جمال بن عمر: الباب ما زال مفتوحاً أمام القيادات الجنوبية للمشاركة في الحوار والمطالب مطروحة (حوار)
في كل مرة يزور فيها مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر تتعزز الآمال في خروج اليمن من دوامة الصراع إلى فضاء أرحب، ذلك أن ابن عمر أمسك بمفاصل الأزمة بعد نحو عامين من خوض الحوارات بين الأطراف في اليمن للوصول إلى حل يعالج تداعيات ليست فقط الاحتجاجات التي شهدتها البلاد ضمن موجة “الربيع العربي”، بل أيضاً أزمات تكالبت على اليمنيين طوال عقود حتى كادت تدخلهم في حرب لا تبقي ولا تذر .
يؤكد ابن عمر في حوار أجرته معه صحيفة “الخليج” أن النموذج اليمني في حل النزاع فريد من نوعه، مشيراً إلى أن هذا الحل جاء بإرادة فرقاء الصراع أنفسهم ودخلت معهم أطراف أخرى كانت خارج هذا الصراع، مثل الحوثيين والحراك الجنوبي والمرأة والشباب وغيرهم من الفئات .
وتناول الحوار العديد من القضايا المتصلة بمؤتمر الحوار الوطني الذي انطلق في الثامن عشر من شهر مارس/آذار الجاري، والذي يؤمّل عليه الكثيرون في أن يكون فرصة لإيجاد حلول استعصت على قادة البلد لأكثر من خمسين عاماً مضت، وتالياً نص الحوار:
ما طبيعة تقييمكم للمسار السياسي والعملية الانتقالية في اليمن، حتى الآن؟
تغير الوضع في اليمن وبشكل كبير، فقد كان اليمن على وشك الدخول بحرب أهلية، بل أنه كان متجهاً نحو هذه الحرب بالتأكيد بسيناريو على الطريقة السورية، لكن غلبت الحكمة اليمانية وكان للقادة السياسيين الشجاعة الكافية والدخول في حوار أدى إلى اتفاق نقل السلطة المتمثل في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية التي تم التوقيع عليها في الرياض نهاية عام ،2011 وبدأ العمل من أجل تنفيذ الاتفاق .
يمكن القول إنه رغم التحديات والصعوبات ورغم العراقيل التي اعترف بها مجلس الأمن، ما دفعه إلى إصدار القرار رقم ،2051 فقد تقدمت العملية السياسية في إطار تطبيق الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية .
نحن الآن في نصف العملية السياسية من حيث الزمن، ومن أهم المهام التي لم تنجز بعد هي مؤتمر الحوار الوطني الذي سيستمر ستة أشهر، وصياغة الدستور الجديد والاتفاق على نظام انتخابي جديد مبني على الدستور الجديد، وتنظيم انتخابات جديدة في 2014 .
هل يسعفكم الوقت لعمل كل ذلك؟
الوقت ضيق جداً، وليس هناك أي متسع لإضاعته، لهذا نحن نؤكد ضرورة تعاون جميع الأطراف من أجل إنجاز أهم مهمة اليوم أمام الجميع، والمتمثلة بإنجاح مؤتمر الحوار الوطني .
نقطة التحول في الأزمة
متى كانت اللحظة التي شعرتم فيها أن اليمن ذاهب إلى حرب أهلية؟
بعد “جمعة الكرامة” في الثامن عشر من شهر مارس/آذار ،2011 في ذلك اليوم تم قتل متظاهرين مسالمين وكان العدد تقريباً 50 متظاهراً، كانت هذه نقطة تحول دفعت بالمجتمع الدولي للتفكير بطريقة جدية لوقف نزف الدم واتساع ظاهرة العنف، وكان الفضل في ذلك لمجلس التعاون الخليجي الذي كان أول من طرح المبادرة الخليجية، لكن كما تعلمون رفض الرئيس علي عبدالله صالح التوقيع عليها، على الرغم من أن حزب المؤتمر الشعبي العام وقع عليها وكذلك أحزاب اللقاء المشترك .
لهذا لم يكن بالإمكان تطبيق الاتفاق من دون توقيع صالح وتأزمت الأوضاع وتصاعد الاحتقان واتسعت دائرة العنف، وهذا ما دفع مجلس الأمن إلى اتخاذ قراره رقم 2014 في شهر أكتوبر/تشرين الأول ،2011 وكانت رسالة مجلس الأمن في هذا الشأن واضحة، حيث تحدث أعضاء المجلس بصوت واحد.
كانت رسالة مجلس الأمن تؤكد ضرورة أن تكون هناك تسوية سياسية سلمية في البلاد، وحذر الأطراف التي تريد استعمال العنف من أجل بلوغ أهداف سياسية، كما تحدث مجلس الأمن عن الخروقات وعن حقوق الإنسان وضرورة محاسبة مرتكبي مثل هذه الجرائم، وطلب مجلس الأمن من الأمين العام أن يقوم بمساعي حميدة من أجل إيجاد حل للأزمة .
كيف تعامل المجلس مع الأزمة بعد القرار؟
بعد قرار المجلس رقم 2051 شعر جميع القادة السياسيين أنه قد حان الوقت لعملية تفاوضية من أجل الاتفاق على صيغة نهائية لنقل السلطة وهذا ما تم بحضورنا، وبطلب من الأطراف التي طلبت منا لعب دور ميسر، لكن الاتفاق كان اتفاقاً يمنياً وكان في الحقيقة خريطة الطريق الوحيدة الموجودة أمام الجميع .
لقد توصل اليمنيون بجهدهم وبدعم من المحيط الإقليمي والدولي إلى هذه التسوية التأريخية، وكانوا هم أصحاب القرار بعدما اتفقوا على خطة متكاملة لنقل السلطة بشكل سلمي وإدارة مرحلة انتقالية مدتها سنتين وثلاثة أشهر، وفي هذا الاتفاق كانت هناك جملة من المبادئ والإجراءات والمهام وتم وضع زمن محدد لجميع هذه المهام .
وأريد القول إنه لا توجد هناك خريطة طريق واضحة وبهذا الشكل في أي بلد عربي يعرف الآن المرحلة الانتقالية إلا في اليمن، لكنني في الحقيقة ودائماً ما أردد حقيقة أن الفضل الأول لما توصلنا إليه يعود إلى الشباب الذين خرجوا إلى الساحات للمطالبة بالتغيير، ومن وجهة نظري كان الإقبال الشديد على صناديق الاقتراع عند انتخاب الرئيس عبدربه منصور هادي استفتاء على اتفاق نقل السلطة والآلية التنفيذية له، كان استفتاء شعبياً عاماً، وكان هذا أيضاً رسالة للجميع مفادها أن الشعب يريد التغيير ويريد الخروج من الأزمة .
دور الأطراف الخارجية
هل ترددت في قبول المهمة الصعبة في اليمن، وهل كان لديك اطلاع بطبيعة الخريطة السياسية في البلاد؟
كنت منذ البداية على علم بأن الوضع في اليمن معقد، فاليمن بلد له تاريخ وحضارة وكذلك شعبه مسيس، بمعنى أنه كان من ميزات اليمن وجود أحزاب سياسية لها تاريخ منذ مدة، إضافة إلى حضور كبير للقيادات والشخصيات السياسية، وفوق ذلك كله كانت توجد في المجتمع المدني منافسة على السلطة، كما كان هناك نوع من تقاسم في السلطة موجود في التسعينات .
كنت أدرك أن البلد ليس فيه خلافاً أو نزاعاً واحداً بل عدداً من النزاعات، فهناك نزاع في منطقة صعدة وحدثت صدامات دامية وحروب ما بين مجموعات محسوبة على الإصلاح أو السلفيين ومجموعات محسوبة على الحوثيين، بلد فقدت فيه الدولة سيطرتها على عدد من المناطق، وهناك وضع خاص في الجنوب وحراك سياسي، إضافة إلى تواجد تنظيم القاعدة في ذلك الوقت الذي كان يسيطر على مناطق استراتيجية في اليمن وهي محافظة أبين، وبدأت تمارس السلطة والحكم في خمس مدن، وأسست شرطة ومحاكم وغيرها .
وفي الوقت نفسه كانت هناك ثورة شبابية على نمط الربيع العربي، كما كانت هناك جهات في السلطة انفصلت عن النظام وأعلنت التحاقها بالثورة، بمعنى آخر كان الوضع معقداً جداً .
لذلك كله أكدنا خلال زياراتي المتعددة إلى اليمن على مسألتين، المسألة الأولى أنه في نهاية المطاف الحل لا يمكن أن يأتي إلا من خلال اليمنيين أنفسهم، والمسألة الثانية لن يأتي هذا الحل إلا عن طريق الحوار بين هذه الأطراف وهذا ما شجعنا عليه وما تحقق في نهاية المطاف في شهر نوفمبر/تشرين الثاني عندما اتفقت الأطراف بعد صدور قرار مجلس الأمن 2014 على التواصل بشكل مباشر، لأنه كان هناك رفض لهذا المبدأ، فكلمة “حوار” كانت غير مقبولة في إبريل/نيسان ومايو/أيار ويونيو/حزيران من عام ،2011 لكن رغم ذلك استمر مجلس الأمن في الدعوة إلى أن الحل لا يمكن أن يأتي إلا من خلال حوار بين الأطراف ومن خلال حوار مباشر، وهو ما تم في نهاية المطاف .
ما دور الأطراف الخارجية في التوصل إلى ذلك؟
دور الأصدقاء والمحيط الإقليمي والأطراف الدولية تمثل في تشجيع هذه الأطراف على الدخول في حوار مسؤول وجدي، هذا حقيقة ما حصل في نهاية المطاف، كنت على علم بأن الوضع معقد وخطير، لكن في الوقت نفسه كانت إرادتنا قوية ورغبتنا أقوى في أن نحاول مساعدة اليمنيين على أن يجدوا الحل بأنفسهم .
هل تعتقدون أن جنوح المتصارعين للحوار كان بضغط دولي أم بقناعة داخلية من أن البلد يمكن أن ينزلق إلى مصير أسوأ؟
بالتأكيد كان هناك ضغط دولي شديد، فالأساس في المبادرة الخليجية كان نقل السلطة بآلية يتفق عليها الجميع، وقرار مجلس الأمن كان قراراً قوياً ورسالة ضغط واضحة إلى جميع الأطراف .
لقد كان هناك ضغط على المستوى الإقليمي وعلى المستوى الدولي، لكن في نهاية المطاف كان الأمر بيد اليمنيين، فهم الذين قرروا ما يجب عمله، جاءت لهم الشجاعة للدخول في حوار مباشر واتفاق على صيغة لنقل السلطة بطريقة سلمية من خلال خطة متكاملة لإدارة عملية انتقالية، لهذا أؤكد على أن ما حصل كان بجهد يمني أولاً وأخيراً، وهذا جانب يجب ألا ننساه .
لكن هناك من يطرح أن ما حدث هو نصف تغيير، بدليل أن رموز النظام القديم مازالت موجودة، هل تتفق مع هذا الرأي؟
في جميع العمليات الانتقالية وفي جميع العمليات التفاوضية لنقل السلطة في العالم لا يأتي التغيير بشكل جذري، بل عبر مراحل، وهذا ما اتفق عليه اليمنيون الذين تجنبوا المسار الذي يمكن أن يكون ثمنه غالياً، اتفقوا على صيغة لتقاسم السلطة خلال مرحلة معينة من الاتفاق، اتفقوا خلال هذه المرحلة على قواعد اللعبة السياسية الجديدة، وكذلك التخفيف من حدة التوتر والتقدم في الجانب الأمني وتهيئة الأجواء المناسبة من أجل صياغة الدستور الجديد والدخول في المنافسة عبر الطريق الوحيد المشروع صناديق الاقتراع هذا ما اتفق عليه، هذا يعني أنه خلال هذه المرحلة ستكون هناك شراكة ما بين الحزب الحاكم السابق وما بين الأطراف الأخرى التي كانت في المعارضة .
الجديد أنه تم الاتفاق ما بين طرفين متصارعين لكنهما اتفقا على توسيع العملية السياسية حتى يساهم الجميع في رسم الدستور الجديد وقواعد اللعبة السياسية الجديدة، وكان هذا هو أصل فكرة مؤتمر الحوار الوطني الذي يعني إشراك الأطراف كافة في العملية السياسية مثل الحراك الجنوبي والحوثيين والشباب والمرأة، وهذا ما فتح الباب الآن لهذا النقاش الواسع وهذه المنافسة على المشاركة في مؤتمر الحوار، حيث يشارك فيه الجميع من أجل رسم مستقبل جديد لليمن .
النقاش الواسع الحاصل اليوم أدى إلى تقوية عدد من الفعاليات التي كانت غائبة في السابق، وهناك أقليات الآن تطالب بالمشاركة في المؤتمر، المرأة تريد تمثيلاً كاملاً ليس في المؤتمر فحسب، بل حتى في رئاسة المؤتمر .
مؤتمر الحوار والقضية الجنوبية
كيف تقيم نتائج الجلسات الأولى لمؤتمر الحوار الوطني؟
انطلاقة المؤتمر كانت جيدة وهناك أمثلة كثيرة على هذا النجاح، مثلاً نسبة المشاركة في المؤتمر عالية فنحو 90% تقريباً من المشاركين حاضرون، نسبة المرأة في المؤتمر تصل إلى 29% والمفروض أن تكون 30%، لكن هذه النسبة مهمة، وجود الشباب كذلك ككتلة في المؤتمر ممتازة، منظمات المجتمع المدني حاضرة، صحيح أن الأحزاب التقليدية موجودة بقوة، لكن الفعاليات المجتمعية الأخرى هي الأخرى موجودة بما فيها حركات سياسية لم تكن في العملية السياسية من قبل مثل الحوثيين الذين يشاركون بوفد مهم وقدموا كلمتهم في الجلسة الأولى للمؤتمر وعبروا عن همومهم وعن تطلعاتهم وتجاوب معهم الحاضرون بشكل إيجابي .
يجب ألا ننسى أنه جرت في صعدة ست حروب وخلفت هذه الحروب مئات القتلى والآلاف من المشردين والجرحى، ومع ذلك فإن الحوثيين مشاركون في المؤتمر ويتحاورون مع الأطراف التي كانت تتصارع معها في السابق، هذه ظاهرة صحية وإيجابية، وهذه قيمة التغيير الذي نشاهده اليوم في اليمن .
لو انتقلنا إلى القضية الجنوبية، أين تكمن المشكلة بالتحديد من خلال اللقاءات التي عقدتها مع أطراف جنوبية سواء في داخل البلد أو خارجه؟ .
من المعروف أن الشعب في الجنوب كان تواقاً للوحدة، فديباجة الدستور في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (اليمن الجنوبي) كانت كلها تحمل الشعور العميق بالوحدة .
تحققت هذه الوحدة بالطريقة التي تمت في عام ،90 لكن مع الأسف حصلت مظالم وخروقات جسيمة في الجنوب، حيث تم تسريح الآلاف من العسكريين من الجيش والأمن، كما تم تسريح الآلاف من الموظفين من الخدمة المدنية، وتم الاستيلاء على الكثير من الأراضي بشكل غير قانوني وأصبح هناك شعور عميق بالظلم .
وانطلق الحراك الجنوبي في بداية 2007 كحركة حقوقية تطالب بمطالب مشروعة لكن جوبهت بالاعتقالات والقمع ووعود زائفة، إذ لم يتحقق شيء على الأرض، وارتفع سقف المطالب وأصبحت فئات من الحراك أكثر راديكالية مما كانت عليه في السابق .
اجتمعت مع عدد كبير من القيادات الجنوبية مرتين في عدن، وفي القاهرة ونيويورك، تواصلت وما زلت أتواصل مع جميع القيادات بما فيها علي سالم البيض وآخرين، كما التقيت مرات عدة مع حسن باعوم ومع الرئيس السابق علي ناصر محمد وحيدر العطاس وعبدالرحمن الجفري ومحمد علي أحمد والشيخ أحمد الصريمة .
وأخيراً التقينا في دبي مع مجموعة من القيادات الجنوبية البارزة، ويوم الأربعاء الماضي التقينا مع مجموعة الحراك المشاركة في مؤتمر الحوار، عدد من القيادات أكدت لي تمسكها بسلمية الحراك، وفي اجتماع دبي اتفقت هذه الشخصيات التي التقيت معها على إصدار بيان أكدت من خلاله ضرورة سلمية الحراك ونبذ العنف كوسيلة لبلوغ أهداف سياسية، كما أنها ركزت في بيانها على أن القضية الجنوبية لا يمكن حلها إلا بشكلٍ سلمي اعتماداً على مبدأ الحوار وهذا كان تأكيداً من القيادات التي في الخارج وهي قيادات ليست مشاركة في المؤتمر لكن مع ذلك تؤكد نبذ العنف والاعتماد على مبدأ الحوار .
وهل سيكون هناك فرصة لالتحاق بعض هذه القيادات في مؤتمر الحوار؟
أظن أن الباب ما زال مفتوحاً لالتحاق عدد من القيادات الجنوبية بمؤتمر الحوار الوطني لأن الآلية الموجودة في إطار مؤتمر الحوار الوطني فرصة تتاح للجنوبيين ككل ليقدموا جميع مشاريعهم وآرائهم أياً كانت، وكما لاحظنا في جلسة أمس كان هناك الرأي المطالب بالانفصال واستعادة الدولة وتقرير المصير، لا أحد يمانع ان يطرح مثل هذا الطرح، ليقنعوا الآخرين بأن هذا هو الحل للقضية في الجنوب، لهذا أظن أن هذه فرصة موجودة للحل، إذا كانت هناك إرادة سياسية وإذا كان هناك تعاون ونقاش بناء ومسؤول وبتشجيع من المجتمع الدولي .
لكن ألا تعتقد أن على الدولة مهمة تهيئة الأجواء لمعالجة القضية الجنوبية؟
بموازاة الحوار السياسي يجب أن يكون هناك برنامج خاص تقوم الدولة بتطبيقه من الآن، وفي أقرب وقت ممكن، برنامج يلبي المطالب الحقوقية للجنوبيين، ويعالج قضايا المظالم السابقة، مثل تسريح وطرد الموظفين المدنيين والعسكريين وقضية الأراضي، إضافة إلى قضيتي المعتقلين والجرحى وغيرها من القضايا .
يجب تحقيق هذه المطالب حتى يشعر المواطن الجنوبي أن هناك فعلاً إجراءات هدفها إعادة بناء الثقة، فهذا يساهم في خلق الجو المناسب من أجل نقاش هادئ ومسؤول حول القضية الجنوبية .
كيف تنظرون إلى تمثيل الحراك الجنوبي في مؤتمر الحوار الوطني؟
الحراك الجنوبي ممثل في 85 مقعداً، وهي من أكبر النسب الموجودة في المؤتمر، وجزء منه حاضر في المؤتمر وقدم كلمته وطالب باستعادة الدولة والاستقلال وهتف العديد من أنصاره بشعارات الحراك المعروفة، لكن في إطار نقاش هادئ مسؤول، وتجاوب جميع الحاضرين في المؤتمر بشكل حضاري مع هذا الرأي، وهو رأي مخالف لكثير من قناعاتهم، هذا شيء لاحظته في جلسات المؤتمر، وهو منظر مشهد حضاري رائع .
لا وصفات جاهزة للحل
كيف تتصورون شكل الحل في المستقبل؟
نحن كأمم متحدة ليس لدينا أية حلول سحرية أو وصفات جاهزة، في أبريل 2011 عندما كان اليمن على وشك الدخول في حرب أهلية قلت إن الحل لا يمكن أن يأتي إلا من خلال اليمنيين أنفسهم وأن الحل لا يأتي إلا من خلال الحوار بين الأطراف المتصارعة، وقد وصل اليمنيون خلال هذه الفترة الانتقالية إلى مرحلة عقد مؤتمر الحوار الوطني وبدأوا الآن يناقشون القضايا الشائكة المستعصية ومن أبرزها القضية الجنوبية، قضية صعدة، قضية الدستور وغيرها من القضايا .
وأنا متأكد أن هذا الحوار البناء سيعطي فرصة للخروج بحلول توفيقية ستكون في المصلحة العليا لليمن .
وأين نجد دور الأمم المتحدة في هذا الجانب؟
دور الأمم المتحدة هو أولا دور تسييري؛ هذا ما قمنا به عندما تم الاتفاق على الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، أوصلنا الأطراف للتوقيع على هذا الاتفاق، لنا خبرة بحكم عملنا في الأمم المتحدة في جميع مناطق العالم خصوصا في بلدان كانت فيها نزاعات أو مرت بمراحل انتقالية .
يمكننا أن نقدم لليمنيين وبشكل مفصل الخيارات المطروحة وسلبيات وإيجابيات كل اختيار حتى يتخذوا قرارات على أساس معلومات وتحاليل مقارنة صحيحة، لكن في نهاية المطاف نحن متأكدون ومقتنعون أن اليمنيين قادرون على إيجاد حلول توفيقية للمشكلات المستعصية التي مازالوا يعانونها .
هل يمكن للأمم المتحدة أن تتبنى النموذج اليمني في بقاع أخرى تشهد نزاعات كالتي مر بها اليمن؟
اليمنيون رسموا نموذجاً جديداً تمثل في نموذج النقل السلمي للسلطة، وما نلاحظه الآن أن اليمنيين بدأوا يرسمون كذلك معالم حركة جديدة ستكون موضوع نقاش في العالم العربي ككل، وهي مسألة توسيع المشاركة الفعالة وتوسيع العملية السياسية لجميع الأطراف وكذلك خلق مناخ وإطار لحوار وطني شامل من أجل معالجة هذه القضايا ذات البعد الوطني بمجهود جماعي عبر نقاش مسؤول وبناء .
أنا لم أر أي نموذج من هذا النوع لمؤتمر حوار وطني شامل كما هو في اليمن في أي بلد عربي حتى الآن، وفي رأيي أن هذا نموذج يجب الإشادة به .