أعلنت السلطات القائمة في مصر الاثنين تمسكها بما يسمى خارطة الطريق للمستقبل، ونفت أنباء عن تسويات محتملة مع جماعة الإخوان المسلمين التي رفضت من جهتها أي مساومة على استعادة الشرعية الدستورية، وذلك في وقت تشهد فيه القاهرة حراكا دبلوماسيا كثيفا غربيا وعربيا لإنهاء الأزمة التي اندلعت عقب عزل الرئيس محمد مرسي مطلع الشهر الماضي.
ونفى الناطق باسم الرئاسة المصرية أحمد المسلماني لرويترز وجود نية لإطلاق مسؤولين محبوسين من الإخوان، ومنح الجماعة حقائب وزارية. وقال أيضا إنه لن يكون متاحا لأي مسؤول أجنبي لقاء الرئيس المعزول في سجنه.
كما نفى أن تكون هناك نية للاستفتاء على "خارطة الطريق" التي أعلنها الجيش في الثالث من يوليو/تموز الماضي، وتنص على إجراء انتخابات تشريعية قبل نهاية العام الحالي.
وكانت وكالة رويترز نقلت في وقت سابق الاثنين عن مصدر عسكري رفيع المستوى قوله إن الجيش والحكومة في مصر سيعرضان الإفراج عن بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين من السجون، وفك تجميد أصول الجماعة، ومنحها ثلاثة مناصب وزارية، في محاولة لإنهاء الأزمة.
وقال المصدر نفسه إن المبادرة ستطرح حتى تنتهي الأزمة ويقتنع الإخوان بإنهاء اعتصاماتهم في ميداني رابعة العدوية بالقاهرة والنهضة بالجيزة وغيرهما من الميادين، مضيفا أنه لا يوجد اتفاق بين الجيش والحكومة بشأن مصير مرسي.
من جهته، نفى أحمد عارف المتحدث باسم الإخوان المسلمين في تصريح نشر في موقع حزب الحرية والعدالة على الإنترنت أن تكون هناك مبادرات من قبل الجماعة مع من وصفهم بقادة الانقلاب حول الإفراج عن قياديين من الإخوان وإنهاء الاعتصامات.
وأضاف أن الإخوان جزء من التحالف الوطني لدعم الشرعية، وأن الكل متمسك بعودة الشرعية وإنهاء ما سماه الانقلاب.
وقال مدير مكتب الجزيرة في القاهرة إن كل الحراك الدبلوماسي أو الوساطات الجارية تتم تحت قصف سياسي، وأضاف أن كل طرف يعمل وفق سياسة "التصعيد إلى حافة الهاوية" لتحقيق أكبر قدر من المكاسب قبل التوصل إلى تسوية محتملة.
حراك دبلوماسي:
وتأتي تصريحات السلطة القائمة وجماعة الإخوان المسلمين والتي يتمسك فيها كل طرف بموقفه في ظل لقاءات مكثفة يجريها وسطاء غربيون وعرب لتسوية الأزمة. ومن المقرر أن يلتقي وليام بيرنز مساء الاثنين رئيس حزب الحرية والعدلة -المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين- محمد سعد الكتاتني في سجنه بالقاهرة.
وقالت الخارجية الأميركية أمس (الاثنين) إنه لا توجد خطة حتى اللحظة لعقد لقاء بين بيرنز ومرسي المحتجز في مكان غير معروف، بينما قال المتحدث باسم الرئاسة إنه لا نية لديها للسماح لأي مسؤول أجنبي بلقاء مرسي.
وكان وفد يضم بيرنز وممثل الاتحاد الأوروبي برناردينو ليون ووزير خارجية قطر خالد بن محمد العطية ونظيره الإماراتي عبد الله بن زايد التقى مساء الأحد خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان المسلمين في سجن العقرب بمجمع سجون طرة، والتقى قبل ذلك محمد البرادعي نائب الرئيس المصري المؤقت.
وقالت مصادر للجزيرة إن الشاطر أبلغ الوفد -الذي مدد زيارته للقاهرة- أن محمد مرسي هو الرئيس الشرعي المنتخب للبلاد، وهو ما أكده "التحالف الوطني لدعم الشرعية" الذي قال إن من يريد أن يتحدث مع المصريين عليه أن يتوجه إلى مرسي دون سواه.
بدوره قال المتحدث باسم الإخوان المسلمين جهاد الحداد إن الجماعة تعرضت لضغوط من المبعوثين الدوليين للقبول بعزل مرسي، ومحاولة "التعافي والخروج" بأقل قدر من الخسائر.
وكان وفد لجنة حكماء أفريقيا برئاسة ألفا عمر كوناري رئيس مالي السابق قد غادر القاهرة صباح الاثنين متوجها إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بعد زيارة لمصر استمرت أكثر من أسبوع التقى خلالها عددا كبيرا من المسؤولين والشخصيات المصرية. بمن فيهم الرئيس المعزول محمد مرسي.
وصرحت مصادر دبلوماسية كانت في وداع الوفد بأنه سيقدم خلال الساعات القادمة تقريرا لقادة الاتحاد الأفريقي حول نتائج زيارته ولقاءاته في مصر وحقيقة ما حدث في 30 يونيو/حزيران.
يذكر أن الاتحاد الأفريقي علق أنشطة مصر في أعقاب أحداث 30 يونيو/حزيران، واصفا ما حدث بأنه انقلاب عسكري.
وفد أميركي:
وفي سياق الحراك الدبلوماسي أيضا، وصل العضوان في مجلس الشيوخ الأميركي جون ماكين وليندسي غراهام إلى القاهرة مساء الاثنين في زيارة تستغرق يومين لإجراء محادثات مع الحكومة وجماعات المعارضة، وذلك بتوجيه من الرئيس باراك أوباما.
وصرح السيناتور غراهام قبيل سفره للقاهرة بأن الاضطرابات الحالية إذا ما استمرت فإن مصر "ستصبح دولة فاشلة، ولهذا السبب نحن متوجهون إلى هناك".
وقال مدير مكتب الجزيرة في القاهرة عبد الفتاح فايد إن من المقرر أن يعقد النائبان مؤتمرا صحفيا عصر الثلاثاء.
من جهة أخرى، أوردت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية في عددها اليوم الاثنين أن الدبلوماسي المخضرم في شؤون الشرق الأوسط روبرت فورد هو خيار وزير الخارجية جون كيري لتولي منصب سفير الولايات المتحدة لدى مصر.