يشهد الشارع الجنوبي صدمة ثورية كبيرة وحالة من الاختلاف بين القواعد الشابة للحراك الجنوبي الانفصالي وقياداته العتيقة وما اصابها من نقص وقصور انعكس اثاره على خطابها الثوري وثقتها بعدالة القضية النضالية وضرورة العمل من أجل نيل الاستقلال والحرية واستعادة الدولة الجنوبية .
ظهرت بوادر الخلاف للمتابعين والمهتمين بالشأن الجنوبي منذ انطلاق الحراك الجنوبي في 2007 حالة الانقسام والفرقة التي باعدت بين قياداته التاريخية وقسمت وحدة الشارع الجنوبي المغلوب على أمرة ؛ إلا ان تباين وجهات النظر بين اجيال الحراك المختلفة انفجرت اليوم وبقوة بعد ما يسميها الحراكيين ب"المهزلة التي تهدد قضيتهم العادلة ووجودهم كقوة تحررية وطنية ".
حالة من السخط الشعبي والاستياء الثوري الحراكي من سياسة المتاجرة بالقضية الجنوبية التي انتهجتها قيادات الحراك الانفصالي في الخارج والممثلة في الرئيس السابق علي سالم البيض الذي ارتمى في احضان القوى المتصارعة ورضي ان تكون القضية الجنوبية جزء من صراع إقليمي قد يحرم الشعب الجنوبي من حريته ويأثر على مسار ثورته التحررية .
ناشطو الحراك على صفحات التواصل الاجتماعي ومفكرون وكتاب حراكيين عكسوا حالة الاستياء والتذمر الحاصلة في الشارع الجنوبي عبر منشوراتهم الساخرة من ربط القضية الجنوبية بمصير الجماعة المسلحة في شمال شمال اليمن ، والمدعومة من القوى الخارجية المعادية للولايات المتحدة الأمريكية .
اصبحت مخاوف الجنوبيين من حلف زعيمهم علي البيض مع إيران وحزب الله حقيقة بعد أن ظلت شائعات يكذبونها خلال السنتين الماضية ، وهذا ما ظهر في قراءتهم للمراسيم الجنائزية التي شهدتها محافظة صعده اليمنية الأسبوع الماضي تحت ظلال أعلام الجنوب العربي ودولته المستقلة .
لم يخف الجنوبيون خيبة املهم وخوفهم من النهاية السخيفة للقضية الوطنية التي يناضلون من أجلها ، من تحولها إلى رايات ترفع على جثث الأموات وأعلام ترفرف في سماء غير سماء الوطن الذي ينشده الجنوبيين .
يرى الجنوبيون أن مراسم تشييع جثمان زعيم حركة المتمردين في اليمن أنها ليست تشييع للجمهورية اليمنية فقط ، بل تشييع للقضية الجنوبية التي دفنت مع جثة الحوثي وربط مصيرها بمصير جماعة خارجة على الأعرف والمبادئ الثورية والقيم السلمية التي ينتهجها الجنوبيون في نضالهم لنيل الاستقلال .
وهكذا أنزلق القيادي الحراكي الشيعي حسين زيد بن يحيى في سوء تقديره للتصرفات النزقة والغبية التي يقوم بها، وتعاطيه الصبياني مع السياسة ليكون آخر المطاف مشيعا للعلم الجنوبي وقضيته جنبا إلى جنب جثمان السيد الحوثي في صعده.
بات انتصار الحوثيين وحليفهم البيض في خندق واحد كما يقول الجنوبيون : إلا انهم ليسوا ملزمين بتعليق امالهم على حلف تجاري لا يعول عليه النجاح في ظل الوضع العالمي المعقد والمناصر للوجود اليمني ككيان موحد .
بعبارات وجمل كثيرة بثها الناشطون – لا مجال لعرضها هنا - وضحوا قناعتهم الجازمة بخيانة كهول الحراك لجيل القضية وتضحيتهم بدماء الشهداء إراضاً لطموحهم في السلطة والثروة وهذا ما اوجزه أحد القيادات الشابة في الحراك بقوله "عندما تحول قضيتك لتكون العنصرية عنوانا لها فلا تستغرب ان يكون هناك تحالف مع من هم على شاكلتك فالطيور على اشكالها تقع .
تبقى الأيام القادمة حبلى بالمفاجئات كما هو مصير قيادة الحراك في الخارج التي تفقد ثقة شعبها في الداخل يوم بعد يوم ، لكن الحقيقة ان مثل ذلك اليوم سيكون الشعب الجنوبي مالك حريته بعد أن يتحرر من الزعامات التي اذاقته الويلات ورمت قضيته في احضان القوى الإقليمية ويبقى النضال ضد مصاصي الدماء وأكلين ثروات الشعب في الداخل .