هي أفضل هدية يقدمها اليمني لضيوفه في الأعياد، وأحب شيء يغري الأطفال لزيارة أقاربهم، لا يكاد بيت يخلو منها، ولم تزل سيدة حلويات العيد، إنها "جعالة العيد"، التي لأجلها ينفق اليمنيون أموالا كبيرة سنوياً، وسط توقعات بانخفاض الإنفاق هذا العام لأسباب اقتصادية.
و"جعالة العيد" هي عبارة عن أنواع وأصناف مختلفة من المكسرات تشمل الزبيب (العنب المجفف) واللوز ولب القرع والفستق، إضافة إلى أنواع مختلفة من الشيكولاتة والمشروبات المستوردة.
ويحتل الكعك المنزلي مكانة رئيسة في «جعالة العيد»، حيث تعده النساء عشية ليلة العيد، وتجد فيه ربات البيوت ميدانا للتنافس والسباق لصنع أفضل أنواع الكعك الذي يقدم للزائرين في اليوم التالي.
وتقدم هذه الوجبة من الحلويات لكل زائر يأتي مهنئا ومعيدا أقاربه أو أصدقائه على مدى ثلاثة أيام بالنسبة لعيد الفطر، تزداد لأربعة في عيد الأضحى، وهي عادة اشتهر بها اليمنيون كطقس خاص بهم في هذه المناسبة.
ومن أهم أنواع جعالة العيد، الزبيب، وهو من المحاصيل التي يشتهر اليمن بإنتاجها، ويباع بثمن مرتفع، ويختلف تبعا للمنطقة التي يزرع فيها، حيث يتصدر قائمة الزبيب ما يعرف ب "الزبيب البياض" الذي يتم تجفيفه من أصناف عده من العنب، وهذا يتجاوز ثمن الكليو الواحد منه 4000 ألف ريال (20 دولارا تقريباً)، تليه أنواع الزبيب المسماة الرازقي والجبري.
وقدّر اقتصاديون المتوسط السنوي لإنفاق اليمنيين على متطلبات العيد ومنها هذه العادة، خلال الأعوام الماضية بنحو 8 مليارات ريال يمني سنويا (أكثر من 37 مليون دولار)، لكن الأوضاع الإنسانية والاقتصادية التي تعيشها البلاد ستؤدي إلى تراجع في الإنفاق بنسبة تصل إلى 60%، وفق الخبير الاقتصادي اليمني عبدالحميد المساجدي.
وتزايدت نسبة الفقر إلى 54% العام الماضي وفق إحصائية للبنك الدولي، فضلا عن استمرار تدفق اللاجئين الأفارقة بشكل يومي بمعدل 24 ألف لاجئ شهرياً بحسب تقديرات الحكومة اليمنية.
وفي شهر يوليو/تموز الماضي، أعلن الممثل المقيم للأمم المتحدة في اليمن إسماعيل ولد الشيخ، عن إطلاق خطة الاستجابة الإنسانية المعدلة بقيمة إجمالية تبلغ 702 مليون دولار أمريكي لعام 2013، وتستهدف أكثر من سبعة ملايين فقير في البلاد.
ويعتقد رئيس مركز اليمن للدراسات والإعلام، عبد الحميد المساجدي، في حديث لمراسل "الأناضول" أن مستويات إنفاق اليمنيين في العيد خاصة في أشياء مثل الحلويات (جعالة العيد) "ستنخفض بشكل كبير على الأقل عما كانت عليه قبل خمس سنوات".
وأرجع ذلك إلى "الظروف التي مرت وتمر بها البلاد والتي جعلت شريحة عريضة ممن تجاهد شظف العيش ومتطلبات الحياة يعيدون تصنيف متطلباتهم"، مشيراً إلى أن شراء الحلويات ربما يكون في الفترة الحالية لديهم من الكماليات غير الضرورية.
وبعيداً عن توقعات أهل الاقتصاد، تظل هذه العادة راسخة عند المواطنين، مهما كانت الظروف التي يعيشونها، ويبقى الخيار المتوقع منهم أن تقل الكميات التي يشترونها من الأسواق مقارنة بالأعوام السابقة.
ويقول الصحفي والمدون محمد عبد الملك الشرعبي، إن «جعالة العيد» هدية لا يمكن الاستغناء عنها ويظل العيد يفتقد لنكهته في حال غيابها والتي تعود الزوار على تذوقها عند تبادلهم الزيارات والتهاني".
وفي حديث لمراسل "الأناضول" أوضح أن "الوضع المعيشي لا يختلف عما مر به الناس من قبل، وبإمكان كل واحد أن يخفض المبلغ المخصص لهذه العادة في ظل توفر بدائل في السوق وبأسعار في متناول جميع الشرائح".