حذر مراقبون من تسليح إقليمي للانفصاليين في اليمن قد يجرّ البلاد للعنف ويعيق العملية السياسية ويمنع تنفيذ المبادرة الخليجية ويفشل مؤتمر الحوار الوطني المقرر انعقاده العام الجاري، وذلك على خلفية تنامي ظاهرة تهريب الأسلحة لليمن.
وتأتي هذه المخاوف في وقت تشهد فيه مدينة الضالع الجنوبية التي تعد معقل الجماعات المسلحة التابعة للحراك الانفصالي، توترا أمنيا بعد هجمات شنها مجهولون أمس بقذائف (أر بي جي) على إدارة الأمن بالمدينة، وحدوث مواجهات بين القوات الحكومية ومناصري الحراك الجنوبي.
وقال للجزيرة نت مصدر مطلع بالضالع إن قوات الأمن تقوم حالياً بحملات تعقب واعتقالات لعناصر من أنصار الحراك الجنوبي، تتهمها بشن عمليات ضد مواقع عسكرية ونقاط أمنية في أطراف المدينة.
وأشار المصدر -وطلب عدم الإفصاح عن اسمه- إلى أن تلك الجماعات المسلحة، والتي قدر عددها بحوالي 150 شخصاً، صارت تظهر بشكل علني وتتجول بأسلحتها الخفيفة والمتوسطة في شوارع المدينة وتشتبك مع قوات الأمن اليمنية بين الحين والآخر عقب كل حملة أمنية.
أسلحة متطورة
ويخشى مراقبون من إمكانية وصول أسلحة متطورة لفصائل "متشددة" في الحراك مع تنامي ظاهرة تهريب الأسلحة وإعلان سلطات الأمن الشهر الماضي ضبط شحنة سلاح في حاوية قادمة من تركيا، وضبط سفينة إيرانية محملة بـ48 طنا من الأسلحة، بينها صواريخ قادرة على إسقاط طائرات عسكرية كانت في طريقها لليمن.
وتحدث رئيس مركز أبعاد للدراسات بصنعاء الباحث عبد السلام محمد عن مؤشرات لتبني فصيل الحراك الجنوبي -المطالب بالانفصال- نشاطا مسلحا خلال الفترة القادمة، في ظل إمكانية تغذيته بالمال والسلاح من قوى إقليمية في المنطقة تسعى لإفشال عملية التسوية السياسية.
وأشار للجزيرة نت إلى أن القلق الأكبر في هذا الأمر يأتي من انعكاسات على حل إشكالية القضية الجنوبية ومسار الاستقرار الأمني والسياسي في البلد، وليس من الواقع الذي قد يفرضه هذا الفصيل المسلح في تحقيق الانفصال.
واستبعد الباحث قدرة الحراك على فرض الانفصال كأمر واقع عبر العمل المسلح لعدة أسباب، أهمها الموقف الدولي الرافض للانفصال خلال مرحلة التحول السياسي، ولمخاوف الخليجيين ودول الجوار من ارتباط هذا الفصيل بالدعم الإيراني.
واعتبر أن أي عمل مسلح للحراك سيؤدي لتراجع شعبيته ومؤيديه وتزايد شعبية المكونات السياسية الجنوبية الأخرى، المطالبة بحل القضايا الحقوقية والسياسية تحت سقف الوحدة بسبب المخاوف من سيطرة هذا التيار الدموي على السلطة بعد الانفصال.
وكانت تقارير إخبارية نقلت عن قيادي بارز في الحركة الانفصالية بالضالع دعوته لبدء "الكفاح المسلح" في الجنوب ضد ما يعتبره الجنوبيون وجودا غير مشروع لقوات شمالية على أرض الجنوب منذ عام 1994.
خيارات مفتوحة
غير أن الأمين العام للمجلس الأعلى للحراك الجنوبي المطالب بانفصال الجنوب نفى صحة ذلك، وقال إن تلك التصريحات كانت تتحدث عن الأسس البرامجية وأسس درجات العمل السلمي، مشيرا إلى أن هناك فهما خاطئا لها، ومحاولة من قبل وسائل إعلام ما وصفه ب"سلطة الاحتلال" لتوظيف بعض المصطلحات لخدمة مصالحها.
وقال السفير قاسم عسكر جبران للجزيرة نت إن برنامج الحراك السياسي يؤكد على إستراتيجية النظام السلمي بتحقيق مطالبه، مع الإبقاء على كل الخيارات مفتوحة ما لم تتم تلبية هذه المطالب غير منقوصة في نهاية المرحلة السلمية.
وأشار إلى أن الحراك الجنوبي انتهى من المرحلة الأولى والثانية للعمل السلمي، وسيشرع اعتبارا من مايو/أيار القادم بإطلاق المرحلة الثالثة والأخيرة من مراحل النضال السلمي، وهي الانتفاضة.
وأضاف "سنعطي فرصة ومهلة للمجتمع الدولي والأطراف الإقليمية لكي يعيدوا النظر تجاه قضية شعب الجنوب الذي يناضل نضالا سلميا منذ سبع سنوات، وهذه المرحلة هي ما ستبين مدى تجاوب الأطراف الدولية، ومدى الحلول التي ستنتج عنها.
زاوية ضعيفة
ويرى سياسيون جنوبيون عدم إمكانية لجوء الحراك للقيام بعمل مسلح في ظل الوضع القائم على الصعيد المحلي والإقليمي الذي لا يسمح بفرض بديل آخر للمطالبة بالحقوق غير الخيار السلمي.
وقال المحلل السياسي الجنوبي عوض كشميم إن أي فصيل في الحراك الجنوبي يتبنى خيار العنف سيقود سلميته وقضيته العادلة إلى التهلكة، ويضع نفسه بزاوية ضعيفة على المستوى المحلي والدولي. واعتبر أن بعض دعوات بدء الكفاح المسلح ربما تندرج ضمن محاولات لفت انتباه الأطراف الإقليمية والدولية إلى ضرورة إيجاد حلول عادلة للقضية الجنوبية.
وأضاف "منذ الإعلان عن ضبط أسلحة تركية مهربة في ميناء عدن، ومن ثم باخرة إيرانية، لم يستطيع أحد الجزم بأن هذه الأسلحة موجهة لتسليح الحراك أو للحوثيين، وهناك في اليمن أكثر من لاعب".