يبدي السياسي والقيادي الناصري محمد الصبري تفاؤلاً بما تم إنجازه في مؤتمر الحوار في اليمن حتى الآن، لكنه يؤكد أن الواقع خارج الحوار يظل المؤثر الأبرز على مساراته، ويحذر من وجود أطراف تريد إفشاله.
الصبري في حديث لصحيفة «الثورة» أكد أن اليمنيين بدأوا يكتشفون العدد الحقيقي لاستقرارهم وأمنهم ووحدتهم، مشدداً على ضرورة بذل جهد أكبر في تحديد أسباب المشاكل وامتلاك الشجاعة للتفكير بالمستقبل، مشيراً إلى أن تعليق بعض المكونات لمشاركتها في جلسات مؤتمر الحوار أمر طبيعي، كما تحدث عن عدد من القضايا نستعرضها في سياق الحوار التالي، الذي يعيد نشوان نيوز نشره:
> وصلتم إلى الجلسة النصفية بعد شهرين من النشاط في اطار فرق العمل كيف يبدو مشهد مؤتمر الحوار اليوم وفقا لما اُنجز؟
- أعتقد أن الجميع متفائل ولهم الحق أن يتفاءلوا وان يحتفوا بالجهود التي بذلوها طوال الشهرين الماضيين، عمليا جرى على الارض اشياء كثيرة من الامور الواضحة التي تسير على خطى الأهداف المرجوة، كان هناك اطلاع على اوضاع القضايا الوطنية، كان هناك زيارات ميدانية إلى العديد من المؤسسات والوزارات وعدد من المحافظات، كان هناك نقاشات مستفيضة بين مختلف المكونات والشرائح الممثلة، انما مع التفاؤل سيظل هناك تحدي رئيسي ينبغي أن لا يغيب عنا وهو كيف سنقف أمام كل هذه المخرجات وهي مصاغة بتقارير قرارات وتوصيات، انا اعتقد أن الطريقة التي تم بها صياغة كل هذا الجهد قد لا تلاقي ذلك المستوى سواء من النقاش أو حتى من الموافقة، لذلك اعتقد أن هناك قضايا ستثير الجدل والخلاف خلال الجلسة العامة وهم يناقشون المخرجات.
آلية المخرجات
> إلى جانب هذا معلوم الآن أن كل فريق لديه في تقريره العديد من القرارات التي يرى بضرورة تضمينها في الدستور القادم، ونحن لدينا تسع فرق عمل هل معقول أن هذا الدستور سيستوعب كل هذه المخرجات؟
- لا لا، أنت لو عُدت لأهداف ومبادئ اسلوب الحوار هناك عشر مواد موجودة في النظام الداخلي تضبط آلية المخرجات ونوعها، هل هي دستورية، سياسات، اجراءات، لوائح، مقترحات، توصيات، وحجم الالتزام الذي جرى مثلا في هذه النصوص لم يكن بالقدر الواضح، وهذا بالتالي ما سيثير باعتقادي نوعاً من اللبس، عندما تطلع على التقارير ستجد فجوة واسعة موجودة في الاسلوب.
> نريد توضيحاً أكثر؟
- بمعنى أن البعض عمل مخرجات دستورية، والبعض عمل توصيات، أي أنه لم يكن هناك وحدة في المخرجات وبالتالي ستضطر الجلسة العامة أن توحد ما لم يجر توحيده.
فلسفة الحوار
> هل تريد القول بأنه كان المفروض عمل تدريب للفرق في هذا الجانب؟
- أعتقد أن هناك نقصاً في الرؤية، نقصاً في فهم فلسفة الحوار، نقصاً في التدريب، نقص في التيسير، أشياء كثيرة ناقصة، وربما العمل الجماعي احيانا هو من يجبر على كثير من النواقص، وعموما نتمنى أن تقف الجلسة العامة أمام هذا الموضوع، وان تصب المناقشات والملاحظات في اتجاه أنه لابد من وحدة بالرؤية، وحدة في الفهم، وحدة في المخرجات، بحيث أن الرأي العام يفهم ما الذي يجري.
> إذاً نتوقع أن الجلسة العامة تخصص حيزا لا بأس به لهذا الموضوع؟
- طبعا خصوصا وان الجلسة العامة ليس عندها صلاحيات تلغي تقريراً أو تشطب قراراً وإنما تبدي ملاحظات فقط.
> ألا تعتقد انها ستخلق مشكلة فأنا كفريق وضعت هذه الخلاصة كقرار فتأتي أنت وتعتبرها توصية مثلا؟
- ربما لكن في كل الأحوال مطلوب من الجلسة العامة أن تقول ملاحظات وتوصيات فقط وتعيد هذه الملاحظات والتوصيات للفريق نفسه.
> تزايدت في الفترة الأخيرة مظاهر الاختلال الأمني إلى أي حد يمكن أن يؤثر في الحوار القائم؟
- هذا شيء مقلق أكيد وأنا أوافقك الرأي الأوضاع الأمنية لا تبشر، الوضع الأمني يبدو سيئا للغاية وأي كانت جودة مخرجات الفرق في الحوار يظل الواقع في الميدان هو المؤثر الكبير على مؤتمر الحوار.
تحديات كبيرة
> هل يمكن أن يصل مدى هذا التأثير لأن يعيق أو يفرمل المؤتمر مثلا؟
- ليس يعيق ولكنه سيسلب القيمة الواقعية للحوار، سيُظهر الحوار وكأنه معزول عن الواقع، وسيجعل المتحاورين يبدون وكأنهم في جهة والوضع العام في جهة أخرى، إنما لا بد من الإيمان بأن حواراً من هذا النوع وبهذا الحجم وفي هذه الظروف من الطبيعي أن يواجه تحديات كبيرة، أنت اليوم أمام بلد يتغير، يتحول، حتى نفوس الناس تتغير، نحن أمام وضع غرائزي مخيف، وبالمناسبة الغرائز في لحظات التحولات تجمع الناس حولها اكثر من لغة العقل.
العوامل المؤثرة
> وفق هذا كيف تفهم تعليق بعض المكونات مشاركتها في جلسات المؤتمر؟
- إلى حد ما أعتبره أمراً طبيعياً، ليس خارجاً عن سياق فهم العوامل المؤثرة على الحوار، أي العوامل الأمنية، العوامل السياسية العوامل الواقعية، التعدد في المكونات، التعدد في القضايا، ومن هنا أعطيها هذا البُعد، أي اعتباره أمراً طبيعياً خصوصا وأن ما يجري في الشارع خارج مؤتمر الحوار فيه قدر من تداعي السلطة العامة وانهيارها.
تداعيات التغيير
> تعني بشكل أقرب تداعيات التغيير؟
- نعم، فهناك نظام قديم انهار وفي محاولة لإنتاج وضع جديد في مسافة زمنية محددة، وهي عموما طبيعة المرحلة الانتقالية، المهم أن هذه النخبة الموجودة في مؤتمر الحوار الوطني هي العربة الاولى في قطار التغيير أو المراهن عليها بأن تعطي ضوء يحدد الطريق الصحيح لان هناك من يرى طرق وأساليب اخرى، ومجموعات العمل تكافح منذ ثلاثة اشهر لكي تعطي هذه الاشارة، طبعا هناك تشويش على هذا الموضوع بشكل مخيف.
> ممن؟
- من كل مراكز صناعة التأثير.
> هناك من هذه المراكز التي تشير اليها موجودة اليوم في مؤتمر الحوار؟
- نعم لكن في قسم منها خارج الحوار.
حلول عادلة
> في افتتاح الجلسة العامة الثانية كانت هناك اشارات إلى أن القضية الجنوبية على الطريق الصحيح ماذا بالنسبة لقضية صعدة.؟
- قضية صعدة أو القضية الجنوبية مالم يجرِ التعامل معهما كقضايا وطنية بامتياز لن يكون لها حل، بمعنى أن الطريقة التي ينظر بها الناس إلى القضايا هي التي تحدد لهم طرق الحل فواحد عنده اعتقاد أن هذه مش قضية وطنية وإنما قضية خاصة، هذا يعتبرها قضية الحراك، وهذه يعتبرها قضية الحوثيين، ولذلك أي بحث في الحلول من هذا المنظور سيحصر الحل في ما يراه الحراك أو يراه الحوثيون، انا من الناحية الوطنية فهنالك حلول وحلول عادلة، وحتى الان لم نتوصل إلى الاتفاق حول هذه الأرضية.
إعادة الحقوق
> إذا أخذنا إعادة الحقوق مثلا هل يمكن اعتبارها حلا ببُعد وطني؟
- نعم لكن شريطة أن يكون من منطلق الجهوية أو المذهبية والشطرية، اما أن تتحدث عن اعادة حقوق وأنت تتعامل بهذه الآلية فأنت تخل بالاساس، اذ سيكون الأمر أشبه بمن يتصدق على الناس بحلول أو يمن عليهم أو يرضيهم ويرشيهم، بينما انطلاقك من الأساس الوطني سيعني أن كل ما تعيده من حق وكل ما ترفعه من مظلمة حق من حقوق المواطنة لا منّة ولا صدقة وعليك أن تنفذه اليوم أو غداً، وعلى هذا النحو ينبغي أن يكون مؤتمر الحوار، فنحن عندما نطالب برفع المظالم، أو باستعادة الحقوق، بتعزيز مبدأ الشراكة الوطنية، وبمعالجة آثار الصراعات السياسية، وببناء شكل الدولة إن لم ننطلق من هذه الأرضية، ارضية واحدة مشتركة فانه كل واحد يغرد بالحديث في اتجاه.
الأرضية الواحدة
> أنتم الآن في مؤتمر الحوار يفترض أنكم تهيئون هذه الأرضية الواحدة؟
- الجلسات العامة هي التي تبني هذه الأرضية، وأعمال الفرق بنت ارضيات ممتازة، في الحكم الرشيد مثلا الذي أنا عضو فيه بنيت ارضية مشتركة بين كل اعضاء الفريق واشتغلوا بروح الفريق الواحد، كان الهم واحد والأسئلة واحدة إنما كيف نبلور هذه الروح التي نمت بمخرجات توجه للجميع إن نحن ننطلق من أرضية فهم واحدة، ارضية وطنية واحدة مشتركة، إحساس بالمسؤولية؟
إشارات ورسائل
> ما هي الكلمة الأخيرة التي تود قولها في نهاية اللقاء؟
- هناك أطراف وجهات لا تريد لهذا الحوار أن ينجح وهي قديمة فاسدين ومتنفذين هؤلاء كانوا دائما يحرصون على أن لا يجتمع اليمنيون لأن هذا أمر يقلقهم، هذا الجمع الموجود يعطي اشارات ورسالات وإيحاءات ودلالات أن اليمنيين بدأوا يكتشفون من هو العدو الحقيقي لاستقرارهم، لأمنهم، لسلامة دولتهم لوحدتهم الوطنية، والمطلوب اليوم أن نبذل جهد اكبر، وان نستمع لبعضنا، وأن نمتلك الشجاعة لكي نحدد أسباب المشكلة بوضوح بدون خوف حتى إن كنا نحن الاسباب، وأن نمتلك الشجاعة بأن نفكر بالمستقبل معا، ثم أن نتوحد على رؤية ومنهج واحد الجميع مسلم بها سواء منهج لوائحي أو منهج يعتمد على الرؤية للحوار وفلسفته، لا بد أن تكون هناك قواعد واضحة للنقاش.