اختتمت أمس الخميس بصنعاء فعاليات اللقاء الموسع حول استقلال القضاء بين الحكم الدستوري والفراغ التشريعي في اليمن الذي نظمه مركز إسناد لتعزيز استقلال القضاء وسيادة القانون على مدى يومي الأربعاء والخميس الماضيين برعاية دولة رئيس الوزراء الأستاذ محمد سالم باسندوة وبمشاركة عدد من القضاة وأعضاء النيابات وأكاديميين ومحاميين.
وخرج المشاركون بجملة من التوصيات أهمها دعوة مجلس القضاء الأعلى إلى استئناف عقد اجتماعاته خلال فترة الإجازة القضائية لإيجاد الحلول القانونية والواقعية لمعالجة آثار الحكم الدستوري الذي قضى بعدم دستورية (34) مادة من قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 1991م بحيث يتسنى للأجهزة القضائية أداء مهامها فور الانتهاء من الإجازة.
وناشد المشاركون مجلس القضاء الأعلى سرعة صياغة تعديل للمواد التي شملها الحكم الدستوري ومتابعة إجراءات إصدار قانون السلطة القضائية (المعدل) من قبل السلطة التشريعية ممثلة في مجلس النواب.
وطالب المشاركون مجلس القضاء الأعلى والسلطة التنفيذية والتشريعية تحمل مسئولياتهم الدستورية والقانونية كلاً فيما يخصه بشأن سرعة إصدار قانون السلطة القضائية (المعدل) قبيل انتهاء الإجازة القضائية باعتباره السبيل الوحيد لسد الفراغ التشريعي القائم.
كما أكد المشاركون على ضرورة إيجاد نصوص دستورية في الدستور اليمني القادم تضمن استقلالية وحيادية ونزاهة القضاء قضائياً ومالياً وإدارياً وسرعة إصدار قرار التسويات والترقيات لأعضاء السلطة القضائية التي سبق لمجلس القضاء الأعلى الموافقة عليها.
واعتبر المشاركون في بيانهم الختامي أن الاستقلال المالي والإداري واستقلال القضاة في قضائهم هو أساس استقلال القضاء ونزاهته ، معربين في الوقت ذاته عن شكرهم وتقديرهم لمركز إسناد على تنظيمه اللقاء الموسع حول إستقلال السلطة القضائية .. بين الحكم الدستوري والفراغ التشريعي.
وفي جلسة اليوم التي ترأسها القاضي الدكتور/عبد الجليل نعمان، تم استعراض ومناقشة ورقة عمله المقدمة بعنوان (قراءة عامة في قانون السلطة القضائية الحالي وتعديله على ضوء الحكم الدستوري الصادر بشأنه).
وقال رئيس الجلسة في حديثه إن استقلال السلطة القضائية كان وهماً وهو ما أكده حكم المحكمة الدستورية الذي أوضح ايضاً بأن غمة الشعوب العربية في حكامها المستبدين الذين تدخلوا في السلطة القضائية - حد تعبيره .
وقال القاضي الدكتور/ عبد الملك عبد الله الجندري عضو المحكمة العليا، إن وزير العدل كان قد تقدم بمشروع تعديل قانون السلطة القضائية قبل صدور الحكم الدستوري وقبل حتى رفع الدعوى أمام المحكمة، لافتاً إلى أنه من حسن الحظ صدور الحكم قبل التعديل المنشور.
وذكر الجنداري في أن قانون السلطة القضائية جاء وفقاً للدستور السابق ولكنه كان مختلف قانونيا، منوهاً إلى أن تعديلات 1994م لم تلبي طموحات القضاء حيث مازالت تبعية القضاء ماليا غير محسومة رغم وجود نص دستوري.
واعتبر القاضي الجنداري أن الفترة الانتقالية ليست كافية لإحداث تغييرات جذرية فيما يتعلق باستقلال القضاء اليمني منوهاً إلى أنهم دعموا إحداث تعديلات في القانون لكنهم تفاجئوا بعد ذلك بالحكم الدستوري.
وأشار إلى أن الإشكالية لم تحل حيث تم تبديل أشخاص من وزير العدل إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى مع العلم بإن رئيس مجلس القضاء سيظل خمسة عشر عاماً بدل من وزير العدل الذي مدته محسومة .
وقال "لقد فوجئت بإخراج وزير العدل من التفتيش القضائي وكنت أتمنى أن يكون مجلس القضاء الأعلى وليس رئيس الجمهورية هو المنوط بالصلاحيات المعدلة".
مضيفاً:"إن النظام القضائي في اليمن متغير ومتعدد الأصناف ولا يوجد له شبيه في أنظمة القضاء في العالم".
وأشار القاضي الجنداري إلى الفراغ التشريعي الذي تركه صدور الحكم الدستوري مشدداً على ضرورة تلافيه بإصدار قانون جديد يستوعب ما جاء في الحكم ، مؤكداً بأن من يتحرك الآن لتلافي الفراغ التشريعي هو وزير العدل ووزير الشئون القانونية في حين كان يفترض بمجلس القضاء الأعلى القيام بذلك - حد قوله.