل لحركة حماس من إيران وهذا الدعم يشكروا عليه، ونحن في هذه النقطة أوفياء لكل من يدعمنا، رغم اختلافنا الحالي مع إيران فيما يتعلق في الوضع بسوريا والمجازر التي تحدث في سوريا إلا أننا من باب الوفاء نعترف بأن لهم الفضل على المقاومة في دعمها عسكريا دون الخوض في أرقام وحجم هذا الدعم.
* هل كان ضُعف علاقة حماس بالدول السُنية المعتدلة مثل مصر والأردن ودول الخليج كذلك، ما جعلها تتجه إلى توطيد العلاقة مع إيران؟
- لا شك أن هذا كان أحد الأسباب الأساسية، هنالك دول قادرة على أن تدعمنا بشكل كبير ولكن هذه الدول قصّرت في دعمنا.
* هل تقصد دول الخليج؟
- بدون ذكر أسماء، قصّرت في دعمنا، ونحن نطالبها بأن تقوم بواجبها ومسؤولياتها بدعم شعبنا الفلسطيني وتجاه دعمنا بالسلاح كما تفعل إيران، فبدل أن تلومنا هذه الدول على علاقتنا بإيران، وعلى دعم إيران لنا بالسلاح، قبل أن تلومنا هذه الدول عليها أن تدعمنا بما نحتاجه من سلاح ندافع به عن أنفسنا في مواجهة آلة القتل الصهيونية التي توجّه لشعبنا كل يوم.
* فيما إذا دعمتكم هذه الدول هل ستتوقفون عن تلقي الدعم من إيران؟
- هذا سؤال افتراضي، إذا حصل الدعم لكل حادث حديث.
* بعد تصريحات الأستاذ خالد مشعل حول الوضع في سوريا، وإغلاق مكتب حماس بدمشق، هناك من يقول انه حدث تغير جذري لعلاقة الصداقة التاريخية بين حركة حماس والنظام السوري، وبالتالي النظام الإيراني؟
- الموضوع ليس متعلق بتصريحات الأستاذ خالد مشعل، هو موقف قيادة الحركة تجاه ما يجري في سوريا وعلى رأس هذه القيادة الأستاذ خالد مشعل، نحن من البداية اتخذنا موقف الحياد في سوريا كما اتخذناه في دول أخرى كاليمن ومصر وغيرها من دول الربيع العربي، واستمرينا على هذا الحياد فترة طويلة من الوقت وبقيت قيادتنا داخل الجمهورية السورية ولكن نتيجة لولوغ النظام السوري بالدم بشكل لايمكن تقبله، اضطررنا إلى اتخاذ موقف تمثل في إدانتنا لهذه المجازر ورفضنا لهذا القتل بحق الشعب السوري عامة والشعب الفلسطيني القاطنين في سوريا خاصة، وكذلك خروجنا من سوريا كان مظهر من مظاهر هذا الاحتجاج على مايجري في سوريا من اعتداءات غير مقبولة وغير مبررة ومجازر يومية بحق الشعب السوري والفلسطيني.
* هل تأثرت علاقة حماس مع إيران نتيجة هذا الموقف؟
- بالتأكيد تأثرت علاقتنا بإيران ووصلت إلى حد الفتور نتيجة موقفنا مما يجري في سوريا.
* أنتم في واقع الحركة وسياستكم فيها كيف تنظرون إلى خطورة المشروع الإيراني الصفوي الساعي للسيطرة على المنطقة؟
- أنا في حركة حماس لاأريد أن أخوض في هذا الحديث على هذا السياق، ولكن إذا كان لإيران مشروع بالمنطقة، وإذا كان لإسرائيل مشروع في المنطقة، فعلى الدول العربية والإسلامية وعلى رأسها مصر والسعودية ودول الخليج أن يكون لها مشروع تلتقي عليه الأمة ويحقق مصالح الأمة.
السب واللعن والشتم غير مجدي في تحقيق مصالح الأمة، العالم من حولنا كله يتوزع إلى مشاريع وبرامج يعمل لها من قبل أصحابها وللأسف كثير من الدول العربية ليس لديها إلا السب والشتم دون أن يكون لها أي رؤية أو مشروع ليفرض نفسه على ارض الواقع.
* المصالحة الفلسطينية
* بعد اتفاق التهدئة مع إسرائيل هل تتجه حماس إلى التهدئة الداخلية مع حركة فتح والحركات الأخرى من أجل الخروج برؤية موحدة للقضية الفلسطينية؟
- هذا هدف استراتيجي لنا في حركة حماس، نحن نعتقد أن مشروع المقاومة لايمكن أن يتحقق أو يتقدم بدون مصالحة، وأن هذه المصالحة فريضة شرعية وضرورة وطنية، نؤمن بها كاستراتيجيه وليس تكتيك، لانريد من خلال هذه المصالحة أن نُخرج حركة فتح من المعادلة السياسية بل نريد من خلال هذه المصالحة أن نتشارك مع فتح ومع كل الفصائل في تحرير الدولة الفلسطينية وبناء هذه الدولة كشركاء متضامنين متعاونين لنصل إلى أهداف المشروع الوطني الفلسطيني.
* هل بدأتم بخطوات عملية جادة في هذا السياق؟
- أعتقد أن أكبر خطوة عملية دفعت بهذه المصالحة، كان نصر المقاومة في غزة هذا النصر يفترض أن يكون عامل دافع قوي لحركة فتح ولحماس ولكل الفصائل من أجل أن تجلس مع بعضها البعض للاتفاق على برنامج وطني سياسي مشترك على قاعدة التمسك بالمقاومة وبكل حقوق وثوابت شعبنا الفلسطيني.
* لكن بعض المراقبين والمحللين يقولون بأن النصر الأخير في غزة، قد يزيد من هوة الاحتقان والانقسام، إذ يبدو أن حماس تتفاخر بالانتصار في غزة، وحركة فتح تتفاخر بالانتصار بالاعتراف بدولة فلسطين كعضو غير مراقب في الأمم المتحدة؟
- الكل الفلسطيني يفتخر بالنصر في غزة، شباب حركة فتح في غزة والضفة كلهم خرجوا إلى الشوارع يهتفون لكتائب الشهيد عزالدين القسام ويهللون ويكبرون وصواريخ المقاومة الفلسطينية تنهال على تل أبيب والقدس، هذا نصر للكل الفلسطيني وليس لحركة حماس، وما جرى في الأمم المتحدة هو استحقاق أخر يأتي في سياق التقدم الشعب الفلسطيني في مسار الصمود والمقاومة وهو استثمار لهذه المقاومة التي فرضت نفسها على كل دول العالم، بالعكس تماما الذي حدث من نصر في غزة عسكري، والذي حدث من نصر سياسي ولو جزئي في الأمم المتحدة هذا يجب أن يدفع حركة فتح وحركة حماس إلى تحمل مسؤولياتهما من أجل إنهاء الانقسام بشكل كامل والاتفاق على برنامج سياسي وطني موحد ومشترك من أجل تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في القاهرة في مايو 2011م، من اتفاق المصالحة هذا الاتفاق الذي كان واضحا ومكتوب في بنود محددة كرزمة واحدة، علينا كفصائل فلسطينية عامة وحماس وفتح خاصة أن نعمل على الشروع في تنفيذ هذا الاتفاق بروح وطنية إيجابية يحدونا الأمل في أن نعمل معا يدا بيد من أجل تحقيق مصلحة الشعب الفلسطيني العليا.
* لكن الكثير يتساءلون عن سبب منع رمضان شلح الأمين العام لحركة الجهاد من دخول غزة في مقابل السماح لخالد مشغل رئيس المكتب السياسي لحماس،و ما يزيد من حدة التساؤول أن ما يجعل أن النصر في غزة غدا حصريا لحماس بإغفال حركة الجهاد ودورها في الحرب وكذلك الفصائل الأخرى، برأيك لماذا مُنع رمضان شلح من دخول غزة للاحتفال مع باقي الفصائل؟
- أنا لا أعلم إن كان قد مُنع من زيارة قطاع غزة، لم أسمع ذلك، الاحتفال كان لحركة حماس والزيارة كانت لقيادة حركة حماس وعلى رأسها خالد مشعل رئيس المكتب السياسي، ليس لديّ معلومات إن كان الأستاذ رمضان شلح كان ينوي زيارة غزة ومُنع منها، أما النصر فهو نصر الجميع وعلى العكس تماما الأخوة في حركة الجهاد كان لهم دور جيد في هذه الحرب إلى جانب إخوانهم في كتائب القسام وألوية الناصر صلاح الدين، وكتائب أبو علي مصطفى وكتائب المقاومة الوطنية وكل فصائل الشعب الفلسطيني، وإذا تابعت فإن بيان النصر تُلي من القاهرة من قبل الأخوين القائدين الكبيرين الأستاذ خالد مشعل والدكتور رمضان شلح معا، وهذه مفارقة يجب أن نقف عندها لأول مرة تحدث أن يتم الإعلان مشتركا على هذا المستوى وأن يتم الإعلان من القاهرة، بعد أن أُعلنت في حرب الفرقان الحرب على غزة من القاهرة، اليوم يُعلن بيان النصر من القاهرة.
* ما حدث في مخيم اليرموك كما تعرفون تفاصيله، كيف تقرؤون تفاصيل ماحدث؟
- نحن ندين بكل عبارات الاستنكار وبأشد عبارات الإدانة والاستنكار استهداف إخواننا وأهلنا في المخيمات الفلسطينية، وبنفس هذه العبارات ندين أيضا استهداف الشعب السوري من قبل الدبابات والطائرات ومدافع النظام السوري، نطالب هذا النظام بوقف كل هذه المجازر والاعتداءات فورا..
المخيمات الفلسطينية أو سكان المخيمات هم ضيوف على الدولة السورية وعلى الشعب السوري ومحايدين في هذه الأحداث ويجب تحييدهم من قبل كافة الأطراف، على الجميع أن لايزج باللاجئين الفلسطينيين في هذه الأحداث، حتى هذه اللحظة هنالك أكثر من 800 شهيد سوري سقطوا في الثورة السورية، سقطوا على يد النظام السوري وهذا مرفوض، لذلك نحن نترحم على كل شهداء إخواننا الفلسطينيين في سوريا، وإخواننا السوريين أيضا لأن كل من سقط في سوريا هم إخواننا في العروبة والإسلام.
--
ضيفنا في سطور
عبد المعطي زقوت من مواليد 1964 في معسكر جباليا للاجئين شمال قطاع غزة
درس الابتدائية والإعدادية والثانوية هناك
التحق بالجامعة الإسلامية
تخرج منها 1987 من كلية التربية قسم اللغة العربية
بعد اندلاع الانتفاضة اعتقل عدة سنوات في سجون الاحتلال
خرج من المعتقل إلى السودان
أكمل دراسته الماجستير والدكتوراه في علم النفس التربوي في السودان
أنهى دراسته عام 2000 وانتقل إلى إيران ممثلا للحركة حتى 2010
انتقل إلى اليمن ممثلا للحركة حتى اليوم.