شهدت حركة الملاحة البحرية في الموانئ اليمنية انتعاشاً خلال الأشهر الماضية، بالتزامن مع عمليات تحديث وتطوير لبنيتها التحتية تقودها وزارة النقل في اليمن ، ضمن إستراتيجية شاملة لحكومة الوفاق الوطني لإنعاش الاقتصاد ومواكبة عملية التحول السياسي القادم في البلاد.
ويرى محللون واقتصاديون أن من شأن هذا الانتعاش أن يكون مقدمة لنجاح الأقاليم في حال تم اعتماد مشروع الفدرالية الذي سيناقش خلال مؤتمر الحوار الوطني الشامل كشكل جديد من أشكال الحكم في اليمن، والذي ينص على توزيع البلاد إلى ستة أقاليم اقتصادية يتمتع فيها كل إقليم بميناء مستقل.
الحركة الملاحية
وكانت وزارة النقل اليمنية أعلنت الأسبوع الماضي عن ارتفاع نشاط الحركة الملاحية في كل من ميناء عدن والحديدة والمكلا والمخا خلال العام الماضي إلى مستويات متقدمة مقارنة بحالة ركود حاد شهدتها تلك الموانئ خلال الأعوام الماضية.
وزير النقل اليمني واعد باذيب: الملاحة البحرية حققت تقدما كبيرا في الأداء (الجزيرة نت)
وأظهرت إحصائية رسمية ارتفاع عدد الحاويات المتداولة في محطة كالتكس بميناء عدن للعام 2012 إلى 262 ألفا و 666 حاوية بفارق زيادة قدرها 82 ألفا و483 حاوية مقارنة بالعام 2011.
وأشارت الوزارة إلى أن ميناء المكلا حقق تقدما في النشاط بنسبة 30% خلال العام الماضي، بينما سجل ميناء الحديدة طفرة كبيرة في الأداء والإيرادات بعد حالة عجز كان يعانيها الميناء في 2011، ومديونية قدرها 300 ألف دولار لم يستطع معها دفع الرواتب الشهرية للموظفين، بينما حقق خلال العام 2012 زيادة في الإيرادات وصلت إلى ما بين خمسة وستة ملايين دولار.
إستراتيجية التطوير
وقال وزير النقل اليمني الدكتور واعد باذيب إن حركة النشاط الملاحي في الموانئ البحرية اليمنية حققت تقدماً كبيراً في الأداء والإيرادات خلال العام الماضي، وارتفع نشاطها بعد حالة عجز وركود كانت تعانيه تلك الموانئ خلال العام 2011.
وأوضح باذيب -في تصريح للجزيرة نت- أن وزارته تسير بخطى حثيثة لإحداث ثورة في قطاع النقل باليمن ولا سيما القطاع البحري بهدف دعم التكامل الاقتصادي ونمو أنشطة التجارة والتصدير، ضمن إستراتيجية النهوض بقدرات وطاقات هذا القطاع الحيوي.
كما لفت الوزير اليمني إلى أن استعادة ميناء عدن من المشغل موانئ دبي العام الماضي والمدار حاليا بكفاءات وطنية مثل بداية الانطلاق في وضع هذا الميناء الذي يشهد حالياً ارتفاع وتيرة نشاطه وتناوله للحاويات بالتزامن مع بدء الخطوات العملية لتطويره وتأهيله بتمويل أجنبي.
وأشار إلى أن الحكومة اليمنية أقرت ضمن إستراتيجية التحديث مشروع تأهيل وتطوير ميناء الحديدة بتمويل حكومي وقد تم تجديد معظم بنيته الفوقية من معدات وآلات، وأن ميناء المكلا شهد في الآونة الأخيرة استعادة عافيته وتحسنا كبيرا في الأداء انعكس على ارتفاع نشاطه الملاحي.
وأضاف "نعمل حالياً على إنشاء ميناء بورم في حضرموت وهو المشروع الحلم الذي أصبح قاب قوسين من بدء تنفيذه"، وقال إنه يتم حاليا البحث عن ممول أجنبي لتحديث ميناء خلفوت بالمهرة وميناء سقطرى الذي من المؤمل أن يتم تحديثه بتمويل من الصندوق الكويتي.
ويرى محللون واقتصاديون في عملية إنعاش وتطوير الموانئ اليمنية خطوة مهمة في سياق محاولات تحسين مناخ الاستثمار وتشجيع النمو الذي تتطلبه مؤسسات الدولة لإنعاش الاقتصاد الذي شهد خلال السنتين الماضيتين ركوداً حاداً جراء الأزمة السياسية التي مرت بها البلاد.
جهود ذاتية
ويشير الباحث الأكاديمي في الشؤون الإستراتيجية باليمن الدكتور سعيد عبد المؤمن إلى أن مجال النقل خلال ما قبل الثورة الشبابية عانى الكثير من المشاكل أدت إلى توقف بعض الموانئ وإلى أن هناك مساعي تبذل لمحاولة إصلاح الوضع أثمرت بعض الشيء في تحريك هذا الركود.
واستبعد في حديث للجزيرة نت أن يكون هذا التحرك مبنيا على إستراتيجية واضحة أكثر من كونه جهودا ذاتية من قبل بعض وزراء في حكومة الوفاق، قائلاً إن الحكومة اليمنية لا تمتلك حتى الآن أي إستراتيجيات واضحة في أي مجال، وإنما هي تحركات فردية لم تفض بعد إلى نتائج مهمة.
ووصف ما يدور من حديث بشأن إمكانية إقرار نظام الفدرالية في اليمن بأنه يتطلب أن تكون الأقاليم اقتصادية وأن يكون لها منفذ بحري تستطيع من خلاله أن تستورد احتياجاتها وتصدر منتجاتها، معتبراً أن إصلاح الموانئ اليمنية وتطويرها بشكل جدي سيكون مقدمة لنجاح هذه الأقاليم.
من جانبه، وصف رئيس المنتدى العربي للدراسات نبيل البكيري -في حديث للجزيرة نت- هذا التوجه بأنه يأتي في إطار مساعي الحكومة اليمنية لإحياء المنافذ البحرية الرئيسية في البلاد والتي كانت من أهم الموانئ العالمية كميناء عدن والمخا.
وأشار إلى أن الوضع في اليمن يتطلب الاهتمام بمدخل الإصلاح الاقتصادي بجانب الإصلاحات الشاملة التي تتطلبها مؤسسات الدولة وبناؤها الإداري. وأعرب عن اعتقاده أن مثل هذا التوجه قد لا يخرج عن إطار التوجهات المستقبلية فيما يتعلق بموضوع الفدرالية وتقسيم البلاد إلى أقاليم وتمتع كل إقليم بميناء خاص به.