مثّل حالة استثنائية من بين مقدمي البرامج الحوارية على القنوات الفضائية بإطلالته الفريدة عبر قناة "السعيدة" مسترسلاً بثوبه ولحيته، ومعتمراً قبعته ويتوسط خصره الخنجر اليماني؛ ومع ذلك أوجد علاقة حميمية مع كافة المشاهدين وصنوف برنامجه الحواري بحضوره الهادئ وطرحه العقلاني والمحايد الإعلامي محمد العامري.
- السلفيون والربيع العربي قصة انبعاث غير متوقعة.. قراءة أولية؟.
أشكرك أولاً على هذه الإطلالة الطيبة، وأشكركم. أما عن السلفيين فهم لون من ألوان الطيف الموجودة، وتجربتهم في اليمن تجربة حديثة لا تتجاوز عشرات السنوات، وهم جديدون على العمل السياسي الذي دخلوا فيه مؤخراً، شخصياً لست ضد العمل السياسي؛ لكني أرى أن العمل السياسي يأتي بعد طول مراس وعمل وكد في الميدان، وبعد سبر عدد من الملفات العلمية والثقافية والاجتماعية، هذه العوامل لم تكتمل بالنسبة لهم، هذه الملفات يجب أن تكون لها قاعدة اجتماعية ورصيد سابق، وأنا حين أتكلم عن السلفيين وملفاتهم الصحية والعلمية والثقافية كل هذه الملفات لا تخرج عن كونها بالنهاية ملفات اجتماعية في حقيقتها، قد تقتصر على بعض الجمعيات الخيرية هنا أو هناك، أو على إمامة بعض المساجد وعمارتها، أي أن الكوادر التي يجب أن تحملها هذه الجماعة ليس فيها من التنوع وليس فيها من الخصوبة في القاعدة التي تؤهلها لخوض العملية السياسية، أنا لو أردت أن أستقصي الرأي السلفي مثلاً في أية قضية من القضايا لا أجد لهم صحيفة ما من الصحف، ينبغي عليّ كقارئ أو كسياسي أن أمر على مساجدهم أو شخصياتهم حتى أسمع رأيهم أو أحلّله أو أستقصيه، هذه إشكالية، وهناك إشكالية ثانية تتمثّل في التباينات الموجودة داخلهم.
-”مقاطعا” هذا محور آخر سنأتي إليه، لكن أرى أن أستوضح معك هنا أولاً ما قلت فيه إنهم جديدون على السياسة، في تقديري أنهم غير بعيدين عن العمل السياسي ابتداء من نشأتهم إلى بعض أعمالهم، ناهيك عن المواقف السياسية التي برزوا فيها ولو بصورة غير مباشرة؟!.
تجنب السياسة؛ سياسة في حد ذاته نعم، ولدى البعض منهم تجارب سياسية لكن كأفراد، وهم كان لهم موقف من العملية السياسية في البلد من سابق، وأعتقد أن هذا في حد ذاته موقف سياسي، ولست مع من يعيب عليهم انتقالهم إلى الميدان السياسي اليوم وقد كانوا في الأمس يحرّمون الديمقراطية، لكني أسأل هل هم يمتلكون الأدوات الكاملة لخوض هذه المرحلة القادمة والدخول في العملية السياسية، في تقديري أنهم لا يمتلكون ذلك الآن؛ ولذا رأينا الانشقاق والصراع عند تأسيس الحزب مباشرة، هذا تنوع ضاد لديهم وليس ظاهرة صحية، ويدل على عدم وجود رؤية واضحة لديهم، أنا أتمنّى عليهم أن يعطونا رؤية واضحة حول القضايا السياسية الحالية، ما هي الرؤى التي يمتلكونها لحل القضية الجنوبية، ما هي رؤيتهم لحل قضية صعدة؟ هم تنقصهم الخبرة السياسية الكافية التي لدى الآخرين.
- أستاذ محمد.. تتكلم عن السلفيين وكأنك تتكلم عن جماعة واحدة موحّدة، في تقديري السلفية اليوم سلفيات، وهي أيضاً ظاهرة انشطارية ما إن تتشكل جماعة حتى تنشق عن نفسها، بل يكاد البعض منهم أن يجعل من نفسه فرقة في حد ذاته وربما انشطرت شماله عن يمينه وادعت كل منهما أنها الفرقة الناجية؟!.
قد أختلف معك في هذا، الظاهرة السلفية هي منهج وليست جماعة، على العكس مثلاً من الإخوان المسلمين الذين يمثلون مدرسة أو جماعة مؤطرة تحمل في داخلها مجموعة من التباينات..
- لكن الإخوان المسلمين ليسوا ظاهرة انشطارية كما هو الشأن بالنسبة للإخوة السلفيين؟.
لا شك، كما قلت لك الإخوان المسلمون إطار تنظيمي يحمل داخله مجموعة من التباينات، والإطار التنظيمي هو السياج الذي يحميه، على العكس من السلفيين، السلفيون ليسوا إطاراً تنظيمياً واحداً، بل هم مدرسة واحدة، تختلف القراءة، فما يراه الإخوة السلفيون في مصر قد يختلف معهم السلفيون في الكويت.
-حسناً.. ولكن ما الذي يمنع أن يجمعهم إطار تنظيمي واحد؟.
الإشكالية داخلية لديهم، آليات التفكير الداخلية لديهم غير منضبطة ربما، التفكير من الداخل باحتواء الأفراد.. كيف تتعامل مع الواقع الموجود، والحقيقة أن دخولهم في معترك السياسة اليوم سابق لأوانه، وكان من المفترض ألا يدخلوا السياسة اليوم.
- ألا ترى أن انتقالهم إلى العمل السياسي سواء في اليمن أم غير اليمن قد جاء بضوء أخضر من جهات خارجية”إقليمية” بالدرجة الأولى كما يقول البعض؛ لاسيما أنهم إلى الأمس يحرّمون الحزبية والديمقراطية والعمل السياسي، الحبل السري الذي يربطهم بالخارج واضح وجلي؟!.
أقول لك: الواقع اليمني العامل الخارجي فيه مؤثر تأثيراً كبيراً وواضحاً لا للسلفيين فحسب، ولكن لجميع الأطراف على مر التاريخ، من العبيديين إلى الأيوبيين، إلى العثمانيين، إلى غيرهم، العامل الخارج عمل كثيراً في الساحة اليمنية.
- سألتك عن السلفيين تحديداً..؟.
أنا لا أنفي ولا أثبت أية علاقة لهم بالخارج، على الأقل القائمون اليوم على الشأن السياسي من هذه الجماعة ينفون ارتباطهم بالعالم الخارجي، وللعلم حتى من يرتبط بإيران ينفي ويقول أنا لا أرتبط بإيران، وبعضهم للأسف يرفع علم أو شعار إيران ويقول: لا علاقة لي بإيران!! أنا أحاكم هذه الجماعة وأتعامل معهم بناء على أطروحاتهم وعلى أدبياتهم وما يقولونه هم.
- ولكن ما الذي ترجّحه أنت في هذه المسألة؟.
علاقتهم بالخارج قد تكون علاقة مالية، قد تكون علاقة منهجية، قد تكون علاقة فكرية، أتوقع أن للسلفيين مثلاً علاقة مع بعضهم البعض في تنسيق الجهود مع بعضهم البعض، ولا أستبعد ذلك، والحقيقة أن التنسيق إذا كان من أجل الاستفادة من الأجود ومن الأرقى فهذا لا غبار عليه، الإشكالية تكمن في هل لديهم الوعاء الفكري والوعاء العقلي والوعاء الذي يمكن أن يستوردوا به تجارب الآخرين، حتى مالياً، هل لديهم إمكانية في هذا؟ أنا أرى أنهم لا يملكون ذلك اليوم.
- لنفترض الحضور الخارجي وهو مرجّح لا عند هذه الجماعة فحسب ولكن لدى كل الجماعات، لكن ألا ترى أن لهذا الحضور سلبيات على الصعيد المستقبلي؟.
أنا لا أحبّذ أن تكون الساحة اليمنية ساحة لوكلاء شريعة لقوى في الخارج، هذا يمثّل دولة وذاك يمثّل دولة أخرى، هذه الحالة قد يكون لها أثر سلبي على الوطن، وهي حالة مزعجة لنا طبعاً، يجب أن يكون القرار بيد أصحاب البيت من الداخل.
- أستاذ محمد لم نعط الحديث حقه فيما يتعلّق بالتشظّي الذي يكاد يميّز الجماعة السلفية في اليمن، بل ثمة تباين حتى في المنهجيات؟.
هم يحويهم ما يسمّى «المنهج السلفي» لكن استقاء أفكارهم من الخارج قد يكون سبب تفرقهم في الداخل، والواقع أن عدم وجود رموز قوية وكبيرة داخل الجماعة هو الذي شطّرها وفرّقها، هكذا لأن القيادات القوية تفرض هيبتها في الداخل غالباً، وهذا راجع إلى ضعف آلية التفكير لدى السلفيين، للأسف بعضهم لايزال يفكر بعقلية إدارة أو إمامة مسجد، وبعضهم يفكر بعقلية إدارة جمعية، وهذه إشكالية قائمة اليوم.
- الواقع أن ثمة تعددية ولائية إن صحّ التعبير لهذا القطب أو ذاك، ولهذا الاتجاه أو ذاك أيضاً على مستوى الداخل والخارج على الرغم من التقارب في الفكرة العامة؟.
ربما لا ألحظ أن هناك تعدد ولاءات نحن نحاكمهم إلى أدبياتهم، لا توجد أية دلائل تشير إلى أنهم يدينون بالولاء لجهة معينة، هم يقولون نحن ندين بكتاب الله وسنة رسول الله.
- الشيخ عبدالمجيد الريمي وتياره، ألا ترى تمايزه الملحوظ عن نظرائه السلفيين وطبعاً سأعتمد على ما أشرت أنت إلى أدبياته من خلال كتبه المنشورة، وخاصة كتابه الأخير”من هنا نبدأ”؟.
عبدالمجيد الريمي عندما تقرأ له تجده يمر بعدة مراحل، وهو درس في السعودية، وهو من ميزاته الثبات في الفكرة، قد أخالفه القراءة مثلاً، لكني أقدّر له ثباته وعدم تأثره بالضغوطات التي تأتي من هنا أو هناك، هو يحمل مبدأ معيناً وقراءة ما، وبالتالي فلا مشكلة لي معه، أنا أجل فيه ثبات المنهجية وثبات الرؤى، وهذه محسوبة له، غير أن الانعزالية تبقى مشكلة بعض الأفراد، عندما ينعزلون عن الواقع إلى حد ما، هم أو جماعتهم، والواقع أنه عندما لا تحسن إليهم جماعتهم فقد يحصل نوع من هذه الانعزالية، هو يُعتبر رمزاً من رموز المدرسة السلفية، لكن مدرستهم حين لا تقدّرهم ولا تمدّهم بالمعلومة، ترى البون شاسعاً بينه وبين جماعته.
- ولكن ما سبب هذا البون أو التهاجر وفقاً للمصطلح السلفي نفسه؟.
هذا راجع إلى الجماعة نفسها التي هي عاجزة عن أن تستوعب مثل هذه الكوادر، هو رمز من رموز الجماعة السلفية في اليمن ومن المؤسسين لها.
- من هذه الجماعة التي تتحدّث عنها؟.
عندنا في اليمن مجموعة من السلفيات، عبدالمجيد الريمي كان من ضمن من شكّلوا حزب الرشاد، عندما تم تشكيل الحزب كانت له قراءة خاصة في البداية، ولم يتفق معهم فخرج منهم.
- قد لا يكون خروجه مبرّراً من وجهة نظر حزب الرشاد، مثلاً كتابه الأخير”من هنا نبدأ” إلى الفكر الجهادي القاعدي أقرب منه إلى الفكر السياسي؛ لاسيما وقد تحوّلت الجماعة إلى حزب؟.
لا.. والدليل أنه كان من ضمن اللجنة التي شكّلت للتحاور مع «القاعدة»
- ولكنه انسحب مؤخراً، وكان له موقف خاص في هذه اللجنة؟.
ما بودي أن أقف في الحديث على أشخاص.
- أتفق معك لكن الشيخ عبدالمجيد الريمي مفصل مهم من مفاصل السلفية في اليمن، ولا نستطيع تجاوزه مهما كان؟.
هو يختلف في مواقفه عن الجماعات الإسلامية عامة وجماعته بشكل خاص، مثلاً موقفه من أحداث 2011م التي مرّت بها اليمن كان له موقف خاص به، مغاير لكل الأطروحات السلفية في اليمن، وكذا موقفه من مؤتمر الحوار الوطني مختلف، الإشكالية هي الجماعة التي لا تحسن التعامل مع أفرادها، ولا تستوعبهم أو تحتويهم.
- قلت قبل قليل إن الشيخ عبدالمجيد الريمي لم يتأثر بأي ضغوطات عليه من أجل تغيير مواقفه، هل أفهم من كلامك هذا أن جماعة ما قد تأثرت بضغط ما أيضاً فغيرت مواقفها؟.
ليس بالضرورة ذلك، وبعض هؤلاء ليسوا رموزاً ولا يُلتفت إليهم إذا ما ذكرناهم، بعض الناس قد يغير فكرته بضغط من هنا أو هناك. بعض الناس كان يحمل لوناً بالأمس فصار اليوم يحمل ألواناً متعددة.
- صمت الشيخ”الذكي” الشيخ محمد المهدي ألا يُلفت انتباهك صمته وسط كل هذا الضجيج؟.
في الواقع لا أخفيك أني لا أرصد تحركات المدرسة السلفية كاملة، الواقع أكبر من أن ننشغل بجزئيات صغيرة.
- السلفية أو الوهابية محضن للإرهاب والتفجير والتكفير كما يقول خصومكم.. ماذا ترى؟.
أولاً لا أتفق معك على الاسم هذا «الوهابية»... وأصبح كل من يختلف مع جماعة ما يرميها بأبشع التهم.
- طيب.. لا مشاحة في المصطلحات، نقول: التيار التقليدي، أو المدرسة التقليدية العلمية أو القصورية كما يسميها البعض، ونموذجها الشيخ محمد الإمام أو الشيخ يحيى الحجوري، وقراءتك لهذا التيار؟.
هناك من يقرأ الشرع بعيداً عن مقاصده، أو لا يراعي الواقع في تنزيل النص، أو التوأمة بين النص والواقع، بعض الجماعات تعيش في برج عاجي ومع الوقت قد تنقرض، ونسمع بين الحين والحين عن تصريحات أو قراءات غير واقعية لبعض رموز هذه المدرسة وآراء غريبة لا تتواءم مع الواقع المعاش، وهو ناتج عن عدم فهم الواقع كما هو أو فهم الشرع كما نزله الله وإن ادّعى البعض فهم ذلك، وهؤلاء للأسف تجدهم إما متخبطين في مواقفهم أو في حالة استخدام واستغلال لهم من قبل السلطات السياسية، ولذا تجد بعضهم حدثاء الأسنان ولا يفهم شيئاً من الواقع، فتستغلهم بعض الجهات الرسمية أو حتى الجهات المتطرفة لما يخدم مواقفها، هؤلاء قد يكونون صادقين في مشاعرهم، لكن أنا لا يكفيني صدق المشاعر إذا لم تعزّز بالعقل والحكمة والمنطق السليم، ولعلك تابعت أثناء أحداث 2011م سواء في اليمن أم في غير اليمن وكيف تعاملت السلطات السياسية مع بعضهم لعدم فهمهم للواقع وعدم فهم الشرع الفهم السليم.
- ألا ترى أنهم يعملون وفق سياسة”المخرج عاوز كده”؟!.
من المخرج الذي تقصده هنا؟!.
المخرج الخارجي بالدرجة الأولى وأيضاً الداخلي.
الذي أستطيع أن أقوله إن هؤلاء صادقون في مشاعرهم وفي تدينهم، والعامل الخارجي هو يتعامل مع كل الأطراف سواء كان من أبناء جلدتنا أم من غير أبناء جلدتنا، فهو يتحرك من أجل مصالحه هو، أمريكا اليوم مثلاً ليس لديها مشكلة أن تتعامل مع أي تيار معين أياً كان، إذ لا عداوة مطلقة ولا صداقة مطلقة في السياسة؛ المصلحة هي المحدد الرئيس في ذلك؛ إنما أنا أتكلم عن هؤلاء الذين أشرنا إليهم قبل قليل، أناس فيهم حب التديّن، لكن تنقصهم القراءة السليمة للواقع وللشرع.
- هذه الجماعة نزاعة نحو التكفير والتفسيق والتبديع، وإلى حد ما عاشقة الدماء والموت؟!.
دعني أضرب لك مثلاً.. لو أن ثمة شخصاً مفرطاً في سلوكه ودينه.. لا يصلي ولا يصوم ولا يلتزم بشعيرة دينية، هذا الشخص يرى في الآخر الملتزم المصلّي الصائم أنه متطرّف وأنه قد أحرم نفسه من اللذائذ، وإذا قال له: يا أخي اتق الله وصلِّ، يقول عنه: إنه شخص تكفيري!! هناك طرف يتلقّى معلومته بشكل مغلوط وغير صحيح، فيحصل سوء الفهم.. مثلاً الشيخ محمد الإمام خطب في إحدى خطبه أن من يدعو إلى الانفصال كمن يدعو إلى الكفر، فقام بعض الإخوة في فصائل الحراك وقالوا إن الشيخ محمد الإمام يكفّر شعب الجنوب، شخصياً حاولت الاتصال بالشيخ محمد الإمام فلم يرد، بقصد المجيء إلى صنعاء لمحاورته، فاتصلت بأحد المقربين منه، فقال إنه لا يقصد ذلك، وقال شيئا آخر، وأنا حقيقة لا ألوم الشيخ محمد الإمام فحسب؛ ولا ألوم الإخوة الحراكيين فحسب، ألوم الطرفين لجهلهم بالخطاب الشرعي، وأن أحد الأطراف قد يأخذ الكلام الأول ولا يأخذ الاعتذار الثاني، مثلما ألوم محمد الإمام أن طرحك لهذا الموضوع كان خاطئاً، في وقت لم يكن مناسباً وأيضاً بالأسلوب، أنت تخاطب شعباً، وحصل خطأ في أسلوب التعبير.
- وصلت فكرتك الآن.. لكن نعود إلى فكرة السؤال وجوهره.. التكفير.. التبديع.. التفسيق؟.
أقول لك: نحن بحاجة إلى خطاب تآلفي يجمع ولا يفرّق، بحاجة إلى تجميع الناس، عمر بن الخطاب أوقف العمل بحد السرقة عام الرمادة، المريض بحاجة إلى أن تقول له: صحّتك في تحسن، لا أن تقول له: ستموت غداً؛ المجتمع في حالة مرض حادة.. يجب مخاطبة الناس حسب واقعهم.
- سيد محمد أمر لافت حد العجب.. وهو التقاطع في بعض أدبيات السلفية الجنوبية والسلفية الشمالية في اليمن، لم يعد أمر الخلاف أو الاختلاف مقتصراً على المدارس الفكرية، بل تحوّل إلى خلاف أو اختلاف أساسه الجغرافيا في صورة لافتة.. بعض سلفيي الجنوب يفتي بجواز الانفصال وربما بوجوبه، في الوقت الذي تقول كل الفصائل السلفية الشمالية بعكس ذلك، كيف تقرأ هذه الحالة؟.
أنا مع تعدّد الاختلافات إذا كانت من واقع اجتهاد شرعي، بالنسبة للوحدة اليمنية أنا مع الوحدة اليمنية، وأنا أيضاً مع حفظ الحقوق وصون الأرواح والمقدّرات، وحقن الدماء، الواقع أن الوحدة ليست مقدسة، مثلما أن الانفصال ليس حلاً.
- عفواً.. سألتك عن التباين الجغرافي - الفكري في المدرسة السلفية؟!.
يا أخي يجب ألا نطوّع النصوص الشرعية لأهوائنا أو بناء على معطيات سياسية صرفة، وألا نكون متشنجين في آرائنا، لأن التشنج ورفع الصوت يسقط الحجة، أنا ضد التبعية للخارج، وأنا مع التبعية للشرع، الأمر الآخر هناك بعض حدثاء الأسنان الذين يتصدرون لبعض القضايا الشرعية الكبيرة التي لو عُرضت على أحمد ومالك والشافعي وأبي حنيفة مجتمعين لربما توقفوا عنها وقالوا: «الله أعلم» في الوقت الذي سرعان ما يتكلم فيها بعض حدثاء الأسنان؛ أخشى أن نفر من جهنم إلى لظى، شاهدت في تشييع جنازة الحوثي بصعدة أمراً عجباً، رموز من الحراك الجنوبي مشاركين الحوثيين التشييع، أقول لمن يفتون للحراك: أنتم كنتم سابقاً ضد الشيوعية، فلم التحوّل إلى التشيُّع؟! عجيب أتباع مدرسة ابن تيمية الذين حاربوا الشيوعية اليوم مع الشيعة!!.
- يبدو لي أنك متحفظ عن الخوض المباشر في الإجابة عن سؤالي..؟!.
لا.. أنا أجبتك.. وأقول: من كان لديه القدرة على استنباط الحكم الشرعي فليفت بما شاء. هذا اجتهاد في الأول والأخير، الأمر الآخر ولنكن واقعيين، بعض هؤلاء يعيشون ظروفاً استثنائية، اتصلت ببعض هؤلاء الذين تشير إليهم للمجيء إلى صنعاء لمحاورتهم، فأجاب أنه لا يستطيع المجيء، لأنه مهدد في نفسه، وبعضهم كان يلزم الصمت، وبعضهم قد يقول كلاماً فيه شيء من التورية، وبالتالي فأنا لا أضعهم كلهم في سلة واحدة حتى لا أظلم أحداً، هناك شباب في العشرينيات من العمر يفتون في مصير شعب بأكمله!.
- المسألة سياسية من أساسها؟.
إن كنت تراها سياسية فهؤلاء لا باع لهم في السياسة، وإن كانت شرعية فهؤلاء حدثاء أسنان ويجهلون العلم الشرعي.
- السلفية وولي الأمر”أفيون” سياسي خدّرت به الجماعة الشعوب.. ألا ترى أن الوهابية قد أوغلت في طاعة ولي الأمر وربما وصلت حد الشرك في ذلك؟!.
أحياناً تستهلكنا بعض القضايا بصورة كبيرة ورصيدها في الواقع قليل، من الناحية الشرعية مسألة ولي الأمر له وجود مثلً في الأحكام السلطانية وفي كثير من كتب التراث.
حسناً.. في الأحكام السلطانية للماوردي.. وهو من الفقهاء المتأخرين، وقد جاءت وفقاً لظروف سياسية ما إن أحسنا به الظن، لكننا لم نسمع من فقهاء القرن الأول الهجري ولا حتى الثاني وربما الثالث من بسط القول في مسألة ما يسمى ب“ولي الأمر” بل لو تتبعنا حال الكبار ومنهم صحابة لوجدناهم قد خرجوا على ولي الأمر، أبو ذر الغفاري خرج على عثمان، والحسين بن علي خرج على يزيد، وزيد خرج على هشام، وأحمد بن نصر الخزاعي خرج على الواثق، وغيرهم كثير، فكرة ولي الأمر لم تتجسد بصورة جلية إلا في عصور الانحطاط؟.
- السياسة الشرعية تقرأ وفق مسارها التاريخي، هل سنلغي شيئاً في السياسة الشرعية اسمه ولي الأمر وكيف يُختار؟.
يا عزيزي ليس هناك في القرآن الكريم شيء اسمه”ولي الأمر”؟.
وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم.
- حسناً.. قال القرآن الكريم: أولي الأمر ولم يقل ولي الأمر، وبينهما فرق كبير ليس هذا مجال تفصيله؟
لا إشكال ولا أريد أن أخوض معك في الجدل الشرعي ولا في تفاصيله، هذه مسألة موجودة في الأحكام الشرعية وفي الأحكام السلطانية، المشكلة ليس في وجودها بقدر تطبيقها على الواقع العملي، سمّه ما شئت، ولياً للأمر، أو رئيساً أو إماماً، لا إشكال هنا.. الإشكالية فيمن لا يحسنون نقل النص إلى الواقع.. القرآن الكريم لم يعطني نصاً يعلمني كيف أختار ولي الأمر، لكنه أعطاني موجهات عامة وبقية التفاصيل رهن بزمنها ووقائعها.. هذه الأمور منهم من لم يفهمها، ومنهم من ألحق بها ما ليس فيها، ومنهم من قرأها قراءة مجتزأة، ولو قرئت قراءة صحيحة لتكيفت مع الواقع، اليوم هناك من الفقهاء من يقرّ الديمقراطية، ومنهم من لا يقرّها، من يقر الانتخابات ومن لا يقرّها.
- على ذكر الديمقراطية.. لا يزال كثير من الفقهاء السلفيين إلى اليوم لا يقرّ الديمقراطية ولا يريد التعامل معها كآلية سياسية لحل مشكلة الحكم التي هي سبب مشاكلنا من قرون؟.
هذا رأيهم.. وكل يقرأها وفق منظوره الخاص، لكن بالأخير هل هي من مسائل الاجتهاد أم لا؟ للأسف البعض يجعل من مسائل الاجتهاد أمراً لا يقبل النقاش فيه والمخالف فيه خارج عن الشريعة، وهنا الخطأ، هذه مسائل قابلة للاجتهاد.
- هل ترى أن الديمقراطية هي نفسها الشورى؟.
لا.. نفسها.. لا.. مثلاً الفيدرالية.. هل هي متساوية، كل نموذج للفيدرالية في العالم مختلف عن نظيره، ولا يمكن أن تطبق في أكثر من بلد بنمط واحد، كل بلد له فيدراليته الخاصة به التي تتناسب معه، وأنا أتوقع أن الذي سيأتينا في الفترة القادمة في اليمن هي فيدرالية بنكهة يمنية حتى نصل إلى الدولة المدنية، وأعرف أن كلامي هذا قد يثير لغطاً كبيراً عند البعض بحكم تحسّسهم من مصطلح الدولة المدنية.
- لما ذا تتحسّسون أنتم السلفيون من شيء اسمه الدولة المدنية، الرسول صلى الله عليه وسلم عندما جاء من مكة إلى المدينة سمّاها المدينة ولم يسمّها الدولة الإسلامية أو المدينة الإسلامية بل كانت يثرب فأصبحت المدينة؟!.
لست الناطق الرسمي باسم السلفيين ولا أمثلهم. اسألهم هم.
- لا بأس.. رأيك الشخصي؟.
كما ذكرت لك أنه لا تهمني المصطلحات، وهي بحسب مضمونها، والمصطلحات تعرف وفقاً لمن أنشأها ولبلد المنشأ إن صح التعبير، وشخصياً لا مشكلة لدي مع المصطلح، قد تسمي نفسك صحابياً، لكنك لست صحابياً، أنا في مجتمع مسلم وأعرف ماذا يريد، المجتمع يقول إن هويته الإسلام، وفهمي للدولة المدنية هو ألا يكون رئيسها عسكرياً أو يكون أيضاً عالم دين، لأنه لابد أن تعطي القوس باريها.. البعض يتخوف من نموذج إيران اليوم، لأن الذي يحكم إيران هم مجموعة الملالي بالدرجة الأولى.
- وطالبان أيضاً؟.
طالبان حالة نتوء معين، وليست مرحلة أو حقيقة متكاملة الأركان، هي حالة شاذة في الدولة الإسلامية، الدولة المدنية أن يحكمني رجل مسلم بالعدل وبمقومات الدولة.
- ولم شرط المسلم، فرضاً فاز بالانتخابات يهودي.. ألا ترضى به؟!.
هناك بعض الفرضيات الجدلية التي نراها بعيدة، نحن في شعب كله مسلم، فمن أين يأتي اليهودي ليحكمنا؟ الشعب اليمني شعب مسلم، وحتى يحكم اليهودي سأجيبك في يومه..
- هل تستحسن أو تستسيغ مثلاً انضمام يهودي من يهود اليمن إلى أي حزب سلفي؟!.
السؤال بصياغة أخرى: هل يقبل السلفيون أن يكون بينهم يهودي؟! وأنا أتوقع أنهم قد لا يقبلون بأخيهم المسلم من الجماعة الأخرى أو التيار الآخر حتى الآن!! والمشكلة عندما يكون رئيس الحزب في هذا الإطار أو أمينه العام وقياداته العليا مثلاً هم الشيوخ وهم أئمة المساجد، وهم السياسيون في نفس الوقت، والمشكلة الأكثر تعقيداً أن الآخر أيضاً ليس راضياً أن يلتحق بهم اليوم، ولا هم أيضاً قابلون بالآخر، أما أن يدخل في أوساطه يهودي فهذا من الغريب العجيب الذي قد لا يخطر على بال أحدهم.
- هذا حزب سياسي برامجي، يجمعني وإياك برنامج مشترك، وأهداف محددة ما دمنا يمنيين؟.
هناك غبش في هويات بعض الأحزاب.
السلفيون التقليديون وكل سلفيينا تقليديون تقريباً يقيمون الدنيا ولا يقعدونها إذا ما رأوا مخموراً في الشارع أو امرأة كشفت شعر رأسها، أو راقصة في ملهى، لكنهم في القضايا الوطنية والمصيرية لا يلتفتون إليها.. ألا ترى أن التحالف الكاثوليكي مع السلطة قد أعماهم عن قول الحق؟!.
أولاً أنا أشكرهم على الحالة الأولى وهذا واجبهم، لكني في المقابل أعيب عليهم موقفهم في الثانية، وبالنسبة للأولى أنا أتكلم عن هوية بلد مثلاً، المجتمع لا يقبل بمنظر امرأة تمشي بنفس المنظر الذي عليه الحال في تركيا مثلاً، الشارع كله أصلاً لا يقبل بمنظر كهذا، إذن الشارع هو من ينكر وليس السلفيون فحسب.
- نظرة الشارع وتعامله غير نظرة الفقيه السلفي، نظرة الفقيه قائمة على أساس ديني، وهي عنده قضية كبرى؟.
الوضع مخل، والشارع الذي أنكرتموه فيهم السلفي وفيهم غير السلفي، إذن المشكلة هوية بلد، وثقافة بلد، أما السكوت عن بعض القضايا الكبرى فأنا أتفق معك إلى حد معين، وأعزوه إلى بعض الفقه السياسي عندهم، أعزوه كذلك إلى ضعف الماكينة الإعلامية التي قد لا توجد عندهم.
- أظن أن لهم حضوراً إعلامياً قوياً..؟.
لا.. أنا أعرف منك بذلك، وهم لا يدركون شيئاً من ذلك، رصيدهم الإعلامي ضعيف في هذا الجانب، كم قناة يملكون؟ كم محلّلاً سياسياً لهم، كم صحافياً يتبعهم، كم صحيفة لهم، كم موقع إخباري؟، هذا يكاد يكون لا شيء، قد يكون لهم مواقف في بعض القضايا الوطنية لكنها لا تسوّق ولا تخرج لضعف الجانب الإعلامي عندهم، ربما سجلوا حضوراً جيداً في أحداث 2011م، لكنها خفتت لاحقاً.. أيضاً ضعف الاستشعار للأحداث السياسية في البلد جعل بعض مواقفهم ضعيفة.. إلخ.
- سيد محمد.. لماذا تضعف قرون الاستشعار عندهم في القضايا الوطنية وتبرز أو تقوى في القضايا الهامشية؟ وأدلّل: في العام 2009 أعلنت إحدى الفنانات اللبنانيات زيارتها إلى عدن وإقامة حفلة ساهرة والتبرع بريع الحفلة لصالح مرضى السرطان، فأقام السلفيون من كل الأحزاب والاتجاهات الدنيا وخطبوا الخطب واستثاروا العامة، بل ذهبوا إلى الرئيس ومنعوا زيارة الفنانة من أساسها، في الوقت الذي كانت قضية الغاز المسال أيضاً حديث الحقوقيين والصحافيين؛ وهي من القضايا الاستراتيجية ولم يحرّكوا فيها ساكناً.. ما هذه المفارقة؟!.
هذه الصفقة سكت عنها رموز الأحزاب السياسية نفسها وكثير من البرلمانيين والسياسيين ولم يتكلم عنها إلا القليل من المهتمين، الذي تكلّم عن هذه القضية أفراد أنا وأنت نعرفهم، هناك قوى سياسية كبيرة سكتت عن ذلك، وقوى أخرى مرّرت ذلك، فلماذا تترك الأثوار الكبيرة وتأتي إلى الكباش منتقداً إياها؟!.
- هؤلاء قدوة، وهم من يجب أن ترتفع أصواتهم في مثل هذه القضايا، ومن جهة ثانية فالناس ينظرون إليهم كجماعة أخلاقية ودينية؟!.
السلفيون إلى اليوم في طور تكوين أدواتهم السياسية، ولايزالون بعيدين عنها، وسأضيف إليك قضايا أخرى.. قضية حنيش.. قضية المغتربين قديماً وحديثاً.. الحروب الستة التي مرّت بها صعدة؛ لكن هل تتوقع أن الشارع كان ينتظر ما كان سيقوله السلفيون؟! هذ أمر فيه نظر.
- باختصار أين هم من قضايا الوطن الكبرى؟!.
بالنهاية هذا حجمهم.. وهذا ثقلهم وحضورهم في الواقع.
- حجمهم كبير جداً وقد كشفت ثورات الربيع العربي انبعاثهم كما لو أنه نفخ في صور السلفيين وبصورة غير متوقعة خاصة في مصر؟!.
أنا أتكلم عن السلفيين الآن في اليمن، في الخارج هذا شيء آخر.
ماذا عن بعض القوى العالمية التي تدعم بعض التيارات السلفية في المنطقة؟.
لا علم لي بذلك، ولا أدري ما ذا تقصد بالدعم هنا.
- الدعم المادي والمعنوي؟.
لا أحيط بذلك علماً.
- ألا تلحظ أن ثمة هوة بين الشعب من جهة وبين السلفيين من جهة أخرى، في تقديري ثمة تمايز ملحوظ حتى في الملبس بين العامة من الناس وبين الجماعات السلفية خاصة رموزها؟.
وما ذا ترى مع بقية الجماعات الأخرى على الساحة؟ في الفترة الأخيرة بدأت السلفية تفتح أبوابها للناس....
- تقييمك لعلاقة السلطة السابقة بالسلفيين خلال الفترة الماضية؟.
كانت مرحلة ضبابية إلى حد كبير، النظام السابق تعامل معهم وفقاً لفهمه للواقع، وعلى أساس إيجاد قوى توازن بين مختلف الجماعات، مثلاً أوجد مدرسة سلفية في صعدة وحاول الاستفادة منها لمناوأة هذا الطرف أو ذاك، وحاول أيضا مد جسور من التعامل معهم، لكنهم في الواقع لم يكونوا على قدر من الحصافة العالية والكبيرة في التعامل مع الواقع ومع النظام.
- أفهم من كلامك أن النظام استفاد منهم أكثر مما استفادوا هم منه؟.
للأسف استثمر بعض الألوان أو التيارات منهم، وقد رأينا ذلك واضحاً في أحداث 2011م، وهو استثمار يدل على ضعف فهم هذه الجماعة للواقع وللسياسة.
- ألا ترى أنه كان داعماً لبعض الأربطة والمدارس السلفية؟.
لا أعتقد.. النظام السابق تعامل معهم على أساس التوازنات المعهودة عنه.
- ومن ضمن هذه التوازنات دعم هذه الجماعة لأنه دعم كل الجماعات وتعامل معها كما هو معروف؟.
لا أتوقع الدعم المادي، لكنه لم يكن يمنع أحداً من ممارسة أي نشاط يخصه، وقد أوجد فضاء مفتوحاً للكل.
- السلفية والإرهاب وجهان لعملة واحدة كما يرى البعض.. الذين فجّروا أنفسهم وقاتلوا مع القاعدة كانوا من خريجي المدرسة السلفية.. رؤيتك؟.
هذا كلام مرسل وغير مدروس.
- بل مدروس، وهناك رصد لكل العمليات العسكرية التي فجّروا فيها أنفسهم وفجّروا فيها المنشآت العامة؟.
لا أظن أن ثمة رصداً دقيقاً معلوماتياً يقول إن الذين فجّروا أنفسهم هم من خريجي المدارس السلفية.. ثانياً هذه الإحصاءات تعتمد على تقارير استخباراتية غير دقيقة.
- التقارير الاستخباراتية دقيقة جداً..؟.
بالعكس أنا عندي حساسية من التقارير الاستخباراتية، وعلى الأحسن أعتبرها من الاسرائيليات، لا أصدّقها ولا أكذبها، هناك شباب حدثاء الأسنان، لديهم عاطفة دينية، تم استغلالهم واستثمارهم فقط في العملية، هذا كل ما في الأمر.
- من جيّش هذه العاطفة لديهم؛ أليست المدارس والأربطة السلفية، من عمل على تديينهم بطريقة خاطئة، أليسوا السلفيين؟!.
هؤلاء شباب متدينون قد لا يكونون سلفيين، ثم إن هؤلاء علاقة لهم بالسلفية.
- على الأقل هؤلاء من السلفية الجهادية إذا ما نظرنا إلى المدارس السلفية من جميع تصنيفاتها؟.
لا.. أنت الآن تتكلم عن شيء آخر، أنت الآن جمعت بين جماعتين، السلفية والجهادية، وكل منهما في اتجاه، قد تكون مرجعية الاستدلال لدى الجميع واحدة، لكن من ناحية تنظيمية هناك فرق، وليس كل من يأتي للعملية الجهادية يمر من القنوات السلفية، أو يتخرج من عباءتها ليس بالضرورة ذلك، ثانياً هناك جماعات أخرى موجودة على الساحة، ليس السلفيون وحدهم الموجودين على الساحة..
- كأني بك تشير من طرف خفي وعلى استحياء إلى الإخوان المسلمين؟.
لا.. أنت من ذكرتهم، الواقع يتضمّن أو فيه جهات متعددة، ولا تنس أن كثيراً من الشباب الذين فجّروا أنفسهم عاطلون عن العمل، تصلني على الجوال رسائل من المغتربين تقول إنهم إذا تم إخراجهم فإنهم سيعودون إلى القتال مع إحدى الجماعات المسلحة؛ وأنت تعرفها.. البطالة عامل كبير ومساعد من عوامل القتل، هذه التي نتكلم عنها.. وبعضهم يمر بظروف نفسية مزعجة، بعض الشباب عنده عاطفة دينية أعطيت فلاشات ومقاطع فيديو عن القتل والسحل الذي يطال إخوانه المسلمين فتأثر بهذا المقطع وأعلن الجهاد من ذات نفسه.. هذا تم استثماره من قبل البعض، وفيهم من أوغر صدره جرّاء الصلف الأمريكي على الإسلام والمسلمين.
- حسناً.. وفيهم وفيهم وفيهم.. وفيهم سلفيون أيضاً؟.
يا عزيزي الطيران الأمريكي قد يقتل واحداً من هؤلاء ولكن لتخلق مائة متعاطف جديد معه, أي أن عند البعض من هؤلاء عاطفة تم استغلالها استغلالاً سيئاً، أما أن نقول إن السلفيين هم من تبنّى هذه العملية فهذا ليس بصحيح.
- قبل أشهر تم الإعلان عن تأسيس حزب جديد لشخص من القاعدة.. ما تعليقك؟.
هم لا يؤمنون بالعمل السياسي السلمي، وإذا كان شخص ما أعلن عن ذلك فحالة لا تنطبق على الجماعة، هي أشبه بصوت إعلامي وانتهى، مع أني أتمنّى أن يعلنوا عن حزب سياسي.. أتمنى أن يشاركوا في العملية بجد، ويتركوا العمل المسلح، مثل بعض الجماعات الأخرى التي تشارك في العملية السياسية بيد وبيد أخرى تحمل السلاح.
- لعلك تشير ضمناً هنا إلى الحوثيين، هم يقولون إنكم أشبه بالجسم الغريب في جسد المجتمع اليمني كثقافة وافدة من الجزيرة العربية؛ أما هم فهم أبناء البلد وهم الأصل.. أنتم غلاة وتكفيريون؟!.
لا أريد أن أخوض في أي جدل، السلفيون مدرسة من سابق ومن قديم الزمن وعاشوا حتى الآن وحتى فترة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله، وأنا أتمنّى عليهم أن يتركوا السلاح ويتمدنوا، ويؤمنون بالدولة.
- الشعب اليمني كله مسلّح.. كيف يتركون سلاحهم دون غيرهم؟
فرق بين سلاح وسلاح.. جماعة تستخدم المدرعات والرشاشات والمدافع، أي سلاح تتحدث عنه؟ هذا سلاح دولة لا سلاح شخصي.. لعلك اطلعت على مراسيم تشييع حسين الحوثي بلباس عسكري خاص، باستعراض دولة، من يمتلك هذا في البلد؟ الأمر مختلف هنا.
- هل ترى أنهم خطر على الدولة؟.
أنا أرى أن أية جماعة مسلحة بهذا الحجم خطر على الدولة، سواء كانت هي أم غيرها.
- هل ترى أن ثمة دولة ما خارجية تدعمهم؟.
طيب من أين لهم هذا الذي يمتلكونه؟ أظن الأمر لم يعد خافياً.
- ماذا عن إذاعة القرآن الكريم التي تمتلكها، وهل لها علاقة بطرف ما؟.
في الحقيقة خلال العام 2011م مر البلد بأحداث جسيمة، وكان الناس في حالة من القلق والاضطراب النفسي جراء الأزمات التي يمرون بها، فقلت تخفيفاً عن آلام الناس نفتح إذاعة للقرآن الكريم لأنه ليس كمثل القرآن الكريم يهدئ النفوس ويريح البال، وكانت إذاعة خاصة بالقرآن الكريم فقط ولا يتخللها أي أحاديث أو مواعظ، فقصرناها على القرآن الكريم الشيء الذي يتفق عليه الكل، وهي لا تنتمي إلى أي حزب ولا تحمل أي توجه سياسي أبداً.
- على الصعيد العملي ما المخرجات التي يمكن أن يستفيد منها الناس بصورة مباشرة؟.
يكفي العمل بقول الله تع إلى ”ألا بذكر الله تطمئن القلوب” والحقيقة أنها قد أخذت صدى كبيراً في كل مكان، لدى أصحاب المحلات، ولدى ربات البيوت، وأصحاب الباصات، وكنت أجد لها صدى طيباً في الشارع.
- ما القيمة المضافة التي تتوقعها حين يستمع البعض لمجرد السماع فقط؟.
مجرد استماع القرآن فائدة عظيمة، ألا ترى الإنسان حين يستمع لأغنية ألا تؤثر فيه، فما بالك بالقرآن الكريم؟ لا شك أنه أفضل وأجدى وأعظم بركة عند الله.. القرآن الكريم يهذّب النفوس، الله تع إلى يقول:”لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله” فما بالك بقلب إنسان؟ القرآن العظيم شفاء لما في النفوس.