في إطار البحث عن وسائل لإسقاط الرئيس محمد مرسي، وفي نوع جديد من العصيان في مصر، دعا نشطاء إلى ترويج أسلوب احتجاجي جديد يتمثل في حث الزوجات على الامتناع عن أزواجهن، كعامل ضغط كبير قد يشعل الاحتجاجات التي تشهدها عدة محافظات ضد الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين.
وبالرغم من أن الفكرة في ظاهرها تبدو طريفة وغير مألوفة في المجتمعات الإسلامية، إلا أن المعارضين يطمحون إلى أن تكون وسيلة ذات جدوى لتحقيق ما يسعون إليه.
وشهد موقع فايسبوك دعوات لعصيان جنسي، كأحد أشكال العصيان الفعالة التي تم استخدامها في بلدان مختلفة من قبل ونجحت بشكل كبير، مستندين إلى تجربة سيدات دولة توجو اللواتي قررن الإضراب عن المعاشرة الزوجية أسبوعًا، لحث الرجال على الوقوف في موقف موحد لإسقاط النظام، وذلك في التظاهرات التي شهدتها البلاد مطلع حزيران (يونيو) الماضي. وكانت سيراليون شهدت أيضًا احتجاجات نسائية من هذا النوع لإجبار السلطات على منحهن حقوقهن.
إضراب عن الجنس
كشف الداعون للعصيان الجنسي أن الإضراب عن الجنس أصبح نوعًا من العصيان المدني في السنوات الأخيرة. ففي العام 2009، ضغطت النساء الكينيات عبر الإضراب عن الجنس لإنهاء الخلافات بين المسؤولين في الحكومة الائتلافية.
وفي العام الماضي فرضت مجموعة من النساء في جزيرة مينداناو الريفية في الفيليبين حظرًا على ممارسة الجنس لحين إنهاء القتال الدائر فيها. وسبق لزعيمة المعارضة التوجولية إيزابيل أميغانفي أن دعت خلال ايلول (سبتمبر) الماضي النساء في بلادها إلى الإضراب عن ممارسة الجنس لمدة أسبوع، احتجاجًا على اعتقال متظاهرين، ومطالبةً بإجراء انتخابات جديدة.
دعوةٌ حرام
أكد الشيخ علي أبو الحسن، رئيس لجنة الفتوى الأسبق، لـ"إيلاف" أن الدين الإسلامي يحرم دعوة العصيان الجنسي. فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح"، والحديث متفق عليه عند البخاري.
لكن ليس الأمر مطلقًا كما يروج البعض المتشدد من المشايخ. فليس كلما امتنعت المرأة وأبت دعوة زوجها إلى فراشه حقَّت عليها لعنة الملائكة. فمن حق الزوجة رفض طلب الزوج إذا كان هناك عذر شرعي، كما لو كانت في صوم قضاء، أو كانت مريضة والجماع يؤلمها، ويزيد من مرضها، أو جاءتها الدورة الشهرية، أو كانت نفساء أو في حالة نفسية سيئة لا تحتمل معها أن يجامعها زوجها.
واعتبر أبو الحسن دعوة العصيان الجنسي سياسية بالدرجة الأولى، ولا يجوز للزوجة إغضاب الله تع إلى في مثل هذه الأمور الدنيوية.
فتنة في الأسرة
في السياق ذاته، اعتبر الشيخ محمد المنشد، عضو مجلس الشعب السابق عن حزب النور، مثل هذه الدعوات نوعًا من نشر الفتنة داخل الأسرة المصرية، "ووفقًا للدستور يجوز محاكمة المروجين لهذا العمل لكونه يخالف تقاليد وتربية المجتمع الإسلامي".
وقال لـ"إيلاف": "لن تلبي المرأة المسلمة في مصر مثل هذه الدعوات، لأنها تدرك جيدًا أن الدين الإسلامي حرّم على الزوجة الامتناع عن المعاشرة الزوجية لمجرد عدم رغبتها فيه، أو لتأديب زوجها أو لإجباره على عمل يرفضه.
واعتبر المنشد هذه الدعوات نوعًا من الإفلاس السياسي لدى المعارضة، "فما يحدث في دول غربية لا يحدث في مصر، التي تتميز بتدين حقيقي للمرأة وحرصها على تنفيذ ما جاء في ديننا الإسلامي".
المصريات يرفضن
من جانبها، أكدت الدكتورة سوسن عارف، أستاذة علم الاجتماع في جامعة الأزهر أن نساء مصر سيرفضن مثل هذه الدعوات، نظرًا لتربيتهن الدينية ووجودهن في مجتمع شرعي له عاداته وتقاليده، "فجميع الزوجات يؤمن بحق الزوج الشرعي في إقامة علاقات زوجية، طالما لا يوجد مانع شرعي لذلك، والأمر الآخر أن نجاح تجارب العصيان الجنسي في دول أفريقية وغربية لا يشترط نجاحها في مصر، فالظروف مختلفة بين المرأة هنا وهناك".
أضافت عارف لـ"إيلاف": "تؤكد مثل هذه الدعوات وصول المجتمع إلى حالة من الضيق الشديد من أداء الرئيس، وبالتالي لجوءه إلى وسائل أخرى للتعبير عن غضبه، بالرغم من كونها جديدة على المجتمع المصري، فالدعوة لعصيان الزوجات الجنسي تدق ناقوس خطر أمام الرئيس، لا بد من الانتباه إليه، فتغيّر الظروف النفسية والاجتماعية للمجتمع يمثل خطرًا كبيرًا على جماعة الإخوان المسلمين، من الصعب تداركه بعد فوات الأوان".