نظم مجلس الترويج السياحي الشهر الجاري رحلة سياحية لعدد من الصحفيين من مختلف المؤسسات الإعلامية إلى جزيرة سقطرى، وذلك في إطار اهتمام وزارة السياحة ومجلس الترويج السياحي في تحريك المياه الراكدة في السياحة إلى اليمن ؛ بسبب الأوضاع التي تمر بها بلادنا منذ زمن ليس بقليل..
وكان اختيار هذه الرحلة إلى جزيرة سقطرى نظراً لما تمتلكه هذه الجزيرة الفريدة من نوعها على مستوى العالم من تنوع بيئي ونباتي تؤهلها فعلاً لتكون الوجهة السياحية الأولى على مستوى العالم، خاصة أن سكانها يتمتعون بحس حضاري ومدني، ولا توجد بها أي مظاهر للسلاح أو أي من المشاكل الأمنية.
الجمهورية ممثلة بكاتب السطور، كانت ضمن الفريق الصحفي الزائر لهذه الجزيرة، وحاولت استطلاع ماذا يميز سقطرى وماذا ينقصها؟.. ولكن بعيون صحفيه خلال الأسطر القادمة.
إهمال رسمي
الأستاذ أحمد الجبر، عضو مجلس نقابة الصحفيين اليمنيين عند صعود الطائرة المتجهة إلى أرخبيل سقطرى أول ما يتبادر إلى الذهن أن الطائرة متجهة إلى دولة أوروبية، بالنظر إلى العدد الكبير لركابها من الأجانب, ويتعزز هذا الشعور أكثر عندما تبدأ الطائرة بالهبوط التدريجي في مطار الجزيرة, عندما تفقد السيطرة على ناظريك، وهي تتنقل من زاوية إلى أخرى مبهورة بما تشاهده من تنوع بديع يجمع بين زرقة المحيط الهندي, واخضرار الأرض المكسوة بالأشجار, وبياض السحب التي تعانق قمم الجبال, ونعومة الرمال البيضاء المتراكمة على الجبال المطلة على المحيط.
لكن سرعان ما يتبدد هذا الشعور, عندما تصطدم بواقع آخر مرتبط بالخصوصية اليمنية المتمثلة في وأد كل جميل في هذا البلد, ابتداءً بسوق القات الذي يلطخ الوجه المشرق للجزيرة, والانتشار الواسع للمخلفات من مواد بلاستيكية وغيرها, فضلاً عن غياب المرافق السياحية اللائقة بمكانة وسمعة الجزيرة, إلى الظلام الذي يحيط بها من كل مكان.
رغم دهشة الفريق الصحفي بما شاهده من مناظر سياحية جاذبة, إلا أن ما يحز في النفس ما لمسناه من إهمال رسمي للجزيرة ومواطنيها الذين يعيشون في حالة من العزلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى تتجسد في التالي:
مواطن يعاني من تكاليف تذاكر السفر الباهظة للتواصل مع أبناء جلدته, جامعيون يدرسون في دكاكين جنباً إلى جنب مع ورش الحدادة والنجارة, كهرباء 12 ساعة كل ثلاثة أيام, بيئة ملطخة بالقمامة, أمراض يستسلمون للمرض, صيادون يعانون من القرصنة والجرف الجائر للثروة البحرية, غياب المدارس الثانوية في مناطق الجزيرة المترامية الأطراف, ارتفاع مبالغ في الأسعار, نصف الجزيرة غير مغطاة بوسائل الاتصال, مسؤولون يشكون من المركزية الشديدة.
سقطرى الساحرة المنسية
أما الزميل حسن الوريث نائب مدير الأخبار بوكالة سبأ فقال: حقيقة لا أدري كيف أبدأ انطباعاتي عن سقطرى هل أعبر عن حزني الشديد؟ أم دهشتي بما شاهدته في هذه الساحرة؟.
أنا فعلاً حزين جداً لأن هذه الساحرة لم تصل إليها الدولة والحكومة إلا بالحامية العسكرية فقط، أما التنمية فهي غائبة جداً جداً، ولا مبرر لهذا الغياب مطلقاً، وكأنها تتبع دولة أخرى، أو كأننا نريدها أن تظل هكذا حتى لا يطمع فيها أحد..
عندما تزور سقطرى تشعر وكأنك تعيش في القرون الوسطى الخدمات متدنية وشبه معدومة وكل الوزراء والوزارات تتنافس في عواصم المحافظات وتغيب عن باقي المناطق، وغيابها عن سقطرى بشكل ملفت وغير منطقي وغير معقول، حتى عند ترشيح سقطرى للدخول ضمن عجائب الدنيا السبع الطبيعية كانت الحكومة غائبة وكأن الأمر لا يعنيها، ولذلك فقد حرمت الجزيرة من هذا الشرف الذي تستحقه بكل جدارة واستحقاق.
الأمر الآخر هو دهشتي لما شاهدته في هذه الساحرة المنسية التي اعتبرها أنها إحدى أهم العجائب في العالم؛ بتنوعها الحيوي وطبيعتها الخلابة، وما تتمتع به من جمال وسحر وطقس رائع وجميل ومناظر ساحرة وطيور ونباتات نادرة وأشجار غريبة وشواطئ أكثر من رائعة، إضافة إلى طيبة أهلها وبشاشتهم ودماثة أخلاقهم وتعاملهم الراقي مع الوافدين إلى جزيرتهم ووعيهم الكبير المتمثل بالحفاظ على البيئة نظيفة خالية من الشوائب.
وأنا من هنا أدعو الدولة والحكومة إلى التواجد في الجزيرة ليس بالحامية العسكرية، ولكن بالتنمية والمشاريع الخدمية وتنمية الجزيرة ,أن تكون في قمة اهتمامات الدولة والحكومة، وإلزام شركات الطيران بتخفيض أسعار التذاكر؛ لأنها تثقل كاهل الجميع وتمنع الكثير من زيارة الجزيرة، كما أنها تعيق المواطنين هناك من السفر إلى أي مكان في الوطن سواء للعلاج أو غيره، فتخفيض أسعار تذاكر الطيران من شأنه أن يسهم في تشجيع السياحة الداخلية والخارجية إلى الجزيرة.
وأخيراً أقول: حرام أن تظل الجزيرة هكذا منسية وغائبة ويجب أن تلتفتوا إليها لتنال حقها الذي تستحقه.
الجزيرة الأولى عالمياً
الزميل عبدالواسع الحمدي، نائب سكرتير التحرير بصحيفه الثورة قال من جانبه: الرحلة للجزيرة كشفت لنا أن اليمن يمتلك جوهرة تزين المحيط الهندي، وأن سقطرى فيها الكثير من الأماكن السياحية الجميلة والفريدة، وفيها من التنوع الطبيعي والبيئي ما يؤهلها لتكون الجزيرة الأولى عالمياً في جذب السياح وتنشيط الاستثمار السياحي الذي يعود على الوطن بموارد اقتصاديه أفضل من النفط وأفضل من أي مورد اقتصادي آخر.
لقد كانت زياره الفريق الصحفي لسقطرى جداً رائعة؛ لأنها تعرفهم بوطنهم أولاً، وعن طريقهم يعرف الجمهور ما تمتلكه بلادنا من مخزون سياحي غني وفريد، يميز بلادنا عن غيرها من الدول ونتمنى أن تتكرر مثل هذه الزيارات لفرق إعلامية أخرى، من أجل نشر الوعي في أوساط الناس، وللفت انتباه الجانب الحكومي بالمرافق السياحية المتميزة من أجل الاهتمام بها وتنميتها.
زيارة واحدة لا تكفي
أما الزميل محمد الغيثي مراسل وكالة الأنباء الإسلامية الدولية (إينا) في اليمن فقال:
مهما قلنا عن جزيرة سقطرى لن نعطيها حقها من الوصف والجمال والروعة، فهي تبهر كل من يزورها ويطلع على معالمها السياحية الفريدة ابتداء من سواحلها الخلابة مثل: ساحل عرهر في مديرية حديبو وديطواح في مديرية قلنسية مروراً بكهف حوق الذي يتميز بروعة المنظر وما يحتويه من مناظر بديعة وأشكال فريدة.
كما تتميز الجزيرة التي تقع في المحيط الهندي بمواقع الغوص مثل محمية ديمحري في حديبو والتي تحتوي على الشعب المرجانية الخلابة والأسماك ذات الألوان المبهرة والمختلفة الأحجام.
أما مرتفعات دكسم فتتميز بهواء بارد يشبه هواء صنعاء ويوجد بها شجرة دم الأخوين المشهورة عالمياً، ولا يوجد لها نظير في العالم والنظر إليها يشعرك بأن زيارة واحدة لا تكفي لمثل هذا المكان الفريد من نوعه.
الجزيرة حقيقة من الناحية التنموية مظلومة وتحتاج إلى مزيد من الاهتمام من قبل الحكومة والسلطات المحلية، فهناك مشاريع متوقفة مثل مستشفى حديبو منذ 13 عاماً ومبنى الجهاز المركزي للمحاسبة فضلاً عن مشاريع الطرق في مديرية حديبو عاصمة الجزيرة .
أسرار آلاف السنين
بشير الحزمي مدير المكتب الصحفي بصحيفة 14 أكتوبر بصنعاء يقول :لقد مثلت زيارتي إلى جزيرة سقطرى ضمن الفريق الصحفي خلال الأيام الماضية فرصة كبيرة للتعرف على ما تمتلكه الجزيرة من مقومات سياحية وبيئية بديعة وثروة غير مستغلة، فطالما سمعنا عنها الكثير وقرأنا في صفحات جمالها ما لم نتخيله وقد أتاحت لنا هذه الزيارة التي تم رعايتها من قبل مجلس الترويج السياحي الفرصة للاستمتاع بجمال تجاوز حدود الخيال.
إن جزيرة سقطري بما تمتلكه من مميزات وفرص استثمارية نادرة قد جمعت كل صفات الحسن والجمال في جبالها الشاهقة وشواطئها المتميزة بمياهها النقية الزرقاء ورمالها الذهبية ونباتاتها الطبيعية النادرة وأناسها الرائعين، هي بحق جوهرة ثمينة ونادرة، لم ندرك كمجتمع يمني بعد قيمتها الحقيقية؛ لأنها ما تزال بكراً ولم تستغل الاستغلال الأمثل سواء من حيث تميزها بالموقع الاستراتيجي الهام أم بما تمتلكه من مقومات جذب سياحي وبيئي نادر.
الأيام المعدودة التي قضيناها مستمتعين بما نشاهده من جمالها الساحر ولدت لدينا شعوراً عجيباً تجاه هذه الجزيرة، التي فارقناها ونحن نفكر بطريقة ما تمكننا من العودة إليها مجدداً، فكم كانت سعادتنا التي نعجز عن وصفها، ونحن نغوص في أعماق كهفها الذي لا مثيل له، والذي يحمل داخله أسرار آلاف السنين، أو حين نغوص في مياهها برفقة آلاف من الأسماك التي تزهو بألوانها وأشكالها وأصنافها المختلفة في تجانس عجيب، ومن حولنا كائنات بحرية متنوعة وشعب مرجانية غاية في الجمال والروعة، أو عندما كنا نتنقل بين أشجارها ونباتاتها البديعة النادرة، التي ميز الله بها هذه الجزيرة عن سواها من بقاع الأرض..
الزميل خالد الحضرمي سكرتير تحرير سبتمبرنت يؤكد من جانبه بأنه لم ير في حياته جمالاً مثل جمال سقطرى، وأنها لوحة فنية ذات أبعاد مختلفة وجوهرة ثمنية لا تقدر بثمن ويقول: من خلال زيارتي لها مع الزملاء الإعلاميين ولسواحلها وجبالها وكهوفها ومغاراتها، خاصة مغارة حوق التي وصلنا إليها بعد عناء شديد سيراً على الأقدام لأكثر من ساعة ونصف الصخور المدلاة من الكهف والمسنونة التي شكلها الخالق بطريقة عجيبة بديعة والصخور التي تنبت من الأرض وتتشكل بطريقة جميلة ورائعة وبأشكال هندسية عجيبة، جعلتني أشعر أني خرجت من كوكب الأرض وأصبحت على كوكب آخر، بالإضافة إلى جمال الطبيعة البكر ونقاء الهواء والتنوع الكبير والفريد للحيوانات والنباتات والحشرات، التي لا توجد في أي مكان آخر من العالم و بكل ما هو جديد وعجيب فقد تعجز الكلمات عن وصفها.
وما أدهشني كثيراً طبيعتها الخلابة والساحرة والفاتنة والرائعة والنادرة وهوائها النقي، الذي يمنح الزائر إليها متعة الاستمتاع بمناخها وهوائها وبجمال تنوعها الرباني..
واضاف الحضرمي"سقطرى جزيرة عذراء يجب الحفاظ عليها وعلى التنوع البيئي والبحري فيها.
وعلى الحكومة تشجيع الاستثمار فيها وتنظيمه كي لا يضر بالبيئة، وإنما بما يخدم السكان المحليين ويرفع مستوى معيشتهم وتشجيع المنتجات المحلية، و بذل المزيد من الجهود في الترويج السياحي للجزيرة وذلك بإبراز الملامح الجمالية والمميزات السياحية والتنوع الحيوي والثروة الطبيعية التي تزخر بها هذه الجزيرة.
وليسمح لي القارئ الكريم أن أتحدث عن جوانب القصور المتعددة والتي تعاني منها سقطرى، منها على سبيل المثال ارتفاع أسعار الطيران واحتكار طيران السعيدة، وهذا يؤثر سلباً على السياحة في الجزيرة.
حمامات المطار في سقطرى مكسرة ومغلقة أمام المسافرين، ولا توجد سوى حمامات الموظفين في الطابق الثاني، وهي بحالة مزرية بالرغم أن المطار هو واجهة الجزيرة.
أيضاً هناك غياب كامل للخدمات، بالإضافة إلى حيث لايوجد مستشفى حكومي في الجزيرة لكن شبكة الطرق لم تصل إلى الأماكن السياحية مثلاً الكهوف والمغارات الجميلة والجاذبة للسياح، ولم توجد حتى وسيلة أخرى تسهل عملية وصول الزوار إلى تلك المناطق..
وعدم توفر الطاقة الكهربائية الكافية للجزيرة حيث لاحظنا انقطاع الكهرباء لفترات طويلة ، كذلك هناك عملية الاحتطاب لتصدير الفحم إلى الخارج، أيضا وجدنا أن الأغنام تسرح وتمرح في مختلف أنحاء الجزيرة..
كذلك يتم تجميع الشعب المرجانية من شواطئها وتصديرها إلى الخارج وخاصة إلى الإمارات الشقيقة دون حسيب أو رقيب، أما الصحف والمجلات فلا تعرف طريقاً إلى سقطرى.
أما الكاتب همدان العليي فيقول: ما إن تطأ قدماك جزيرة سقطرى اليمنية، حتى يتسلل إلى نفسك شعور مختلف.. هل ما زلت في الكرة الأرضية؟ أم أنك في تلك اللحظات في كوكب مختلف؟ لهذا اعتبرت هذه الجزيرة من أكثر المناطق غرابة في العالم.. ذلك يعود إلى التنوع الحيوي الفريد والأهمية البيئية لهذه الجزيرة وانعكاسها على العالم ونظراً للتنوع المناخي في مكان واحد..
حقيقة لم أكن أعلم أن هذه الجزيرة بهذا الجمال وبتلك الروعة، فقد عشت في هذه الجزيرة أياماً وساعات لا تقدر بثمن.. لكن ما يبعث على الحزن، هو الوضع التنموي المتدني لهذه الجزيرة.. فالناس يعيشون في الكهوف، ولا يوجد تعليم، ولا ماء ولا كهرباء ولا تأمين للمشتقات البترولية.. ولا حياة لمن تنادي.
تفتقر الجزيرة للبنية التحتية التي تجعل منها الأهم على مستوى العالم، كونها الأجمل على مستوى العالم.. باختصار أقول إنها جوهرة بيد فحّام..!
أخيراً
هذا انطباعات عدد من الزملاء في الفريق الصحفي الذي زار الجزيرة وقد لخصوا الكثير مما يحب سكان سقطرى إيصاله للحكومة فهل تبادر حكومة الوفاق إلى الاهتمام بما تناسته مختلف الحكومات السابقة؟ وهل تتحول سقطرى إلى أهم منطقة للجذب السياحي في العالم خاصة أنها تستحق ذلك..