تعيش الساحة اليمنية جدلاً سياسياً وإعلامياً بات أبرز ملفاته الساخنة تلك الحرب الباردة التي تخوضها قوى داخلية حليفة لإيران ضد القائد العسكري الأبرز في البلاد، اللواء علي محسن صالح الأحمر، الذي يتولى قيادة المنطقة العسكرية الشمالية الغربية وقيادة الفرقة الأولى مدرع.
ويرى مراقبون وسياسيون أن هذه الأطراف المتمثلة في جماعة الحوثي وتيار الرئيس السابق علي عبدالله صالح، إضافة إلى الجناح الانفصالي المتطرف في الحراك الجنوبي والمدعوم من طهران، تنطلق ظاهرياً في حربها على اللواء الأحمر من مدخل ضرورة إقالته، وفقاً لقرارات إعادة هيكلة الجيش اليمني التي أصدرها الرئيس هادي في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، لكن ما هو غير معلن هو أن تلك الأطراف تمارس عملية تصفية حسابات ضده على خلفية مواقف سابقة، أبرزها الحروب التي قادها ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من طهران، والتي دفعت حلفاء إيران لاتهام الأحمر بالعمالة، وأيضاً تصفية حساب آخر على خلفية انشقاقه عن نظام الرئيس السابق صالح وإعلانه تأييد الثورة في 21 مارس/آذار 2011.
إيران تشعل الحرائق
وقراءة لمسوغات الحملات الشرسة التي يرى هؤلاء أنها باتت تستهدف كل الرافضين للتدخلات الإيرانية، أبرزهم اللواء الأحمر، قال السفير اليمني السابق في دمشق عبدالوهاب طواف لـ"العربية.نت": إن "إيران تسعى لفرض نفوذها في المنطقة العربية، ولها من الوسائل والأدوات الكثير، إلا أن كل تلك الأدوات والوسائل تتسم بطابع عنف وتدمير وزرع ألغام وإشعال حرائق في أي أرض تستهدفها. وحالياً خسرت إيران أرضاً خصبة هي سوريا، ولذا تسعى لاستبدال تلك الأرض في اليمن، وخصوصاً في جنوبه، بعد أن أشعلت الحرائق في شمال الوطن وتحديداً في صعدة عبر جماعة الحوثي التي تدعمها طهران مالياً وسياسياً وعسكرياً".
وتابع السفير طواف: "استراتيجية إيران تتمثل في كسب ود أنصار لها في اليمن وإمدادههم بالمال والسلاح لإيجاد حالة من عدم الاستقرار حتى تفرض أجندتها المتمثلة بتشكيل بؤر سرطانية في خاصرة الخليج عامة، والآن تسعى إلى إشعال الحرائق في جنوب اليمن بالقرب من مضيق باب المندب، وكذا بالقرب من السواحل اليمنية المطلة على البحر العربي، وهي بذلك تهدف إلى زرع الفوضى في مضيق هرمز وباب المندب ومنع مرور النفط الخليجي. كما تدفع بعملائها في اليمن لاستهداف القيادات العسكرية المهمة لخلق حالة فوضى وعدم ثقة بين الأجهزة الأمنية، وتستخدم الآله الإعلامية لها لتشويه صورة القادة العسكريين في اليمن الذين بمقدورهم أن يوقفوا النفوذ الإيراني".
وطالب القيادات الخليجية بالتنسيق مع القيادة اليمنية لوقف عمليات تدفق السلاح من إيران إلى عملاء طهران في اليمن.
ومن جانبه، قال الباحث مجيب سعيد "إن من يتحججون بقرارات الهيكلة ويستعجلون إقالة اللواء الأحمر عليهم أن يدركوا أن تنفيذ مشروع الهيكلة لا يمكن أن يأتي في يوم وليلة، وهو يتطلب وقتاً ربما يمتد إلى أكثر من عامين".
وأضاف أن "القضية أكبر من موضوع هيكلة الجيش، حيث إن حلفاء إيران لهم مآرب أخرى، فالحوثيون لا يغفرون له ما قام به من دور خلال الحروب الستة التي خاضها الجيش ضد جماعتهم المدعومة من إيران سياسياً ومالياً وعسكرياً، كما أن تيار الرئيس السابق لا ينسى أن انضمام الأحمر للثورة الشعبية عجل بالإطاحة بنظام صالح وجنب اليمن السيناريو السوري، أما التيار الانفصالي في الحراك الجنوبي بزعامة علي سالم البيض فهو يتلقى أيضاً دعماً إيرانياً وينفذ ذات الأجندة المشبوهة".
حزب صالح يدعو لإقالة الأحمر
وفي المقابل، عبر يحيى نوري، عضو اللجنة المركزية لحزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يرأسه صالح، عن موقف مغاير، قائلاً إن "البحث عن مبررات بهدف التنصل من الالتزام بالقرارات الرئاسية والدولية يعد عبثاً غير مقبول، خاصة أن التلويح بالحوثيين الهدف منه استعطاف دول الخليج، وهو أمر بات مكشوفاً أمام الرأي العام اليمني"، على حد تعبيره.
ونوه نوري بأن |الاستقرار لا يمكن أن يتحقق لليمن إلا من خلال التقيد الكامل بالقرارات الرئاسية والدولية، مؤكداً أن الجميع يتطلع إلى الاجتماع القادم لمجلس الأمن الدولي بخصوص اليمن، واتخاذ قرارات صارمة في حق من يعيقون التسوية السياسية.