ورغم تمديد المهلة المسموح بها لتصحيح أوضاع العمالة الوافدة إلى نهاية العام الهجري الحالي، فإن البعض يعتبرها غير كافية مقارنة بأعداد العمالة الوافدة إلى المملكة والتي تقدر بثمانية ملايين عامل.
ويعد المغتربون اليمنيون الأكثر تضرراً من التعديل الجديد لكونهم يشكلون النسبة الأكبر من العمالة الوافدة في المملكة، إذ يقدر عددهم بنحو مليوني عامل، كما أن معظمهم لا يعملون لدى كفلائهم، الأمر الذي أضر بهم كثيراً بل وأدى إلى ترحيل عشرات الآلاف منهم أثناء فترة ملاحقة العمال المخالفين قبل منح مهلة تصحيح الأوضاع.
وقال المغترب اليمني عبد الواحد محمد القاضي إن اليمنيين تضرروا كثيراً جراء تعديل قانون العمالة "الذي لم نكن نعتقد أنه سيتغير بهذه الصورة المفاجئة والمقيدة للعمالة بشكل عام، ولليمنيين بشكل خاص".
أضرار كبيرة
وأضاف القاضي في حديثه للجزيرة نت أن الأضرار جراء القانون كبيرة، فقد كانت الشركات الكبرى في المملكة تمنح أصحابها التأشيرات ليبيعوها لليمنيين الذين يعملون في أعمال أخرى، فجاء القرار وأثر كثيراً عليهم، محملا الشركات التي تبيع التأشيرات مسؤولية ذلك الضرر.
واعتبر فترة التمديد غير كافية، فلو أن العمالة المخالفة تصل إلى ثلاثة ملايين فإن فترة ستة أشهر لن تكون كافية لتصحيح أوضاعها.
وحمل القاضي الحكومة اليمنية ووزارة العمل السعودية المسؤولية عمن تم ترحيلهم قبل تصحيح أوضاعهم لأن القرار كان مفاجئا، والحكومة اليمنية لم تقم بواجبها وتخاطب الحكومة السعودية بهذا الخصوص، ولم تقدم أي شيء لصالح المغترب في هذا الموضوع، الأمر الذي انعكس على دور السفارة اليمنية بالمملكة.
بدوره قال اليمني عبد الله هاشم الخليدي إنه اضطر للانتقال للعمل في مدينة أخرى غير التي كان يعمل فيها مسبقاً، كما قدر تكاليف نقل كفالته بـ12 ألف ريال سعودي (3200 دولار) وزعت على كفيليه السابق واللاحق، ومصاريف أخرى متعلقة بتغيير المهنة ورسوم نقل الخدمات.
وأشار الخليدي للجزيرة نت إلى أنه ظل أكثر من ثلاثة أشهر بدون عمل جراء سعيه لنقل الكفالة وترتيب أمور العمل الجديد.
قانون جيد
من جانبه يرى رئيس الجالية اليمنية في جدة الشيخ مهدي النهاري أن القانون الجديد قانون جيد ولم يأتِ على اليمنيين فقط، بل هو لكل العمالة الوافدة، وأن المملكة بهذا القانون تريد تصحيح الأوضاع، حيث كان كل كفيل يشتري تأشيرات ويرمي بالمكفول إلى الشارع، أما الآن فيمكن للمغترب أن يصحح وضعه وينقل على الشخص الذي يعمل عنده.
وقال للجزيرة نت إن هناك الكثير من التأشيرات بيعت لليمنيين بمبالغ كبيرة، يصل بعدها المغترب ولا يجد كفيله أو عملاً يشتغل به، والآن الكفيل ملزم بأن يشغله أو أن ينقل كفالته إلى شخص آخر.
واعتبر النهاري أن اليمنيين بالمملكة لا يقدرون على عمل أي شيء إزاء القانون الجديد، وأن اللوم يجب أن يوجه إلى السلطة اليمنية التي يجب عليها تصحيح قوانين الاستثمار وترسيخ الأمن والاستقرار، وتوفير الجو الملائم للمستثمرين ليستثمروا داخل الوطن.
وبشأن من تم ترحيلهم من اليمنيين قبل إعطاء مهلة تصحيح الأوضاع، قال النهاري إنه كان الأولى أن يُنبّهوا قبل التفتيش والترحيل، وأن يمنحوا مدة التمديد -وهي كافية لتصحيح الأوضاع- بدلاً من ترحيلهم وإلزامهم على التوقيع على عدم العودة.
ودعا الحكومة اليمنية إلى العمل على إصلاح أوضاع البلاد والاهتمام بشؤون المغتربين، مقدماً في ذات الوقت شكره لوزارة المغتربين اليمنية على تواصلها مع الجالية بالمملكة، وإسهامها في حل مشكلات المغتربين.
ويرى رئيس مركز نشوان الحميري للدراسات عادل الأحمدي أن المغترب اليمني تضرر كثيراً من قانون العمالة الجديد بالسعودية، إلا أن فترة التمديد الثانية التي أعلنها الملك السعودي قللت كثيرا من حجم الضرر.
محاربة التهريب
وأشار الأحمدي في تصريح للجزيرة نت إلى أن حديثه هنا فيما يخص العمالة القانونية، أما العمالة غير القانونية فإنها تستحق أي إجراءات بحقها، وأن من الواجب على اليمن محاربة ثقافة التهريب، مشيرا إلى أن الحكومة اليمنية لم تتفاعل مع مشكلة عودة المغتربين بطريقة مسؤولة، فلا هي سعت دبلوماسيا لدرء الضرر، ولا هي شرَعت ميدانيا في اتخاذ إجراءات لازمة لاستقبال العائدين من المملكة.
وأكد أن من حق السعودية أن تتخذ أي إجراءات تخص تنظيم العمالة الوافدة وإنتاج حلول لتخفيض نسبة البطالة المحلية، إلا أن عليها أن لا تكون إجراءاتها مباغتة حتى لا تتضرر شريحة من العمالة القانونية بسبب ضيق الوقت.
ودعا الأحمدي اليمن والسعودية إلى تشكيل غرفة مشتركة لاستيعاب ومراقبة العائدين، يُرفَق بها صندوق للإقراض، بغرض تخفيف المتاعب الاقتصادية والأمنية المتوقعة جراء مثل هذه العودة.