تعتزم الحكومة اليمنية إقرار قانون لإنشاء هيئة مستقلة خاصة بأموال الزكاة والرعاية الاجتماعية؛ بهدف توحيد آلية تحصيل وصرف مواردها ورفع إيراداتها، بما يؤدي إلى استثمار ذلك لمعالجة مشكلة الفقر وفق رؤية شاملة، وحلول عملية توفر لذوي العوز والحاجة والعاطلين ما يسد حاجتهم، وتحول القادرين على العمل منهم من قوة عاطلة مستهلكة إلى قوة عاملة منتجة.
ويحدد مشروع القانون الذي حصلت "الجزيرة نت" على نسخة منه، الفئات المستحقة لأموال الزكاة باليتيم حتى يبلغ، والمرأة التي لا عائل لها، والعاطل والمسن والمعاق كلياً أو جزئياً طول فترة الإعاقة.
ويشترط القانون المتوقع مناقشته في مجلس الوزراء خلال الأيام القادمة تمهيدا لإرساله إلى البرلمان للمصادقة عليه، أن لا يكون للفرد مصدر من مصادر الدخل ولا قريب مُوسر ملزم شرعاً بإعالته والإنفاق عليه، كما لا يكون له أي مرتب أو مساعدة اجتماعية أو اقتصادية من الدولة.
وتواجه الإدارة العامة للواجبات الزكوية التابعة إدارياً لوزارة الإدارة المحلية صعوبات كثيرة في أداء مهامها، سواء على مستوى التحصيل والتبعية، أو على مستوى القصور التشريعي وتعدد جهات توزيع الإيرادات، وهو ما أدى إلى عدم الاستفادة من أموال الزكاة؛ بسبب ضعف التحصيل والإنفاق في غير المصارف الشرعية الثمانية.
وتتولى المجالس المحلية تحصيل أموال الزكاة وتسخيرها في الإنفاق على مشاريع البنية التحتية، في حين لا يتجاوز مقدار ما يعطيه صندوق الرعاية الاجتماعي للشخص المسجل في كشوفاته كل ثلاثة أشهر سوى تسعة آلاف ريال (نحو 41 دولارا).
ويتوقع مسؤولون يمنيون ارتفاع إيرادات الزكاة عند تطبيق القانون إلى 200 مليار ريال (930 مليون دولار) سنويا، مقارنة بقرابة 13 مليار ريال (60 مليون دولار) التي تم تحصيلها العام الماضي؛ وهو ما سيؤدي إلى رفد خزينة الدولة بموارد كبيرة من شأنها أن تساهم في خفض معدل البطالة البالغة نحو 18 في المئة -وفق الإحصاءات الرسمية-.
وقال ياسر ثابت نائب المدير العام للواجبات الزكوية بوزارة الإدارة المحلية إن الهدف من إنشاء الهيئة تحقيق مصارف الزكاة الشرعية، وتعزيز المكانة الاقتصادية لمؤسسات الزكاة عبر إشراكها في برامج التنمية الاقتصادية.
وأشار ثابت في حديثه للجزيرة نت إلى أن هذا القانون يتميز عن المعمول به حاليا، بكونه يوفر للشخص العاطل والقادر على العمل وسيلة مناسبة لتأمين مصدر رزق يتناسب مع قدرته ويصلح به حاله، ويسد به حاجته بصفة دائمة، دونما حاجة إلى لجوء إلى مصرف الزكاة مرة أخرى، كما أنه يعطي الشخص غير القادر على التكسب -بسبب المرض أو الشيخوخة أو العجز أو غيره- مساعدة نقدية أو عينية بشكل دوري تسد حاجته ومن يعول.
وعن الآلية الضامنة لإنفاق أموال الزكاة في مصارفها، قال ثابت إن هذه الإيرادات ستكون في حكم الأموال العامة، وهو ما يجعلها خاضعة للأجهزة الرقابية بخلاف القانون الحالي الذي يسمح بذلك، وأوضح أن الهيئة سيكون لها مجلس إدارة مكون من عدة وزراء، فضلا عن رئيس اتحاد الغرف التجارية والصناعية ورئيس هيئة الإفتاء الشرعية ومدير تنفيذي، وستتولى إجراء مسح سنوي بهدف تقديم اقتراح نسب توزيع حصيلة الزكاة بين مصارفها ومقدار المخصص لأغراض الاستثمار.
من جهته، يؤيد أستاذ المحاسبة في كلية التجارة بجامعة صنعاء محمد علي جبران إنشاء هيئة خاصة بأموال الزكاة؛ نظرا لما ستوفره من "إيرادات مهدرة وغير محصلة، لاسيما في القطاع الخاص".
وقال إن نسبة الزكاة المحصلة لا تمثل سوى 20 في المئة من زكاة الودائع في البنوك التي هي فائض احتياجات الأشخاص والمؤسسات، مشيرا إلى أن حجم الودائع يصل إلى تريليون مليار ريال (4.65 مليارات دولار) وتقدر حجم الزكاة المفروضة عليها 48 مليار ريال (225 مليون دولار).
وتوقع جبران أن تصل المبالغ المحصلة سنويا ما بين 150 و180 مليار ريال (ما بين 700 و840 مليون دولار)، مضافا إليها ميزانية صندوق الرعاية الاجتماعية المقدرة حاليا بـ60 مليار ريال (280 مليون دولار)، وهي مبالغ ستغطي احتياجات الفقراء وتوفر لهم حياة كريمة -على حد قوله-.